يفتقر علي صالح في هذا الظرف العصيب الذي يعيشه لجلساء مخلصين يسدونه النصيحة التي ينبغي لكنه ولسوء حظه يفتقد هؤلاء المخلصين , وبدلاً عن ذلك يحيط به حشد من المنتفعين والمتمصلحين الذين همهم في الدرجة الأولى العوائد والمصالح الشخصية. حتى الأولاد وأبناء الأخ ومن يليهم مباشرة في درجة القرابة , إنما ينظرون لصالح وكأنه بالنسبة لهم شركة كبرى خاضعة للتصفية, وكل واحد منهم يريد أن ينفرد بالحصول على أكبر نسبة من ممتلكات وأصول الشركة قبل البدء بعملية التصفية لها. ما يزال المسكين مجرد (تاكسي) يمشور به جميع هؤلاء! لم يدرك صالح, وما أظنه سيدرك أنهم لا يرون فيه إلا أنه وسيلة للتكسب غير المشروع توشك على التوقف لانتهاء العمر الإفتراضي الوشيك لها, وعليه فلابد أن تعمل حتى النفس الأخير. لقد بدا ذلك واضحا , والقوم يبتزون به الداخل والخارج , ويستجدون به الشعب اليمني, ويستعطفون به العالم الخارجي , وهم يظهرونه يوم 7 يوليو 2011 م في أول ظهور له بعد حادث مسجد الرئاسة, وهو في حالة يرثى لها, ومع ذلك يصرون على إظهاره بتلك الصورة البائسة دون مراعاة لمشاعره ولا حتى آدميته , بقدر حرصهم على أن يستدروا العطف عليه , لينعكس ذلك العطف سيولة من المكاسب والمنافع التي يرجونها لأنفسهم نتيجة لتلك الصورة التي أظهروه بها , وهى صورة لن تزول من الذهنية اليمنية برغم الظهور المتكرر له – فيما بعد – والذي بدا فيه الرجل وكأنه أحسن حالا من تلك الصورة المحروقة التي ظهر بها أول مرة ! داخليا وخارجيا , عربيا وعالميا - مطلوب من الرجل المسلوب الإرادة – أن يوقع على المبادرة الخليجية , لكن إرادته بيد الشلة المحيطة به , وتوقيعه يسلبهم مصالحهم ومكاسبهم المادية اليومية. هؤلاء لايهمهم أن يكون مصير صاحبهم كمصير حسني مبارك أو حتى كمصير معمر القذافي , ما يهمهم فقط هو استنزاف ماء وجه الرجل حتى آخر قطرة بالتوازي مع استنزاف أموال الشعب حتى آخر ريال ؛ لهذا فهو ممنوع من التوقيع. الرجل إذن بحاجة إلى أصدقاء يعطفون عليه ويشفقون على وضعه الذي بدا فيه وكأنه خروف بين عدد من الذئاب تنهشه من كل جانب.
هو بحاجة إلى هذا النوع من الأصدقاء المخلصين لينقذوه من المصير المظلم. لكن يبدو واضحا أن الرجل بلا أنصار مخلصين كما أنه بات خارج إمكانية الإنقاذ. فقد ولغ في الدم حتى غرق إلى أذنيه. قتل الشباب ,قتل الرجال , قتل النساء , والأطفال وحتى الرضع , وهو الجرم الذي لم يمارسه حتى الإمام أحمد, فيما أظن. ومع ذلك مايزال من حوله يجبرونه على اتخاذ مواقف تبدو للبعض وكأنها مواقف المناور الذكي سواء في تعامله مع المبادرة الخليجية وهي ماتزال مبادرة إقليمية , حيث هرب وتهرب منها بمعاذير ساذجة , أو موقفه المعلن اليوم من المبادرة نفسها وقد غدت مبادرة دولية يتبناها مجلس الأمن. يقول المسكين! إنه يرحب بقرار مجلس الأمن ويبدي استعداده للحوار! تصريح يثير الشفقة على رجل يتذاكى ولكن بمواقف بليدة، وتصريحات سخيفة كما يثير الاشمئزاز من أولئك الواقفين خلف الكواليس الذين هم أصحاب هذا التصريح ويستنزفون الرجل بلا هوادة , بل وبلا إنسانية!