أثلج خبر إعلان تريم عاصمة للثقافة الإسلامية صدور أهل الخليج و الجزيرة ولاسيما الحضارمة كون هذا الإعلان يعتبر اعترافاً عالمياً بالدور الحضاري للحضارمة في خدمة الإسلام والتاريخ الإسلامي وكنا توقعنا وتمنينا أن تسهم هذه المناسبة الإسلامية الثقافية في دراسة الكنوز الثقافية لحضرموت وتعريف للناس بما فيها , وقد عبرنا في مناسبات عديدة عن رغبتنا في دعم هذه المناسبة , بل وشرعنا في الكتابة عن مدينة العلم والعلماء تريم الغناء وحاولنا جمع المصادر ولكننا أجلنا تنفيذ الفكرة لخطورة الكتابة التاريخية التي أهلها من المؤرخين والمختصين. قبل أيام كنت في زيارة للأهل في حضرموت فأهدى إليّ أحد الأصدقاء مطبوعاً مغلفاً بعنوان ( تريم شموخ الحضارة وفن العمارة) إعداد أحمد سعد التميمي, وفي البداية شكرت صديقي وسعدت بالإهداء وتقبلت المطبوع المغلف بقبول حسن ولكن ما أن شرعت في تصفحه حتى وجدت أنه لا علاقة له بالتاريخ أو الكتابة الجادة فلم نقرأ شموخاً للحضارة ولم يقل الأخ التميمي شيئاً يستحق الذكر عن الفن العمارة, وامتلأ (الكتاب) بالصور المعروفة المنقولة من كتب ومجلات ومواقع الكترونية ليزيد من عدد صفحاته كما يبدو. ( وأنا أضع كلمة(الكتاب) بين قوسين حيثما وردت في هذا المقال لأننا لا نستطيع حقيقةً أن نسمي ما قدمه الأخ التميمي كتاباً). ثم وجدناه وهو يتحدث عن مدينة تريم يذكر مدناً يمنية أخرى وصور لمساجد غير مساجد تريم فكان العنوان بجانب ومحتواه بجانب آخر والطامة الكبرى التي يفهمها حتى غير المتخصصين في الكتابة ولا سيما التاريخية، في المحتويات حيث قسم (الكتاب) إلى اثني عشر بابا من دون أن يكون للأبواب فصول كما هو معروف في الكتابة في كل العلوم, أما الباب الثاني عشر فيؤكد أن مُعدّ (الكتاب) لا يدرك أبجديات الكتابة والتأليف ( وتذكروا أننا في الألفية الثالثة الآن!!) فقد ذكر فيه الآتي حرفياً ( وأرجو ألا يظن القارئ أن في مقالي خطأ أو تكراراً طباعياً فهو منقول كما ورد في ( كتاب ) التميمي: الباب الثاني عشر المحتويات أهم المراجع جامع الصالح تحفة معمارية فريدة المحتويات المحتويات المحتويات أهم المراجع هكذا بالنص وبالتسلسل!!!!. فهل المحتويات تدخل في الأبواب وكذلك المراجع وما علاقة مسجد الصالح بعنوان الكتاب ولماذا هذا المسجد الرائع من ضمن المراجع والمحتويات؟ أما ما جاء في (الكتاب) من معلومات حدث عنها ولا حرج فسأتركه لأهل الاختصاص في حضرموت وخارجها. إن الكتابة التاريخية من أصعب الأمور ولا ندري أيّ جهة سمحت لهذا الكتاب بالصدور؟ وأين الجهات المعنية بالنشر والتأليف والطباعة؟ وأين كتابات المؤرخين الحضارمة المحققين المدققين أمثال ابن عبيدالله والشاطري وابن هاشم والبكري وبامطرف وباوزير وابن عقيل وغيرهم، وأساتذة التاريخ في الجامعات وغيرهم من الباحثين الجادين؟ وهل هذا (الكتاب) نستطيع أن نفخر نحن الحضارمة بنشره أو تقديمه للقراء في اليمن والجزيرة والخليج وللقراء العرب والمسلمين وللعالم في السنة الثقافية الإسلامية لتريم العزيزة؟. وأخيراً .. مناشدة: تابعنا إخفاقات الجهات الرسمية في الوفاء بإعلان تريم عاصمة للثقافة الإسلامية 1431ه، وربما نتفهم الموضوع بواقعية لا يتسع المقام للخوض فيها ويعرف المتابعون تفاصيلها المنشورة على النت وغيره، لكنني أعتقد أن السماح بنشر مثل هذا (الكتاب) الذي أعدَّه الأخ أحمد سعد التميمي ( سامحه الله ) يعتبر إساءة لتريم وللمناسبة ولتاريخ الثقافة الحضرمية. وأناشد الجهات المعنية بالثقافة والتأليف والنشر والمطابع أن تتحمل مسئوليتها الأخلاقية في إيقاف مسلسل تشويه التاريخ بمثل هذا (الكتاب) المسيء بكل ما تحمله الكلمة من معنى. أما أنا فقد أحرقت النسخة التي بين يديّ، وأعتذر لصديقي الطيب الذي أهداني إياها وهي لا يدري بمحتواها الهزيل. العين - دولة الإمارات العربية المتحدة*