مع بداية كل عام دراسي، تتجدد شكاوى الطلاب من عدم وجود مدرسين متخصصين، لانشغالهم بالبحث عن مصادر لإطعام عائلاتهم بدل التدريس المجاني، وهو الاجراء الذي تقابله حكومة الانقلابين باستبدال المعلمين الباحثين عن مصدر رزق، بمتطوعين غير أكفاء من الجماعة، مما أدى الى تطييف التعليم وتدهور الناتج العلمي والمعرفي وتشتت الطلاب وعزوفهم عن التعليم. لم يكن أمامي خيار.. يقول نصر "للصحوة نت" وهو مدرس سابق في مدرسة ابتدائية من صنعاء يعمل الآن كبناء: "كان على أن أترك عملي كمدرس لإيجاد وسيلة لإعالة أسرتي". المعلم نصر، هو واحد فقط من بين آلاف المعلمين في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي أجبروا على البحث عن دخل بعد عدم استلام رواتبهم، ويقدر عدد المعلمين الذين يعانون من مأساة انقطاع المرتبات، حوالي 130 ألف معلم. يقول نصر: "لديّ طفلان، زوجتي، أختي الصغيرة وأخي، وأنا الوحيد الذي يجلب الخبز لهم". وأضاف "الأطفال يريدون أن يأكلوا، وعندما يمرضون فإنهم يحتاجون إلى الأدوية، وإذا لم ندفع الإيجار فسيتم طردنا من المكان الذي نعيش فيه، لم يكن امامي من خيار سوى ترك التعليم والبحث عن أي شيء لإعالة اسرتي". روعة، معلمة في مدرسة بنات في صنعاء، قالت: "إلى جانب العمل، كان المعلمون يقدمون عروضاً للمنظمات الدولية، بما في ذلك الأممالمتحدة، لكن الحوثيون يحاولون احباط ما نقوم به من خلال دعوة المتطوعين من جماعتهم لملء الفراغ".
فرض رسوم.. في سياق متصل، فرضت ميليشيا الحوثي رسوما على طلاب المدارس الحكومية بلغت 5000 ريال على كل طالب للنصف الأول من العام الدراسي ومبلغ 5000 ريال للنصف الثاني من العام الدراسي. وقال أحد أولياء الأمور، أن مدير المدرسة التي ذهب إليها ليسجل ابنه برر المطالبة بدفع هذه الرسوم من أجل أن يأتوا بمدرسين جدد بدل السابقين. وأبدى أولياء الأمور، استياءهم من تصرفات المليشيات التي تريد أن تحرم اولادهم من التعليم وتسببت في تعطيل مستقبلهم دون اكتراث، متجاهلة وضعهم المعيشي الصعب. وعمل الحوثيون على إجراء تغييرات جوهرية باستبعاد مدراء المدارس وتعيين أتباعهم كبدلاء، ورفع الرسوم الدراسية وإدراج مواد طائفية تخدم أهدافها.
سرقة الحوافز تبرعت المملكة العربية السعودية في ابريل الماضي من خلال اليونيسف بمبلغ 70 مليون دولار أميركي، كحافز للمعلمين الذين تقطعت بهم السبل بالذات في مناطق سيطرة الحوثيين منذ أكثر من ثلاثة اعوام، الا ان عددا كبيرا من المعلمين تفاجأوا بإسقاط أسمائهم من كشوفات الحوافز، بينما تضمنت الكشوفات أسماء جديدة أضافها المسؤولون الحوثيون كبديل للمعلمين الذين ذهبوا للبحث عن عمل من شأنه أن يوفر المعيشة لأسرهم بعد انقطاع الرواتب. واكد معلمون "للصحوة نت" أن الحوثيين، لا سيما في قطاع النساء، ادرجوا اسماء المتطوعين غير المتخصصين من الجماعة ضمن المستفيدين من المنحة، في حين أن عددا كبيرا من المعلمين الأصليين حُرموا منها وأُبلغوا بأن اسمائهم سقطت من سجل البيانات. أحد المعلمين الذين اسقطت اسماؤهم ويدعى "عثمان"، قال: "طالبناهم برواتبنا قالوا ما فيش مال والبنك فاضي، ولما جاءت الاموال من الخارج أسقطوا اسماءنا".
عائلتي ستموت جوعاً.. ويقول الأستاذ "محمد" مدرس في مدرسة حكومية، "كونك مدرسًا في هذا البلد يعني أن عائلتك سوف تموت جوعًا". واضاف: "لقد عشنا دون رواتب لأكثر من ثلاثة اعوام رغم الانخفاض الحاد في قيمة العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية". وأوضح محمد أنه فشل في "تلبية الاحتياجات الأساسية لأطفاله". في حين تقول "آية"، طالبة تبلغ من العمر 14 عامًا وتدرس في الصف التاسع في مدرسة عائشة: "أنا سعيدة جدًا بالعودة إلى المدرسة، وأفتقد زملائي في المدرسة ومدرستي"، وتمنت ان تتصرف رواتب معلماتها لكي تتمكن من مواصلة التدريس".