محمد قحطان السياسي اليمني الذي أسدى لليمن فرصة إعادة التموضع ودراسة خياراته حينما كان يترنح بعد الطعنة الغادره للثورة المضادة. أخفى الحوثيون وصالح قحطان (وهم ليسوا خصوماً شرفاء) منذ عامين بغية الثأر من هذا الرجل الذي كان يستشرف المستقبل وينتزع النجاح من حضن الهزيمة ويمتلك المفتاح في حين كان الجميع يظنون أن المفاتيح كلها في خزانة الحوثي وصالح. دعونا نتذكر ماحدث بشكل مختصر: أفاق اليمنيون على وقع كابوس الانقلاب الحوثي الذي احتل صنعاء وحاصر الرئيس وبدأ خطته في التمدد نحو المحافظات المتبقية في الجمهورية اليمنية. ولأيام جثم اليأس على صدورنا وكانت كل طرق التفكير تفضي الى الظلام الحالك..
زاد الامر سوءاً تلك المباركة الاممية الداعمة للتحركات الانقلابية واختفاء الصوت الواضح الصادق من المنظومة الاممية التي علق اليمنيون بها آمالهم بأن تنحاز لخيارات الشعوب في الانعتاق والتحرر. وصمت الاقليم وغياب موقفه الواضح ايضاً زاد من قتامة الصورة!
الرئيس محاصر والحكومة تحت الاقامة الجبرية والجيش ساكت بل برزت للعلن جيوبه المتواطئة. وسُلِّمت المعسكرات ومؤسسات الدولة في ظرف ساعات! وكان محمد قحطان يلاعب الحوثيين وصالح في موفمبيك يكسب الوقت ويؤخر وقت الإعدام ويتلمس الفرج التي تجود به السماء في الايام البائسة.
كان الحوثيون وصالح في عجلة من امرهم يريدون حلَّ معضلة الشرعية ولم يكن يدور في خلدهم ان تلاعب قحطان وهو الممارس السياسي الحاذق ستفتح افقاً مساندا للمقاومة تمثلت في فرار الرئيس هادي وتدخل التحالف العربي بقيادة المملكه العربية السعودية.
وفي الوقت الذي كان الحوثيون وصالح يبحثون فيه عن موافقة الاصلاح وهم يدركون ان رضوخ الاصلاح يعني انهيار اكثر الاسوار متانة في وجه مخططهم الانقلابي. راوغهم محمد قحطان ببراعة السياسي الصلب صاحب الرؤية الصادقه المحبة للوطن ونضالات شبابه في 11فبراير.. ويبدوا ان تلك المراوغة المنحازة لصف الوطن ازعجت المبعوث الاممي الذي نقل استيائه الى الشيخ حميد الاحمر عن سلوك قحطان في إتصاله المشهور! ويضحك الانسان وهو يسمع فحوى هذه الشكوى التي تناست ولم تلقِ بالاً لكل ممارسات حلف الانقلاب وازعجها جهد محمد قحطان السياسي الوحيد والذي كان يمنح الوطن فرصة ووقتاً ليدرس خياراته في الدفاع عن نفسه وتاريخه واجياله..
تلك حروب السياسة التي اتقنها محمد قحطان والتي اهدت اليمنيين اياماً ثمينة وفتحت لهم افقاً في وقت سدَّت صرخات الحوثيون وحلفهم المتعطش للثأر والانتقام كل الآفاق.
اختطف الحوثيون وصالح محمد قحطان وحتى اليوم لم يسمح لمخلوق بمعرفة مصير المُعلِّم الوطني محمد قحطان. ومع كل القضبان التي يقف قحطان ورائها أو سلوكيات الثأر والتشفي والانتقام التي يمارسها في حقه سجانيه الا اننا نلمح شبح ابتسامة المعلم الذي ألحق بهم الهزيمة في ذروة التبجُّح ونشوة الإنتصار واوهام الفوز. هزمهم جهد فرد مخلص محبٍّ للوطن ليثبت لليمنيين هشاشتهم، وكانت نبؤته هي التي تترجم كلماتها تحركات المقاومين على كل الاراضي اليمنية.. هذه النبوءة التي قالها بإيمان الخبير بسنن التاريخ وإرادة اليمنيين التي لا تقهر (الحوثيون انتفاشة وهذه الانتفاشة الى زوال). وأياً كان مصير قحطان والتي وبلا شك لن تنسي الاجيال المقاومة الأخذ بثأره والانتصاف له.. فإننا على يقين بأن الرضا وراحة الضمير تسكن صدر المعلم العظيم داخل محبسه.. الرضا الذي يجلبه هذا الشعور السامي بأنه لم يترك الأمة اليمنية في وقت الأنين اليائس والحيرة العظيمة وحيدة في أتون الفاجعة.