لقد ظل الحكم الإمامي الكهنوتي المتخلف ردحاً من الزمن يحكم أجزاء من اليمن باسم الحكم الإلهي المقدس لعائلات محددة تدعي أن الله اصطفاها تحكم هذا الشعب فهم السادة وبقية الشعب عبيد لخدمتهم ومن خرج عن ذلك فهم بغاة يجب محاربتهم سواء كان زيديا أو شافعيا بل يعتبرون أن جميع الشوافع كفار تأويل ولكي نعرف خطر هذا الفكر الإمامي المتخلف نأخذ مقتطفات من كتاب الشهيد (أبو الأحرار محمد محمود الزبير)، (الإمامة وخطرها على وحدة اليمن....) (اليمن جزء صغير من الوطن العربي ولكن الاستعمار بمواطأة الرجعية قسمه إلى قسمين. والاستبداد في عهود الظلام والجهل أبى إلا أن يبث الفرقة السخيفة بين أبناء القسم المستقل فيغذي بتصرفاته الغاشمة الفرقة المذهبية والإقليمية ويفرق في معاملاته بين ما يسمى قسما شافعيا ثم يفرق بين الأقسام الإقليمية والقبلية وبين القرى والمدن وينمي روح التمجيد بالعرق والسلالة . فعل هذا الاستبداد الامامي كي يتسنى للقاعدة الشيطانية (فرق تسد) أن تمزق وحدة الشعب وتمنعه من التكتل ضد الأوضاع القائمة ولكن العهود الرجعية الظالمة قد أخفقت إلى حد كبير إزاء وعي الشعب وصلابته وفطرته ذلك أن الشعور الوطني العميق و الإحساس الفطري بالوحدة القومية العنيدة الصلبة التي لا يمكن تفتيتها بمجرد معاهدات شخصية بين الحكام والمستعمرين لا تعدو أن تكون قصاصات من الورق..... إن الإمامة من أساسها فكرة مذهبية طائفية يعتنقها من القديم شطر من الشعب وهم الزيدية أي الهادوية سكان اليمن الأعلى فقط أما أغلبية الشعب في اليمن بما ذلك الجنوب المحتل فأنهم جميعا لا يدينون بهذه الإمامة ولا يرون لها حقا في السيطرة عليهم بل أنهم يرون فيها سلطة مفروضة عليهم سياسيا ودينيا وهذه الإمامة لا تقف عند حدود سلطانها السياسي بل تفرض على شطر الشعب معتقدات وطقوسا وأحكاما مذهبية لا تتفق مع مذهبه. وهذا التحكم من شانه أن يخلق شعورا مريرا لدى أكثر الشعب يجعل الانقسام ظلا قائما رهيبا يخيم على البلاد ويهدد مصيرها على الدوام كما يجعل الحكومة الإمامية في نظر هذا القسم كأنها حكومة دخيلة علية لا تعبر عن ارادتة ولا عن عقيدته والأدهى من ذلك أن يراها وكأنها حكومة خاصة باليمن الأعلى فحسب. وكأن سكان اليمن الأعلى طبقة حاكمة تحتكر الحكم لنفسها وتجعل من اليمن الأسفل مجرد مجال حيوي لها . هذا بينما سكان اليمن الأعلى العقلاء منهم أبرياء من هذا الافتئات والظلم بل أنهم لبثوا الدهر الطويل يعانون مرار و الطغيان الامامي ويرون فيه حكما طارئا عليهم دخيلا على حياتهم يفرض عليهم إلى جانب السلطة السياسية سلطة روحية تعيش في دمائهم كا الكابوس الرهيب وتشل عروبتهم و أدميتهم وتعزلهم في ظلام من الجهل والحرمان والتجويع وتجرعهم المعتقدات الاماميه المسمومة ثم تطلقهم على الفريق الأخر من مواطنيهم كالذئاب المسعورة . وهكذا نجحت الإمامة في تصنيف الشعب إلى فريقين مختلفين كل فيهما مطية إلى هدف من أهدافها وإذا كان القسم اليمني الأسفل يقاسي الكثير من السلب والقهر فالقسم الأعلى يتجرع السموم الروحية التي ترغم أبناءه الطاعة العمياء للإمام دون مناقشة ولا حساب ودون أن ينتظر جزاء. عندما تمطر السماء يقال له هذه بركات الإمام وعندما تمحل يقال له هذه دعوة من الإمام ضد العصاة المتمردين الزكاة لا تعطى إلا للإمام وبعض الصلوات لا تؤدى إلا بوجود الإمام ثم يجيء الرخاء فيكون بفضل الإمام _ويحل الفقر والبؤس والموت فيحال البائسون المقتولون التعساء إلى رمان الإمام وعنبه ونعيمه في الجنة . حلت إحدى المجاعات الامامية الرهيبة باليمن ومات أكثر أهلها بعد أن أكلوا الكلاب والقطط وكانت خزائن الحكومة ملأى بالحبوب وراح الناس يسألون الإمام يحيى النجدة فصعر خده لهم وقال كلمته المشهورة : (من مات فهو شهيد، ومن عاش فهو عتيق) انسحقت شخصية اليمنيين في ظل الإمامة وحرمت عليهم قيادة بلدهم وصار التفكير فيها جريمة دينية وسياسية في وقت واحد وشوه التاريخ اليمني فأصبحنا _لا نقرأ فيه إلا أسماء المقدسيين الآلهة من الأئمة وأذنابهم وأشياعهم، أما شخصية الشعب فما يكاد يرفع رأسه للعزة والكرامة بطل من أبطالها حتى يسرع به الأئمة الأطهار ويبعثوا به مشيعا بلعناتهم إلى قبره ثم لا يذكرونه في التاريخ إلا على انه الباغي وعدو الله الفاسق الملحد الكافر والتأويل إلى أخر هذه الألقاب . وهكذا استمرت عملية السحق لعروبة اليمن وشخصياتها_الشعبية وثوراتها النضالية أكثر من ألف عام.... والمهمة الأخرى لأي إمام هي تدعيم مركزه الروحي بين القبائل تحت ستار التشيع لآل البيت حتى يرسخ في عقلية الشعب بالقسم الأعلى أن الإمام ظل الله ينظم علاقته بالناس ومركزه فيهم تشريع الهي في هذه الآية الكريمة: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم). فكل ما ورد في طاعة الله ورسوله ينطبق على الإمام لأنه نائب الله وخليفته وتقترن التعاليم الروحية في القسم الأعلى بالحملات الطائفية ضد ما يسمونهم ((كفار تأويل)) الذين لا يدينون بالمذهب الامامي وهم أكثرية البطش والسلب التي لا بد لكل إمام من تجريدها ضد المزارعين الآمنين من أبناء الشعب في اليمن الأسفل وتهامة... وقد عاش الشعب اليمني في الماضي مقتنعا بأن الامامه هبة_إلهية لسلالة معينة مختارة فلم ينبعث لمقاومة هذه القدسية الرهيبة إلا عدد قليل من الأفذاذ أجهزت عليهم سيوف الائمة وتخلصت منهم كمجرمين ومارقين وأعداء الله... اما الشعب فقد كان معظم فترات التاريخ متفرجا يستعرض عضلات المتصارعين على حكمه والسيطرة عليه وكأنما هو أكوام وأنقاض من التماثيل الأثرية _تنتزعها أيدي اللصوص. غير أن الشعب اليوم وقد تطور وناضل وثار وانبعثت على صيحته العروبة الصاحية الثائرة لا يمكن أن يكون غده كأمسه ولا مستقبله كماضيه ولن يكون دوره منذ ألان متفرجا فلا بد أن يحدد موقفه من كل مشكلة تتعلق به وان يطالب بكل حق من حقوقه _ومن المستحيل أن يبقى مصدقا أن السماء قد وقع اختيارها في الأزل لعدد من العائلات تناوب الحق الإلهي في الحكم عصرا بعد عصر . لن تظل الأغلبية الشافعية من الشعب تقبل أن تحكم حكما مذهبيا عسكريا لا يعبر عن إرادتها ولا عن عقيدتها ولن تظل الزيدية مذعنة مستسلمة لحكم عنصري متعال يريد أن يعيش أبدا الدهر مدللا من السماء والأرض كلا ولن يرضى الشعب أن يكون غده كأمسه لابد أن يأخذ دوره الكامل في الصراع وهذه سنة الحياة فمن أراده شيء غير هذا فقد أخطأه التوفيق والرشد . وسوف يتجه الصراع حول هه المشكلة الرئيسية الكبرى مشكلة الحق الإلهي في حكم الشعب . لمن يكون هذا الحق ومن الأولى به؟ هل يجوز أن تبقى طائفة مذهبية تحكم طائفة أخرى إلى الأبد.؟؟ تلك هي مشكله المستقبل الكبرى ستدور عليها معارك المستقبل وأحداثه وستبعث منها مشاكل كثيرة أخرى وستستغلها القوى العربية والدولية شئنا ذلك أم لم نشأ وستتعرض اليمن بسببها لأخطار لا نهاية لها...) انتهى كلام الزبيري. تلك هي مشكلة اليمن الكبرى لمن يدعون اليوم أن لهم الحق الإلهي في حكم اليمن والأدهى والأمر أن يضاف إلى ذلك في الامامه الجديدة في مران صعده إتباع ((ولاية الفقيه)) والانتماء إلى الطائفة الاثنى عشريه الفارسية الإيرانية التي يتبرأ منها المذهب الزيدي وأئمته. فيا أبناء اليمن تيقظوا وتنبهوا فالثورة والجمهورية قامت بعد جهاد طويل وتضحيات جسيمة قدم فيها الشعب ألاف الشهداء والجرحى والمعتقلين على هذه الفئة التي تريد حكم الشعب باسم الحكم الإلهي المقدس. نعم للجمهورية لا للإمامة والملكية وكان واقع الشعب اليمني كما قال الشهيد الزبيري جهل وأمراض وظلم فادح ومخافة ومجاعة وإمام والناس بين مكبل في رجله قيد وفي فمه البليغ لجام أو خائف لم يدر ما ينتابه منهم أسجن الدهر أم إعدام يا قوم هبوا للكفاح وناضلوا إن المنام عن الذمام حرام