حضرموت.. مسلحو الهضبة يهاجمون قوات النخبة والمنطقة الثانية تصدر بيان    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على 5 محافظات ومرتفعات 4 محافظات أخرى    شبوة:فعالية تأبينية مهيبة للإعلامي والإذاعي وكروان التعليق الرياضي فائز محروق    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    ريال مدريد يختصر اسم "البرنابيو" ويحوله إلى ملعب متعدد الأغراض    الذهب يهبط من أعلى مستوياته في 3 أسابيع    استئناف الدوري اليمني.. قرارات حاسمة من اتحاد الكرة ترسم ملامح المرحلة المقبلة    مناقشة آليات توفير مادة الغاز المنزلي لمحافظة البيضاء    وزير الصحة: اليمن يواجه أزمات مركبة ومتداخلة والكوارث المناخية تهدد الصحة العامة فيه    واشنطن تفرض عقوبات على 32 فردا وكيانا على علاقة بتهديد الملاحة الدولية    واشنطن تكشف عن التنازلات التي قدمها الشرع في البيت الأبيض    لجنة من وزارة الدفاع تزور جرحى الجيش المعتصمين بمأرب وتعد بمعالجات عاجلة    العراق ضد الإمارات بالملحق الآسيوي.. هل يتكرر سيناريو حدث قبل 40 عاما؟    اول موقف من صنعاء على اعتقال الامارات للحسني في نيودلهي    انهيار مشروع نيوم.. حلم محمد بن سلمان اصطدم بصلابة الواقع    خديعة العروبة والوحدة.. حين تكرر التاريخ على أرض الجنوب    لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    قضية الجنوب: هل آن الأوان للعودة إلى الشارع!    ثم الصواريخ النووية ضد إيران    حل الدولتين في فلسطين والجنوب الغربي    إعلان نتائج الانتخابات العراقية والسوداني يؤكد تصدر ائتلافه    جروندبرغ يقدم احاطة جديدة لمجلس الأمن حول اليمن 5 عصرا    الكشف عن 132 جريمة مجهولة في صنعاء    تدشين منافسات بطولة الشركات لألعاب كرة الطاولة والبلياردو والبولينغ والبادل    ندوة تؤكد على دور علماء اليمن في تحصين المجتمع من التجريف الطائفي الحوثي    الإعلان عن القائمة النهائية لمنتخب الناشئين استعدادا للتصفيات الآسيوية    الأمم المتحدة: اليمن من بين ست دول مهددة بتفاقم انعدام الأمن الغذائي    شبوة تودّع صوتها الرياضي.. فعالية تأبينية للفقيد فائز عوض المحروق    مناقشة جوانب ترميم وتأهيل قلعة القاهرة وحصن نعمان بحجة    بكين تتهم واشنطن: "اختراق على مستوى دولة" وسرقة 13 مليار دولار من البيتكوين    قراءة تحليلية لنص "اسحقوا مخاوفكم" ل"أحمد سيف حاشد"    افتتاح مركز الصادرات الزراعية بمديرية تريم بتمويل من الاتحاد الأوروبي    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    مفتاح: مسيرة التغيير التي يتطلع اليها شعبنا ماضية للامام    من المرشح لخلافة محمد صلاح في ليفربول؟    المنتصر يدعوا لإعادة ترتيب بيت الإعلام الرياضي بعدن قبل موعد الانتخابات المرتقبة    دربحة وفواز إلى النهائي الكبير بعد منافسات حماسية في كأس دوري الملوك – الشرق الأوسط    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    عالميا..ارتفاع أسعار الذهب مدعوما بتراجع الدولار    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشدادي.. صناعة الشهادة
نشر في الصحوة نت يوم 09 - 10 - 2017

قبل عدة أيام مرّت علينا الذكرى الأولى لاستشهاد القائد الفذ عبدربه الشدادي..
ومثل الشدادي لا يحتاج إلى استجرار بيانات النعي، ولا إلى إعادة فتح سرادق العزاء.. إنه أكبر من ذلك.. بل إنه استشهاده في مضمار الوطن كان نتيجة طبيعية للمقدمات التي صنعها منذ يفاعة شبابه والتي شهدت عليها مواقف عديدة أبانت عن معدن أصيل وكشفت عن جوهر فرد من الرجال، وكان من تكريم الله له في الدنيا هذه الميتة السوية العظيمة التي تليق بالعظماء أمثاله.
الشهادة ليست جنازة في الأرض ولكنها عرس في السماء.. ولأنها كذلك فإن بركتها تصل إلى الأرض.. الأرض التي أنجبت الشهيد، وراشت جناحيه وصنعت قوادمه وخوافيه ليحلّق مع الملأ الأعلى في جنة عرضها السماوات والأرض..
في شهادة الشدادي يتجلى هذا الأمر بوضوح.. من خلال تعزيز قناعات الناس بعدالة القضية التي سار في ركبها هذا الطابور الطويل من العظماء.. كان منهم القشيبي والشدادي.. ولا يزال في الأمر متّسع لعظماء آخرين ضربت لهم أقدارهم مواعيد جميلة مع شهادة أجمل.
ومثلما كانت كلوم الفقد غائرة في هؤلاء النجباء لدى عموم الشعب المصابر كان اليقين يتعزّز، والمعنويات ترتفع والإيمان يرسخ بفجر قادم يزداد عمقا واتّساعا.. حتى كأن كل جنازة شهيد هي مرقاة في معراج الوثوب صُعدا، ودرجة ترتفع بالحق وتقيه من مشاعر الإنتكاس والارتكاس، لأنَّ تاريخ الإنسانية الطويل يدلل أنَّ المآرب العظيمة تشترى بتضحيات الرجال، وأن كل قطرة دم هي تسديد لجزء من هذا الثمن.. وفي نعش الشهيد فقط تشعر أنَّ المحمول على الأكتاف ليست تلك الجثة البالية التي خلعها الشهيد انطلاقا إلى رحاب الله، ولكنه وطن مرفوع على أكتاف أبنائه.. يصنع من الموت ميلادا ومن الأشلاء والدماء مبسماً لفجر جديد.
إنَّ حضور هذا الطابور النقيّ من الشهداء في وجدان وذاكرة الشعب اليمني – والشدادي واحد منهم- ليقف بنا على صدق التنزيل حين يؤكد(بلْ أحياءٌ).. نعم أحياء.. ليس في السماء فقط.. وإنما أحياء في كل مواطن العزة والكرامة.. يستلهم الخلف من سيرهم معاني الحرية ومفهوم صناعة الشهادة، وهم أحياء في نفوس محبيهم ممن آمن بهم وبرسالتهم.. نعم أحياء باقون.. فكم من القادة في صفوف الباطل سقطوا، فأقاموا لهم المآتم وأغدقوا عليهم ألفاظ العظمة، ونياشين التكريم.. ثم نسوهم.. نسوهم.. نسوهم.. حتى صاروا أوراقا يابسة تلعب بها رياح الغفلة في الأدغال الموحشة والصحارى المقفرة.. أما شهداء الحق فإنهم حاضرون أبدا.. ولحضورهم دفء الشمس وألق الحرية.

ولقد كان للشدادي حضوره المتفرّد..

آمن به كل من عرفه.. ولأن من سنن الحياة وجود المُختَلَف.. والمتَّفَق.. فقد كان الشدادي متّفقا عليه لدى كل أفراد جيش الشرعية.. حين وجدوا فيه قائدا شجاعا.. نقيا من لوثة الألقاب ومسمّيات الرتب والنياشين.. كان حاضرا بينهم.. يأكل مما يأكلون.. ويلبس مما يلبسون.. ويتسابق معهم على الصفوف الأولى إذا حمي الوطيس.. اتّخذ من مواقع المواجهات صديقا حميما.. فلا يغيب عن موقع إلا اكتنفه موقع آخر.. وحين أصيب في إحدى المعارك وأسعف على الفور لم يكن ألمه لجراح توزعت جسده، ولا لدماء طاهرة تنزف منه، وإنما لفراقه تلك الآكام والشعاب التي بادلته حبا بحب ووفاء بوفاء.. ولم يكد يبرأ من إصابته حتى عاد إليها مستشفيا طالبا سكون النفس ونعيم الروح... وقد كان من حميمية هذه الآكام والشعاب أنْها كانت بين الفينة والأخرى تفرحه بزيارة قريب من الأهل والولد.. يقرأ في عيونهم عتب الانصراف عنهم.. ويقرؤون في عينيه جسارة التضحية وقوة العزيمة..
لم يخفه ذلك التهاوي المذهل الذي تداعت له مختلف المعسكرات، ووصل غباره إلى كل مناطق اليمن عشية الانقلاب على الثورة.. لم يخفه ذلك.. وإنما دفعه إلى البحث عن كنف مؤاتٍ لإعادة لملمة الصف وتنظيم الجاهزية، والسير في مقاومة الردة عن الجمهورية في ثلة من الرجال الأوفياء من أتباعه ومريديه مؤمنا بحتمية الوصول وبأنَّ ثورة ضحى له الشعب بكل غال ونفيس لا يمكن التنازل عنها بأية حال من الأحوال.. وبأنه وهو العسكري المعوّل عليه في الانتصار للوطن مثل غيره من حماة الجمهورية مطالب بالبدء في رسم خطوط المقاومة رغم شحة التجهيزات.. وقلة العدد والعدة.. وبأن الله يتولى الصالحين.
استشهاده كان تأكيدا على واحدية درب الثورة.. وعلامة مضيئة في هذا الدرب الذي أضاءه علي عبدالمغني ومحمد محمود الزبيري وإبراهيم الحمدي وحميد القشيبي.. وهو درب يصطفي له الله الأخيار من الرجال.. ومثل هذه الذكرى العظيمة لا تحيا بإيقاد الشموع أو بحلقات الندب والنواح.. وإنما بالوفاء لمبادئها العظيمة.. كلا من موقعه.. فلم يكن هؤلاء الأبطال غير مبادى كريمة توحّدت بالوطن جهادا فنالت به وسام الشهادة.
* "الصحوة نت"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.