أحب التفاؤل وأكره التشاؤم، ليس لأن أوضاعنا تسير نحو الأحسن، وإنما العكس، فكل المؤشرات تبعث على الخوف والقلق، ولأنها كذلك فلابد من البحث عن إشراقة أمل، وبصيص من نور يخرجنا من العتمة.. وإذا كان الوضع السياسي المحتقن قد أوصل اليمن إلى الوقوف على حافة الانهيار الاقتصادي، والإنحدار الأخلاقي، والانفلات الأمني، إضافة إلى تهديد الوحدة الوطنية، وتمزق النسيج الاجتماعي، فإن السعي لإيقاف التدهور واجب يتداعى إليه العقلاء، وإلا فالسير نحو التشظي والتلاشي!! التغيير لابد منه، والحياة لن تتوقف، ونحن بحاجة إلى إعادة ترتيب بيتنا اليمني إما بالقوة والعنف وهذا محفوف بالمخاطر ونأمل أن لانصل إليه، أو السير نحو التغيير بالحوار والتفاهم وهو طريق يحتاج إلى مثابرة وصبر وحكمة، والوصول إلى اتفاق لحل القضايا محل الخلاف نجاح سيتأكد من خلال مصداقية التعاطي من أجندة الحوار، ويجب –في هذه المرحلة- عدم الالتفات إلى مخاوف المتشائمين والمتشككين في النوايا، أو إلى أولئك المحبين للتأزيم أو المستفيدين منه. لعل الجميع يدرك أنه لايمكن أن يكسب طرف كل شيء، أو يخسر كل شيء، وأغلب التناولات التي تحدثت على اتفاق المؤتمر والمشترك حاولت أن تشير إلى خسائر المعارضة وأرباح السلطة أو أرباح المعارضة وخسائر السلطة، والحقيقة أن السلطة إذا كانت قد كسبت الاستقرار في الحكم والتهدئة وطمأنة الخارج والداخل، فإن المعارضة قد كسبت الاعتراف بضرورة إجراء إصلاحات سياسية وانتخابية، وما كان مرفوضاً من أطروحاتها عام 2005م عندما قدمت برنامج الإصلاح السياسي والوطني صار اليوم مقبولاً ومرحباً به، وكان الوقوف على جهة الحوار بالتساوي غير مقبول لكنه اليوم ما تم الاتفاق عليه. نريد أن ينطلق الحوار ويضع في حسبانه كل التخوفات والقلق والاعتراضات التي يبديها الجميع بمن فيهم أولئك الذين لايريدون حواراً .. وسنرى أن الاتفاق على حلول سليمة للمشكلات المتعددة سيعيد الثقة إلى كل الأطراف التي تبحث عن مصلحتها في إطار المصالح العامة، أما الذين يدورون حول أنفسهم فقط أو أولئك الذين يريدون كل شيء لهم، ولاشيء لسواهم، هؤلاء سيظهر ضعف حجتهم، وما أظنهم إلا سيلحقون بالمركب لتمضي اليمن إلى بر الأمان. الشفافية والوضوح، وإطلاع الرأي العام على ما سيتم أولاً بأول أحد الضمانات التي تجعل نتائج الحوار تأخذ طريقها للتنفيذ، وفي نهاية المطاف يمكن أن يخرج الحوار بإصلاح للنظامين السياسي والانتخابي، ويتم الوصول إلى انتخابات عادلة وآمنة ونزيهة تضمن التمثيل الصحيح للشعب، وسينتج عنها سلطة قوية، وقادرة على الخروج بالبلاد من أزماتها، وسنظل نعبر عن تقديرنا لمن سيقدم الأكثر لوطنه وشعبه، ولو كان كسبه محدوداً.