ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    الإنتقالي يرسل قوة امنية كبيرة الى يافع    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    "صفقة سرية" تُهدّد مستقبل اليمن: هل تُشعل حربًا جديدة في المنطقة؟..صحيفة مصرية تكشف مايجري    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    البحسني يشهد تدريبات لقوات النخبة الحضرمية والأمن    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية "أمل" للشاعر والاديب سيد البالوي
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 02 - 2013


في انتظار الفجر
قلق ترقب خوف هو حال المصريين قبل الخامس والعشرين من يناير في هذا الوقت كان مابزال " أمل " في مكتبه منهمك بين صفحات دفاتر الحسابات وشاشة الكمبيوتر إذ دخل عليه الساعي ليخبره أن مدير الشركة يطلب الجميع للاجتماع الآن ترك"أمل" مكتبه وتوجه إلى قاعة الاجتماعات ودخل في هدوء وسكينة كعادته وجلس حيث انتهى به المجلس يستمع منصتا لكلمات مدير الشركة الذي اخبرهم أن احد أصدقائه يعمل في مباحث امن الدولة وقد اخبره أن غدا سيكون يوم صعب جدا وان البلاد ستتعرض لإعمال سلب ونهب وبلطجة وتخريب وقد نصحه بإغلاق الشركة وجميع المحلات التابعة لها وفى نهاية كلامه اعلم المدير كل الموظفين أن يوم 25 يناير إجازة على جميع القطاعات الإدارية والمحلات .
أنهى"أمل "عمله في الشركة وتوجه إلى البيت وهو في حالة ذهول من الأمر فلم يكن يطلع على الجرائد ولا يشاهد الإخبار من كثرة انشغاله بعمله الذي يمضى فيه أكثر من عشرة ساعات يوميا . دخل "أمل" إلى البيت فوجد والدته تجلس أمام التلفزيون لمشاهدة مسلسل درامي فجلس بجوارها وطلب منها جهاز الريموت وقام بتغيير القناة إلى قناة إخبارية وهنا سألته والدته قائله "هو فيه ماتش النهاردة ولا أيه" ، فرد عليها"أمل" في هدوء وسكينة "لا يقال إن فيه ثورة هاتقوم في البلد بكرة زى بتاعت تونس"
فردت علية الوالدة في سخريه قائله" ربنا يسترها" ونظرت إلى الصوت الاتى من المطبخ انه صوت زوجة " أمل " ،"شيرين" تقول" الأكل جاهز "
تجمع الجميع على السفرة لتناول الغداء إلا أن "أمل" ظل جالس أمام شاشة التلفزيون فقالت لو زوجته "شرين" "مش هتاكل " ، فرد عليها أخوة الأصغر "عمرو " قائلا "يمكن أكل بره " فقالت "هدى " الأخت الصغرى"أمل عمره ما كل بره البيت هو فيه حاجة مزعلاه"
قاما الأستاذ "عبد العال " والد "أمل" وجلس إلى جواره وقال له "مالك يبنى هو فيه حاجه حصلت في الشغل زعلتك " نظر "أمل "إلى والدة وعيناه يملاهما الخوف والقلق قائلا " لا مفيش حاجه في الشغل بس قلقان من مظاهرات بكرة بيقولوا الدنيا هتنقلب "
وإذ بصوت " هدى" الابنة الصغرى وطالبة الجامعة تقول"ايوه بكره هننزل الميدان وهننادى بسقوط النظام يسقط يسقط حسنى مبارك" ، وضعت الأم يدها على صدرها وقالت ل" هدى" " اخرسي يا بنت إحنا مالنا ومال السياسة هاتيلى التليفون علشان اتصل بأختك أطمن عليها" ،أعطتها "هدى " التليفون وهى تهمهم بكلمات غيظا مما قالت لها
أمسكت الأم بالتليفون واتصلت على " عبير " الابنة الكبرى وفور رد "عبير "على التليفون بادرت الأم بسؤالها "مال صوتك يا بنتي ؟" ردت "عبير "على أمها وهى تحاول أن تتماسك قليلا " مفيش حاجة يا ماما متقلقيش" ولكن مازال فضول الأم يدفعها وإحساسها يخبرها بان الابنة تخفى شيئا عنها فأعادت السؤال بإلحاح قائله" قوليلى مالك انت كمان بتعيطى هو عماد مزعلك قوليلى يا بنتي متقطعيش قلبي؟"
أدركت " عبير" أن الأم مصره على المعرفة فتمالكت أعصابها وجمعت أنفاسها وحبست دمعاتها وقالت بصوت يملاه الحنان "والله ما فيه حاجه يا ماما دا بس عماد من امبارح مجاش وكلمته النهاردة قالي انه مش هيقدر ييجى إلا بعد انتهاء يوم بكرة علشان خايفين من الاعتداء على أقسام الشرطة و تهريب المجرمين وأنا قلبي مقبوض عليه وخايفه" تنفست ألام الصعداء وبدأت تخفف من قلق ابنتها قائله "ماتخافيش ربك هيسترها خلى بالك انت من العيال أو هاتيهم وتعالى اقعدي عندنا اليومين دول"
أنهت الأم المكالمة وجلست الأسرة بالكامل أمام شاشة التليفزيون لمشاهدة أخر الأخبار
الصرخة الأولى
بدأت المظاهرات في مسيرات سلمية وبدأ الشباب بتقديم الورود لأفراد الشرطة بمناسبة عيدهم وانتشرت المظاهرات لتعم وتشمل كل أحياء وشوارع العاصمة والعديد من المحافظات الكبرى في وقت واحد و تحت شعار واحد و زاد التوتر وكانت اشد الأماكن احتجاجا منطقة وسط العاصمة التي توافدت عليها الجموع من كل مكان متجها نحو ميدان الثورة في قلب العاصمة وبعد الكثير من المناورات بين الشرطة التي استخدمت لكل شيء من اجل منع وصول الشباب إلى الميدان إلا أن الشباب استطاع باستخدام الموقع الجغرافي لميدان الثورة أن يشتت تركيز قوات الأمن عبر الشوارع المحيطة بالميدان واستطاعوا الدخول إلى قلب الميدان في مشهد مهيب أذهل العالم اجمع ورغم أن الثورة ابتدأت من قبل الظهر إلا أن والجماعات لم تلتحم بقوافل الثوار إلا بعد العصر وبعد دخول الشباب إلى الميدان .
تحول الميدان الى بستان من الأعلام وكل دقيقة تدخل إلى الميدان جماعات وأفواج وتتدافع كتدافع الأمواج وتتعالى الهتافات والصيحات وصفت القلوب كيوم الوقوف على عرفات ما أبهى النظر إلى الميدان الذي خطف أنظار الدنيا فتناقلته كاميرات كل القنوات والفضائيات
ماعدا التلفزيون الرسمي الذي سقط سقوط مدوي في أحضان مخالب الفساد ورجال النظام الذين حوله إلى أسوء تغطيه إعلامية في هذا الوقت ورغم أن العالم كله كان يشاهدميدان الثورة وينقل الصور لكل الدنيا كان التلفزيون الرسمي ينقل ما يحدث من أحداث فيدولة شقيقة
في مفارقه عظيمة أعطت للقنوات الأخرى من فضائيات و وكالات أنباء السبق و الريادة في تغطية الأحداث
أصيب النظام الحاكم بما يسمى الصدمة الكبرى واختفت كل قيادات الحزبالحاكم عن الأضواء ولم يتصدر الصورة سوى قوات الأمن التي مازالت تلملم بقايا تنظيمها الذي تشتت على أيدي شباب الثورة و الجماهير الغاضبة وقد اكتفى أعضاء الحزب وقياداته بالمشاهدة عن بعد
وكان واضح للعيان أن الأمور لا تسير على ما يرام داخل الغرف المغلقة وانه قد يكون هناك خلافات ما أو انشقاقات داخل النظام الذي بدا منتظرا تدخل الجهة العليا التي يقال أنها تتكون من قرينة الحاكم ونجله وبعض قيادات الحزب المقربين من الرئاسة وبعض الوزراء الذين يعملون بأوامر قرينة الرئيس ونجله .
لم يعلن احد شيء ولم يجرا احد على الظهور الإعلامي أو التحدث للجماهير التي طفح الكيل لديهم من كثرة تعالى قيادات النظام وأعضاء الحزب الفاشل وتجار الاحتكارات ومصاصي دماء المواطنين ،وبمرور الوقت وزيادة الأعداد بدأ يشعر الجميع بالأمان والطمأنينة بل بدأ ينزل إلى الميدان الكثير بعد كسر حاجز الخوف الذي بثه النظام عبر أجهزة إعلامه على مدار أيام قبل موعد النزول بل بدأ يمتلأ الميدان بالأسر والأطفال الصغار وتحولت المظاهرة الكبرى إلى كارن فال احتفالي بخروج الجماهير عن صمتهم وتدمير كل حواجز المنع والإرهاب .
ظلت الجماهير محتشدة في ميدان الثورة وكل الميادين لما يقارب من منتصف الليل وبعد الساعة الثانية عشر بدأت تخف الإعداد وتتقلص شيئا فشيئا ألا أن مجموعات من الحركات والتيارات والشباب أصرت على البقاء والاعتصام في الميدان حتى تحقيق المطالب .
وكانت قد صدرت الأوامر لقوات الأمن بالبطش والضرب بقوة على المتظاهرين لفض الاعتصام وإخلاء الميدان فقامت قوات الأمن بمحاصرة المعتصمين ومهاجمتهم من كل الطرق المؤدية إلى الميدان واستخدمت الغازات بشكل كثيف وعنيف ودموي بالإضافة إلى العصي والخرطوش
وتحول الميدان إلى ساحة إعدام مفتوحة لكل المعتصمين ما بين شهيد وجريح ومعتقل وغارق في صدمة المشهد التي جعلت القمر ينسحب من أحضان السماء محتجا صاخبا على فظاعة الفعل وبشاعة الجرم
الشمس تبكي
اقبلت شمس يوم الأربعاء 26 يناير وهى حاضنة لأرواح الشهداء تقبل الأماكن التي هتفوا عليها وتعانق الأحلام التي أتوا في نواحيها وترفرف فوق الميدان باكية حالمة أن تنبت يوما الإزهار أن يرجع يوما الثوار أن ينصر يوما الجبار براعم ترجو الحرية .
وعاد الشعب يبدأ يوم جديد يذهب فيه الناس إلى أعمالهم ويقضى فيه الجميع شئونهم ولكن ثمة شيء مختلف اليوم !
الهواء غير الهواء ما الذي تغير في معالم الدنيا تكالب الناس على شراء الجرائد التي يتصدر صفحاتها الأولى مشهد الفجر الذي تاه منذ زمن في هموم العيش ودروب التوهان .
ذهب"أمل" إلى عمله في يوم الأربعاء والتقى بأصدقائه وزملائه في العمل ولم يكن مفاجئا له أن يرى مع كل واحد منهم صحيفة ، فهو أيضا يحمل صحيفة في يده . دار نقاش بين " أمل " وزملائه حول الوضع العام وهل انتهى الأمر إلى هذا الحد وهل استطاع النظام إخماد انتفاضة الشعب وتعددت الآراء ولكن كان رأى " أمل" أن الشعب خرج عن صمته ولن يتراجع عن إسقاط النظام وان أخطاء النظام في التعامل مع كل المشاكل والاحتجاجات بالطريقة الأمنية فقط يضيق من الخناق على رقبته ولن يمر ما قام به ليلة 25 يناير مرور الكرام وسيعقب ذلك الفعل البشع ثورة عارمة.
انتهى يوم العمل ليعود "أمل " للمنزل الذي تحول إلى صالون ثقافي وسياسي لمناقشة توابع فض الاعتصام بالقوة وبماذا سيرد الشباب على هذا النظام القمعي تتواتر الإخبار على وكلأت الأنباء عن اشتعال الاحتجاجات في السويس بشكل كبير وان قوات من الجيش بدأت في النزول والانتشار لحماية المنشات الحيوية والهامة في المدينة وان عدد الشهداء والمصابون في ازدياد مستمر
قال " أمل" لأخيه الأصغر "عمرو" : "افتح لنا الفيس نشوف إيه أخبار الشباب" فرد على في سخرية وتعجب قائلا " فيس إيه يا عم أمل شبكة النت ساقطة من امبارح "
قالت " هدى" الأخت الصغرى "أنا هاسمعكم قصيدة كتبتها ضد نظام مبارك البربري بعنوان "ارحل بقى"" لم تعجب الوالد القصيدة لأنه لا يعترف بشعر سوى شعر الفصحى العمودي
ولكن "أمل" عقب على كلمات والدة قائلا:
"يا بابا الإبداع متنوع زى ما الأذواق متنوعة واللي قالته هدى دا بيسمى شعر العامية ومن أفضل من كتبه في التاريخ المعاصر فؤاد حداد وبيرم التونسي ورباعيات الرائع صلاح جاهين واللي بيميز هذا اللون من الشعر عن الفصحى انه اقدر على التعبير عن هموم الناس وأهات الجماهير بلغتهم وهو عبارة عن بعض التركيب التي في نهايتها إما أن تضعك أمام صورة جمالية أو صورة تقريرية بس اللى كتير من الشعراء الشباب بيقعوا فيه إنهم بيفتكروا إن شعر العامية مالهوش وزن أو بحر زى الفصحى ودا خطأ كبير لا يقع فيه إلا اللى معندهوش ثقافة أدبية كافية ودا لان القاعدة المتعارف عليها في التراث الأدبي والشعري إن الوزن ركن أساسي من أركان القصيدة وإذا لم تكن موزونة فإنهم يسمونها خاطرة"
وهنا قاطعته أخته الصغرى"هدى"مستوضحة ما معنى الوزن في القصيدة قال "أمل" مكملا حديثة " الوزن هو ما يسمى بعلم العروض ودا علم أول من اكتشفه هو الخليل ابن احمد الفراهيدي البصري الأزدي الذي ولد بالبصرة عام مئة للهجرة وتوفي عام أربعة وسبعين ومئة للهجرة في أوائل خلافة الرشيد، ويقال إنه أحدث أنواعا من الشعر ليست من أوزان العرب، ويعرف علم العروض بأنه علم بمعرفة أوزان الشعر العربي، أو هو علم أوزان الشعر الموافق أشعار العرب، التي اشتهرت عنهم وصحت بالرواية من الطرق الموثوق بها، وبهذا العلم يعرف المستقيم والمنكسر من أشعار العرب والصحيح من السقيم، والمعتل من السليم.ويتكون من ست عشر
ولكن علشان متتخضيش وتيأسي لازم تعرفي ان الشاعر مش من الضرورى كتابته على كل البحور وياما شعراء لم يكتبوا إلا على بحر واحد ، ولكن شعرهم كان موزون ولما تيجى تكتبى متفكريش هتكتبى على بحر اية ولكن بعد ما تنتهي من الكتابة اعرضي القصيدة على علم العروض المهم اللى أحب اعرفهولك ان الشاعر يولد موهوب ولكن يجب ان ينمى موهبته بالثقافة الأدبية وكثرة الاطلاع وحاولي تبعدي شوية عن ما يسمى بالشعر المباشر واهتمي بالصورة والفكرة ولا تقعي في مستنقع الاطاله المملة لان العصر تغير والناس بمقتش تسمع القصيد الطويلة خلى شعرك مفيد ف خير الكلام ما قل ودل"
جحظت أعين " هدى" مما سمعت من أخيها من معلومات ستجعلها تفكر كثيرا قبل ان تكتب قصيدة أخرى ولكنها بادرته بسؤال يجول داخل ذهنها "طيب إيه رأيك في شعر الثورة اللى قالوه الشباب إحنا عملين منصة بنلقى عليها الشعر والافيهات والكلمات الحماسية"
تبسم " أمل " حتى تلالا وجهه من السعادة وقال لأخته "هدى" دا شئ جميل جدا وأجمل شئ في الثورة دي أنها أخرجت لينا ما يسمى بالثقافة الجماهيرية التي تعبر عن نبض الجماهير أما شعر الثورة فكما يقول أهل الشعر أفضل شعر ما قيل قبل الثورة وأسوء شعر ما قيل أثناء الثورة ولكنة أحيانا ما يعتبر نوع من التوثيق والتاريخ للأحداث وعلى كلا هو إبداع يستحق التقدير والإشادة من كل المجتمع"
وامضي الجميع ليلتهم أمام برامج التلفزيون التي وجدت في الحدث مادة إعلامية مربحه وجذابة ولم تخرج تصريحات المسئولين عن سابقتها من الاستعلاء والعناد والتكبر على طموحات الشعب وأطروحات الشباب .
دعوات واستعداد
بدأ اليوم الثالث للإحداث وكأنه يوم الاستعداد لمعركة فقد تحولت كل وسائل النقل والمواصلات والمكاتب والورش و المحلات التجارية إلى تجمعات ومناقشات وأراء وشد وجذب بين مؤيد للاحتجاجات وخائف من عواقب الأمر .
وقد نشبت بعض الاشتباكات بيت قوات الأمن ومتظاهرين في أماكن متفرقة من البلاد استخدمت فيها قوات الأمن الغازات والخرطوش واعتقلت الكثير من النشطاء السياسيين
وفى هذا اليوم أيضا أعلن معارض بارز من الخارج انه عائد إلى مصر للمشاركة في جمعة الغضب . وكما كانت تستعد مجموعات الشباب كان يستعد أيضا قوات الأمن إذ تم الاتصال بكل الضباط وتم إلغاء كل الأجازات واستدعاء الجميع على الفور .
ارتدى الضابط"عماد " زوج أخت أمل الكبرى"عبير" زيه العسكري وذهب إلى غرفة أطفاله الذين كانوا يلعبون فقبلهم وودعهم وهو خارج من الغرفة قالت له ابنته "سارة" "بابا هستناك تجبلي الشيكولاته اوعى تنسى "فنظر إليها في حنان وهو مبتسم وهمهم قائلا "حاضر"
وذهب إلى حقيبة مستلزماته وأعطاها إلى العسكري الذي كان ينتظره على الباب وقال له في لهجة عسكرية" خده واستناني في العربية تحت " والتفت إلى زوجته "عبير " التي كانت تقف ودموعها تبلل خديها ووضع أنامل أصابعه على وجنتيها يجفف دموعها قائلا" ماتخفش يا عمري مجرد يومين وهايعدوا لو حصل أي قلق أو انفلات خدي الأولاد وروحي عند مامتك " كانت عبير تنظر إلى زوجها وهى صامته والكلمات تعاندها ولا تستجيب لتعبر عن خوفها وقلقها على زوجها الحبيب تمالك "عماد" نفسه ومضى مسرعا لمقر عمله في حماية وتامين قسم الشرطة التابع له .
اتصلت " عبير" بوالدتها وأخبرتها ان زوجها"عماد" نصحها بالذهاب إليها والمكوث عندها حتى يرجع فأرسلت الأم لها أخيها الأصغر "عمرو" لكي يأتي بها هي والأبناء
في هذه الأثناء كان "أمل " قد أنهى عمله في الشركة وذهب لشراء بعض مستلزمات البيت وأثناء جولته في السوبر ماركات تعجب من حال الناس الذين كانوا يقبلون على شراء السلع بشكل جنوني وكأن غدا ستقوم حراب وقال فيما بينه وبين نفسه "هو رمضان بكرة ولا إيه؟"
عاد "أمل" إلى البيت وهو يحمل لبنات أخته "عبير" الشيكولاتة اللي بيحبوها إلا أن الطفلة" سارة " رفضت تاخذها وقالت وهى تبكى " أنا هستنى الشيكولاتة اللي هيجيبها بابا "
أخذتها الجدة واحتضنتها وهى تدعو الله لمصر بالأمان
ومضت ساعات اليوم ثقيلة وهى تتجه نحو مستقبل غير واضح المعالم ومن الأحداث التي وقعت في هذا اليوم عدة اجتماعات كان من أهمها الاجتماع الذي وضعت فيه خطة التعامل مع مظاهرات جمعة الغضب من قبل قوات الأمن تلك الخطة التي لم يعرف بها سوى أعلى القيادات في الداخلية ولم يطلع عليها الضباط الذين صدرت إليهم تعليمات محددة في نطاق عملهم .
جمعة الغضب
انه يوم الجمعة وما أدراك ما يوم الجمعة في هذه البلاد لا تجد مسجدا خاوي ولا مصلى خالي ولا شارع إلا وقد افترشه المصلون الكل في خشوع ودعاء للمولى تعالى أن يحمى البلاد وان يحرس أهلها من كل سوء ومكروه .
في هذا الوقت كانت تستعد قوات الأمن لمواجهة المتظاهرين وكانت تحاصر كل المساجد الكبرى في الميادين التى تحتوى على تجمعات كبيرة من المصالين والتى يصلى بها قيادات معارضة .
وبعد صراع رهيب بين قوات الأمن والمتظاهرين كان أشده ضراوة على الكبرى المؤدى الى ميدان الثورة لم تستطيع قوات الأمن الصمود أمام إصرار المتظاهرين الذين يتكاثرون بشكل كبير مع مرور الوقت .
انهارت قوات الأمن أمام زحف المتظاهرين باتجاه الميدان وقد صدرت للقوات أوامر بالانسحاب مما اضر بالحالة النفسية والصحية للضباط والجنود الذين تفرقوا في الشوارع التي كانت ممتلاه بجموع المتظاهرين .
وبدأ بعض الشباب بغير وعى كافي وبحماس زائد في إشعال النيران في سيارات الشرطة حتى تحولت كل السيارات في الشوارع إلى كتل من النيران لم يجد الحاكم العسكري وسيله سوى إعلان حالة الطوارئ في تمام السابعة مساء بعد خروج الوضع عن السيطرة الكاملة في محافظات العاصمة وبعض المحافظات
نزلت إلى الشوارع أول عربات تابعه للجيش بعد إعلان الحاكم العسكري وكانت قطع تابعه للحرس الجمهوري لان أماكن تواجدها كانت قريبة من الأحداث لحين نزول باقي قوات الجيش التي بدأت في الاستعداد والتجمع .استقبل الثوار قوات الجيش بالاحتفالات والهتافات "الشعب والجيش ابد واحدة" و اعتلى بعض الشباب العربات والمدرعات لأخذ الصور التذكارية عليها
في هذا التوقيت استغلت مجموعات إجرامية حالة الانفلات الأمني وساعدها في ذلك قلة الوعي الثقافي فقاموا بالاعتداء على البنوك والشركات والمحلات والمباني الحكومية وقاموا بإعمال نهب وسرقة وتخريب وإشعال النيران فيها .
في نفس الوقت تحركت عصابات إجرامية وقامت بالاعتداء على أقسام الشرطة وسرقة الأسلحة التي بداخلها وإطلاق سراح المساجين وكان من هذه الأقسام القسم الذي يقوم على حمايته "الضابط عادل" زوج أخت أمل الكبرى "عبير" ظل القسم يتعرض لمحاولات الاقتحام من قبل مجهولين بشكل مستمر وممنهج باستخدام السلاح الالى والمعدات الثقيلة وبدأت تضعف قوة طاقم الحراسة وتنفذ الذخيرة التي معهم وفى كل لحظة يشد "الضابط عادل" من عزيمة زملائه بان قوات الداخلية ستأتي لدعمهم وإذا لم تأتى الداخلية ستأتي قوات الجيش وتمر الساعات ولم يأتي احد وفى كل ساعة يسقط شهيد من طاقم الحراسة حتى أصبح يشعر الجميع باليأس والإحباط فقد قام البعض منهم بتغيير ملابسه الميرى والقفز من نوافذ القسم الخلفية
ولم يبقى في حماية القسم سوى "الضابط عادل" الذي خرج في محاولة أخيرة للحديث والحوار مع مصري الاقتحام معتقد أنهم من الثوار آو الشعب ألا أنهم لم يستجيبوا و تحجموا عليه بالسباب والشتائم وهو يناشدهم بالله الحفاظ على مصر وقد أتت رصاصه غادرة لتسكن في صدره وهو يقول بأعلى صوته "انتو مش مصريين المصري يحافظ على بلده" سقط الشهيد ملقى على الأرض وكان يشاهد الموقف بعض زملائه الذي فروا من القسم وارتدوا الملابس المالكية فسارع بحمله وآخذة إلى اقرب مستشفى إلا انه لفظ أنفاسه الأخيرة قبل الوصول إلى المستشفى
ومن مفارقات هذه الليلة ما قام به التلفزيون المصري من بث للرعب والفزع في قلوب المواطنين وانتشرت العديد من السيارات المجهولة التي كانت تطلق النيران وهى تمر مسرعه بدون لوحات تظهر هويتها.
خرج المواطنون إلى الشوارع وبدؤوا في عمل لجان شعبية لحماية الأرواح والممتلكات وكانت أول هذه اللجان التي صنعها شباب الثورة حول المتحف المصري الذي تعرض لمحاولات سرقة وتخريب بعد إشعال النيران في مبنى الحزب الوطني المجاور له.
تحول بيت أمل إلى حالة من الخوف والفزع والقلق فمابين قلق "عبير"على زوجها الضابط عادل الذي لا تعرف شيء عنه وخوف والدتها على ابنتها الصغرى "هدى" وأخيها "عمرو" اللذان نزلا إلى المظاهرات ولم يعودا ولا تعلم ما الذي قد يكون أصابهما .
حالة من الذعر أصابت الأطفال الصغار الذين توقفوا عن اللعب ومشاهدة أفلام الكرتون وأصبحوا هم أيضا يشاهدون نشرات الأخبار وهم لا يدركون ما الذي يحدث .
خرج "أمل"بصحبة والدة إلى الشارع للمشاركة مع الجيران في إنشاء لجان شعبية فوجد مجموعات من الأحداث وسكان المناطق العشوائية يأتون من المناطق التجارية وهم يحملون بعض أشياء منهوبة من المحلات والشركات والبنوك والكازينوهات . فاخذ "أمل" ينكر عليهم فعلهم ويذكرهم بالحفاظ على شكل مصر وتاريخها الحضاري أمام العالم ولأكن دون اى استجابة منهم لكلماته
اقترب منه احد الجيران قائلا "ريح نفسك يا أستاذ أمل النظام الحاكم دمر الضمير والوعي عند الناس " وقف "أمل" حزين على ما يرى من أخطاء وتجاوزات تذهب فرحة الثورة وتشوه وجه مصر الحضاري أمام العالم
ومن إبداع المصرين في تشكيل اللجان الشعبية أن جعلوا لكل شارع مجموعة من الشباب يتبادلون الورديات على مدار الأربعة والعشرين ساعة ووضعوا لكل حراس شارع شريط بلون مميز حتى لا يندس بينهم دخلاء وقد كان يقوم على تنظيم الكثير من هذه اللجان بعض قيادات الجيش الذين فوق سن المعاش وبعض الشباب الذين قضوا الخدمة العسكرية والكثير من أمناء الشرطة والضباط الذين خلعوا عن كاهلهم زى المؤسسة التي تلطخت بدماء الأبرياء وعادوا ليلتحموا بصفوف الشعب والدفاع عن شرف الوطن وعزة أهله .
وأثناء تواجد "أمل"ووالدة في اللجان الشعبية على باب العقار الذي يسكناه أتى من يسال عن منزل زوجة الضابط "عادل" فقابله "أمل" واستوضح منه الخبر الذي حزن له كثيرا وقال لأبية "ازاى هانقول لعبير خبر استشهاد زوجها " وهنا بادرهم السائل مخبرا انه معه أمانة طلب من الضابط "عادل" أن يوصلها لابنته سارة قبل أن يفارق الحياة
اخذ "أمل" العلبة من الرجل وصعد إلى الشقة فوجد والدته وأخته الكبرى يجلسان أمام التلفزيون والأولاد بجوارهما فذهب ناحية سارة وقال لها "بصى يا سارة بابا بعتلك إيه " فقالت الطفلة في فرح ولهفة شديدين"أكيد الشيكولاته اللي بحبها"
نظرت "عبير" لوجه أخيها الذي فرت من عينيه الدموع وبدئ عليه علامات الحزن والرغبة في الكلام والتردد الشديد وعدم القدرة على تجميع الكلمات أو نسج الحروف فوقفت إليه وقالت بصوت يذبح الروح ويمزق الوجدان"إيه اللي حصل لعادل يا أمل؟؟" فرد عليها في صوت يستجلب ايات اليقين ونسمات الإيمان "إنا لله وان إليه راجعون " سقطت "عبير"على الأرض بمجرد سماعها لكلمات أخيها سارعت والدتها في حملها هي وأخيها إلى اقرب غرفة وذهب " أمل " مسرعا لاستجلاب طبيب .
وجد " أمل" الدكتور "عزت" متواجد مع الجيران في اللجنة الشعبية فاخبره أن أخته مريضة وانه يحتاجه للكشف عليها فذهب الدكتور "عزت" على الفور واتى بحقيبة الإسعافات وأدوات الكشف وتوجه مع "أمل " وبعد الانتهاء من الكشف المبدئي اخبرهم أنها تعرضت لصدمة عصبية شديدة وانه أعطاها مسكنات وستكون على خير ما يرام في الغد إن شاء الله تعالى أخذت الجدة الأولاد في حضنها وكانت سارة لازالت سعيدة بعلبة الشيكولاته التي أرسلها لها أبيها ولا تعلم أنها أخر هدية يمكن أن يرسلها لها
لم يمضى من الوقت كثيرا حتى وصلت "هدى" الابنة الصغرى من الميدان لتخبرهم أن أخيها الأصغر "عمرو" تعرض لأصابه في عينة من رصاصة يعتقد أنها من القناصة الذين كانوا ا منتشرين في كل مكان أثناء المظاهرات وانه الآن يرقد في المستشفى العام الكبير وهى أتت لتأخذ له غيارات وتعود
ازداد حزن وهم الأم على ما يحدث لأبنائها وأصرت على الذهاب مع "هدى" للاطمئنان على صحة "عمرو"إلا أن الوالد منعها لسوء الأوضاع الأمنية وأهمية وجودها بجوار "عبير"وفى رعاية الأطفال وطلب من "أمل "أن يذهب هو مع أخته
كان هذا اليوم حافلا بالكثير من الأحداث المؤسفة فقد أصيب أكثر من " ثماني مائة " متظاهر بإصابات متفاوتة وأكثرها عاهات مستديمة و وقد استشهد في هذا اليوم أكثر من "سبعه وثمانون "شهيد
دموع وجموع
بين الدموع والهتافات رحل الليل واقبل النهار على يوم حافل بالماسي والآهات حيث استعدت أسرة" أمل" جميعا للذهاب إلى مكان استلام جثامين الشهداء "مشرحة الجثث" اختلطت دموع الجموع أمام المشرحة ما بين زغاريد الأمهات وبكاء الأرامل والأخوات على فقدان الإخوة والأحباب وقد طال الانتظار أمام المشرحة لسوء التنظيم والإدارة وتأخر خروج تصاريح الدفن وتقارير الطب الشرعي التي جاءت مغالطة ومخالفة للحقائق الواضحة وضوح الشمس و رأي العين حيث جاء تقرير الطب الشرعي باستشهاد الضابط عادل زوج أخت أمل الكبرى "عبير" مخالف لكل الحقائق وأقوال الشهود حيث قالوا أن سبب الوفاة هو "هبوط حاد في الدورة الدموية " مع أن الذي يشاهد الجثمان من الوهلة الأولى يرى بالعين المجردة موضع دخول الرصاصة واختراقها صدر الشهيد فأصر أمل على إعادة الكشف وإعادة التحقيق في هذه الواقعة التي لا تزور تقرير طبي وإنما تزور تاريخ بطل دافع عن شرف مهنته وشرف عمله وشرف بلده وانتمائه لتراب هذا الوطن بل إنها تزور أيضا تاريخ امة تعلم الأمم الفداء والدفاع بشرف وكرامة وتحفظ الأمن للجميع
وبعد عناء شديد خالطه الحزن والبكاء وآلام الفراق تعانقها آلام الانتظار خرجت جثامين الشهداء ترفرف عليها حمامات السلام وتستقبلها اكفّ الملائكة وتحلق حولها أرواح الأحبة وتبتسم لها أبواب السماء في مشهد خطف معه الأنظار والألباب وانّ له الأعداء قبل والأحباب
من توديع بطل افتدى أمان الوطن بروحه وحمل في طيات نعشه جروحه فبعد تشييع جنازة الشهيد الضابط "عادل" عادت الأسرة إلى البيت منهكة من الآم المشقة وأوجاع الفراق وبدأ "أمل" ووالده في الاستعداد لمراسم العزاء واستقبال المواسين .
في هذا اليوم حفلت الساحة السياسية بكثير من التحركات والأقوال وتضارب الأنباء فبعد إعلان التلفزيون أن شخصية هامة ستلقى كلمة تم التغيير والإعلان أن الكلمة ستكون لرئيس الدولة
هدأ الثوار قليلا في انتظار الخطاب المعلن عنه لعله يطفئ من نيرانهم المتوهجة أو يحقق بعضا من أمانيهم الثائرة ومضى الوقت يمر ببطء شديد وأخذ الكثير من الثوار في التقاط الأنفاس أحيانا وحبسها أحيانا أخرى بين الخوف والقلق والحلم والرجاء ومع اقتراب الليل وانجلاء الضياء خرج عليهم الرئيس كما تخرج خفافيش الظلام بوجهها بدا علية علامات عدم الاستجابة وعقل تغيبت عنه الإصابة وكلمات تفتقد الوعي والرؤية فلم يقدم اى جديد آو يعتذر علي سوء الإدارة أو يعلن محاسبة المقصرين بل قال في كلمات تلعنها اللغة التي كتبت بها وترفضها الأعين المشاهدة "طلبت من الحكومة أن تتقدم باستقالتها " وهنا ثار الميدان وانفجرت حناجر الثوار "ارحل ارحل ارحل"
لم يفهم النظام الدرس بعد ولم يستيقظ من كابوس العظمة والتعالي على طموحات الشعب وتطلعات الشباب وقد كان هذا الخطاب المتأخر جدا عن موعدة الذي كان يجب أن يكون في ليلة الثورة الاولى بديلا عن العنف الذي استخدمته الداخلية فئ فض الاعتصام وأدى إلى قيام جمعة الغضب مما أبطل مفعوله وقلب الشعب جميعا على هذا النظام الذي يلتقط أنفاسه الأخيرة وكان من الأحداث التي وقعت في هذا اليوم "
حكومة جديدة
بدأ هذا اليوم بداية عسكرية بنزول القائد العام للقوات المسلحة إلى الميدان وتفقده للقوات المنتشرة حول الميدان وأمام مبنى الإذاعة والتليفزيون وقد واكب هذا النزول تحليق طائرتين بارتفاع منخفض فوق العاصمة مما أزعج الثوار واعتبروه تهديدا مباشرا لأمنهم وسلامتهم وقد حفل اليوم أيضا بأداء أول حكومة بعد الثورة لليمين الدستورية أمام الرئيس بحضور نائبه
بعد ظهر هذا اليوم عاد أمل ووالده ومعهما أخيه الأصغر عمرو الذي كان قد أصيب برصاصة قناص في عينه اليمنى وقد كان بصحبتهما الابنة الصغرى هدى وخطيبها طارق وجلس الجميع مبتهجون بسلامة عمرو ومخففون لآلامه ويحاولون ولو بشكل مؤقت نسيان فقدان الشهيد الضابط عادل ، حيث لم تتعافى الابنة الكبرى عبير زوجته صحيا بعد ، ولكنها تحاملت على أوجاعها وتسندت على والدتها واتت لتبارك لأخيها عمرو على سلامته الذي بكى عندما رآها واحتضنها مواسيا لجراحها التي لازالت تنزف بداخلها وهنا قام طارق خطيب هدى وطلب الاستئذان لكي يعود إلى الاعتصام في الميدان فقالت له هدى في لهفة شديدة " استني اتغدى معانا وهننزل مع بعض" فقالت الأم في خوف وحنان " يا ولاد مش كفاية كده حرام عليكم البلد هتخرب هو مش هيسيب الحكم وانتووا كل يوم بيموت منكم واحد ورا الثاني راعوا قلوب الأمهات أم الضابط زى أم المتظاهر الاتنين بيموتوا ألف مرة في كل لحظة اتقوا الله فينا " أخذت الحمية الثورية هدى فقالت في لهجة ميدانية " مش هنمشي هو يمشي "
قام "أمل" بفتح التلفزيون الذي جاءت الأخبار فيه تنبأ عن بعض التحركات لرئيس الوزراء الجديد الذي بدأ عملة مطابقا لقول المثل القائل " الغربال الجديد له شدة " فحاول تقديم بعض الحلول الشكلية وأعلن عن فتح منافذ الحوار عن طريق الظهور في مؤتمر صحفي وأعلن مرارا وتكرارا عن استعداده لاستقبال شباب من شباب الثورة إلا أن شباب الميدان رفضوا هذه الدعوة واعتبروا وجوده محاولة فاشلة من النظام لإنقاذ ما تبقى من حطام قلاع ظلمهم ومحاولة بائسة لحفظ ماء الوجه الذي تناثرت عليه جرائمهم كما تتكاثر الجراثيم على القاذورات وبدا في أقبح صورة يلعنها رب السماوات
لقد كان يوما حافلا بالمتاعب والآلام ومزدحما بالخوف والتوتر والانفعالات المتضاربة فتشوق أمل إلى وقت من الرومانسية وهمسات من الحب والحنان فهمس في أذن زوجته قائلا "حضري لي الحمام محتاج أخد شاور جسمي متكسر على الآخر " وبعد خروجه من الحمام منتعشا ومبتهجا ذهب مسرعا إلى غرفة نومه وهو متشوق لرؤية زوجته كي تخفف عنه آلامه وترطب جفاف شفتيه بهدير من قبلات شفتيها وتلامس رحيق خديه بأنامل بريق عينيها لكنه عندما دخل إلى غرفة نومه أصيب بدش من الماء البارد في ليلة باردة من اثر صدمة عينيه إذ وجدها غارقة في نوم عميق فجلس على كرسي وضع بجانب السرير وهو ينظر إليها ويتساءل بين طرقات خياله من المخطأ هو أم هي ؟؟ وما هي أسباب البرود الجنسي الذي يسيطر على زوجته ويعكر عليه صفو حياته ؟؟
هل السبب أنها من أصول ريفية وكثيرا ما يكون الريفيات اقل طلبا للشهوة من سيدات الحضر والمدن وذلك لكثرة تحفظهم وتخوفهم واعتبارهم أن إنجاب الإناث عورة ووضعهم الفتيات من الصغر تحت حراسة مشددة تكون نتيجتها خوف عميق يصيب الفتيات في الكبر بالبرود الجنسي ؟أم أن السبب هو حالة عامة تشمل كل النساء المصريات بعد الزواج إذ تنشغل الزوجة بعد أول إنجاب لها برعاية الأولاد ومستلزمات البيت وتجهيز الطعام لزوجها مما يجبر الكثير من الأزواج على إقامة الصداقات والعلاقات النسائية بل يكون سبب وراء انزلاق كثير من الأزواج في براثن البغايا والساقطات ؟
أم أن السبب هو جريمة الختان التي يتعرض لها الفتيات على أيدي سيدات جاهلات أو أطباء لا يحترمون شرف المهنة والمواثيق الأخلاقية بادعاء كاذب يخالف كافة الشرائع السماوية ومعللين ذلك بمنع الفتيات والحفاظ عليهن من الانحراف والوقوع في الفواحش ولان هذا الفعل دائما ما يتم في الظلام بعيدا عن الرقابة أو أهل التخصص كثيرا ما يصيب الفتيات بالبرود التام وغياب الشهوة الجنسية ورغم وجود القوانين المحرمة لذلك وكثرة التحذيرات والتنبيهات الإعلامية وتتابع الحملات القومية إلا أن غياب الثقافة الجماهيرية ودور المؤسسة الأزهرية في التوعية والتنوير وترك الساحة الدينية للحركات والجماعات الإسلامية المتشددة أدى إلى تضليل الناس واللعب بعقول البسطاء بأحاديث ضعيفة الإسناد وأقوال مأثورة لا أساس لها من الصحة ؟؟ أغمض أمل عينيه متوسلا إلى النعاس أن يأتي كي يريحه من ويلات آلامه وانين جراحه
الثلاثاء الأعظم
خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى شوارع العاصمة وغيرها من المدن استجابة لدعوة المعارضة لانطلاق "تظاهرة مليونية" لإجبار الرئيس على الرحيل فقد غض ميدان التحرير بالمحتجين، بينما أعلن منظمو التظاهرة أن عددهم تجاوز المليون متظاهر. وتعتبر تظاهرات الثلاثاء الأكبر حتى يومها هي اكبر مليونية جمعت عدد كبير من المتظاهرين في القاهرة بأكثر من 200,000 ومما ميز هذه التظاهرة هو قيام متطوعون بالتفتيش عن مندسين من جانب الحكومة قد يحاولون استثارة العنف. وعمل لجان تفتيش على كل مداخل الميدان وقيل أن الأعداد التقديرية للتظاهرة بلغت حوالي ثمانية ملايين شخص في القاهرة وسائر أنحاء مصر، مطالبين راس النظام الحاكم ونظامه بالتنحي عن الحكم وكانت الحكومة في هذا الوقت قد قامت بغلق كل الطرق المؤدية إلى العاصمة من المحافظات المجاورة، كما أوقفت كل خدمات السكك الحديد والحافلات لمنع المتظاهرين من التوجه إلى العاصمة. في حين خرجت تظاهرات مؤيدة للنظام الحاكم - قدرت بالآلاف - في مناطق أخرى من العاصمة ولاسيما
شن التلفزيون الرسمي حملة تشويه وتضليل إعلامية على ثوار الميدان وشباب الثورة واتهامهم باتهامات باطله وبدأ في ترويج إشاعات كاذبة منها أنهم يتقاضوا أموال من جهات خارجية وأنهم يتناولون وجبات طعام جاهزة من أفخم المحلات وأنهم تلقوا الكثير من التدريبات في الخارج وأنهم عملاء لأعداء الوطن وان أكثر الفتيات آلاتي في الميدان هن من الباغيات والعاهرات وأنهم يستخدمون الخيام في الميدان لإقامة الحفلات الجنسية وأنهم يروجون المخدرات وحبوب الهلوسة وقد أقيمة برامج اشرف على متابعتها وزير الإعلام في هذا الوقت الذي كان يعمل طول الليل والنهار في خدمة صاحبة الفخامة معالي قرينة الرئيس وصاحب السمو والعظمة معالي نجل الرئيس .
زاد الغضب وتحول إلى بركان ولم يعد في الإمكان الصبر على ما كان فلم يكتفي التلفزيون الرسمي الذي يتقاضى مسئوليه مرتباتهم الضخمة من قوت الشعب الثائر بتجاهل الثورة وغض الطرف عنها فحسب بل زاد "الطين بله " كما يقولون في الأمثال الشعبية وتحول من جهاز إعلامي إلى أداة تخريب وتضليل وتشويش لصورة الوطن وشباب المستقبل
لم يقبل الشباب هذا الغباء المتدني ولم يخضعوا لهذا الفكر المتحجر فبدأت مجموعات من الثوار التحرك نحو مبنى الإذاعة والتلفزيون القريب من الميدان وقاموا بعمل كردون محاصرة له ومنع العاملين الفاسدين والكاذبين من الدخول أو الخروج حتى يعترف هذا الجهاز الفاشل بالحقيقة وينقل الحقائق دون تهليل أو تضليل .
أعلن الثوار مطالبهم المعلنة من أول يوم ولكنها كلما أصر النظام على العناد تبدأ في الزيادة والارتفاع حتى أصبحت تقترب من الإطاحة برأس النظام وكانت القائمة تضم عدة مطالب
الحب في الميدان
انه الميدان الذي قاتل من اجله الثوار واستبسل على أعتابه الشباب واختلطت فيه الأحزان بالأفراح انه بستان من الأعلام وكرنفال من الفنون والإبداع في رباط إلى مستقبل تشرق فيه شمس الحرية وتحلق في سمائه العدالة الاجتماعية ، انه الميدان الذي جمع قلوب الحالمين فلا ترى فيه سوى لون واحد وهو لون الأرض الطيبة ولا ترتوي منه إلا بماء واحد وهو ماء الكرامة والاعتزاز ولا تسمع فيه إلا هتاف واحد "ارحل الآن" إنها شمس الحرية أشرقت على سماء القلوب فرطبت بضيائها عطشى المحبة وعشاق الآخرة فتجمعت كل أطياف الوطن فلا ترى فرقا بين مواطن ومواطن ولا فرق بين مواطنة واخرى فالكل واحد في ميدان واحد يهتفون بمطلب واحد وهو الحرية أثار هذا المشهد العظيم قلوب الأحبة وعشاق التاريخ فكما تجمعت قلوبهم على حب مصر قرروا أن يجعلوا من هذا التجمع ميثاقا يجمع بين قلوبهم إلى الأبد فتوالت محافل الاحتفال بإقامة حفلات العرس وعقد القران بين الشباب والأحبة من اجل أن يتزين الوطن في ليالي عرس الحرية فعمت البهجة قلوب الثوار ، وملأت الفرحة أعين الأحرار فما بين ليل ونهار لا تعلم هل يأتي الغد بالجنة أم يأتي بالنار
أثارت هذه الاحتفالات وإقامة حفلات العرس وعقد القران حفيظة "طارق" خطيب أخت أمل الصغرى "هدى " فنظر إليها مبتسما متمنيا فلمح في عينيها الخجولتين نظرة تمني حالمة تعانق الحلم الذي لمع في عينيه فاقترب منها في هدوء وهمس في أذنها بحنان يملؤه الاشتياق وتزينه الرومانسية وقال لها في نفس تتضارب بين كلماته نبضات قلبه العاشق " ما تيجي نعمل زيهم ؟؟" فتبسمت تبسم القمر الذي أخفته سحابة وتلالا وجهها كتلألؤ البدر في إشراق عند كماله واتسعت عينيها فرحا وابتهاجا وقالت بصوت يخالطه الحنين ويدفعه الاشتياق وتصاحبه نظرات الأمل والتمني " اكتر حاجة بتعجبي فيك انك بتقرا أفكاري بس انت عارف الظروف اللي بنمر بيها في البيت بعد استشهاد زوج أختي وإصابة عمرو اخويا وان شاء الله تعالى فرحنا هيكون اكبر من كده بكتير لان فرحتنا الحقيقية هاتكون في الاحتفال بعرس مصر وانهيار نظام الظلم والاستعباد الفاشي "
نظرت هدى بجوارها ووجدت صديقتها المسيحية "كرستين" التي تعرفت عليها عندما كانت تبحث عن ماء للوضوء قبل الصلاة فأخذتها إلى كنيسة "قصر الدوبارة" المجاورة للميدان كي تتوضأ ، فلفت نظرها انجذابها وإعجابها الشديد بهذا المشهد البهيج وقالت لها مباركة ومهنئة " عقبال يوم فرحك " ففرت من عين "كرستين" الدمعة فنظرت إلى الأرض وذهبت إلى اقرب جدار وجلست بجواره فشعرت هدى أنها لمست جرحا ما زال ينزف بداخل قلب صديقتها "كرستين" فتوجهت إليها وبادرتها بكلمات ممزوجة بأحاسيس الشفقة والمواساة قائلة "آسفة مكنشي قصدي أضايقك " وجلست بجوارها ووضعت يديها على رأسها فرفعت "كرستين" عينيها التي أغرقتها الدموع وقالت في حزن شديد" لا يا هدى انت مضايقتينيش بس فيه جرح جوايا بينزف كل دقيقة حتى لما بتشوفيني بضحك وبهزر مع أصحابي ده بيكون عشان أداري آلامي وجراحاتي اللي كاتماها جوايا ومش قادرة أفضفض عنها أو احكيها لحد " فبادرتها هدى قائلة " مش يمكن لما تحكي لحد بتحبيه ترتاحي ؟؟"فوقفت "كرستين" وهي مسك بيد هدى وتضغط عليها بأنامل أصابعها المرتعشتين فتضمها إلى صدرها قائلة " انت اكتر من أخت يا هدى بس دي مشكلة ربنا بس هو اللي يقدر يخلصني منها " فرفعت هدى يدها فوضعتها بحنان على خد صديقتها لتجفف دموعها وتخفف من ألامها قائلة " احكيلي يا حبيبتي يمكن اقدر أساعدك إحنا الاتنين واحد " وهنا شعرت "كرستين" إنها تحتاج إلى أن تتكلم حتى ولو لم يستطع احد أن يحررها من آلامها فقالت وهي تحاول أن تلملم كلماتها وتستجمع قواها " يا هدى أنا عايشه لا حية ولا ميتة ، أنا تزوجت وأنا اصغر منك شوية بزوج مسيحي زيي وكنت ليه كل حاجة ،عمري ما حرمته من حاجة وفي مرة كنت مسافرة في عمل وراجعة فرحانة سعيدة ومتشوقة للقائه أول ما دخلت البيت لقيته بيخوني مع واحدة تانية ، كانت دي أصعب لحظة في حياتي وكانت اكبر صدمة انك تحسي انك كنت عايشه مخدوعة مع إنسان خاين وغدار ، طلبت منه ساعتها الطلاق رفض ولا قدرت اثبت عليه واقعة الزنا علشان الكنيسة تطلقني منه ، ولا أنا اقدر أعيش مع إنسان كذاب ومخادع وحقير ومن ساعتها وأنا لا عايشه ولا ميتة أنثى في عز شبابي ولكن زى الأرض البور ، وهو عايش حياته بالطول والعرض ، وأنا مش قادرة أطلق منه ولا قادرة اختار مصيري ، وفي نفس الوقت أنا مسيحية متدينة ومتمسكة بديني ، فيعني أنا لأعيش مع إنسان خاين حقير أو أغير ديني ، ده عمره ما يبقى عدل أنا عايشه متعلقة لا طايلة سما ولا طايلة ارض ولا قادرة احكي لأنه محدش يقدر يخلصني من المعاناة اللي أنا فيها إلا الرب " فتساقطت الدموع من عيني "هدى" وضمت صديقتها إلى صدرها وهي تقول لها " ربنا اكبر من الجميع "
على أعتاب الخوف
ما أحلى ليالي القاهرة وما أبهى ساعات السمر إذا حالفتها المحبة والصفا , جلس الجميع أمام العقار وكان الجو بارد فأشعلوا النيران في بعض الحطب وكان من الحاضرين الأستاذ" مينا" صاحب محل الكوافير الحر يمي وهو مسيحي الديانة والأستاذ" خالد" مدرس اللغة الانجليزية والأستاذ" محمود" وكيل نيابة والأستاذ" هشام "صاحب شركة صرافة وعضو بالحزب الوطني والأستاذ" على" مدير فندق سياحي والدكتور "ثروت "طبيب أمراض نسا ووالد "أمل"
سأل الأستاذ "خالد" الأستاذ "مينا" عن موقف بابا المسيحيين من الثورة والثوار وهل هو معها أم مع النظام الحاكم وإيه موقف الأقباط عموما فرد عليه الأستاذ "مينا" قائلا" البابا رجل مريض وبيخضع دلوقتى للعلاج وبعدين البابا كان من أول ممن حذر النظام من التمادي في الظلم بس هو بيؤثر الهدوء وعدم التهور وبيعيب كتير على شباب الأقباط الاندفاع والتهور وبينصحهم دايما بالهدوء والتسامح والمحبة " جذب الحديث انتباه أمل فعلق قائلا "فعلا عندك حق يا أستاذ مينا بس تعقيبي أنا على كلامكم تصحيح بس لبعض المصطلحات اللي للأسف الشديد يرددها الإعلام بدون وعي زى كلمة الأقباط وبيقصد بيها إعلاميا المسيحيين فقط وده مفهوم غير صحيح استخدمه جهاز امن الدولة لإشعال الفتن بين أبناء الوطن واستخدمه الإعلام بالخطأ أو عن قصد أيضا " وهنا قاطعه الأستاذ محمود وكيل النيابة مستفهما "تقصد إيه؟" أكمل أمل كلامه قائلا "كلمة قبطي تعني مصري أي أن كل مصري هو قبطي يعني ممكن يكون فيه مسلم قبطي أو مسيحي قبطي وهكذا أما تخصيص الكلمة للمسيحي فقط فيقصد به معنيين أولهما عمل تفرقة وانشقاق داخل المجتمع المصري والثاني ما يردده بعض ضعفاء النفوس بالادعاء كذبا أن مصر محتلة من المسلمين وان المسيحيين هم المصريون الأصليون مع أن تاريخيا الصواب أن مسيحيو مصر عندما دخلها الإسلام دخل الكثير منهم في الإسلام برغبتهم حتى أن بعض العائلات كان منها من دخل في الإسلام ومنها من بقي على مسيحيته ولم يجبر الإسلام أحدا على الدخول فيه وحتى من لم يستطيعوا دفع الجزية أعفاهم القائد الإسلامي عمرو بن العاص ورفع عنهم الجزية وأما تلك الأفكار لا يرددها إلا بعض المتطرفين فكريا الذين لا يريدون لهذا الوطن إلا الشر والبلاء ، والمتعصبين عن جهل وانحراف فالحقيقة الواضحة انه لا يوجد دين قبطي على الإطلاق وإنما يوجد أقباط وهم أهل مصر بكل طوائفهم وشرائعهم " وهنا قال الأستاذ هشام " طبعا الدين لله والوطن للجميع ، وكل دين سماوي يدعو للتسامح والمحبة " وهنا علق أمل مقاطعا" والله كلامك جميل يا أستاذ هشام بس فيه خطأ ثقافي برضه " تبسم الأستاذ هشام وقال للأستاذ مينا " الأستاذ أمل مش ناوي يعدي حاجة من تحت التليسكوب الليلة وهنا قال الأستاذ خالد مدرس اللغة الانجليزية " والله أنا نفسي أسال سؤال واحد بس :هو حضرتك جبت الحاجات دي كلها منين ؟ انت بتعرف كل ده ازاي ؟"فرد عليه الأستاذ عزت قائلا " والله يا أستاذ خالد أنا عمري ما شفت الأستاذ أمل إلا وهو ماسك كتاب " وهنا تبسم أمل وقاطعهم قائلا "برضه مش هتنسوني التعقيب على كلام أستاذ هشام ، أنا اللي اقصده يا أستاذ هشام هو انه مصطلح الديانات السماوية هو مصطلح خاطئ وده لان ربنا سبحانه وتعالى لم ينزل من السماء إلا دين واحد مصداقا لقوله تعالى في سورة آل عمران "إن الدين عند الله الإسلام "" هنا تكلم أستاذ مينا مستفهما "يعني مفيش لا مسيحية ولا يهودية هو إسلام بس يعني ؟"قال أمل "لا يا أستاذ مينا توجد شريعة مسيحية وسميت بالمسيحية لأنها نزلت على المسيح عليه السلام وسمي بالمسيح لأنه يمسح الضلال والظلم وينشر التسامح والعدل والمحبة ونزلت شريعة سيدنا موسى عليه السلام في التوراة كما نزلت شريعة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام في القران وهذا لا يعني أن لموسى عليه السلام دين ولعيسى عليه السلام دين ولمحمد عليه الصلاة والسلام دين فهذا خطأ فادح يقع فيه الكثيرون أما الصواب فهو أن دين ادم وإبراهيم وعيسى ومحمد عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام دين واحد وهو الإسلام ، والإسلام معناه التسليم والانصياع لأوامر الله تعالى والذي يصدق هذا الكلام قول النبي صلى الله عليه وسلم "الأنبياء إخوة لعلات دينهم واحد وأمهاتهم شتى " نظر أستاذ علي إلى أمل وقال له " طيب يا أستاذ أمل واضح إن حضرتك عندك معرفة بأمور الشرع والدين إيه رأيك لو الإخوان المسلمين لوحكموا البلد بعد الثورة؟ أنا بسال في الحتة دي بالذات علشان أنا شغلي في السياحة "رد عليه أمل قائلا " والله حضرتك يا أستاذ علي لمست جزئية مهمة جدا ولكن خليني أقول لحضرتك بس شوية حاجات عما يسمى بالتيارات الإسلامية في مصر بداية من نشأتها وتأسيسها وأفكارها
في الفترة الزمنية السابقة كانت كل محاولات أعداء الأمة القضاء على الإسلام باستخدام الحروب والاعتداءات ولكنهم بعد فشلهم في ذلك لمرات عديدة على مدار عصور الخلافة وتحديدا بعد عصور الاحتلال التي تعرض لها الوطن العربي استطاعت قوى الشر أن تدرس العقلية العربية وتتعرف على مواطن القوة والضعف في الجسد العربي وبدأت في تفتيت وتشتيت الوصلات الفكرية والثقافية بين الأجيال وتدمير دور المؤسسات التي يقوم عليها بناء الفكر والوجدان في العقلية العربية والمصرية بشكل خاص ودا لان مصر هي قلعة الإسلام وحصنه الحصين فبدؤوا في استخدام الحكام والأنظمة العربية يدا يقضوا بها على دور العمل المؤسسي ونهب ثروات الشعوب ومن ناحية وأخرى بدؤوا يدعموا ويساعدوا بطرق مباشرة وغير مباشرة حركات وتيارات إسلامية تنادي بتطبيق الشريعة وتكفير الأنظمة
ومن هنا تحولت الدول العربية إلى مناطق مشتعلة بالصراعات الداخلية ويحيط بها الفقر من كل جانب بالرغم من كثرة الثروات والكوادر البشرية لديها وكانت أهم المؤسسات التي تم تدميرها و تهميش دورها في بناء المستقبل المؤسسة الأزهرية والمؤسسة التعليمية والمؤسسة الثقافية فتحولت هذه المؤسسات إلى كيانات ومباني وموظفين بلا دور حقيقي على الأرض مما أعطى الفرصة لقيام بعض الحركات تحت شعارات إسلامية هي في الحقيقة أضرت الإسلام أكثر مما أفادته وكان أول هذه الحركات حركة سميت بالإخوان المسلمين وهى جماعة إسلامية ، تصف نفسها بأنها "إصلاحية شاملة" تعتبر أكبر حركة معارضة سياسية في كثير من الدول العربية، خاصة في مصر، أسسها حسن البنا في مصر في مارس عام 1928م كحركة إسلامية وسرعان ما انتشر فكر هذه الجماعة، فنشأت جماعات أخرى تحمل فكر الإخوان في العديد من الدول، ووصلت الآن إلى 72 دولة تضم كل الدول العربية ودولا إسلامية وغير إسلامية في القارات الست وطبقاً لمواثيق الجماعة فإن "الإخوان المسلمين" يهدفون إلى إصلاح سياسي واجتماعي واقتصادي من منظور إسلامي شامل في مصر وكذلك في الدول العربية التي يتواجد فيها الإخوان المسلمين مثل الأردن والكويت وفلسطين كما أن الجماعة لها دور في دعم عدد من الحركات الجهادية التي تعتبرها الجماعة حركات مقاومة في الوطن العربي والعالم الإسلامي ضد كافة أنواع الاستعمار أو التدّخل الأجنبي، مثل حركة حماس في فلسطين، وحماس العراق في العراق وقوات الفجر في لبنان وتسعى الجماعة في سبيل الإصلاح الذي تنشده إلى تكوين الفرد المسلم والأسرة المسلمة والمجتمع المسلم، ثم الحكومة الإسلامية، فالدولة فأستاذية العالم وفقاً للأسس الحضارية للإسلام عن طريق منظورهم. وشعار الجماعة "الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله اسمي أمانينا".
ولكن الجماعة وقعت في الكثير من الأخطاء السياسية التي جعلت الأنظمة في مصر خصوصا تستفيد منها ما بين الترغيب والترهيب للشعب ولا تسعى الجماعة إلا لحصد المناصب والحصول على السلطة وهى تتخذ من الدين وسيله لتحقيق غايتها ونيل مطامعها وهى ليست الفصيل الوحيد في مصر كما كان يعلن النظام بل يوجد تيارات أخرى أكثر حضورا وتواجدا في الشارع المصري أكثر منها منهم على سبيل المثال جماعة تسمى التبليغ والدعوة المعروفة باسم "السنية أو الخروج في سبيل الله "
وهى جماعة إسلامية متجولة نذرت نفسها للدعوة بالحسنى والزهد في الدنيا وأسلوبها يعتمد على الترغيب والترهيب والتأثير العاطفي. بدأت دعوتها في الهند، وقد استطاعت أن تجذب إلى رحابها خلقا كثيرا. وهي تقوم بأمرين أساسين : الأول هو تبليغ من لم تبلغه الدعوة الإسلامية، وهدايته إلى الإسلام بالسماحة التي اكتسبوها ومُرّنوا عليها بكثرة المجاهدة والذكر. والثاني هو دعوة العاصين من المسلمين إلى الصلاة أولا بوصفها عماد الدين، ولأنها، كما يذكر القرآن، «تنهى عن الفحشاء والمنكر»، ثم يخرجون بهم للدعوة في سبيل الله أياما ليروا صورة من صور إيمانهم وإخلاصهم والمحبة بينهم. وهذه الجماعة على كبر حجمها ليس لها ناطق رسمي ولا ممثل أو مخاطَب معتمد.
يعود تأسيس جماعة التبليغ والدعوة إلى الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي "1303 – 1364ه"، ولد في كاندهلة، قرية من قرى سهارنفور بالهند، ومركزها في دلهي، ولا يعرف إلا القليل عن مؤسسها، فهو من أصحاب المربّي الروحي عبد القادر الراي بوري، وكان أبو الحسن علي الحسني الندوي الكاتب الإسلامي المعروف، أحد أصدقائه المتواصلين معه منذ التقائهما عام 1939م. ويذكر أن الجماعة تأسست عام 1926م حيث كان مؤسسها محمد إلياس أول أمير لها حتى وفاته.ثم ابنه محمد يوسف ثم إنعام الحسن. وهذه الجماعة من أهل السنة والجماعة.
انتشرت الجماعة سريعا في الهند ثم في باكستان وبنغلاديش، وانتقلت إلى العالم الإسلامي والعالم العربي حيث صار لها أتباع في سوريا والأردن وفلسطين ولبنان ومصر والسودان والعراق والسعودية وقطر. وبعد ذلك انتشرت دعوتها في معظم بلدان العالم، ولها جهود في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام في أوروبا وأمريكا. ملاحظة: الشيخ الياس ليس مؤسس جماعة التبليغ ولكن الصحيح ""أن الله اجرى عليه ترتيب الدعوة على سنة النبي بما يناسب هذا العصر وتعلم الناس منه فهي ليست جماعة ولا فرقة هم مسلمون من المسلمين عملوا بالدعوة إلى الله على هذا الترتيب""
اعتقاداتهم:
تنتمي جماعة التبليغ والدعوة إلى في كل عقائدهم، ولهم بعض التعاليم تجعل منهم تيارا خاصا وهي كما يلي:
* ينهون عن المنكر ولكنهم لا يتعرضون إلى قضية "النهي عن المنكر" كبلاغ جماعي معتقدين بأنهم الآن في مرحلة إيجاد المناخ الملائم للحياة الإسلامية، وأن القيام ببلاغ كهذا قد يضع العراقيل في طريقهم وينفّر الناس منهم.
* يعتقدون بأنهم إذا أصلحوا الأفراد، فرداً فرداً، فإن المنكر سيزول من المجتمع تلقائياً.
* إن الخروج والتبليغ ودعوة الناس هي أمور لتربية الداعية ولصقله عملياً؛ إذ يحس بأنه قدوة وأن عليه أن يلتزم بما يدعو الناس إليه. فالخروج ليس هدف ولكنه وسيلة لتعلم اليقين وزيادة الإيمان ولتعلم أصول الدعوة وآدابها.
* يبتعدون كل البعد عن الخوض في الخلافات المذهبية اتقاء الجدال والانقسام والعداوة.
* لا يتكلمون في السياسة، وينهون أفراد جماعتهم عن الخوض فيها، وينتقدون كل من يتدخل فيها، ويقولون بأن السياسة هي ترك السياسة.
طريقتهم في الدعوة :
لهذه الجماعة أصول للعمل تعارفوا عليها وتوافقوا على تطبيقها في مجال الدعوة في الحضر والسفر ولم يكتبوها في كتب ولكنهم تواصوا بها وتوارثوها. وتقوم على ما يلي:
* إذا خرجوا للدعوة أمرّوا عليهم احدهم، فليس لديهم مناصب محددة ولا وظائف دائمة.
* تنتدب مجموعة منهم نفسها لدعوة أهل بلد ما، حيث يأخذ كل واحد منهم فراشاً بسيطاً وما يكفيه من الزاد والقليل من المال على أن يكون التقشف هو السمة الغالبة عليه.
* عندما يصلون إلى البلد أو القرية التي يريدون الدعوة فيها ينظمون أنفسهم أولاً بحيث يقوم بعضهم بالخدمة وبتنظيف المكان الذي سيمكثون فيه، وآخرون يخرجون متجولين في أنحاء البلدة والأسواق والحوانيت، ذاكرين الله داعين الناس لسماع الخطبة "أو البيان كما يسمونه".
* إذا حان موعد البيان التقوا جميعاً لسماعه، وبعد انتهاء البيان يطالبون الحضور بالخروج في سبيل الله، وبعد صلاة الفجر يقسّمون الناس الحاضرين إلى مجموعات يتولى كل داعية منهم مجموعة يعلمهم الفاتحة وبعضا من قصار السور، حلقات حلقات، ويكررون ذلك عدداً من الأيام.
* قبل أن تنتهي إقامتهم في هذا المكان يحثون الناس على الخروج معهم للتبليغ والدعوة، حيث يتطوع الأشخاص لمرافقتهم يوماً أو ثلاثة أيام أو أسبوعاً أو شهراً، كل بحسب طاقته وإمكاناته ومدى تفرغه. والجماعة تحدّد طريقة لترتيب الخروج أن يكون ثلاثة أيام في الشهر وأربعين يوماً في السنة وأربعة أشهر في العمر على الأقل وهذه لتسهيل عملية السفر والتنقل وهي ليست بشرط بل يمكن أن تكون المدد أقل أو أكثر.
* لا ينزلون ضيوفا على أحد، ويقيمون في المساجد.
* لا يعتمد بعضهم على بعض في النفقات بل كل واحد منهم ينفق على نفسه من ماله الخاص في السفر والحضر، فلا تكاد تجد واحدا منهم يعيش عالة على أخيه وهم يتعاونون ويكرمون بعضهم البعض.
* يعتمدون بصفة كبيرة على قيام الليل في طريقتهم في الدعوة. وفي ذلك التضرع والبكاء بين يدي الله حتى يهدي الله من دعوهم في النهار. فهم يُعرفون بقيامهم الليل وانه ركيزة في الدين. جماعة الدعوة والتبليغ
الصفات الستة:
قد نظر أولئك الذين أسسوا هذه الجماعة في سيرة النبي وسيرة أصحابة واستطاعوا بعد التأمل في عبادتهم ومعاملاتهم وعاداتهم فوجدوا أنها لا تخرج عن الأوصاف التالية:
1- شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. وفي ذلك صدق اليقين على الله والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته بالصورة والسيرة والسريرة.
2-الصلاة ذات الخشوع والخضوع.
3- تعلم العلم الشرعي حتى يُعرف الله حق المعرفة، وذكر الله حتى تُطرد الغفلة من القلوب.
4- إكرام المسلمين جميعا وبذل ما يحتاجون إليه بسخاء وطيب نفس، مع التعفف والزهد عما في أيديهم، ويدخل في إكرام المسلمين المحافظة على أعراضهم وأموالهم والكف عن النظر في عوراتهم وتتبع مساوئهم بقصد إحراجهم أو الشماتة فيهم.
5- أخلاص الأعمال والنوايا لله وحده لا شريك له ومراقبة النفس ومحاسبتها وتعديل مسارها في الحياة، وردها إلى الله كلما غفلت عن ذكره وشكره وحسن عبادته.
6- الخروج في سبيل الله لنشر الدعوة وقد اشترطوا لهذا الخروج أربعة أشياء: الخروج بالنفس، المال الحلال، الوقت الحلال، وبالافتقار إلى الله. ومعنى الخروج بالنفس، الخروج عن رغبة ورضا وإخلاص فلا يكفي أن يجهز بالمال من يخرج مكانه. والخروج بالمال الحلال يجعل العمل صحيحا مقبولا كما هو معلوم من نصوص القران والسنة. والمراد بالوقت الحلال الوقت الذي لا يكون المسلم مكلفا فيه بعمل ضروري يتطلب وجوده في مكان ما أو بعمل اخذ علية أجرا، وأن لا يكون خروجه لمصلحة السفر أو السياحة أو بقصد العمل أو ما شابة ذلك. ومعنى الخروج بالافتقار إلى الله أن يعتمد على الله في تحقيق المراد من الخروج فلا يغتر بعلمه ولا بقوته ولا بكثرة ماله ولا بعظمة جاهه وعلو منصبه.
وهم يقللون من أربعة أشياء : الطعام والمنام والكلام في غير ذكر الله ووقت قضاء الحاجات ولكن هذا غير منضبط تماما فما يعرف عنهم في مصر هو كثرة الأكل والنوم وعدم الاهتمام بتحصيل العلم ويعد اكبر مركز تجمع لهم في مصر الآن مركز الدعوة في منطقة "طموه " وهذه الجماعة كما قلت لا تقوم بأي نشاط سياسي على الإطلاق ولكنهم في كثير من الانتخابات أعطوا أصواتهم للإخوان المسلمين
ومن الجماعات الإسلامية الأخرى ما يسمى بالجماعة الإسلامية أو الجهادية نشأت أول مجموعة جهادية في مصر حوالي عام 1964م بالقاهرة, وكان أبرز مؤسسيها ثلاثة هم علوي مصطفى "من حي مصر الجديدة" و إسماعيل طنطاوي "من حي المنيل" ونبيل البرعى "من حي المعادى" وكانوا جميعا طلبة في الثانوية العامة وقتها, ولقد تخرج إسماعيل من كلية الهندسة بجامعة الأزهر فيما بعد, كما تخرج علوي من كلية الهندسة أيضا, بينما تأخر نبيل البرعى دراسيا ثم التحق بكلية الآداب بجامعة بيروت. أصبحت هذه المجموعة تنظيما يضم عددا من المجموعات في القاهرة والجيزة والإسكندرية, وربما قليل من المحافظات الأخرى, وكانوا جميعا من طلبة ثانوي أو الجامعة لكن التنظيم استمر سنوات كبر فيها كل صغير. وتعد النشأة الحقيقية للجماعة الإسلامية في الجامعات المصرية في أوائل السبعينات من القرن الماضي على شكل جمعيات دينية، لتقوم ببعض الأنشطة الثقافية والاجتماعية البسيطة في محيط الطلاب ونمت هذه الجماعة الدينية داخل الكليات الجامعية، واتسعت قاعدتها، فاجتمع بعض من القائمين على هذا النشاط واتخذوا اسم: "الجماعة الإسلامية" ووضعوا لها بناءً تنظيميًّا يبدأ من داخل كل كلية وانشئوا مجلس للشورى على رأسه "أمير" وينتهي ب"مجلس شورى الجامعات" وعلى رأسه "الأمير العام الجماعة الإسلامية"
وكان للجماعة العديد من المواقف السياسية برزت في موقفها من معاهدة كامب ديفيد وزيارة الشاه وبعض وزراء إسرائيل لمصر فأقامت المؤتمرات والمسيرات ووزعت المنشورات خارج أسوار الجامعة للتنديد بذلك والمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية مما أدى إلى تدخل الحكومة في سياسات الاتحادات الطلابية، فأصدرت لائحة جديدة لاتحادات الطلاب تعرف بلائحة 1979م التي قيدت الحركة الطلابية. وازداد الضغط الإعلامي والأمني على قيادات الجماعة واشتدت مطاردتهم في جامعات الصعيد بوجه خاص، حيث تم اعتقال بعض قيادتهم وفصلهم من الجامعة كما تم اغتيال البعض على أيد الشرطة.
ومن أبرز العمليات المسلحة التي قام بها تنظيم الجهاد في مصر هي:
1- محاولة انقلابية فاشلة عام 1974م عرفت باسم عملية "الكلية الفنية العسكرية", و قد حوكم أعضاء و قادة من تنظيم الجهاد فيها بقضية عرفت إعلاميا بهذا الاسم.
2- مهاجمة حارس قنصلية أجنبية بالإسكندرية عام 1977م و محاولة سلب سلاحه, و قد حوكم قادة و أعضاء التنظيم في ذلك الوقت في قضية عرفت إعلاميا باسم قضية تنظيم الجهاد.
3- . اشتباك علي المغربي عضو تنظيم الجهاد بالإسكندرية عام 1977م مع قوة من الشرطة حاولت اعتقاله و قتل في الاشتباك ضابط أمن دولة كما لقي على المغربي مصرعه.
4- اغتيال الرئيس أنور السادات و مجموعة من مرافقيه في العرض العسكري في 6 أكتوبر 1981م على يد أربعة من أعضاء تنظيم الجهاد.
5- إلقاء قنبلة على معسكر قوات أمن القاهرة بحي الساحل بشبرا في 8 أكتوبر 1981م.
6- محاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق اللواء حسن الألفي عبر تفجير أحد أعضاء التنظيم نفسه في موكب الوزير أمام الجامعة الأمريكية بالقاهرة, وقد قتل عضو التنظيم بينما أصيب اللواء حسن الألفي و عدد من حراسه بجراح بالغة "صيف 1993م".
7- محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق عاطف صدقي بتفجير موكبه بسيارة ملغومة تم تفجيرها بالتحكم عن بعد بأحد شوارع القاهرة في حي مصر الجديدة , و لم يصب رئيس الوزراء بأذى لكن أصيب بعض المارة بإصابات مختلفة "1993م".
8- اغتيال الشاهد الأول في قضية محاولة اغتيال عاطف صدقي قبيل موعد إدلائه بشهادته بعدة ساعات "1993م".
9- عدد من المحاولات الفاشلة لاغتيال الرئيس حسنى مبارك عبر المتفجرات في شوارع القاهرة, كانت إحداها بسيارة ملغومة أمام أحد المساجد, و أخرى كانت عبر تلغيم الطريق الرئيسي الذي يمر به موكبه, و في كل الحالات لم يتم التفجير لأن الرئيس غير مسار موكبه في اللحظات الأخيرة.
10 . تفجير السفارة المصرية في إسلام أباد "باكستان".
11- الاشتراك مع منظمة القاعدة في تفجير السفارتين الأمريكيتين في كينيا و تنزانيا في وقت متزامن "1998م".
وما لا يعرفه الكثيرون أن هذا التنظيم مازالت خلاياه وأفكاره والمتشعبة والمتواجدة في النسيج الوطني وهذا سببه أن المشكلة تم معالجتها معالجة سطحية وبشكل أمنى ولم تعالج بشكل فكرى أو تصحيح ثقافي للمفاهيم المغلوطة وخاصة في وقت تم تغييب الأزهر فيه وتعطيل عمل المؤسسة الثقافية .
تساءل والد أمل "طيب فين السلفيين في كل دول؟" قال أمل" دا فعلا تسال مهم جدا للغاية علشان فيه ناس كتير بتظن أن السلفيين جماعة أو فرقة ودا خطا لان السلفيين في حقيقة الأمر هم عبارة عن مجموعة من طلاب العلم الذين قالوا نفهم المنهج بفهم السلف الصالح وهم في مصر متواجدون في الجمعيات الشرعية التي تقوم بتدريس العلوم الشرعية والرعاية الطبية عن طريق بعض العيادات التي ينشئونها بأموال التبرعات أو أموال الزكاة وتجدهم منتشرين في ربوع الوطن ولكن لا يخضعون إلى سياسة تيار بعينه أو يمكن أن تجمعهم تحت قيادة موحدة أو تنظيم ولا يوجد شيء واحد يتفقون علية مع التيارات الإسلامية أو الجماعات الأخرى سوى أهمية تطبيق الشريعة الإسلامية
قال الأستاذ محمود بمناسبة الكلام عن الثقافة، هي فين الثقافة؟ أنا عمري ما عرفت هو إيه دور وزارة الثقافة " قال "أمل" في البداية لم يكن في مصر وزارة ثقافة حتى ثورة الضباط الأحرار و كانت معظم أجهزتها متفرقة بين وزارات مختلفة أبرزها وزارة المعارف العمومية.
* بدأ كيانها في التبلور دون اسمها حين تأسست وزارة الإرشاد القومي في أول عهد الثورة.
* اقترن اسم الوزارة بالإرشاد القومي في 1958، ثم استقلت نهائياً.عن أجهزة الإرشاد القومي في أكتوبر 1965.
* جاء أول ذكر لوزارة الثقافة في حكومة الوحدة الثانية في أكتوبر 1958 حين عين الدكتور ثروت عكاشة أول وزير للثقافة والإرشاد القومي حتى عام 1961.
* عين الدكتور محمد عبد القادر حاتم وزيراً للثقافة والإرشاد القومي عام 1962، ونائباً لرئيس الوزارة للثقافة والإرشاد القومي ومشرفا على الإعلام ووزارة السياحة والآثار عام 1964.
* عام 1965 أصبح الدكتور محمد عبد القادر حاتم نائبا لرئيس الوزراء ووزيراً للثقافة والإرشاد القومي والسياحي، وعين معه في هذه الوزارة الدكتور سليمان حزين وزيراً للثقافة، والدكتور عزيز أحمد ياسين وزيراً للسياحة والآثار، وأمين حامد هويدي وزيراً للإرشاد القومي. وكانت هذه من المرات النادرة التي ضمت الوزارة فيها نائباً لرئيس الوزارة وثلاثة وزراء لهذا القطاع.
* عام 1966 تولى الدكتور ثروت عكاشة الوزارة وأصبح مسمى منصبه نائب رئيس الوزراء ووزيراً للثقافة حيث بدأ الفصل بين وزارة الثقافة والإرشاد القومي.
* في يونيه 1967 عين الدكتور ثروت عكاشة وزيراً للثقافة فقط بعد أن كان نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للثقافة وتعد فترت توليه للوزارة هي ازهي فترات النهوض والرقى بالذوق العام وانتشار الثقافة الجماهيرية والاهتمام بدعم مؤتمرات الأقاليم
ولكن بعد هذه الفترة تحولت الوزارة إلى كيان من مباني وجيوب من الفساد لاسيما في أواخر عصر مبارك علشان كده يا أستاذ محمود عمرك ما هتشوف دور ثقافي إلا إذا تعاونت المؤسسات الثقافية الرسمية والمؤسسات الأهلية معا للنهوض بالثقافة "
أذن المؤذن لصلاة الفجر فقامة الجميع منهم من ذهب غالى النوم ومن ذهب إلى الصلاة داعين الله أن تمر هذه الأيام على مصر بخير وسلام
سواد في الثوب الأبيض
مازلت تختفي قوى الظلام تحت جنح النظام البربري الفاشي فلم تكتفي بقتل الثوار أو فقء أعينهم الطاهرة وإنما سعت مخالبها المسممة وتربصت خلاياها الغادرة بالفتيات اللاتي خرجن طلبا للحرية ودفاعا عن الكرامة
ففي ليلة من ليالي الميدان الساهرة تعرضنا بعض فتيات الثورة لعملية خطف على أيدي مجهولين في محيط المتحف المصري وتعرضنا لأهانه و الضرب من جهة غير معلومة تبين لهم بعدها أنهم من جهاز أمنى لم يخبرهن ما هي جريمتهن وقد قام هذا الجهاز بعمل من أبشع ما يكون إذا اخضع الفتيات بالقوة الجبرية وتحت أبشع أنواع الإرهاب لكشف طبي لا يعبر عن اى احترام لإنسانية أو الكرامة فما أسوى أن يتعرض الإنسان لأهانه الجسدية والنفسية على أيدي من يقوم في الأصل على حمايته ويتم انتهاك شرفة من جهات أقسمت على الحفاظ على الشرف والكرامة
أثار هذا الفعل الشنيع غضب كل الأحرار وقد قامت العديد من المسيرات المنددة بهذه الوقعة الشنيعة التي أريد بها تلطيخ ثوب الثورة الأبيض وإرهاب الفتيات والسيدات من المشاركة في اى تظاهرات مستقبلية وتعد هذه الواقعة ليست الأولى في تاريخ هذا النظام الذي اعتاده في عقليته الأمنية على استخدام النساء كأداة للضغط على الرجال ولما لا وقد كان دائما جهاز امن الدولة يخضع الرجال لعمليات اغتصاب وهتك عرض
زاد الألم مرارة وتمزق الجسد الهزيل من كثرة تداعى الأمراض وتكاثر الطامعين في ثرواته والقابعين على حريته والمكبلين تطلعاته نحو مستقبل تشرق فيه شموس الإبداع وتزينه بساتين العلم والانفتاح
إذاعة التلفزيون أن الرئيس سيلقى خطاب وقد تأخر الخطاب كالعادة فلم يخرج سوى في وقت متأخر من الليل
بدأ الرئيس خطابه كعادته بمقدمة طويلة ومملة وتحدث في أمور قد مضى وقتها وقد لعب الخطاب على النواحي العاطفية في الشخصية المصرية مما جعل الكثير من الناس تتعاطف معه وقد قلة الأعداد في الميدان في هذه الليلة بشكل كبير وزادة الجدل والنقاش حول الخطاب بين رافض ومؤيد و بدأت دعوات كثيرة تدعو الشباب إلى العودة وترك الميدان وفض الاعتصام وترك الثورة وأنها قد حققت مطالبها وانه لن يحدث أكثر من هذا فعليهم الاكتفاء بما حققوا
شاهدت والدة "أمل" الخطاب الذي أبكاها وقالت في كلمات حزينة "خلاص بقى هم عايزينه يعمل إيه اكتر من كده كفاية بهدله للناس اتصل يا أمل بأختك وخليها تيجى وتسيب الميدان " اتصل "أمل" بأخته الصغرى هدى وابلغها رغبة والدته إلا أنها رفضت بشدة وقالت له " إحنا مش حنخرج من الميدان إلا بعد ما يتنحى ويغور ويتحاسب على دم الشهدا إحنا كنا بنقوله في الأول ارحل بس دلوقتى هنقوله هترحل وتتحاكم على جرايمك وجرايم كلابك "
عجز أمل على إقناع أخته التي رأى أن كلامها مقنع فلم يتم تقديم قتلة الثوار إلى أي محاكمات حتى الآن ومازال القتل مستمر خرج أمل للمشاركة مع الجيران في اللجنة الشعبية ولكنه لاحظ تغيب الأستاذ هشام عضو الحزب الوطني الذي جاء متأخرا في هذه الليلة
فسأله أمل قائلا "لعلا المانع خير يا أستاذ هشام قلنا عليك "
قال الأستاذ هشام "آه تمام خير طبعا كنا بنسق لعمل مظاهرة نعبر فيها عن قبولنا لخطاب الرئيس عند مسجد مصطفى محمود علشان اللي في التحرير وبنقوله إحنا الشعب المصري والأغلبية بكرة هانوريهم مين اللى بيعبر عن مصر بجد وان مصر كلها بتحب مبارك وهتخرج مؤيدة له " قال أمل "والله ربنا يسترها بس بصراحة الخطاب تجاهل نقاط هامة وجاء متأخرا جدا عن موعدة ومأظنش إن مظاهرة مصطفى محمود هتغير شئ من الواقع " قال الأستاذ هشام " إن غدا لناظرة لقريب "لم يعلق أمل الذي بدأ يشعر بان شئ ما يدبر في الخفاء
على نفسها جنت براقش
قلت الأعداد في الميدان على غير العادة فبدأت الذئاب تخرج من جحورها وبدأ النظام يلملم بقايا حطامه في ظلمات الليل لكي يستفيد من تعاطف المصريين مع الخطاب فقام عدد من رجال الأعمال التابعين للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في 2 فبراير 2011 م بجلب الآلاف من المجرمين المأجورين "البلطجية" وبمساعدة قوات الأمن وأطلقوهم على المتظاهرين العزل في ميدان التحرير إبان اعتصامهم للمطالبة برحيل نظام حسني مبارك. قام البلطجية بالهجوم على المتظاهرين بالحجارة والعصي والسكاكين وقنابل الملوتوف. وامتطى رجال آخرون من البلطجية الجِمال والبغال والخيول وهجموا بها على المتظاهرين وهم يلوحون بالسيوف والعصي والسياط في مشهد أعاد للأذهان المعارك في العصور الوسطى, فسقط الكثيرون جرحى وبعضهم قتلى.
هذا وقد تراشق الطرفان بالحجارة في معارك كرّ وفرّ استمرت ساعات. وبحسب روايات شهود العيان رمى مؤيدو حسني مبارك قنابل حارقة وقطع من الاسمنت على المعتصمين في ميدان التحرير من أسطح البنايات المجاورة وكانت قوات الجيش قد رفضت التدخل، ولكنها أطلقت النار في الهواء في محاولة منها لتفريق المتظاهرين. وقف الميدان صامدا أمام هذه الهجمات البربرية وأعلنت فيه حالات الطوارئ وتم رسم خطوط التماس وامتلأت المستشفيات الميدانية بالجرحى
وتساقط الشهداء في مشهد حافل بأبهى صور الاستبسال والشجاعة فقد أصيب احد الأطفال بحجر شج رأسه حتى اغشي عليه فلما تلقى العلاج واستفاق من غيبوبة قام مرة أخرى للدفاع عن قبلة التحرير ومملكة الأحرار فلم تفرق رصاصات الغدر بين كبير أو صغير فقد أتى الطفل مرة أخرى محمولا على أعناق الثوار إلى المستشفى الميداني ولكن في هذه المرة لن يستطيع العودة فقد فتحت له أبواب السماء وبكت لاستقباله ملائكة الرحمن التي تلعن في تسبيحها جبروت الطغاة وإجرام النظام الذي يصر على إبادة كل روح تنادى بالحرية والسلام قد أتى الطفل شهيدا فتصدعت حزنا على فراقه جدران الميدان وتشققت ألما قلوب الصحبة والرفاق الذين هتفوا معه حلما وضحكوا معه أملا وبكوا عليه وداعا أيها الملاك الطاهر لا نامت أعين الجبناء ثار "طارق" لا خير في الحياة واندفعا نحو خطوط التماس مخترقا لهيب النيران رافعا يديه صارخا في وجه الجناة "قلنالكم مش هنمشى انتووا مبتفهموش حرام عليكم فوقوا إحنا بنعمل كده علشان خاطركم وخاطر ولادكم "
ولم يشعر طارق بنفسه وهو مندفع حتى نالت منه أيدي الغدر فسقط شهيدا ونال الشهادة التي تمناها كثيرا ،تمزقت أوصال فؤاد هدى وأصيبت بصدمة كبيرة حينما رأتهم يحملون قلبها النابض وحلمها العاشق وجلست إليه والنور يتوهج من وجهه الضاحك وهى تتذكر كلماته وضحكاته وتزرف أعينها بالدموع على آلام الفراق
ومن عجائب هذه الليلة أن استمر القتال إلى أكثر من ثماني عشر ساعة متواصلة ولم تتدخل قوات الجيش أو تحرك ساكنا وكأنها تعطى للنظام الفرصة كأمله في إبادة المتظاهرين رغم أن شاشات التلفزيون ظلت تنقل الحدث بث مباشر طول الوقت إلا أن أحدا لم يتحرك لإنقاذ الأرواح ووقف سفك الدماء وقد أدت هذه الحادثة المدبرة إلى استشهاد أكثر من مأتيين شهيد وأصيب أكثر من ألفين جريح بإصابات بالغة الخطورة
وقد كانت هذه أليلة فارقة مهمة في نجاح الثورة أمام بشاعة إجرام النظام الذي حاول القضاء على الثورة بكل ما أوتى من قوة وعزم تهاوت وتحطمت أمام صلابة الحق الذي خرجت من أجله الملايين وقدمت من اجله الأرواح
خسر النظام خسارة فادحه بعد هذه الوقعة التي سميت إعلاميا ب "موقعة الجمل "وتراجعت شعبية الرئيس مبارك وتخبطت تصريحات مسئولي الوطني وتعالت الأصوات المنادية برحيل النظام وتواترت الإدانات الدولية والتنديد بالاعتداءات السافرة التي تعرض لها الثوار العزل في الميدان
عتاب وإنكار
مازالت اللجان الشعبية حافلة بالحوارات والمناقشات حيث اجتمع الجيران ككل ليلة لحراسة الممتلكات وحماية النساء والأطفال من فزع الرعب والإرهاب الذي يبثه النظام الحاكم في النفوس
وفى هذه الليلة تجمع الجيران وبدؤوا يتجاذبون أطراف الحديث إذ قال "أمل" للأستاذ هشام " خربتوها وضيعتوا الراجل بعد ما الناس اتعاطفت معاه" تغير لون وجه الأستاذ هشام وقال في لهجة غاضبة "أنا مالى يا عم أمل ومال حيتان الحزب دول رجالة عز وجمال إحنا كأعضاء حزب ملناش دعوة بيهم"
قال" أمل": "من الواضح إن النظام بدأ يضحى بمبارك ورجالته قبل ما يضيعوه بجشعهم المالي وتعاليهم عليه "
قال الدكتور ثروت مستفهما من أمل "النظام" هو مش النظام حسنى
قال أمل "لا يا دكتور النظام هو مراكز القوة في الدولة ودول غالبا مبيكنوش معروفين وهمه أصحاب المنافع الحقيقيين وإذا لم تستطيع الثورة الوصول ليهم هيستبدلوا الرأس برؤؤس أخرى وهينداروا على شباب الثورة والثوار بالتصفية "
سأل الأستاذ محمود وما رأيكم في موقف الجيش اللى وقف يتفرج على المجزرة
قال أمل "لمست موضوع مهم جدا يا أستاذ محمود وهو موقف الجيش ودا موقف عليه كتير من علامات الاستفهام من أولها لا يصدق عاقل أن جهاز المخابرات العامة المصري لم يكن يعلم بما سيحدث يوم الخامس والعشرين من يناير ومن سيقوم به وهنا تأويلين الأول أن المخابرات العامة لم تكن تعلم وهذا مستحيل تصديقه والثاني أنهم توفرت لهم المعلومات وأخفوها عم أجهزة امن الدولة ورجال جمال مبارك وهذا هو التأويل المرجح ولكن لماذا تفعل مخابرات دولة مثل هذا إلا إذا كانت مراكز القوة في الدولة ترفض ملف التوريث وقد ضاق صدرها بمبارك وحاشيته وبدؤوا يفكرون في الخلاص منه وفى هذه الحالة كان لابد من اختيارين الأول القيام بانقلاب عسكري ودا له أخطار كثيرة مما قد يجعل الشعب يتعاطف مع الرئيس أو يكون ذريعة للتدخل الأجنبي الخارجي بحجة الحفاظ على الشرعية والديمقراطية ومن هذا المنطق يتبين لنا أن الاختيار الثاني هو الأفضل فقد تكون أجهزة المخابرات المصرية لعبت دورا كبيرا في دعم وتغطية الحركات الشبابية وإخفاء المعلومات الهامة عن رجالة مبارك ونجله وقد تكون قامة بهذا العمل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
حتى تقوم الجماهير الغاضبة فتهتف هتاف واحد " يسقط النظام " فلا يجد الرئيس حماية إلا من الجيش الذي يقف على الحياد ويعطيه الفرص حتى إذا التف الحبل حول عنقه وأراد الخلاص كان الخانق هو المخلص وحتى يكون الخانق هو المخلص فلابد أن يجعل الشعب يستغيث به أيضا فيترك رجالة وبلطجية الحزب يقتلوا ويحرقوا حتى يزداد غضب الناس ويصرخ العالم اجمع على الجيش أن يتدخل لحماية الثوار حتى إذا قام الجيش وأعلن تنحيت مبارك يكون بمباركة شعبية وعربية وعالمية وهنا بقى امرأ واحدا وهو هل سيسمح النظام الذي اغتال قيادته بدماء باردة لتجديد دمائه أن يترك قوة تشكله في الميدان قد تتحول في المستقبل إلى سهام تحاربه لا أرى أن هذا الخطأ سيفوت من تحت تلسكوب جهاز مخبراتي محترف مثل الجهاز المصري الذي بدأ بالفعل يبث رجاله وعملاءه داخل الميدان ليحول الثوار إلى مجموعات متصارعة ومتضاربة وائتلافات عدة مختلفة فيما بينها بسياسة فرق تسد "
وفى هذا اليوم أعلن التلفزيون الرسمي أن أعضاء هيئة المكتب السياسي للحزب الحاكم استقالوا و حل محلهم أعضاء جدد.
جمعة الرحيل
احتشد أكثر من مليون متظاهر في ميدان التحرير في جمعة الرحيل. يعبرون عن غضبهم من عناد النظام ورفضهم حلول الوسط والمطالبة بمحاسبة كل المسئولين عن قتل الثوار والمتورطين في موقعة الجمل يوم الأربعاء الأسود
وفى حديث خاص لرئيس الوزراء لقناةفضائية قال أنه يستبعد تفويض سلطاته لنائبه ، وقال إن "بقاء الرئيس رئيساً مصدر أمان للبلد وأن وجوده ضروري لفترة مؤقتة", وأعلن أن "التغيير الشامل للحكومة أمر غير منطقي" ,ووعد رئيس الوزراء بالتحقيق في الاعتداء على الثوار
أعلن الثوار في الميدان أن الأسبوع القادم سيكون أسبوع الصمود والفرصة الأخيرة أمام الرئيس للرحيل وترك السلطة ،وقد امتلأ الميدان بأهالي الشهداء والجرحى وقد أبدع الثوار في الكثير من الفنون منها فن الرسم فقد انتشرت اللوحات الفنية والصور الفوتوغرافية النادرة لمشاهد الثورة وأقاموا نصب تذكاري للشهداء في قلب الميدان وأيضا متحف وضعوا فيه الأدلة الدامغة على إدانة النظام بالقتل المتعمد وكرنيهات ضباط وعملاء امن الدولة الذين كانوا يهاجمون الميدان ويعتدون على الثوار وتحول الميدان إلى مزار سياحي وكرنفال فني رائع يتشوق لرؤيته كل عشاق الحرية والسلمية في العالم .
ورغم مرور أكثر من عشرة أيام على الغياب الأمني وعدم تواجد حراس المنشات والكنائس إلا انه لم تحدث اى حادثة اعتداء أو تعدى على كنيسة أو مسيحي في مصر ولو تجولت في اللجان الشعبية ستجد المسلم يحرس الكنيسة والمسيحي يحرس المسجد ومازال في الأذهان الحادث المروع عند كنيسة القديسين في الإسكندرية الذي نفذه واشرف علية كما بدأ للعيان وزير الداخلية حبيب العدلي ورجالة امن الدولة الذين كانوا هم خلف كل حوادث الفتن والصراعات الطائفية التي كانوا يشعلوها من اجل إيهام المسيحيين في مصر أنهم في خطر دائم وعليهم السمع والطاعة للنظام الذي كان يعرقل بناء الكنائس بحجة رفض المسلمين لكي يتقاضى رجاله مقابل بناء كنيسة ملايين الجنيهات التي توزع على مصاصي الدماء من أزلام النظام الفاشي
التغيير
ومازال في الحديث بقية فلا يزال الثوار في الميدان والرئيس في القصر الجمهوري والشعب في للجان الشعبية ،حيث يجلس أمل وجيرانه كل ليلة أمام العقار للحراسة وأصبح هذا العمل محببا إليهم لما يدور بينهم من نقاشات وحوارات ممتعة غابت عنهم منذ أمد بعيد حاول النظام البوليسي إشغالهم عنها بالجري والتصارع على لقمة العيش الملوثة بمزيف الكرامة والمسلوبة المواصفات الصحية والآدمية الواجبة
تجمع الجيران حول القصعة التي ملأتها النيران لتشعرهم بالدفء والآمان الذي جلسوا للبحث عنه قال الأستاذ هشام لأمل مستوضحا "تفتكر يا أستاذ أمل التغيير اللي بينادوا بيه الشباب ممكن فعلا يخلصنا من كل السلبيات اللي في المجتمع "
قال أمل" شوف يا أستاذ هشام التغيير كلمة يقصد بيها إزالة شيء بأكمله ومجيء شيء أخر غيره ودا غير التبديل بمعنى انك ممكن في التبديل تشيل رئيس وتحط بدله بس في نفس النظام أما في التغيير فحضرتك بتغير كل النظام بمعنى انه ممكن يتغير للأحسن أو للأسوأ فلو البلد بتحكم اليوم بمجموعة من رجال الأعمال قد تحكم بعد الثورة بمجموعة من العسكر أو مجموعة من الإسلاميين وفى الثلاث حالات أنت أمام النموذج الأسوأ في التغيير لذا فان خلاف الكثيرين التاريخي مع جماعة الإخوان المسلمين أنها تريد التغيير من أعلى القاعدة ودا غير صحيح تاريخيا لان التغيير من أعلى القاعدة تغيير شكلا فقط آم التغيير الحقيقي هو الذي يبدأ من أسفل القاعدة إلى أعلى القاعدة وللأسف الشديد ما قامة به الثورة حتى الآن وما تنادى به هو التغيير من أعلى أولا ثم من أسفل ثانيا والخطر في ذلك هو أن من في أسفل القاعدة النظامية اى الخلايا التي تشكل قوة النظام الحقيقية سيكون في إمكانها الانقضاض على الثورة والثوار بل قد يدعوا أنهم هم الثورة ولو رجعنا بالذاكرة للوراء قليلا تعالى نشوف ازاى رجل من موريتانيا لا يجيد السياسة أو الفقه الديني استطاع أن يحدث تغيير ابهر الدنيا وقتها
وكان سبب في قيام دولة ضمت أكثر من خمسة عشر دولة تحت قيادتها وسميت بدولة المرابطين بدأت هذه الدولة ما بين أعوام 1056-1060 ميلادية حتى العام 1147 ميلادي.
ويرجع تأسيسها لرجل يسمى" يحيى بن إبراهيم الجدّالي "الذي عزّ عليه أن يرى نفسه وقومه ب" صنهاجة" في حالة من الجهل والتأخر فترك بلاده وأخذ يطوف بالمراكز الثقافية بالمغرب الأمازيغي، لعله يجد فيها من يتولى هداية قومه وإصلاحهم، وفي مدينة القيروان اتصل يحيى بن إبراهيم بأحد أقطاب المالكية وهو الفقيه أبو عمران الفاسي، وعرفه وضع الناس في بلاده وكون إسلامهم يقتصر على الشهادتين مع رغبتهم في التفقه، ولكن انعزالهم يحول دون تحقيق هذه الرغبة، وسأله أن يوفد معه أحد تلامذته للقيام بهذه المهمة، فحمّله أبو عمران رسالة إلى "واجاح بن زللو اللمطي" أحد تلامذته القدماء وكان قد أصبح فقيهاً مرموقاً في بلاد نفيس بالمغرب الأقصى، وعلى مقربة من الصحراء عثر يحيى بن إبراهيم عند هذا الأخير على ضالته المنشودة متمثلة بشخص "عبد الله بن ياسين" الذي قبل التصدّي لهذه المهمة وعمره لا يزيد على خمسة وعشرين عاما ودا بيورينا بردوا الفرق بين العقلية التي فهمت الإسلام فهما صحيحا وبين من يتخذ من الدين وسيلة لاغتصاب السلطة ونيل المناصب فرغم أن سن" عبد الله ابن ياسين " مازال في العشرينيات من عمره إلا انه يتوفر لديه من العلم والحكنة ما يجعله ثروة كان يسعى إليها ويبحث عنها يحي ابن إبراهيم الجدّالي وقد نجحا الاثنين في إحداث التغيير الحقيقي الذي لا يزال يضئ صفحات التاريخ الإسلامي في المغرب العربي وقد كان لدولة المرابطين اثر في تأخير انهيار الدولة الإسلامية في الأندلس إلى حوالي أربعة قرون هذا هو التغيير إذا تم من أسفل القاعدة فانه يغير معالم الدنيا وعندنا الآن في مصر لن يحدث تغيير حقيقي إلا إذا أخذنا بقواعد التغيير الحقيقية وهى أن نبدأ بالفرد ثم الأسرة ثم المجتمع وقتها سنجد مجتمع يفرز لنا قيادات صالحة ومصلحه أما الآن فهنشيل حرامي هييجى مية وهنشيل دكتاتور هيحل مكانة دكتاتورية "
سال الأستاذ خالد أمل قائلا "دا معناه انه مفيش حاجة هتتغير " قال أمل "الحقيقة نعم وحضرتك مدرس وعارف التغيير الحقيقي يأتي من التعليم ولا تعليم بغير ثقافة ولا ثقافة بغير تعليم فإذا كنا عايزين نغير بجد لازم كل المثقفين يحطوا ايدهم في ايد المعلمين ولابد من تعاون بين كل المؤسسات العلمية والثقافية في البلد ولابد أن نعطى البحث العلمي الأولوية ونجعل المناهج تحث على التفكير والإبداع وليس الحفظ بلا فهم آو اقتناع ولازم ترجع المؤسسات تعمل على تنمية المواهب ودعم الثقافة ولابد من إعلام يعطى البرامج الثقافية والأمسيات الشعرية مساحات كبرى وأوقات متميزة كالذي يعطيها لماتشات الكورة التي تنشئ التعصب وتوتر الأعصاب وتواجد قنوات تنشر الثقافة والتذوق الأدبي بدلا من القنوات التي كل لحظة بتبث جراثيم من الانحطاط الأخلاقي والضوضاء تحت مسمى الشعبية والشعب كله يرفض هذا المستوى الهزيل من الغناء والكلمات الهابطة إننا لن نستطيع أحداث تغيير بغير ثورة فكرية وثقافية يقودها شباب الشعراء والمثقفين للنهوض بالوطن هذه في رأيي هي الثورة الحقيقية التي تحدث تغيير وخليني أقولك لو شلنا حسنى مبارك وجبنا غيره رئيس هيعمل إيه مع راجل بيجوز بنته فأقام سرادق كبير قفل بيه شارع عمومي حيوي وجاب "دي جي" يخبط بأعلى صوت واتجمعت طرابيزات البيرة والبانجو بحجة انه فرح وخلى الولاد يتبسطوا يا عزيزي إنها الثقافة إذا جاءت بلغنا الصواب وإذا غابت حل الخراب "
قال الدكتور ثروت "والله عندك حق يا أستاذ أمل بس نفسي اعرف هو اللى مسئولين عن الدولة مش عرفين مين اللى بيدخل المخدرات والسلاح للبلد " قال أمل "طبعا عرفين للانهم همه اللى بيدخلوها واللى هييجى بعديهم هيدخلها ولكن من يملك القرار نحن وليس هم بمعنى لو توفر الوعي والثقافة إيه هيخلى كل بيت في الصعيد عنده خمس أو عشر حتت من السلاح الالى لو توفرت عندنا الثقافة أيه هيخلى أبو العروسة يشترط على شاب في بداية حياته شبكه تتعدى الآلاف وإقامة فرح مبالغ فيه وهو طالع روحة ومش لاقى شقة "
قال الأستاذ هشام بس مشروع مساكن الشباب حل المشكلة شوية قال أمل ضاحكا "دا زاد الطين بلة يا أستاذ هشام لو الدولة عايزة تساعد الشباب بجد تجمع كل عشرة شباب وتوزع عليهم تكلفة بناء عمارة مكونة من عشرة شقق على أن تتكفل الدولة بعمل المرافق والإنشاء في زمن محدد وان يتولى منظمات المجتمع المدني الرقابة والإشراف على تنفيذ التعاقد مش تقولي ادفع عشرة ألاف وعند التسليم خمسة عشر وقسط شهري ما بين أربعمائة إلى ستمائة جنيه وأنت عارف أن متوسط المرتبات بين مئتين وخمسون وخمسمائة وتوكلنا لشركة تمص دمي وتعملي شقة ستين متر أو تسعين متر وكأنك بتقطع من ملك أبوك مش من ارض مملوكة للشعب المصري لذا نرجع ونقول الثقافة يا بشر هي المنقذ لأنها بتصنع وعي مجتمعي ودا اللى خلا نظام مبارك يهملها ويهمشها ويستبعدها نهائيا من الواقع المصري "
وقد شهد هذا اليوم أول لقاء جمع مجموعات قالوا أنهم من شباب الثورة وبعض الأحزاب الكرتونية وممثل لجماعة الإخوان التي رفضت الحوار ثم رجعت كعادتها في المراوغة السياسية وأرسلت الدكتور محمد مرسى ممثل لها وقد أعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة المصرية مجدي راضي الأحد أن جلسة الحوار التي عقدت بين نائب الرئيس سليمان ومجموعة من ممثلي المعارضة والشخصيات الهامة انتهت إلى التوافق على تشكيل لجنة لإعداد تعديلات دستورية في غضون شهور، والعمل على إنهاء حالة الطوارئ وتشكيل لجنة وطنية للمتابعة والتنفيذ وتحرير وسائل الإعلام والاتصالات وملاحقة المتهمين في قضايا الفساد، والتقى نائب الرئيس المصري سليمان بمجموعات من قوى المعارضة بينها ممثلون عن جماعة الإخوان المسلمين وبمشاركة حزب الوفد الليبرالي وحزب التجمع اليساري وممثلون عن البرادعي أبرز المعارضين لمبارك لإيجاد حل للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد, كما رفض سليمان مطلب المعارضة بقيام مبارك بتفويض سلطاته إلى نائبه
المؤامرة
بدأت خلايا النظام تخترق الميدان وتبث الفرقة والانشقاقات بين الثوار وتحولت المنصات إلى صراعات وتلونت بأفكار التيارات والجماعات ولكن رغم هذه السموم مازال الميدان على موقفه وفى تغير طفيف نشر اليوم التلفزيون المصر صورا لشهداء الثورة وبدأ يبث برامج سياسية تتحدث عن الثورة وأخبار الميدان
لم يكن جلوس الإخوان مع عمر سليمان عن صدفه ولكن عن صفقة فهذا التيار الذي التحق بالثورة متأخرا قد كثر الكلام على انه هو التيار السياسي المنظم حتى بدأ مبارك يهاجمه ويخوف المصريين به قائلا "إما أنا أو شوفوا اللى هيجرالكم من الإخوان " الصورة أصبحت ضبابية والخفافيش تداعت على الثورة والميدان بات بين على حافة الهاوية إما إلى العسكر أو إلى الإخوان
و في هذا اليوم اجتمع الحاكم بالحكومة الجديدة في مقر رئاسة الجمهورية
ورغم ذلك لا تزال الثورة
كما بدأت بعض الثورات الفئوية ضد بعض رؤساء تحرير الصحف والجامعات وبعض أصحاب الحقوق الفئوية في الظهور وتصدر المشهد
العسكر
وسط ترقب كامل لقطاعات المجتمع المصري بتنحي الرئيس محمد حسنى مبارك عن حكم البلاد تجمع المتظاهرون في ميدان التحرير وكان عددهم أكثر من ثلاثة ملايين متظاهر تقريباً, أصدر الجيش المصري بيانه الأول., الذي قال فيه أنه في اجتماع دائم وانه اجتمع اليوم في إطار الالتزام بحماية البلاد والحفاظ على مكتسبات الوطن وتأييدا لمطالب الشعب المشروعة وقرر الاستمرار في الانعقاد بشكل متواصل لبحث ما يمكن اتخاذه من تدابير وإجراءات لحماية البلاد, ولوحظ أن الرئيس المصري حسني مبارك لم يكن حاضرا في الاجتماع بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة وترأس الاجتماع وزير الدفاع المصري المشير محمد حسين طنطاوي مما يعني للعيان أن الجيش قد يكون تولى السلطة في البلاد بالفعل, وأصدر المجلس العسكري البيان الأول الذي كان نصه "انطلاقا من مسئولية القوات المسلحة والتزاما بحماية الشعب ورعاية مصالحه وأمنه وحرصا على سلامة الوطن والمواطنين ومكتسبات شعب مصر العظيم وممتلكاته وتأكيدا وتأييدا لمطالب الشعب المشروعة..انعقد يوم الخميس الموافق العاشر من فبراير 2011 المجلس الأعلى للقوات المسلحة لبحث تطورات الموقف حتى تاريخه. وقرر المجلس الاستمرار في الانعقاد بشكل متواصل لبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات وتدابير للحفاظ على الوطن ومكتسبات وطموحات شعب مصر العظيم"
وكان من الأمور الفارقة في هذا اليوم قيام الرئيس بنقل صلاحيته إلى نائبه
مرت هذه الليلة على مصر كلها في حالة من القلق والترقب والخوف من وقوع مجزرة ما بين الشباب إذا حاولوا اقتحام القصر الجمهوري وبين الحرس الجمهوري الذي لن يسمح بهذا الاقتحام وتناثرت أنباء عن أن الرئيس غير متواجد في القصر وأنباء أخرى عن خروجه خارج البلاد ولا احد يعرف الحقيقة أو يستطيع أن يتنبآ بالنهاية
جمعة الزحف
لم يخلو تاريخ الشعب المصري من السوابق التاريخية التي تميزه عن كل شعوب الأرض فقد حول كل يوم جمعة إلى مشهد عظيم يبهر أنظار العالم الذي يشاهد ملايين المصريين يؤدون شعائرهم الدينية في حب وتسامح وقد تجمعت الملايين الرافضة لمماطلة وعناد النظام والساخطة على سوء الأوضاع وارتعاش الأيدي القابضة على الحكم في البلاد وأطلق الثور على هذا اليوم يوم الزحف إلى القصر الجمهوري لإجبار الرئيس على التنحي والرحيل وفي صباح اليوم ألقى الجيش بيانه الثاني قائلاً فيه أنه يكفل "إجراء تعديلات دستورية وانتخابات حرة نزيهة، ويضمن الإصلاحات" التي تعهد بها الرئيس حسني مبارك في خطابه الخميس، وتعهد "بإنهاء حالة الطوارئ", وقال البيان إنه يضمن "إنهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف الحالية، والفصل في الطعون الانتخابية لأعضاء مجلس الشعب وما يتبعها من إجراءات، وإجراء التعديلات الدستورية، وإجراء انتخابات حرة نزيهة وصولاً إلى مجتمع ديمقراطي حر", ودعا الجيش المصري إلى "عودة الحياة الطبيعية" في البلاد، محذراً من "المساس بأمن وسلامه الوطن والمواطنين", وقال بيان الجيش إنه "يتعهد بعدم الملاحقة الأمنية للمتظاهرين الشرفاء الذين رفضوا الفساد وطالبوا بالإصلاح.
وكان هتاف المتظاهرين في الميدان: "يا جيش مصر اختار، الشعب أو النظام"، موجهين حديثهم إلى رجال القوات المسلحة المنتشرين في الميدان. وكان يعضهم يهتف: "يسقط مبارك، يسقط مبارك، ارحل ارحل"، امتلأ الميدان عن أخره بالملايين وتأتى الأخبار من الإسكندرية بان ملايين المتظاهرين يحاصرون قصر رأس التين بالإسكندرية
توجهت الملايين نحو القصر الجمهوري لمؤازرة المحاصرين له من ليلة أمس وتوجهت جموع كبيرة حاشدة لمحاصرة مبنى الإذاعة والتلفزيون متهمينه بالتضليل والتبعية لنظام مبارك قاتل الثوار وناهب ثروات الوطن
وأصبحت الدولة على حافة بركان يتوهج لهبا ويفور غليانا فلم يبقى في المقت الكثير ولن يقبل الشعب اى بديل فقد نفذت الحيل وفشلت المؤامرات وبات الأمر في شبه المنتهى فان روح النظام بلغت الحلقوم وكل الأنظار تدعو الرحمن أن يقبض على هذا الطغيان وان يخلص العباد من جبروت فرعون الذي طغى وبغى وعاش فسادا في البلاد ،يأتي على الشاشات صور لطائرة تحلق فوق القصر الجمهوري وتتضارب الأقوال حولها ويأتي احد قيادات الجيش إلى الميدان مطمئنا الثوار بداخله سيحدث خبر يسعدكم اليوم تسارعت ضربات قلوب الأمهات وتباعدت دقائق الساعات
وكل يقف منتظر حدث لا يعرف ما هو هل تم هروب الرئيس أم هل ستقوم القوات المسلحة بانقلاب عسكري أم سيقوم الثوار بمهاجمة القصر الجمهوري ويقوم الحرس الجمهوري بالتصدي فنكون أمام مجزرة، تضرعت لله كل المساجد وعلت ترانيم الكنائس وحبست العيون هدير الدموع ورددت السماء صراخ الجموع ارحل ما ترحل لا تبقى في مكان لا اسمك لا رسمك لا شرمك كمان شبعنا مهانة رتعنا مهان ارحل مكانك في قصر اللومان
الفرحة الكبرى
بعد طول انتظار وشرود الألباب والأفكار وسجود وركوع الأبرار وصياح وصراخ الثوار انجلى الليل واقبل النهار وانحنى النظام لرغبة الميدان وفى كلمات مختصرة وبعيدا عن الخطابات الرنانة والخطب المطولة التي اعتادت الجماهير سماعها من رئيس الدولة خرج اليوم نائبه عمر سليمان وهو متجهم الوجه يبدو علية علامات الحزن ومرارة الآلام ويخرج الكلمات من تحت أدراسة وكأنها تجذب روحه معها لمفارقة جسده الذي اعتاد على تلقى الأوامر من مولاه الذي فارق الحياة فبدأ يلملم قواه وحارسة يقف خلفه وقال هذا بيان ما نصه "تخلى السيد الرئيس محمد حسنى مبارك عن منصب رئيس الجمهورية وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد والله الموفق"
سمعت الملايين في الميدان وحول القصر الرئاسي وأمام شاشات التلفزيون البيان وانفجرت الشوارع والميادين بالزغاريد والأفراح وأضيئت السماء بالألعاب النارية وتعانق المصريين فلا تسألني من أكون ولا لمن انتمى إن اليوم هو يوم العزة والكرامة ارفع راسك فوق أنت مصري إنها اللحظة التي تمنى فيها كل العالم أن يكونوا مصريين إنها مصر تحدث المعجزة وتغير معالم الزمان انه الشعب المصري الشعب الصبور الذي قالوا عنه انه لم يثر قد يطول صبره ولكن من يستطيع أن يتحمل غضبة لقد صنعها المصريين وتوقفت ساعات التاريخ وتلونت كل أزهار الدنيا بلون النيل ولمعت الفرحة فئ الأعين تفوق ضوء القناديل
بكى عمرو اخو أمل الأصغر وقال" الله اكبر دلوقتى مراحتش عيني هدر والله وعملوها الرجالة وشبابك يا مصر رجاله بجد "
احتضنت عبير بناتها في حضنها وهى بتقولهم "بباكم فرحان دلوقتى في السماء وان شاء الله دمه مش هيروح هدر " وتعانق أمل ووالدة وقام أمل نحو والدته التي كانت ما تزال في غرفتها تصلى وتدعو الله يشيل الغمة عن مصر فقبل يديها واخبرها بان الله نصر الشباب وان شمس الظلم قد رحلت فسجدة الأم شكرا لله
وخرج أمل إلى جيرانه الذين جمعته بهم اللجان الشعبية فهنائهم وهنئوه وقال لوالدة انه ذاهب إلى أخته هدى في الميدان للاطمئنان عليها وتهنئتها دخل أمل إلى الميدان بصعوبة بالغة من كثرة الجماهير المحتشدة في بستان ممتلئ بالأعلام وتحوطه السيارات والدبابات التي اعتلاها الشباب والفتيات وظل أمل يموج في أمواج متتالية من البشر الذين هاموا عشقنا في الوطن
حتى وجد أخته الصغرى هدى تعانق صديقتها كرستين فصافحها مهنئا واحتضنها فنظرت إليه وعينيها تزيفان بالدموع" كان نفسى طارق يكون معايا في اللحظة دي"
قال لها أمل مواسيا "هو دلوقتى في مكان أفضل وهو أكيد فرحان دلوقتى زينا تمام بس تعالى نروح دلوقتى علشان ماما نفسها تطمن عليكى" قالت هدى "لا أنا هافضل في الميدان لغاية مأخد حق طارق ويتحاكم كل القتلة"
أقنعها أمل بالذهاب معه إلى البيت ثم العودة وقت ما تحب للميدان وقال لها "الليلة فرحة وخلينا نفرح مع بعض وبكرة ربنا يعمل كل خير إن شاء الله"
عادا أمل وأخته هدى إلى البيت وسط انبهار وسعادة عارمة من مشاهد الفرحة التي رأوها في طريقهما
استقبل كل أفراد الأسرة هدى مهنئيها ومواسيين لها وجلس الجميع أمام شاشة التلفزيون يتابعون مشاهد الفرحة من كل محافظات مصر ،نظر الوالد إلى ابنه أمل فوجده شارد اللب فسأله عن سبب شروده ،قال أمل
"أخشى ما وراء التنحي فالخيارات معروفه ومحسومة فإما حكم للعسكر أو دولة للإخوان وما بين شقي الرحى سيكون الشعب والثوار "
تمت والحمد لله
تمت بحمد لله
بقلم سيد البالوي
01145387201-01225335628


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.