نيقوسيا - إذا كان الشارع البرازيلي أو بلد الفنانين كما يسميه البعض اخرج آلاف النجوم الكروية التي تركت بصماتها واضحة على تاريخ الكرة العالمية، فانه يبقى يفخر دائما بثلاثي ذهبي على مدى ثلاث فترات زمنية منفصلة. فعندما تذكر الكرة البرازيلية يتبادر الى الذهن مباشرة الأسطورة بيليه ثم البرازيلي الألماني الأصل ارتور فريدنرايخ وطبعا الجوهرة السوداء ليونيداس في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية. ولعل العوامل السياسية في تلك الفترة كانت من الأسباب الأساسية التي جعلت اسم هذا اللاعب الفنان يغيب بنفس السرعة التي ظهر بها، ولم يبق في ذاكرة العالم تقريبا إي صورة عنه. لكن وبرغم هذه العوامل، وبرغم الفترة الزمنية القصيرة التي قضاها ليونيداس على الملاعب، إلا انه ترك اسمه خالدا في تاريخ اللعبة الشعبية الأولى في العالم، بما قدمه من مردود ابهر المتتبعين في تلك الفترة، خاصة في مونديال فرنسا 1938. وصار ليونيداس أسطورة البرازيليين، ولا يزال الاجداد يقصون مغامراته للأحفاد، ويحكون قصة جوهرة سوداء قفز عاليا وبتسديدة أكروباتية نادرة اسكن الكرة في الشباك، ويختمون قصصهم بذكر اسم هذا الفنان الذي كان أول من اكتشف هذه التسديدة، فصار يلقب بالجوهرة السوداء قبل ان يكتشف "بيليه" الميادين الخضراء وجاذبيتها. انضم إلى أقوى الأندية في البرازيل مثل بوتافوغو وفلامينغو وفاسكو دا غاما ثم ناسيونال مونتيفيديو الأوروغوياني. فنيات ليونيداس ومواهبه الخارقة في ميدان الكرة جعلت منه مثالا يقتدى به في بلد تعتبر فيه رياضة كرة القدم، ليس لعبة شعبية فقط بل ديانة، فسطع نجمه وامتلك قلوب الجماهير التي عشقته وبقيت صورته لاصقة في أذهانهم وسار على خطاه النجم الكبير بيليه. انضم الى المنتخب الوطني وهو في سن الثامنة عشرة في العام 1931، وخلال مباراة أمام الأوروغواي سجل ليونيداس هدفين، فتحا له الطريق للمشاركة في نهائيات كأس العالم 1934 في ايطاليا، غير ان المنتخب الذهبي خيب امال مناصريه وخرج من الباب الضيق للمنافسة في دورها ثمن النهائي على يد اسبانيا 1-3. وكان لزاما على عشاق المنتخب البرازيلي انتظار أربعة أعوام لرؤية نجومهم في نهائيات فرنسا 1938، وهنا انفجرت موهبة الجوهرة السوداء، واظهر إمكانياته العالية فابهر المتتبعين بما يملكه من قدرات. وبعد ان تجاوز البرازيليون الدور الأول التقوا في ثمن النهائي نظرائهم البولنديين، وكانت هذه المباراة تاريخية لليونيداس الذي تمكن من تسجيل هدفين في الوقت الرسمي وسمح لمنتخب بلاده بالتقدم. غير أن المنتخب البولندي وفي عز الفرحة البرازيلية تمكن من ادراك التعادل ليلعب المنتخبان وقتا اضافيا دخله ليونيداس حافيا بعد ان سئم انتعال الاحذية الرياضية التي كانت ثقيلة في ذلك الوقت، قبل ان يتنبه الحكم لذلك ويأمر اللاعب البرازيلي بانتعالها. وبإرادة فولاذية، ممزوجة بالفنيات العالية، والمهارات الخارقة تمكن نجم البرازيل الاول من قيادة منتخب بلاده إلى الفوز 6-5 بعد ان سجل هدفا اخر في مرمى بولندا، فقال الاختصاصيون ان ليونيداس هو الذي فاز على المنتخب المنافس. واقترنت هذه المباراة التاريخية باسم ليونيداس الذي أبلى البلاء الحسن، وابان عن إرادة قوية، وإمكانيات بدنية وفنية عالية. في الدور ربع النهائي، واجهت البرازيل منتخب تشيكوسلوفاكيا القوي في بوردو، وبرغم طرد الحكم للاعبين برازيليين الا ان ذلك لم يمنع المنتخب الذهبي من الصمود، وكان ليونيداس طبعا هو قائد الجوقة وافتتح باب التسجيل لفريقه، غير ان المنتخب التشيكوسلوفاكي تمكن من التعديل، وهي النتيجة التي انتهت عليها المباراة، فكان لزاما إعادتها في اليوم التالي. وفي المباراة المعادة أعاد ليونيداس الكرة وسجل هدف التقدم لمنتخب بلاده الذي انهى اللقاء في مصلحته 2-1، وتأهل إلى الدور نصف النهائي. في هذا الدور التقت البرازيل منتخب ايطاليا، ولان المدرب البرازيلي آديمار بيمونتا استخف قليلا بامكانيات المنتخب المنافس، وكان تقريبا ضامنا التاهل، اراد ان يريح نجم المنتخب الاول ليونيداس، والاحتفاظ به للمباراة النهائية. غير أن الرياح جرت بما لا تشتهي سفن فناني السامبا، وتمكن المنتخب الايطالي من قلب كل التكهنات، وقضى على أحلام لاعبي وجمهور المنتخب البرازيلي بفوزه عليه 2-1. المدرب الايطالي بوتزو قالها صراحة بعد اللقاء "كان مستحيل على منتخبي "الفوز في هذا اللقاء لو لعب ليونيداس". واكتفت البرازيل بالمركز الثالث بعد فوزها على السويد 4-2، وتمكن ليونيداس من تسجيل هدفين، وتوج هدافا للمونديال برصيد 8 أهداف. غير أن اندلاع الحرب العالمية الثانية حرمت الجماهير من فنيات هذا اللاعب، الذي بقيت إبداعاته محصورة داخل البرازيل حيث تذوق كل الألقاب المحلية حتى منتصف الأربعينات. وبعد أن قاد مشوارا رائعا كلاعب تفرغ بعد اعتزاله للصحافة الرياضية، قبل ان ينتهي به المطاف داخل دار للعجزة بالقرب من ساو باولو، ولا يزال حتى الان يفتخر بمشواره الرائع. بطاقة الإسم: ليونيداس داسيلفا ولد في 8 تشرين الأول (أكتوبر) 1913 الأندية: بوتفوغو وفلامينغو وفاسكو دا غاما وناسيونال 25مباراة دولية سجل 25 هدفا. الإنجازات 8 مرات بطل البرازيل هداف كاس العالم 1938 في فرنسا- (أ ف ب)