فرحة كبيرة تغمر الفقير الذي يتسنى له الحصول على كيلو جرام واحد أو أكثر بقليل من اللحم من جيرانه او أقاربه المقتدرين، الذين يملكون القدرة على شراء أضحية العيد، في الوقت الذي باتت فيه أكثر العائلات، منذ انقلاب الميليشيات الحوثية على السلطة الشرعية، غير قادرين على تناول اللحوم إلا في الحدود الدنيا وفي المناسبات، وعلى رأسها عيد الأضحى المبارك، عبر ما يوزعه المحسنين والأقارب والمؤسسات الخيرية من لحوم الأضاحي. ربة المنزل أم نجاح " أرمله وام لسبعة تشكو ضيق ذات اليد مع "غلاء كل شيء"، وتقول "للصحوة نت " انا واولادي نشتهي اللحم فقد مرت فترة طويلة ونحن نأكل الخبز والزبادي. لا تجد أم نجاح بديلاً عن اللحم طوال العام إلا ال "زوم"، ما يجعلها تعد حساء "الزوم" على مدار الأسبوع، والزوم " حساء زبادي مخلوط بدقيق،" وفي بعض الأيام لا يتوفر ثمنه بحسبها، وهي لا تخفي سعادتها بعيد الأضحى لأنها وعائلتها تنتظره على أحر من الجمر، وتزداد السعادة حينما تحصل على قطع من اللحم تمكنها من طبخها لأبنائها. لا يختلف الحال كثيرا لدى عائلة "عمران" الذي يشعر بألم كبير جراء عدم قدرته على توفير مستلزمات عائلته الأساسية من الطعام وباقي الحاجيات خاصة في الأعياد. يقول ل "الصحوة نت " إن سعر كيلو اللحمة بالنسبة لي غال جداً، خاصة أنني فقدت عملي " الأمر الذي جعله قعيد البيت وزوجته تعمل بتنظيف المنازل، وهو ما جعل أطفاله ينتظرون لحمة الأضحية كل عام من الأهل والجيران ومن المؤسسات الخيرية. ويضيف: "منذ قدوم الهنود الحمر "يقصد الحوثيين" لم تتمكن عائلتي من تناول اللحمة وعجزت عن شرائها".
ويشهد سعر الأضاحي هذا العام ارتفاعاً جنونياً يبدأ بمائة ألف ريال، ما يعادل 400 دولار امريكي، في ظل اوضاع معيشية متدنية للغاية خاصة في المحافظات التي يسيطر عليها الانقلابيون شمال البلاد. الشاب جمال، وهو موظف بإحدى الجمعيات الخيرية، يؤكد انه أصيب بحالة من الذهول حينما حمل أكياسا من اللحم لإحدى العائلات العام الماضي، وكانت المفاجأة أن العائلة لم تذق اللحم منذ عيد الأضحى الذي قبله، وقال بأنه يعلم أن هنالك الكثير من الفقراء بمختلف المناطق لكنه لم يتصور أن هنالك من لا يتناول اللحم إلا في عيد الأضحى. والحال نفسه بالنسبة للمواطنين الذين نزحوا من مدنهم وبيوتهم خوفاً من سطوة الميليشيات الى اماكن تتضاعف فيها معاناتهم وتحيط بهم الحاجة من كل اتجاه، بحسب حديث الناشط اليمني "ل .إ" الذي قال ل"للصحوه نت " إن بعض العائلات لا تجد قيمة إيجارات المنازل التي تقطنها وبالتالي فهي لم تعد تفكر في شراء أضحية العيد. أما الحاج أبو سليم (58 عاماً) فيقول: "أعمل في محل للخضار في صنعاء، وما أجنيه يومياً لا يكفي لسد احتياجات الأسرة، لذلك نضع أولويات لما نقوم بشرائه، مضى نحو ثلاثة أشهر لم أشترِ فيها كيلوغراماً واحداً من اللحم، لذلك، ننتظر عيد الأضحى بفارغ الصبر فهناك كثير من المحسنين المقتدرين، ممن يذبحون الأضاحي ويوزعونها على الأسر الفقيرة، كحال أسرتي. ويضيف أبو سليم: "باتت متطلبات الحياة كثيرة ومتنوعة، ومع الوضع "السخيف" وضعف الدخل اليومي، يكون من الصعب توفير كلّ ما تحتاج إليه الأسرة من ملابس أطفال جديدة للعيد ومن حلويات، وكثير من الحاجات الأساسية قبل أن نفكر بأيّ كماليات. كذلك، فإنّ الأسعار ارتفعت، وبات سعر الكيلوغرام الواحد من اللحم يتراوح بما بين 4000 ريال و6000 وأكثر في بعض الأحيان، وما أحصل عليه في اليوم لا يتجاوز ألف ريال أو ألف وخمسمائة وهذا بالتأكيد لا يكفي لعائلة مكونة من ستة أشخاص". الباحث الاقتصادي " علي الحمادي " قال ل "الصحوة نت " إنه في ظل هذه الأزمة يبدو قدوم العيد حدثاً عادياً يستقبله المواطنين ببطون خاوية وأماني بعودة الحياة الطبيعية، ويرى " الحمادي "أن مشكلة ارتفاع أسعار الأضاحي متعلقة بالعديد من الأسباب بينها الجشع وغياب الرقابة واشراف الميليشيات على تجارة المواشي اثناء المواسم الدينية. مربي مواشي الحاج فرج (56 عاماً) يقول: "كان عيد الأضحى من أكثر المواسم التي نبيع فيها المواشي، وفي الأعوام الأربعة الماضية انخفض الاقبال عليها بشكل كبير جداً، الا أن هناك الكثير من الجمعيات والميسورين يشترون الأضاحي لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين في الأحياء وتجمعات النازحين".