نظرية المؤامرة سادت زمنا في الوطن العربي واستخدمت كشماعة يعلق عليها كل نتائج العجز والقصور والخيبة التي عاشتها الأنظمة والنخب السياسية العربية , حتى أفرطت كثيرا هذه الانظمة والنخب بالتذرع بنظرية المؤامرة , وجاءت فترة تالية ترفض نظرية المؤامرة من الأساس , وأنها لم تكن سوى مبرر تخفي به النخب العربية عجزها ! وما يزال في الشارع العربي من يصر على وجود الأثر لنظرية المؤامرة بصرف النظر عن مساحتها – انكماشا أو تمددا – فيما يقف فريق آخر ينفي هذه الفكرة من الأساس , وكادت هذه الفكرة أن تكون هي الأبرز بل ذهبت الى اعتبار أن من يروج لنظرية المؤامرة هو جزء من المؤامرة. غير أن مستجدات الأحداث التي تشهدها المنطقة وبالأخص الوطن العربي أعادت الى الأذهان وبقوة الروح أو بمعنى أدق الرواج لنظرية المؤامرة من جديد . الشارع العربي الذي سمع كثيرا عن النقاط التي وضعها لويس التاسع وهو في محبسه بمدينة المنصورة في مصر إثر فشل الحملة الصليبية السابعة التي قادها لغزو الشرق العربي , وكيف فكر أن احسن طريقة لهزيمة هذه الأمة هو أن يهدمها من داخلها بنقاط حددها , ونفذت فيما بعد , كان يسخر في الآونة الأخيرة من هذا الأمر , وراح كثيرون يقللون ويسخرون أيضا من كثير من تلك الاجراءات والخطط التي اتخذها الاستعمار الغربي للتمكين لأنفسهم في البلاد العربية والاسلامية ومن ذلك مثلا ما سمي بوثيقة (كامبل ) التي صدرت عن مؤتمر عقد في لندن سنة 1905م -1907م برئاسة رئيس الوزراء البريطاني (هنري كامبل وسميت الوثيقة باسمه , وكان اهم ما ورد فيها : القول أن مصدر الخطر الحقيقي على الدول الاستعمارية إنما يكمن في المنطقة العربية , وأنه لمواجهة ذلك لا بد من إبقاء شعوب المنطقة مفككة وجاهلة متأخرة , وبموجب ذلك قسم ذلك المؤتمر العالم الى ثلاث فئات الأولى دول الحضارة الغربية والتي يجب دعمها ومساندتها والثانية دول تقع ضمن الحضارة الغربية ولا يوجد تصادم معها وانه يجب على الغرب احتوائها وتقديم الدعم لها وبما لا يؤدي الى تفوقها , والثالثة اعتبروها دولا لا تقع ضمن الحضارة الغربية ويوجد تصادم معها , وأن اي استقرار أو ازدهار ينشأ فيها فذلك خطر يهددنا , وحددت أنها الدول العربية بشكل خاص والاسلامية بصورة عامة , وعليه فيجب – فوق عدم السماح باستقرارها – ان تحرم من الدعم ومن اكتساب العلوم والمعارف التقنية , والعمل على محاربة أي اتجاه من هذه الدول لامتلاك العلوم التنقية . وهنا بينما كان الشارع العربي وبالأخص النخب المثقفة فيه تبالغ بالسخرية من نظرية المؤامرة التي يتهم بها الغرب ارجعته مواقف بعض الدول الغربية الى مربع نظرية المؤامرة وبقوة وراح يستعيد مواقف ومخططات سابقة . والسؤال هل ما تزال عقلية لويس التاسع ومحتوى وثيقة كامبل هي من تسيطر على (بعض) العواصم الغربية بدليل أن العملية الديمقراطية في الوطن العربي مستهدفة من المستبدين فيه ومساندة تلك العواصم للاستبداد , وان الثورات السلمية لا تتعامل معها هذه الدول بمكر فيما تتعامل مع جماعات العنف والمليشيات المسلحة . وهي ترجمة لعقلية لويس التاسع ووثيقة كامبل .