بين حين وآخر تقرر مليشيا الحوثي عبر القضاء الخاضع لسيطرتها، اعدام عدد من المختطفين والمخفيين قسرا بعد محاكمات يصفها حقوقيون ومحامون أنها محاكمات باطلة وهزلية ببطلان التهم الموجهة للمتهمين أو بعدم ثبوتها. ففي ظل سيطرة مليشيا الحوثي تحول القضاء إلى أداة لممارسة الجريمة ضد ضحايا الاختطاف والاخفاء القسري، والتنكيل بهم، لرفضهم انقلابها والانصياع لأفكارها ومشاريعها العنصرية. آخر تلك الجرائم قرار المليشيات، الثلاثاء الماضي، اعدام ثلاثة مختطفين، صادر من المحكمة الجزائية، الخاضعة لسيطرة المليشيات، حكما بالإعدام ل ، وصادق المجيدي، وخالد العلفي، فهد السلامي، والأخير مدير أكبر مدارس أهلية في العاصمة صنعاء. في احدى تقاريرها أكدت منظمة العفو الدولية أن الحوثيين يستخدمون السلطة القضائية لتصفية حسابات سياسية، واستشهدت في تقرير سابق لها بقصة الشابة أسماء العميسي (26 عاما) أم لطفلين، القابعة في سجون مليشيا الحوثي منذ 2018، بتهم كيدية . تؤكد المنظمة في أحد تقاريرها السابقة أنه خلال سنوات السجن والاختطاف لم يتمكن أحد من أقارب العميسي من زيارتها، خوفا من اختطافهم من قبل المليشيات، وأنها تتعرض للضرب والتعذيب وأن حالتها النفسية في حالة سيئة للغاية. قضية أسماء، واحدة من مئات قضايا المختطفين من الجنسين، يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب ويحاكمون بصورة هزلية تنتهي تلك المحاكمات بالإعدام كما حدث لتسعة من أبناء محافظة الحديدة الذين اعدموا في سبتمبر الماضي في تهمة كيدية لا ناقة لهم ولا جمل. 150 حكما بالإعدام الأحكام الأكثر رواجا لدى المليشيات الحوثية هي "الإعدام تعزيرا" لمختطفين اختطفتهم المليشيات من مقر أعمالهم ومن جامعاتهم ومزارعهم ومن الطرقات ونقاط التفتيش.
خلال عام 2020، أصدرت مليشيا الحوثي ما يقرب من 150 حكماً بالإعدام تعزيراً ضد خصومهم، أو المخالفين لهم من بينهم بعض أتباع الطائفة البهائية الذين تم ترحيلهم قسرا بوساطة من الأممالمتحدة واجه جميع المحكوم عليهم تُهمة واحدة هي إعانة العدوان والخيانة العظمي، بحسب تقرير منظمة سام للحقوق والحريات "الاعدام تعزيرا". الإعلامي والناشط الحقوقي حسين الصوفي، قال في تصريح ل "الصحوة نت" إن ما تمارسه عصابة الحوثي 2014، هو تنفيذ المشروع الايراني التدميري لكل مؤسسات الدولة والمجتمع وأن الأخطر في كل ذلك تدمير القضاء نسميه إن صح التعبير، "القضاء على القضاء". يضيف الصوفي "عبث الحوثي بالقضاء جريمة ضمن جرائم الاحتلال، بدليل أن المعني لدى المليشيات بإدارة السلطات القضائية لا يمتلك حتى شهادة تعليم صف سادس ابتدائي". وأضاف أن من يصدر القرارات، قرارات الاعدام، شخص عنصري طائفي يقاتل أبناء اليمن في الجبهات ويصدر بحقهم قرارات اعدام بعباءة القاضي، مشيرا إلى أن ما يحدث للقضاء "ممارسات إيرانية بحتة لتفكيك كل مؤسسات الدولة والمجتمع". تنوعت أحكام "الإعدام تعزيرا" الصادرة عن محاكم تحت سلطة مليشيا الحوثي، خلال السنوات الماضية، بين كبار مسؤولي الدولة على رأسهم الرئيس هادي ونائبه، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق، و 35 برلمانياً، وأكاديميون، وصحفيون، ونشطاء، وعسكريون، ومواطنون.
مجزرة بحق أبناء تهامة في 18 سبتمبر الماضي ارتكبت المليشيات مجزرة بحق 9 من أبناء تهامة، المختطف العاشر توفي تحت التعذيب، عندما قررت اعدامهم بعد محاكمة هزلية تفتقر للحد الأدنى من شروط المحاكمة العادلة، بتهمة اغتيال القيادي في المليشيات "صالح الصماد" في غارة لطيران التحالف العربي بمدينة الحديدة عام 2018. يؤكد حقوقيون وناشطون ومختطفون سابقون أن كل المختطفين الذين حاكمتهم المليشيات الحوثية تعرضوا قبل وأثناء المحاكمة للعديد من الانتهاكات الجسيمة، كالإخفاء القسري والتعذيب والاعتراف تحت الإكراه والحرمان من حضور المحامين، وصولا إلى اصدار أحكام بالإعدام ومصادرة أموال الضحايا. قضاء للسلب والنهب لم يقتصر توظيف مليشيا الحوثي لسلطة القضاء ضد الخصوم السياسيين واصدار أحكام اعدام بالجملة في ظاهرة لم تحدث من قبل، بل تعدى ذلك لإثراء قيادة الجماعة عبر مصادرة الشركات والمؤسسات والجامعات الأهلية والمستشفيات. بحسب تقرير لمنظمة سام للحقوق والحريات، نهبت مليشيا الحوثي خلال 7 أعوام أكثر من 1.7مليار دولار من قيمة واردات الأموال والشركات والمؤسسات والجمعيات، وأكثر من 2 مليار دولار تم الاستيلاء عليه من قيمة الأموال والإيرادات للأصول والعقارات والمنقولات، وأكثر من 38 شركة كبرى ومؤسسة وجامعة ومستشفى.
تقرير منظمة سام للحقوق والحريات الصادر منتصف فبراير الجاري تحت عنوان ""إقطاعية الحارس وماكينة التضليل" إن المليشيات استولت على كل تلك الأموال تحت مسمى "الحارس القضائي". في تصريح ل"الصحوة نت" يؤكد رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي، أن هدف جماعة الحوثي من مصادرة أموال خصومها لتحقيق مأربين اثنين هما بث الرغب واخوف والصدمة للخصوم، وزيادة العائدات من تلك المنهوبات لإثراء قياداتها ومشرفيها". "الحارس القضائي" .. مصطلح مخادع وأضاف الحميدي "الحارس القضائي مصطلح قضائي مصطلح مخادع، لا يوجد في القانون اليمني مصطلح يجيز له كل هذه الصلاحيات، وهو نظام محاكي للنظام "بنياد" الايراني الذي استولى على أموال خصوم الخميني بعد قيام الثورة في ايران". وأضاف القضاء أحد الأدوات التي تمنح المشروعية ، ولهذا سعت المليشيات في توسيع أحكام الاعدام ومصادرة موال خصومها، وكان الحارس القضائي هي الأداة القوية في الاستيلاء على هذه الأموال وتحويل عوائدها إلى المليشيات".
ما تمارسه المليشيات الحوثية بحق خصومها باستخدام القضاء، يشبه إلى حد كبير ممارسات عصابات غسيل الأموال، كما جاء في تقرير منظمة سام الأخير، فيما ينطوي عليه من تحايل، وسلب وابتزاز، وعنف متعمّد للسيطرة على الأصول المربحة، واستثمار الأموال المنهوبة في نشاطات قابلة للتداول، واستغلال اليد العاملة في الأملاك المنهوبة.