ما الذي يجعل طرفاً في الصراع يبدو أكثر مرونة وإستجابة لمتطلبات التسوية ؟ طبعاً هو الضغط وتعاظم مشاعر إحباطاته من ممكنات الفوز منفرداً، متخطياً جميع الخصوم المتصارعين معه حول قضية واحدة. هذا تماماً ماشعر به الحوثي ليس منذ بدء الحرب ، ولكن تحديداً منذ توقيع إتفاق "ستوكهولم" الذي كرسه دولة مستقلة ذات موارد إقتصادية ، ومكتفياً ذاتياً في تمويل مشروعه الحربي والسياسي باريحية كاملة. إتفاق "ستكهولم" جاء تنازلاً مجانياً بلا جهد حوثي ، لم يقدم شيئاً لنيله ، وبالتالي عزز من قدراته ، ضخم آلته العسكرية وسوقه لداخله العصبوي كقوة قاهرة ، يمتلك أدوات الضغط لفرض شروطه وإنتزاع الإنتصارات بأقل قدر من التنازلات أو بلا تنازلات يقدمها للمجتمع الدولي. إذا كنت تحصل كل هذه المكاسب ، فما الذي يجعلك أكثر إستعداداً للإنخراط بالتسوية ، ومسارات الحل السياسي؟ لاشيء. مركز دراسات عسكرية إمريكية "Waron The Rocks"وصل لذات الإستنتاج إن "ستوكهولم"وجه ضربة قاصمة لمشروع السلام من جهة الحوثي وجرفه خارج مساحة الحل ، وطالب الموقع الكونجرس والإدارة الإمريكية بتحديث فهمهما للنزاع والحرب في اليمن. "ستوكهولم" وحده من نقل الحوثي من وضع المليشيا المارقة الإنقلابية ، والترسانة المنفلتة التي تهدد الأمن الإقليمي والداخل الوطني ، إلى وضع سلطة أمر واقع وشبه دولة مكتملة البنية، تجلس مع الخارج على طاولة حوار بندية كاملة ، تناقش حصصها من منافع السلام ، ولا تقدم التنازلات من طرفها لزوم إستحقاقات التسوية. بجملة: "ستوكهولم" خيانة عظمى.