رُسمت عن إخواننا أبناء التهائم صورة مغلوطة أو لنقل مشوهة فأبرزتهم على غير حقيقتهم وأعطت انطباعاً لدى عامة أبناء الشعب اليمني عن أن أبناء التهائم جبناء أذلة خانعين ... الخ، ولعل هذا الانطباع السلبي المعكوس عنهم هو ما تصوره هذه الأبيات التي لا أعلم قائلها وهي: أنا من بلاد تسمى تهامة تحب الحياة وتهوى السلامة وما اقتطعتُ في أي يومٍ طريقاً ولا قيل يوماً خطفتُ حمامه دفعتُ فواتير كل العصور وما زلتُ أحيا عصور الإمامة وبغض النظر عن الأسباب التاريخية والاجتماعية والسياسية ونحوها والتي أدت إلى رسم هذه الصورة المغلوطة عن إخواننا أبناء التهائم، فالحقيقة الصارخة طوال تاريخ التهائم سيما في العصر الإسلامي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك في أنهم على عكس ذلك تماماً أي أنهم غاية في الشجاعة، ومن الأمثلة الدالة على ذلك أنَّ أبا موسى الأشعري -رضي الله عنه- وهو التهامي المشهور كان شجاعاً مقداماً باسلاً مشهوداً له طوال معاركه وفتوحاته التي انتصر فيها دائماً وكان القائد الأول فيها وهو الذي فتح مدن (قُم) و (الري) أي طهران الحالية و (تُستُر) و (ماسبذان) و(رامهرمز) وغيرها. ومن أمثلة ذلك أيضاً (عبدالرحمن الغافقي العكي) من قبيلة (عك) التهامية الشهيرة وهو بطل معركة بلاط الشهداء في الأندلس (أسبانيا) والتي يسميها الغربيون معركة (تور) والتي استشهد فيها وكان قائد المسلمين فيها والذي بلغ من شجاعته المتناهية أن وصلت إلى حد التهور إذا صح التعبير، إذ أنه استشهد وهو في مقدمة الصف الأول في المعركة. ومن أمثلة ذلك في العصر الحديث أنَّ الإمام أحمد دوَّخه زرانيق تهامة في معاركهم معه، وقد أسره أحدهم في واحدة منها وهو لا يعلم أنه الإمام أحمد ولذلك افتدى نفسه منه بقليل من المال، ونتيجة ما حدث للإمام وجيوشه مع الزرانيق من أهوال خاصة في عاصمتهم (الجاح) فقد قال الإمام أحمد في ذلك قصيدة مطلعها: صاح إنَّ (الجاح) قد أضنى فؤادي وأراني كل ألوان السُهاد كل ما أوقعتُ في القوم الردى خرجوا كالجنِّ من فوق الرماد وغير ذلك من الأمثلة.