بحس شعري لافت وأدب معهود تمكن الكاتب والصحفي المبدع أمين الوائلي من انتقاء وجمع ما تيسر من قطوف الحكمة والبيان في شعر الأديب الراحل عبدالله البردوني في كتاب صدر مؤخراً في (253) صفحة من القطع الوسط بعنوان " قطوف الحكمة من شعر عبدالله البردوني" استخلصها الزميل الوائلي من اثني عشر ديواناً تمثل الميراث الشعري العظيم الذي خلفه لنا البردوني وهوا الميراث الزاخر بحكمة الفيلسوف وخبرة الإنسان المجرب. ويشير الدكتور عبدالعزيز المقالح إلى اجتماع الشعر والحكمة جنباً لجنب في الإصدار الجديد الذي قام بتصميم غلافه عبدالمجيد البحيري وقام بإخراج محتوياته الطيب على الطيب. ويضيف الدكتور المقالح في تقديمه للإصدار الحديث :( وتبرزفيه ملامح أساسية للدور الذي يتوخاه القارئ من شاعر كبير، خًبَر الحياة وأستقرأ الثوابت المعلومة وغير المعلومة، وخرج من ذلك كله بخلاصة، أو بالأصح بخلاصات للحكمة الشعرية في إطارها الفلسفي العميق.) ويبدو الزميل الوائلي " أميناً" بما فيه الكفاية ل(تأمين )مؤلفه تبعات محاذير الاقتراب من قامة شعرية كالبردوني، وهو يخوض تجربة قطف حكمه بحذر شديد. لذلك فهو يرجو – بأدب جم – " ان قد حالفه التوفيق بما يكفي ليكون كتابه هذا أقل خطئاً وأكثر صواباً". ولا يخفي كذلك في مقدمته للكتاب سعادةََ بإنجازه واعتزازه بقطف مجهود خمسة أعوام، وهي حصيلة مرضية يُحسب لزميلنا أمين الوائلي أنه تمكن فيها من استدراج البردوني لإصدار ديوان شعري جديد ومتجدد شكلاً ومضموناً. ورغم ذلك يقُّر مؤلف الكتاب بتواضعه المعهود أن ليس له في الكتاب شيء، قل أو كثر ، إلا الاستقراء والاختيار، ومن ثم الانتقاء فالتمييز النهائي للقطوف، معترفاً كذلك بقصورٍ ما، شاب عمله وتقاصر عن بلوغ قمة الحكمة أو قيمتها المرعية والمفترضة والتي تتوزعها قصائد ودواوين البردوني. وفي إيضاح منهجية الكتاب يشير الوائلي إلى أنه اعتمد في إعداد وتبويب مادة الكتاب وترتيب فصوله وقطوفه على المنهجية الاستقرائية المتدرجة بدءاً من أول قصيدة في الديوان الأول " من أرض بلقيس" ومروراً بالقصائد التالية، وهكذا بالتدرج في القصائد والدواوين حتى القصيدة الأخيرة في ديوان شاعرنا الكبير الأخير المطبوع والمنشور فعلياً " رجعة الحكيم بن زايد". ويضيف: اعتمدت نفس الترتيب والتصاعد الزمني والموضوعي في سائر القصائد والدواوين وبنفس العناوين. وبإخراج " قطوف الحكمة من أشعار البردوني" إلى النور يكون زميلنا أمين الوائلي حاز قصب السبق ومهَد الطريق للباحثين والدارسين لسبر أغوار عالم البردوني الزاخر بالحياة والثراء والمطرز بالحكمة لدراسة وتحليل ومقارنة ومقاربة ما تضمنه شعر الراحل عبدالله البردوني من قضايا بلاغية وشعرية وإنسانية واجتماعية وفلسفية ،وذلك بطريقة علمية دقيقة تواكب إيقاع الزمن المتغير، وتلقي الضوء على عطاء إبداعي وكنز أدبي كان ولا يزال جديداً متجدداً.
