عدن من اغتيالات لائمة المساجد إلى اغتيال القادة العسكريين.. مسلسل دامٍ يجتاح العاصمة المؤقتة. الكل فيها يشعر أنه مستهدف بعملية إرهابية سواء من الإخوان أو القاعدة أو مليشيا الحوثي. وكل جريمة إرهابية تقيد ضد مجهول أو تحول إلى مناكافات بين الإخوة الأعداء. تراشق في الاتهامات، وحكومة فقط تظهر لتقول إن رئيس الحكومة معين عبد الملك وجه بالتحقيق في ملابسات الجريمة الارهابية. هدد وتتوعد بملاحقة المجرمين الذين مازالوا طلقاء ينفذون إرهابهم في وضح النهار دون أن ينال أحد جزاءه الرادع. وتُنسى الجريمة ويطوى ملفها في انتظار جريمة أخرى في حق قائد عسكري أو شخصية اعتبارية. يقول سياسيون إن عدن شهدت العديد من الاجتماعات الأمنية. وأقر محافظها أحمد حامد لملس تشكيل غرفة عمليات مشتركة ووجه بضبط غير الملتزمين بتركيب كاميرات المراقبة في المحلات التجارية والشوارع العامة. وأقر منع تحركات الأطقم والآليات العسكرية وتواجدها بالأماكن العامة خارج المهام الأمنية الرسمية وضبط المركبات غير التابعة للوحدات الأمنية والعسكرية. وشملت الإجراءات تطبيق طوق أمني على العاصمة عدن. تلك الإجراءات لو طبقت على أرض الواقع، كما خطط لها، لما شهدت المحافظة الانفلات الأمني وتواصل العمليات الإرهابية، والتي تستخدم نفس السيارات المفخخة في مهاجمة كبار مسؤولي الدولة وقادتها العسكريين، كان من ضمنها المحافظ لملس الذي تعرض موكبه لهجوم ارهابي كاد ان يقضى عليه. اغتيل القائد جواس واستقبل أهله وذووه التعازي. وإلى هنا تنتهي الحكاية. وترك دمه في التراب. ومثله أبو اليمامة، والرائد نادر الشرجبي ركن الإمداد والتموين في قوات المقاومة، إلى جانب عشرات المحاولات الفاشلة. ويقول العديد من السياسيين إن عدن التي تحررت من مليشيا الحوثي تحتل المرتبة الأولى في عمليات الاغتيالات الإرهابية؛ بعد أن كان يعول عليها أن تكون المدينة النمودجية للمحافظة المحررة والعاصمة للجمهورية اليمنية، أصبحت اليوم ساحة للأعمال الإرهابية. وهو ما أفقدها قيمتها وسمعتها، وجعل كثيرا من الدول ترفض فتح سفارات، وتلقى مطالبات الحكومة للمنظمات الأممية والدولية بنقل مكاتبها من صنعاء إلى عدن بالرفض، وهو ما حرمها من أن تكون عاصمة حقيقة للشرعية بعد أن استطاعت تلك الأعمال الإرهابية خلط الأوراق وإظهار عدن غير مستقرة لعرقلة عودة البعثات الدبلوماسية ودفع المنظمات الدولية إلى إيقاف أنشطتها ومغادرة المحافظة. وذلك منذ أول عملية اغتيال ارهابية شهدتها عدن 2015، حينما طالت يد الارهاب محافظها جعفر سعيد، باستهداف موكبه بسيارة مفخخة، وهي العملية التي أعطت صورة لمدينة غير آمنة؛ رغم تحررها من مليشيا الحوثي. مراقبون ومحللون يرون أن المتهم الأول في تلك الجرائم كل من يعمل على توسيع فجوة الخلافات السياسية وإفشال اتفاق الرياض في شقه العسكري والأمني؛ وذلك لأن عدم تنفيذ الاتفاق يمثل تواطؤا مفضوحا مع الجماعات الإرهابية التي تتحرك بكل أريحية داخل محافظة، عنوانها الانفلات الأمني؛ حيث تعمل بعض الأطراف الرافضة لاتفاق الرياض، ومن بينها الحوثيون وتنظيم الإخوان، على التسلل منه لإفشال وإرباك مهمة التحالف العربي في حفظ الأمن.