تنتشر ظاهرة التسول في شوارع المدن اليمينة بشكل مقلق، خاصة في العاصمة صنعاء التي اتسع فيها رصيف البطالة، وانعدمت مصادر الدخل جراء الحرب، مما فاقم من توسعها، وباتت تلك الشوارع تستقبل متسولين جدداً معظمهم من الأطفال. في أحد شوارع حدة بأمانة العاصمة قابلت "الصحوة نت " طفلة صغيرة، تسأل المارة طعاماً لأسرتها كانت تقول "لا نريد المال، فقط لا نجد في البيت ما نأكله، اشترِ لي أي طعام". وغير هذه الطفلة أطفال آخرون يفترشون الشوارع ويطوفون على المحلات والمطاعم يطلبون طعاماً، ويقولون إنهم ليس لديهم المال الكافي لشرائه يتجمع معظمهم أمام المساجد والمطاعم، وتبدو على وجوههم وأجسادهم النحيلة آثار التعب والإرهاق جراء قلة الغذاء. ويجلس بعضهم قرب أمهاتهم اللواتي يبعن المحارم الورقية أو يمسحن زجاج السيارات. كانت الطفلة سعاد وأخوها عبد الرحمن يقفان أمام بوابة مطعم إيجل يلاحقان أي زبون يحمل في يده الطعام فقط سألتهما "الصحوة نت" عن عدم طلبها المال لشراء الطعام فأجابت سعاد"10سنوات "إن أسرتها الكبيرة بحاجه إلى الأكل أكثر من المال. بعد نزوحهم من مديريه نهم وقصف منزلهم وفقدانهم لممتلكاتهم تضيف: أسرتي مكونة من 17 فردا، لا يجدون المال لشراء طعامنا فخرجت أنا وأخي كي نوفر الأكل لهم سألناها: هل تخجلين من التسول؟ طأطات رأسها وقالت: كنا في قريتنا لا نحتاح لشيء الله لا سامح الحوثيين... وأخذت بيد أخيها لتلحق بشخص خرج لتوه وبيده بقايا طعام.
* شوارع الجياع تحولت شوارع المدينة الخاضعة لسيطرة الحوثيين إلى ما يشبه منازل ثانية لهؤلاء الأطفال يأكلون ويشربون فيها خلال فترة تسولهم المال والطعام
رغد البالغة من العمر ثمانية أعوام تحمل بيدها عبوة بلاستيكية وضعت فيها سائلا لتنظيف زجاج السيارات، وفي الطرف الآخر لشارع القيادة يهرع إخوانها نحو السيارات الواقفة لصب قليل من الماء على زجاجها وتنظيفها مقابل "عشرة ريال" كانت لهجتها وسننحتها تدل على أنها آتية من منطقة حرض المنكوبة بالحروب والجوع منذ عهد المخلوع امتداد إلى انقلاب الحوثي وسنواته العجاف. جولة على مفترق طرق وسط صنعاء "للصحوة نت "، وجدنا الطفل محمد والذي كان يحاول إقناع السائقين بشراء علبة مناديل ليكسب بعض الريالات التي يعول بها أسرته المشردة تحت ركام الخيام بعد أن طردهم مالك المنزل الذي كان يؤويهم لعشر سنوات. يتابع حزينا بقوله: كنت من عائلة مقتدرة نسبيا حيث كان أبي موظفا بالدولة وصار معدما بعد حرمان مليشيا الحوثي والمخلوع لموظفي الدولة من مرتباتهم لأكثر من ثمانية أشهر: أقوم من الصباح الباكر كل يوم ولكن ليس إلى المدرسة فلم نعد نستطيع دفع تكاليفها، ولكن للعمل ولأكسب بعض المال لأعطيه والدي نهاية اليوم؛ لأنه مريض بالسرطان ولا يستطيع العمل معي. محمد واحد من بين آلاف الأطفال في صنعاء خرجوا من مدارسهم ليواجهوا مخاطر الطرقات كل يوم. وعند سؤال معظم الأطفال المتسولين والعاملين عن سبب خروجهم للعمل أو ممارسة التسول بين طرقات العاصمة؛ يجيبون: إن الوضع المعيشي الخانق في ظل سيطرة مليشيا الانقلاب على العاصمة وانعدام وسائل كسب الرزق هو السبب الرئيسي لوجودهم في تلك الأماكن. " فلم يعد الرصيف ينحصر على فئات وأعداد معينه من الأطفال الذين أما قتل آباؤهم أو فقد معيلوهم وظائفهم مما دفع باعداد كبيرة منهم نحو النزول الى الشارع للتسول، فهناك ارتفاع كبير في أعداد الاطفال الذين يمتهنون التسول. باتت بالمئات في صنعاء. وغيرها من المدن والمناطق المنكوبة بحروب الحوثيين العبثية.
* الطفولة في خطر يعمل غالبية الأطفال بصنعاء في بيع بعض الخردوات ومسح السيارات في الجولات ومواقف السيارات بينما تمارس شريحة كبيرة منهم التسول وتنتشر عمالة الأطفال في صنعاء بشكل غير مسبوق فقد تضاعف عددهم في الآونة الأخيرة تزامنا مع استمرار انقطاع الرواتب وارتفاع الأسعار مما أضاف ثقلا على كاهل المواطن اضطره لإخراج فلذات كبده للعمل ومواجهة الأخطار المختلفة في الشوارع لكسب الرزق والبقاء على قيد الحياة. يعمل "صلاح " 10أعوام حتى ساعة متأخرة من الليل تارة في بيع قوارير الماء وتارة في التسول بين المطاعم والطرقات المزدحمة بالسيارات، فيما ينام آخر يومه على الطرقات في شوارع صنعاء. يتعرض الأطفال لأخطار كثيرة منها الاختطاف إما من قبل المليشيات لترسلهم بدورها لجبهات القتال، أو التعرض للتحرش الجنسي والاستغلال المادي والعنف الجسدي . تقول الأخصائية النفسية كريمة علي إن الأطفال المنتشرين بين الجولات خصوصا معرضون للخطر إذ يقفون بتقاطعات خطرة ومزدحمة، إضافة لوقوفهم لساعات طويلة تحت حرارة الشمس، وتفوت على الأطفال فرصة التعليم فأكثر الأطفال الذين يكسبون المال عبر العمل في الشارع محرومون من العلم ولا يذهبون إلى المدارس ويتعرضون لمخاطر أخرى للتحرش والاستغلال الجنسي والجسدي ,وكثير من الأطفال تم استغلالهم في أعمال قتاليه من قبل جماعه الحوثي.
*طفولة بدولار الطفل يونس هو المعيل الوحيد لأسرته.. يكسب في اليوم حوالي 300 ريال، أي ما يعادل دولارا واحدا.. أي ثمن بخس تباع به الطفولة في هذا المحيط القائض؟ ويؤكد يونس أن بعض زملائه في الشارع ذهب مع مليشيات الحوثي. منهم من تم إغراءه بالمال والسلاح ومنهم من اختطف والآخرون وعدتهم المليشيات برواتب لأسرهم. وتابع كل ذلك استغلال للاطفال المتسولين والعاملين في الشوارع ويرجع يونس يتلفت يمنة ويسرة بانتظار زبون يشترى بضاعته، حتى لو كلفه انتظار ساعات على رصيف وطن ضيعته مليشيات الحوثي وصادرت طفولته.