هذه الصورة ليست مشهدا من رواية عن مجاعات العصور الوسطى ولا لقطة من فيلم عن نكبة بشرية في مكان بعيد بل هي من قلب اليمن حيث تحكم مليشيا الحوثي بالموت البطيء وحيث لا يحتاج القتل إلى رصاص بل يكفي أن يحرم الإنسان من لقمة العيش حتى يسقط صريعا على رصيف بارد بلا رحمة. هذا الرجل لم يمت في معركة لم تقتله قنبلة ولا رصاصة بل قتله الجوع الذي فرضته مليشيا لا تعرف سوى النهب والفساد. مات وهو مستند إلى جدار لم يسنده بينما تكدس قادة الحوثيين أموالا تكفي لإطعام آلاف الجائعين لكنها تنفق على القصور والسلاح وحروبهم العبثية. في اليمن لم يعد الموت جوعا مجرد احتمال بل واقعا يوميا يعيشه الفقراء الذين لم يترك لهم الحوثيون شيئا سوى المعاناة. تسرق المليشيا أموال الزكاة وتفرض الإتاوات والضرائب بالقوة وتحتكر الأسواق لتجعل من التجويع سياسة ممنهجة. يأخذون أموال الفقراء ليغتنوا ويحرمونهم من حقهم في الحياة حتى المساعدات الإنسانية التي ترسلها المنظمات لإنقاذ الملايين لا تسلم من أيديهم إذ ينهبونها أو يبيعونها ويستخدمونها وسيلة لشراء الولاءات أو معاقبة المعارضين. لم تكتف المليشيا بتدمير الاقتصاد بل جعلت الجوع سلاحا سياسيا يستخدم لإخضاع الشعب. يفرض على التجار دفع مبالغ طائلة وإلا فمصيرهم الاعتقال أو مصادرة ممتلكاتهم، بينما المشاريع الصغيرة تنهب تحت تهديد السلاح وفي المناسبات التي يختلقها الحوثيون مثل يوم الولاية وذكرى الصرخة يجبر الناس على دفع المزيد بينما الفقراء يموتون جوعا في الشوارع بلا صوت ولا نصير. المجتمع الدولي يرى هذه الجرائم يملك الأدلة لكنه يقف عاجزا أمام معاناة تزداد يوما بعد يوم. وبينما تتضخم ثروات قادة الحوثيين تتزايد أعداد الجياع المرضى والمشردين. هذه الصورة بدموع أطفالها وجثث جوعاها ليست مجرد مأساة فردية بل شهادة على مجازر غير مرئية ترتكب بحق شعب بأكمله. إنها صرخة استغاثة لكل من لا يزال لديه ضمير.