الحج شعيرة عظيمة لا يقتصر أثرها على الفرد, بل يمتد إلى الأمة الإسلامية: اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وتربوياً, والحج يظهر صورة عن واقع المسلمين في كل أنحاء العالم من النواحي الثقافية والاقتصادية... وقد لوحظ خلال السنوات الأخيرة ارتفاع مستوى الوعي عند الحجاج, ولاسيما عند الزحام حيث ترى التراحم والتصبر والتناصح والانشغال بالذكر والدعاء بدلاً من التزاحم والتّسخط الذي يفقد الغاضبين وقارهم واتزانهم. ومع ازدياد عدد الحجاج كل عام تظل الحاجة ماسة لتطوير خدمات الحج ليتمكن ضيوف الرحمن من أداء نُسكهم بسهولة ويسر, ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة السعودية فمازال الحج مكلفاً من الناحية المادية ولاسيما في نفقات السكن والمواصلات, وما ينفقه الحاج خلال أسبوعين يزيد إلى أكثر من الضعف مما ينفقه السائح لنفس المدة في أي دولة أخرى! وأتمنى من حكومة المملكة الاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين ولاسيما الدول الإسلامية التي لديها كفاءات وخبرات كبيرة, بحيث يتم التغلب على المشكلات المتكررة في السكن والمواصلات والزحام... في منى – مثلاً – لماذا لا يتم التفكير في بناء أبراج على جانبي الوادي لتستوعب جميع الحجاج وتتوفر في كل منها جميع الخدمات حتى يستغني الحاج عن الخروج منها للبحث عن ما يحتاج إليه وبحيث يكون الوصول إليها والخروج منها سهلاً, وتبقى ساحة منى متنفساً للحركة والمواصلات والمشاة, على أن يكون السكن في تلك المساكن في متناول الغني والفقير ومتوسط الدخل, وليس خاصاً بالأثرياء دون سواهم!! وهل يمكن وضع حلول للمواصلات بين مكة ومنى ومزدلفة وعرفات بتوسيع شبكة القطارات أو إنشاء سلسلة واسعة من السلالم والسيور المتحركة التي تساعد الحجاج في الانتقال بيسر وسهولة, ولاسيما كبار السن والضعفاء. من المؤكد أن تطوير الخدمات في منطقة المشاعر سيجعل الحج سهلاً وممتعاً, مع كل التقدير للجهود الكبيرة والإمكانات الضخمة التي سخّرتها حكومة المملكة العربية السعودية من أجل خدمة الحجاج وراحتهم, والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل... [email protected]