كان صباح يوم 23 أغسطس 2021 صباحا خلع بهاءها، و أمسك نداه، و رصاصة الغدر الحاقد تخترق من الخلف رأس الشهيد ضياء الحق الأهدل. من لا يعرف ضياء الحق الأهدل الذي توافينا ذكرى استشهاده الرابعة هذه الأيام؟ لم يكن الشهيد رقما هامشيا، و لا شخصا يألف المجالس الوثيرة، أو يقبع وراء المكاتب الأنيقة؛ و إنما كان ملازما الميدان، حاضرا في الشارع، متواجدا في الجبهة، مرافقا لجريح، متابعا لصاحب حاجة... مع بشاشة تكسو الوجه، و ابتسامة تشع من ثغره الضحوك. كان شابا لا يقيده التعب، و لا يَحُدّ من نشاطه الفقر. كيف طوعت نفس القاتل المأجور المترزّق أن يمد يده ليغتال تلك البراءة، و النزاهة، و المواقف الأصيلة، و الرجولة الحقة، و اليد البيضاء لمن عرف و من لا يعرف، على شحةما في يده؟ تعس المجرم الإرهابي الأفّاك ! من يتحرك كمسعور لتنفيذ جريمة قتل بشعة نظير... نظير ماذا؟ ما عسى أن يقبض؟ ما قدر الثمن الذي بُذل له لسفك الدم الحرام؟ أي خسة تلك النفوس التي ترتضي أن تكون أداة قاتلة لقاتل خفي يرسم خطط الإجرام لأدوات قذرة غبية تقبل أن تنفذ ما يريده منها القتلة القابعون في دهاليز الإجرام؟ استشهد الأخ ضياء بفعل اغتيال آثم و جبان، وقبله تم اغتيال الخطيب المفوه الشهيد/عمر دوكم، و زميله الشهيد/ رفيق الأكحلي بعد أن أخذ المجرمون يترصدان الشهيدين بعد خروجهما آمنين، مطمئنين من صلاة الجمعة. تعرف تعز و بنوها، و تعرف اليمن و أهلها أن سعي القتلة، و من يخطط و من يمول إنما يهدف لقتل اليمن، و إثارة الفتن، و الرعب، و بذر الشقاق، و دوافع الانتقام. و مثلما استشهد ضياء الحق صباحا، كان قتلة الشهيد/صادق منصور من قبل، يرقبان تحركه حين راح شهيدا ضحى ذات يوم بعبوة مفخخة.. هؤلاء و غيرهم راحوا ضحية غدر النفوس الموبوءة، و المدمنة للإجرام. فقد التجمع اليمني للإصلاح هؤلاء، و لكنه سما فوق الجراح، ر غم خسارته لرموز صدقوا ما عاهدوا الله عليه، و رغم كل تلك الآلام لم ينثن الإصلاح عن مواقفه، و لا انكفأ يبكي و يترك واجباته، فقد علم منتسبوه أن طريق الحرية، و التحرر من كل قيود الانطلاق التي لا بد أن تُحطّم، و أن تتكسر تحتاج إلى مشوار قد يطول ، و أنه لا بد لهذا من ثمن ، و عليه أن يصبر و يصابر و يرابط، فلا تثنيه، شدة، و لا توقف سيره محنة، و لا يشترط لثبات مواقفه منفعة، أو ألا يلحقه ضرر. فمن عاهد الله صبر و صابر و انتظر الجزاء، ممن وجه وجهه له، و هو سبحانه العزيز الوهاب. رحم الله الشهيد ضياء الحق الأهدل، و رحم الله شهداء اليمن أجمعين.. و لا نامت أعبن الجبناء و المتربصين.