"انتم فرنسيون وهنود وامريكيون، لستم مسلمين ولا تحملون هم المشروع الإلهي". قال أحد المسلحين الحوثيين هذه الكلمات لأحد المواطنين بعد ضبطه متلبساً بجريمة شراء "بنطلون جينز "في صنعاء التي أصبحت مستعمرة حوثية لا يعلو فيها سوى صوت الصرخة وجلجلة القيود الحديدية، فالحوثيون، كما يقول مواطن، قد نصبوا أنفسهم اوصياء الله على عباده يقيمون فيهم المشروع الإلهي على منهج الخميني بالقوة. يكمل المواطن قائلا :" الإيمان عند هؤلاء هو أن تقطع على نفسك كل سبل الحياة، البنطلون والاغنية عندهم جريمة كبرى، اما سفك دم المسلمين فهو جهاد" وتشهد صنعاء منذ سبتمبر 2014 حملة واسعة لتغيير الهوية اليمنية وتضييق للحريات وقمع المواطنين لاسيما الشباب بذريعة الحفاظ على الهوية الايمانية، فمن إغلاق المقاهي بحجة الاختلاط، ومنع الأغاني، الى احراق ومنع العبايات، وحتى الغاء حفلات التخرج في الجامعات والمعاهد متجاهلةً معاناة اليمنيين والازمات التي يعيشونها منذ سبع سنوات.
تحريض ومداهمات غالبا ما يركز زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، على ما يسميه "الغزو الفكري"، الذي قال إنه يأتي من الخارج بهدف "إغواء الشباب عن الجهاد وإفساد المجتمع"، وترجمت مليشياته هذه الخطابات على الأرض في تحركات لمداهمة المقاهي والمعاهد التي يوجد فيها شباب وفتيات بالوقت نفسه. وفي منتصف 2017، دشنت المليشيا حملات لمنع الاختلاط بين الذكور والإناث في عدة مدن، واقتحمت مقاهي عامة بأمانة العاصمة تمثل متنفسات لليمنيين، وأجبرت الموجودين فيها على المغادرة، تحت تهديد السلاح. ومن المقاهي التي تم اقتحامها "مون كافيه"، الذي اغلقه الحوثيون بطريقة فظة، واشترطوا منع الاختلاط مقابل السماح بإعادة فتحه، بحسب تصريح ما صرح صاحب المقهى. وفي سبتمبر 2017، أغلق حوثيون مقهى "بن وقشر" في صنعاء القديمة بدعوى الاختلاط، وفي أثناء الإغلاق تهجموا لفظياً على نساء كن يرتدن المقهى، وصرخوا في وجوههن: "أين أنتن من فاطمة الزهراء!"، وخاطبوا الشباب: "سيروا إلى الجبهات بدل ما تجلسوا هنا تضيّعوا وقتكم". وأغلق الحوثيون مطعماً بصنعاء في يناير 2019، وجاء إغلاق المطعم التركي بعد يومين من اعتداء القيادي الحوثي "علي السقاف" على النساء بداخله، ومحاولة تصويرهن، بحجة أنه يحارب الاختلاط. وداهم مسلحون حوثيون، خلال شهري أكتوبر ونوفمبر العام الماضي، عدداً من محلات الملابس النسائية في صنعاء، بسبب عرض ملابس على مجسمات بلاستيكية، باعتبارها "تماثيل محرمة ولا يجوز العرض عليها، وحذروا محلات حلاقة من الحلاقات التي فيها تشبُّه بالغربيين". كما اقتحموا مهرجانات وفعاليات عامة، ومنعوا إقامة مهرجان لعرض أفلام مخصصة للشأن الإنساني، بذريعة أن الأفلام تشجع على الاختلاط. وأغلقوا كذلك عدداً من المدارس بدعوى الاختلاط، وألزموا مدارس بفصل الطلاب عن الطالبات في السنوات الأولى من الابتدائية. وفي فبراير الماضي نظمت مدرسة "منارات" الأهلية بمديرية السبعين فعالية طلابية ارتدت خلالها مجموعة من الطالبات اللباس التقليدي لبعض الدول منها الزي الفلسطيني ، كما قدمن وجبات طعام يشابه الأطعمة في الدول العربية ، وشهد الاحتفال أغاني يمنية وعربية مختلفة، ما دفع القيادي الحوثي عبد القادر عباس المهدي المعين من قبل قيادة المليشيا مديرا للتربية بأمانة العاصمة الى تغيير وفصل مديرة المدرسة بذريعة تنظيمها وتنسيقها لفعالية طلابية تتعارض مع الهُوية الإيمانية الحوثية. وفرضت مليشيا الحوثي الإرهابية عقوبات على مدرسة أهلية في صنعاء، على خلفية تنظيمها فعالية خاصة لطالبات المدرسة اعتبرتها العصابة الحوثية مخالفة لما تسمية "الهُوية الإيمانية". صمت دولي وتبدي الناشطة السياسية رولا السامعي، قلقها من تجاهل العالم ما سمته "ارهاب الحوثيين"، واعتبار الجماعة الارهابية طرفاً سياسياً في اليمن، بدلاً من إدراجها ك"منظمة إرهابية" ومحاربتها على غرار "داعش" و"القاعدة". تقول "في سبيل الهوية الايمانية المزعومة ارتكبت جماعة الحوثي كثيراً من الجرائم الشبيهة بتلك التي ترتكبها تنظيمات إرهابية مثل داعش والقاعدة، وتستهدف الأطفال والنساء على وجه التحديد، هذا المصطلح هو عبارة عن شماعة لممارسة الارهاب بحق المرأة والطفل والشاب والشيخ، والتمييز العنصري".