تقاطرت دموعها كالسيل على لثامها وهي تتوسل لعاقل الحارة ان يمنحها "دبة غاز" تعود بها لمنزلها، فأطفالها جياع ومطبخها لفه البرد. ورغم كل التوسلات الا ان تلك الوجوه المتجهمة تركتها تتلوى من الألم وتعود ادراجها حاملة "انبوبة الغاز" فوق راسها خائبة منكسرة القلب على أطفالها.
في الشوارع التي توجد فيها محطات الغاز الرسمية، يقف المواطنون في طوابير ينتظرون مقطورة الغاز التي قد تصل إلى المحطة في أي لحظة. تلك الطوابير يختلط فيها الرجال والنساء والأطفال وتجد فيها امرأة تقف في أحد الطوابير ليلاً ونهاراً، أو مسناً، وأحياناً طلاباً وطالبات تركوا مقاعدهم الدراسية ليساعدوا أهلهم في رحلة البحث عن "قنينة الغاز" التي أصبحت كالحلم للجميع. تابعت "الصحوة نت "ام جميل الى منزلها لتخبرنا عن تلك الدموع التي لم تفارق عيناها وهي تحمل "قنينة الغاز فوق رأسها. تحدثت بصوت يرتعش من الألم "لنا شهر ولم يدفئ الطعام بطون الأطفال"، حاولت ام جميل البحث عن الورق وبعض الاعواد الجافة لتطبخ بها الطعام ولكن النار تتحول الى دخان يلوث الطعام والصدور في هذا البرد القارس. أردفت "ولا أستطيع شراء الطعام من السوق لان كل شيء ارتفع اضعاف مضاعفة ولا يوجد لدينا راتب او مصدر دخل، ربطنا على بطوننا أيام طويلة وحال الناس مشابه لحالي وبآهة مكتومة تردد "ما أقسي الجوع في البرد". تابعت بقولها " كل يوم ألف بين الحارات باحثة عن غاز، توسلت للكثيرين ولكن لا جدوى، وتقسم انها تبهذلت، اختنقت بدموعها ولم تستطيع مواصلة الكلام.
في طابور اخر "تقف زوجة وليد الطويل" في الصباح الباكر بدلا عن زوجها الذي يعمل حمالا في أحد الشركات تتناوب مع ابنها كمال (15 عاماً) للوقوف في الطوابير حيث يضطر لترك دراسته لايام والانتظار حتى يأتي الفرج. تقول ل "للصحوة نت": "ابني الصغير البالغ من العمر سبع سنوات أيضا يشارك في مهمة توفير الغاز، ويقف بدلاً عن شقيقه حين يذهب الأخير لتناول وجبة الطعام". لافته إلى أنهم يضطرون إلى الوقوف في الطابور أكثر من أسبوع أحياناً. صباح قدره (40 عاماً)، تقف بدورها في الطوابير الطويلة إذ أنها لا تستطيع طهي الطعام بالطريقة التقليدية أو بواسطة الحطب، تقول ل "للصحوة نت" انا اعاني من مشاكل في الرئتين، والدخان الناتج عن اشتعال الحطب يعرضني للخطر والجلوس لأيام على فراش المرض. تتابع " أضطر إلى الانتظار طويلاً لتأمين قنينه غاز، في آخر مرة، بقيت وأحد أشقائي ثلاثة أيام في الطابور قبل أن نحصل عليها، لم تعرف ماذا نعمل بها "للطبخ ام لصناعه الخبز " عشرة أيام فقط حتى فرغت وعادت المعاناة وطريق البهدلة والإهانة التي تعتصر معها حياتنا كلها في هم واحد هو "قنينة غاز". صور للمشقة التي تتكبدها الأسرة اليمنية لتوفير ثمن أنبوبة الغاز، يضطر بعض أفراد ها للبحث أياما عن قنينة واحدة ما يجعلهم يسهرون الليالي الطويلة والباردة والممطرة وكل حلمهم توفير أسطوانة غاز تدفء بطونهم أطفالهم الباردة.