يتفاعل الشارع اليمني بشكل واسع مع الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين في قطاع غزة، وسط دعوات رسمية وشعبية لاتخاذ مواقف أكثر حزمًا تجاه العدوان الإسرائيلي المتواصل. ومع تصاعد المأساة الإنسانية، تتجه الأنظار نحو الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول العربية والإسلامية، وعلى رأسها اليمن، من خلال الضغط السياسي والتحرك القانوني والميداني، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإنهاء العدوان الإسرائيلي.
وفي هذا السياق، تجمع النخب السياسية والأكاديمية والإعلامية وقيادات مجتمعية في اليمن، على ضرورة كسر الصمت الدولي، وتكثيف الجهود لدعم القضية الفلسطينية بمختلف الوسائل المتاحة.
- التحرك الدبلوماسي اليمني: أكد فياض النعمان، وكيل وزارة الإعلام اليمنية، أن اليمن كان ولا زال يلعب دورًا محوريًا في حشد المواقف العربية عبر منصتي جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي.
وقال النعمان، في تصريح ل"الصحوة نت"، إن هذا الدور اليمني "يأتي انطلاقًا من إيمان اليمنيين الراسخ بأن قضية فلسطين هي قضية الأمة كلها، وأن العدوان على غزة هو عدوان على جميع الشعوب العربية والإسلامية."
وأضاف: "اليمن لطالما وقفت، وستظل تقف، مع أشقائها في فلسطين بالقول والفعل، وسنواصل الضغط على كل المحافل الدولية لكسر الحصار الظالم والعدوان السافر وإنهاء المعاناة الإنسانية التي يعيشها أهل غزة."
وتابع النعمان: "نشيد بمواقف الدول الشقيقة والصديقة التي وقفت بصلابة إلى جانب الحق الفلسطيني، ونطالب بتكثيف الجهود العربية والإسلامية لتحريك ملف غزة في الأممالمتحدة ومحاكم العدالة الدولية."
وأكد أن استمرار العدوان الصهيوني لن يزيد الشعب الفلسطيني إلا إصرارًا على التمسّك بأرضه وحقوقه، وأن اليمن سيبقى صوتًا للضمير العربي والإسلامي حتى تحرير كل شبر من الأرض الفلسطينية.
- حراك شعبي مناهض للعدوان: يشهد اليمن منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة موجة متصاعدة من الفعاليات الشعبية المناهضة، حيث تخرج مظاهرات أسبوعية في عدة مدن يمنية، تندد بالجرائم الصهيونية وتطالب بتحركات عربية وإسلامية حقيقية لنصرة الفلسطينيين.
ويعكس الحراك الشعبي في اليمن وحدة الموقف تجاه العدوان الإسرائيلي المتواصل على الفلسطينيين، ويؤكد أن الشعب اليمني يضع القضية الفلسطينية ضمن أولوياته رغم الظروف الصعبة التي يعيشها.
وفي هذا الشأن، أوضح عبد الرحمن الشرعبي، ناشط مجتمعي، أن "حملات التبرعات اليمنية للشعب الفلسطيني أتت بنتائج مرضية منذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة".
كما يؤكد ناشطون أن المبادرات المجتمعية الداعمة لفلسطين، مثل المظاهرات، وحملات التبرع، وفعاليات التوعية، وندوات التضامن، تعزز من الزخم الشعبي المناهض للاحتلال وتعيد توجيه البوصلة نحو القضايا المركزية للأمة.
- ازدواجية مشرِّعة للظلم: قال الباحث في الشؤون الدولية، محمد العزاني، إن "المجتمع الدولي يتغاضى عن جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، في حين تُفرَض العقوبات على دول وتُشن الحروب بحجج حماية حقوق الإنسان".
وأضاف العزاني، في تصريح ل"الصحوة نت": "هذه الازدواجية هي تشريع للظلم وتكريس لأخلاقيات القوة بدلًا من قوة الأخلاق"، مشيرًا إلى ضرورة فضح ازدواجية المعايير الصارخة في السياسة الدولية.
وأكد العزاني بأنه لا يمكن الحديث عن نظام دولي عادل طالما ظلت القضية الفلسطينية تُعامَل بمعايير مختلفة، حيث يُنتهك القانون الدولي أمام أعين العالم دون محاسبة.
ولفت إلى أن الوقت قد حان لفضح هذه التناقضات الدولية الواضحة في ملف القضية الفلسطينية، مشددًا بأنه يجب محاكمة الاحتلال الصهيوني بذات المقاييس التي تُطبّق على الآخرين.
- الإعلام وأثر المقاطعة: تسعى السردية الصهيونية المدعومة من وسائل إعلام غربية للتعتيم على أحقية القضية الفلسطينية ومظلومية شعبها، وهو ما يتطلب استراتيجيات إعلامية مضادة تُركّز على إبراز الحقائق وتوثيق الانتهاكات.
من هنا، يحضر الإعلام كأحد أبرز الأدوات التي تلعب دورًا محوريًا في دعم القضية الفلسطينية، حيث يسهم في نقل صوت الشعب الفلسطيني إلى العالم ويكشف جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين.
وفي هذا السياق، أشار الإعلامي جمال رشاد إلى أن "وسائل الإعلام اليمنية نجحت في رفع نسبة الوعي بالجرائم الصهيونية بنسبة 74% خلال الأشهر الثلاثة الماضية".
وفيما يتعلق بالمقاطعة الاقتصادية، قال الشيخ ناصر الزيادي، أحد وجهاء محافظة مأرب، إن "المقاطعة الاقتصادية للشركات الداعمة للكيان الصهيوني أثبتت فعاليتها بنسبة كبيرة في تخفيض الاستهلاك المحلي لمنتجاتها".
وأضاف الشيخ الزيادي، في تصريح ل"الصحوة نت" أن "مجلس شيوخ مأرب سيتقدم بمشروع قرار يلزم الحكومة اليمنية بمنع استيراد أي بضائع من دول تدعم العدوان الصهيوني".
وأوضح الزيادي أن المجلس "سيعقد جلسة لمناقشة سبل دعم المقاومة الفلسطينية ماديًا وإعلاميًا"، داعيًا إلى تعزيز الحملات التوعوية وتكثيف الضغط على الحكومات العربية لسحب الاستثمارات من الشركات المتورطة.
من جهته، طالب النائب البرلماني علي العنسي ب"قطع العلاقات الدبلوماسية مع أي دولة تدعم الكيان الصهيوني"، كخطوة رمزية تضاف إلى المقاطعة الاقتصادية التي يدعمها الشعب اليمني.
- نحو استراتيجية فاعلة: يجمع الرأي العام اليمني على الدفع نحو تبني موقف أكثر حزمًا، مع الحفاظ على الوحدة العربية والإسلامية. ويؤكد أن التحركات الشعبية والمؤسسية تبقى ركيزة أساسية لمواجهة العدوان الصهيوني.
ويرى مراقبون أن الخطاب الرسمي يجب أن يتجه نحو تفعيل الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالقانون الإنساني، والعمل على تجريم الاحتلال من خلال المحاكم والمنظمات الحقوقية العالمية.
ويؤكد مختصون في الشأن السياسي أن بناء تحالفات إقليمية جديدة ترتكز على دعم القضية الفلسطينية، سيعزز من قدرة الدول المناصرة على إحداث تأثير فعلي في مسار الأحداث.
كما يشدد اليمنيون على ضرورة توحيد الجهود الإعلامية والدبلوماسية لتحقيق ضغط دولي حقيقي يفضي إلى إجبار الكيان الصهيوني على وقف عدوانه الغاشم بحق الفلسطينيين.