أصبحت جامعة ذمار وكراً لترويج الموت ونشره بين طلابها، بعد أن كانت صرحاً أكاديمياً ينشر العلم والمعرفة، ويلجأ إليها الباحثون والأكاديميين. ومنذ قدوم مليشيا الحوثي الإرهابية إلى المحافظة في نهاية العام 2014 عملت تجريف المؤسسات التعليمية والجامعة، وأجبرتها على تدريس الموت كنشاط عملي عبر الزج بالطلاب إلى جبهات القتال. وعملت مليشيات الحوثي على استنساخ ونقل التجربة الايرانية الى اليمن على مراحل الى أن وصلت الى تفخيخ المؤسسات التعليمية والجامعية وتحويل الطالب إلى مقاتل وبدلا من التعبير عن أمنياته المستقبلية المفعمة بالحياة والأمل، باتت أماني بعضهم في عهد العصابة الى إلى الموت في سبيل الدفاع عن الولاية الحوثية والخرافات الإمامية. جامعة ذمار هي نموذجا للجامعات اليمنية التي يفرض الحوثيون سيطرتهم عليها منذ دخولهم للمحافظة في منتصف أكتوبر من العام 2014. خلال الأعوام الماضية تحولت جامعة ذمار الى منبرا للخطاب الحوثي الذي يدعو لثقافة الموت والقتال ونشر الطائفية والعنصرية بين أفراد المجتمع وتفخيخ العملية التعليمية والجامعية بالافكار الحوثية.
تغييرات وتعيينات الحوثيين عملت مليشيات الحوثي على تغيير كل من لا يعمل ضمن مشروعها، واصدرت حزمة من الإجراءات لصالح عناصرها داخل جامعة ذمار منها تعيين عميدا لكلية الهندسة عبدالرحمن الكحلاني وعبدالله الوشلي مديرا عاما للدراسات العليا، والاستغناء عن الكادر الاكاديمي، ترافق ذلك مع إقامة أنشطة وفعاليات تدعو الطالب الى التوجه لجبهات القتال والعمل على نشر ثقافة الحوثي وتجريف الهوية الوطنية. وعين الحوثيين طالب النهاري رئيسا للجامعة وهو قيادي حوثي، حيث عين النهاري نجله الاكبر مديرا للكنترول في كلية الهندسة بجامعة ذمار، في الوقت الذي قدم الكثير من كادر هيئة التدريس بجامعة ذمار استقالاتهم على خلفية تصرفات الحوثيين وتدخلهم في شؤون الجامعة وخصوصا في الجانب الإداري. وقبل عدة أشهر أقدمت مليشيات الحوثي على فصل ما يقارب 60 عضواً في هيئة التدريس ومساعدا وأستاذا من مختلف الكليات بسبب مواقفهم الرافضة لعبث وتصرفات الحوثيين في المؤسسات التعليمية والجامعية وطاردت واعتقلت الكثير من الاكاديميين في فترات مختلفة. وعمل الحوثيون على احلال عددا من الاكاديميين من السلالة الحوثية في مختلف الكليات وتعيين العديد منهم في مناصب رفيعة حيث أن مؤهلاتهم العلمية لم تؤهلهم لشغل هذه المناصب، وكان مؤهلهم الوحيد هو التماهي مع المشروع الحوثي الانقلابي.
ترهيب وترغيب منذ تأسيس الجامعة خصصت إحدى المباني تتبع الأوقاف لسكن الأكاديميين القادمين من خارج المحافظة، لكن المليشيات الحوثية غمدت في الفترة الأخيرة وعبر رئيس الجامعة المعين من قبلها إلى إخراج هؤلاء الاكاديميين "نحتفظ بأسمائهم" وأحلت مكانهم عناصر من جماعة الحوثي الانقلابية حيث منحتهم شققاً سكنية. وفي الاسبوع الماضي قام عبدالحافظ أبو خلبة القيادي الحوثي المعروف والمعين أمينا عاما للجامعة بالاعتداء على أحد كادر التدريس بكلية طب الاسنان وذلك عندما حاول أن يدخل أبنته لقاعة الجامعة بالرغم من عدم وجودها في سجلات الكلية. والقيادي الحوثي أبوخلبة المكنى ب "أبو إبراهيم" عُرف طيلة الفترة الماضية كأمينا عاما للجامعة يمارس فساداً مكشوفاً فضلاً عن قيامه بتصرفات همجية مستقوياً بمجموعة من المسلحين.
جامعة لخدمة المشروع الإمامي هذه السيطرة الشاملة لمليشيات الحوثي الانقلابية على جامعة ذمار وفساد عناصرها التي جيرت الجامعة ومقدراتها وحتى مطابعها للمليشيات، نجم عنها اغلاق العديد من الاقسام في كلية الآداب، فيما تحولت كلية المجتمع الى سجن خاضع للحوثيين يتواجد فيه عددا كبيرا من المعتقلين من أبناء عدة محافظات وأغلبهم من محافظتي تعز ولحج. كما أقدم الحوثيون من خلال سيطرتهم على الجامعة على تخصيص عشرة مقاعد دراسية في كلية الطب والعلوم الصحية لأبناء قتلى عناصرها من الاسر الهاشمية، فضلاً عن منح عشرات المقاعد في الكليات العلمية لعناصر الحوثي دون اعتبار لأدنى معايير القبول، فيما هناك عشرات الطلاب في مختلف الكليات مسجلين في سجلاتها بينما يعملون مع الحوثي في لجانه الأمنية.
مليشاويون لا أكاديميون في منتصف شهر يوليو من العام 2018 اعتقلت مليشيات الحوثي عددا من أعضاء هيئة التدريس في الجامعة أثناء عودتهم من العاصمة المؤقتة عدن لاستلام رواتبهم من الحكومة الشرعية ووضعتهم في أحد السجون في العاصمة طيلة أسبوعين العديد من الاكاديميين وأعضاء هيئة التدريس لجأوا إلى البحث عن فرص عمل أخرى أو الهجرة في ظل انقطاع الرواتب وبعضهم لجأ الى العمل مع جامعات خاصة لتغطية وتوفير حاجته. مصادر خاصة أكدت أن جامعة ذمار بلغت إيراداتها من رسوم الطلاب في مختلف الكليات الى مليار ريال خصص الحوثيون جزء بسيط منه لمنح الأكاديميين بعض الفتات لسد رمق أسرهم، بعد انقطاع رواتبهم. قبل فترة قصيرة منع رئيس الجامعة النهاري دخول طلاب نظام الموازي من الدخول لقاعة الاختبارات بسبب عدم قدرتهم على دفع الرسوم الكبيرة، بسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة وتدهور الوضع التعليمي داخل الجامعة، في حين تمنح مبالغ لعناصر المليشيات التي تم فرضها على الجامعة تحت مسميات مختلفة.
ثكنة أمنية عملت هيئة التدريس بالجامعة على انشاء فريق طلابي يسمى (ملتقى الطالب الجامعي) والذي يديره عددا من الطلاب التابعين لعناصر المليشيات الحوثية، والعديد من المبادرات الشبابية التي تهدف الى اعتقال أي طالب يمارس أي نشاطات أو بث أي آراء مناوئة للجماعة العنصرية داخل الحرم الجامعي. المصادر أكدت أن الفريق الذي أنشائه الحوثيين داخل الجامعة اعتقل خلال العام الماضي عددا من الطلاب في كلية الهندسة والحاسوب بسبب ممارستهم وانتقاداتهم للحوثيين، كما يقيم فعاليات داعمة للمليشيات تحت اسم الاحتفال بالمولد النبوي داخل الحرم الجامعي وتخصيص عددا من القاعات لإقامة الحفلات والخطابات والندوات الثقافية التي يقيمها الحوثيين ونهاية العام المنصرم تداول نشطاء صورة تظهر صور عددا من الطلاب المنتسبين للجامعة قتلوا في جبهات القتال في احتفال ما يسمى بيوم الشهيد.
تجنيد وتوابيت أقر الحوثيون الأسبوع الماضي فرض 5 طلاب من كل فصل دراسي في المدارس الحكومية للزج بهم لجبهات القتال في ظل الانهيارات التي تتلقاها الجماعة، وتجد المليشيات الحوثية في ذمار مرتعا لاستقطاب مقاتلين ومخزونا بشريا تعتبره وقوداً لحربها من أجل عودة المشروع الامامي. مؤخرا انشأ الحوثيون لواء أطلقوا عليه اسم لواء الصماد رئيس مجلس الحوثي السياسي الذي قتل بغارة لطيران التحالف في أبريل من العام الماضي، وافتتحوا في قرية خربة أفق بميفعة عنس الاسبوع الماضي مدرسة جديدة سميت بمدرسة الصماد بلغت تكلفتها 20مليون ريال في ظل اوضاع معيشية صعبة يمر بها المعلمون من ثلاثة أعوام. وزادت المليشيات الحوثية من نشاطها في المؤسسات التعليمية منذ الأسبوع الماضي، حيث تدخل بالقوة إلى هذه المؤسسات لفرض أنشطة وفعاليات ما تسميه بيوم الشهيد. واستقبلت جامعة ذمار والمعهد العالي والعديد من المدارس مناسبة ماتسمى بيوم الشهيد وهو ما اظهر من خلال الحفل الذي أقامته المليشيات الحوثية صورا لطلاب من منتسبي الجامعة لقوا حتفهم في جبهات القتال المختلفة. وبدلا من ان يستلم الطالب شهادته الجامعية تتويجاً لسنوات الدراسة اعاده الحوثيين في صندوق جثة هامدة وصور مطبوعة في حائط الجامعة أو المدرسة.
مظاهر إيرانية قبل أيام قليلة حضر محافظ الحوثيين محمد حسين المقدشي ومشرف المحافظة فاضل الشرقي ورئيس جامعة ذمار المعين من الحوثيين طالب النهاري وعناصر حوثية حفلاً في إحدى قاعات الجامعة يحمل بصمات الثورة الخمينية الإيرانية بمظاهرها وشعاراتها، ليتم بعدها زيارة مايسمى روضة الشهداء التي تكتظ بالمقابر لمئات القتلى، وهو ما اعتبره أكاديميو الجامعة وموظفيها وطلابها كارثة حقيقية أن تصبح جامعتهم صرحاً سلالياً إمامياً يقدس ولاية الفقيه بعد أن كانت صرحاً علمياً جمهورياً. كما فرض الحوثيين على العديد من المدارس اقامة فعالية مايسمى بيوم الشهيد وعمل معرض صور للقتلى لإبراز العدد الكبير من الارواح التي قدمها الحوثيين قرباناً لحروبهم وزجهم للشباب والطلاب إلى جبهات القتال وتم اجبار مدراء المدارس على اقامة اذاعات مدرسية وزيارات ميدانية. وقبل 4 سنوات انشاء الحوثيون في ذمار مؤسسة الشهيد للقيام بنشر ثقافة الموت واستقطاب الشباب إلى الجبهات وطباعة ونشر صورهم المؤطرة باللون الأخضر، كما تم تخصيص أنشطة للنساء "الزينبيات" لإقامة العديد من الندوات على قاعة المركز الثقافي والعمل على تجنيد النساء. وظهرت نهاية العام المنصرم دورية نسائية تابعة للحوثيين تجولت في الشارع الرئيسي مستعرضة بالأسلحة، فيما تحولت العديد من المطابع لطباعة الشعارات الملصقة لقتلاهم غالبيتهم تحت سن ال18، في حين أصبحت صور الأطفال القتلى موزعة على شوارع المدينة ومداخلها.