(حضَرَت حفلة زواج ابنة الجيران) في القاعة بعد إلحاح جارتها عليها بالحضور .لم تعتذر لئلا يتوهم اعداء الحياه ان تغييبهم لزوجها قد حول قلبها إلى مقبره! وضعت مكياجها وصففت شعرها وارتدت آخر ثوب اشتراه لها في عيد ميلادها.. لونه يشبه لون السماء وروح زوجها. في الحفلة الصاخبة حاولت ان تتظاهر بالتماسك وان تصادق الفرحة. تتوزع انحاء القاعة بالضحكات وتتباهى النساء بعرض زينتهن والحفاظ عليها من ان تفسدها طقوس الحفلة. يحتفظن بالزينة لتعود كل واحدة منهن في نهاية المساء الى عشها المسكون برفيقها المُنتظر على فراش اللهفة والاشتياق . حدثيني يا ايام انصار الاله هل هناك أشقى من أن(لا ينتظرك أحد)؟ ! اكتبوا في قائمة انتصاراتكم. ومن اول السطر.. اكتبوا ; رفعنا الاسوار القاسية الصلدة بين القلوب المحبة وتركنا بلا رحمه ما لا يُحصى من القلوب على رصيف الانتظار وحرقة الاشتياق . (في مدرستها اُعلنت النتائج) وكان ان حصدت المركز الأول ..سلمتها مربية الفصل نتيجتها وهدية المدرسة وطلبت حضور ولي أمرها لحفل تكريم الأوائل. (ولي امرها )هل تعمدت مربيتها الا تقول (ابوها )خوفاٌ على مشاعرها.؟!خبَّأت شهادتها في جيب حقيبتها بقليل من الحماس! يتردد صوت في ارجاء نفسها كل يوم بأن الحوثيين بتروا جزءاً كبيرا من فرحتها. ستفرح امها... لكنها تفتقد فرحة والدها الراقصة الطفولية ودعوته لكل العائلة وتباهيه بها. من يقرأ تفوقها في تحصيلها الدراسي بعيونه المحبة ومن يهديها خفقات قلبه الفخور ؟! حدثيني ياايام انصار الاله.. هل انتصر الاله حين سلبتم فرحتي ......وهل هناك أظلم ُ من حرمان صبية تشرق من ثناء والدها وعطفه شمس فرحتها؟! (يطبع ابنائها واحفادها قُبلة الجمعة في جبينها) وتسقط كل قبلة في ارض خواء تخطئ كل القبلات طريق القلب.! تشتاقه هو( الغائب قسراً); من كانت تهطل قبلاته المحبة على صحراء قلبها فتزهر فيه الف ورده تغني. كم هي الجُمُعُ التي قرأت فيها سورة فتية الكهف وفتاها مُوصدٌ عليه باب السجن . عامان بدونه ! عامان يغيب عن سمائها مُحيُّاه المتلألأ بسيما الصلاح والوداعة. عامان في زمن انصار الإله كأنها الدهر مباركٌ عليكم هذا النصر يا ابناء الرب ; الحقتم الهزيمة بقلب أمٍ عجوز وغرستم رماح الفجيعة في فؤادها الكهل.. (أبٌ مشلول على فراش المرض) .. عرف من سقطة كلام الزائرين ما اخفاه بنوه الاخرون عنه.. اختطف الحوثيون ابنه البكر. تحدثه نفسه; بأنه لولا ملامة من عيونِ شِبلهِ لتسوَّل بقدميه المشلولتين خروج ولده من سجنهم القاسي. له من البنين سبعه لكن هل ملأ كل الأبناء الآخرون فراغاً تركه غياب يوسف في قلب يعقوب؟! ربي لك الحمد وللظالمين اللعنة . أنتظرُ العافية وانتظرٰ ان تتحرك اقدامي اليابسة وانتظرُ الفرح والطعام والدواء .انتظر النوم وكل ما يُذهب عن روحي سأم القعود على فراش المرض.. لكن رباااااه ; ما أمرَّ إنتظار عودته من وراء القضبان. يلثم قدمي ويتكأ جواري في مقيله يصغي لقصصي في الماضي. تلك القصص التي لا أملُّ من تكرارها ولا يملُّ أدبهُ وبرهُ من سماعها وكأنها المرة الأولى .. أدرجوا هذا في قائمة انتصاراتكم يا انصار الاله! قولوا ;فتحنا في قلب مشلولٍ مُقعدٍ ;جراحاً تجعل الولدان شيبا.. (اسعفه الصُّادمُ إلى المستشفى القريب).. اكمل مذاكرته عند اصدقائه يستعد لامتحانات الثانويه وعادُ قبل حلول الظلام مستغرق التفكير. وفي شارع الستين صدمته سيارة مسرعة قذفت بكتبه الى الشارع واطارته مسافة مترين... (علم ذلك فيما بعد) . افاق من غيبوبته في المستشفى الذي أُسعِفَ إليه ... أفاق على صُداع ووجه المحقق.. يسأله المحقق بابتسامه مصطنعه رسمتها على شفتيه بروتوكلات المهنة ! لم يلتفت لأسئلته و سأل بوهن عن الساعة; كانت الحادية عشر مساء... امتقع وجهه من وراء الضمادات وجاء صوته مكلوماَ (امي واختي ينتظرن عودتي مع العشاء) همَّ بالقيام لكن التأوهات صاحت من الرضوض الموزعة على أنحاء جسمه. عاد يسأل ;اين انا؟ اجابه المحقق... في مستشفى جامعة العلوم؟ سأل بتلقائيه غاب عنه لحظتها الجواب المر.. أين أبي؟! قال الضابط; ايوه يا بني هات لنا رقم ابوك او واحد من أسرتك نتصل فيه.. اردف الضابط.. هات لي رقم ابوك.. آلامه كانت شديده أنساه اياها تذكره لألمه الذي يشربه كل ليله قصة والده كانت واحده من انتصارات ابناء الإله.. عام وسبعة اشهر في سجن الثورة .وخرج بعدها ميتاً بعد جلسات التعذيب الوحشي . صمتَ بلا جواب !. كم هم الضحايا الذين ترهقهم . الأسئلة وحين يتلوون ألماً من وطأة السؤال يلجئون للصمت في زمن انصار الرب! اضيفوا هذا القهر الذي تراكم في قلبي وقلب امي واختي وصارت قممه تلامس السماء إلى قائمة إنتصاراتكم .وزينوا الكتابة بحيرة والدتي المفجوعة وقلبها الملتاع في هذا الليل وهي تنتظر عودتي ككل مساء.