البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    ماذا تعني زيارة الرئيس العليمي محافظة مارب ؟    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    رسالة سعودية قوية للحوثيين ومليشيات إيران في المنطقة    كأن الحرب في يومها الأول.. مليشيات الحوثي تهاجم السعودية بعد قمة الرياض    طفلة تزهق روحها بوحشية الحوثي: الموت على بوابة النجاة!    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز برباعية امام فالنسيا    ثلاثة صواريخ هاجمتها.. الكشف عن تفاصيل هجوم حوثي على سفينة كانت في طريقها إلى السعودية    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    رئيس مجلس القيادة: مأرب صمام أمان الجمهورية وبوابة النصر    الجرادي: التكتل الوطني الواسع سيعمل على مساندة الحكومة لاستعادة مؤسسات الدولة    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    استشهاد 23 فلسطينياً جراء قصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة    فيتنام تدخل قائمة اكبر ثلاثة مصدرين للبن في العالم    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    رباعي بايرن ميونخ جاهز لمواجهة ريال مدريد    عاجل محامون القاضية سوسن الحوثي اشجع قاضي    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    ريمة سَّكاب اليمن !    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العولمة ومشروع التفكيك الثقافى العربى
نشر في نبأ نيوز يوم 18 - 04 - 2009

لا شك ان الهوية الثقافية العربية اصبحت فى مأزق الان من محاولات الغاء خصوصيتها والمحاولة المستمرة من الغرب الى طمس الهوية العربية ومحاولات كثيرة من فرض السيطرة على الفكر السياسى والاجتماعى من خلالها فرضها اما بالحرب الساخنة ام الباردة
و المحاولات المستمرة لتفكيك التاريخ واستنهاض الإثنية والطائفية والمذهبية , في محاولة لطمس الهوية القومية وتشويهها , ليس للاندماج كما يرى بعضهم في العالم الثقافي الجديد, وإنما لتسهيل مرور المشروع الصهيوني , لأن الثقافة العربية هي خط الصمود القوي والأخير في صراع وجود أو لا وجود .‏
فالهوية الثقافية لمجتمع ما او شعب هى التى تميزه عن غيره من الشعوب من حيث النشأة الحضارية والعادات والتقاليد التى تميز شعب عن أخر ، التى تتحدد معها الخارطة الجغرافية الثقافية
وتاتى النقطة المتعلقة بقضايا العولمة التى فى بعض الاحيان تتوه معها الهوية الثقافية العربية فى خضم المغريات التى تدخل عليها نقطة هامة وخطيرة فى مجابهة العولمة بأثارها السلبية التى تدخل وتفرض نفسها على الواقع العربى وتؤثر على الفكر وفى بعض الاحيان الانتماء العرقى للخارطة العربية
ثقافة العولمة
ثقافة العولمة هى التى تتجاوز وتتخطى الحدود الجغرافية والسياسية وتنتشر من خلال تدفق السلع والافراد والمعلومات والصور والمعرفة مخترقة الحدود والحواجز لتصل الينا رغم انفنا ... متلقين ما تمليه علينا تلك الثقافات والتى يتشكل معها انماط جديدة ومختلفة عن انماطنا العربية ، ويسود شبه إجماع في أوساط النخب السياسية والمالية والثقافية في المجتمعات العربية والتيارات الأيديولوجية المناصرة في المجتمعات المحورية، تجرم العولمة كحتمية تاريخية وتحذر من أخطار انعكاساتها على السياسة والاقتصاد والهوية الثقافة والحضارية وعلى جميع مناحي الحياة على استهلاك منتجات العولمة بنهم وشراسة.
فمحاولة لتقديم تعريف لمفهوم العولمة نجد انه منذ عام 1989 شهد القرن العشرين احداث درامية فى انهيار الاتحاد السوفيتى والكتلة الاشتراكية ، والتى تولدت معها اربع عمليات اساسية للعولمة وهى على التوالى
المنافسة بين القوى العظمى والابتكار التقانى " التكنولوجى " وانتشار عولمة الانتاج والتبادل والتحديث .
ويمكن القول ان للعولمة تاريخيا قديما وبالتالى فهى ليست نتاج العقود الماضية التى ازدهر فيها مفهوم العولمة وذاع وانتشر واصبح احد المفاهيم الرئيسية لتحليل الظواهر المتعددة التى تنطوى عليها العولمة فى السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة
ولعل ما جعل العولمة تبرز اثارها فى هذه المرحلة التاريخية التى يمر بها العالم هو تعميق اثار العلمية والتقانية من جانب والتطورات الكبرى التى حدثت فى عالم الاتصال والتى يمكن القول انها ثورة فى العالم من خلال تطور الحواسيب الاليكترونية والاقمار الصناعية وظهور شبكة الانترنت بكل ما تقدمه للاتصال الانسانى بمختلف انواعه من فرص ووعود.
تخطيط الوضع الكونى – رولاند روبرتسون
اذا حاولنا ان نتتبع النشأة التاريخية للعولمة يمكننا ان نعتمد على النموذج الذى صاغه رولاند روبرتسون والذى حاول فيه ان يرصد المراحل المتتابعة لتطور العولمة وامتدادها عبر المكان والزمان ، ونقطة البداية عند رولاند هى ظهور المجتمع القومى منذ حوالى منتصف القرن الثامن عشر يمثل بنية تاريخية فريدة وان الدول القومية المتجانسة تمثل تشكيلا لنمط محدد من الحياة ويمكن القول فى الحقيقة ان شيوع المجتمعات القومية فى القرن العشرين هو فعل من افعال العولمة بمعنى ان اذاعة ونشر الفكرة الخاصة بالمجتمع القومى كصورة من صور الاجتماع المؤسسى والذى كان جوهريا بالنسبة الى التعجيل بالعولمة التى ظهرت منذ قرن من الزمان .
وبناء على هذه الاعتبارت صاغ روبرتسون نموذجه من خلال تعقب البعد الزمنى التاريخى الذى اوصلنا الى الوضع الراهن والذى يتسم بدرجة عاليه من الكثافة الكونية والتعقيد وينقسم الى خمس مراحل كما يلى :
1- المرحلة الجنينية
والتى استمرت فى اوربا منذ بواكير القرن الخامس عشر فى منتصف القرن الثامن عشر هذه المرحلة شهدت
نمو المجتمعات القومية واضعافا للقيود التى كانت سائدة فى القرون الوسطى كما تعمقت الافكار الخاصة بالفرد وبالانسانية وسادت نظرية عن العالم وبدأت الجغرافيا الحديثة وذاع التقويم الغريغورى.
2- مرحلة النشوء
والتى استمرت فى اوربا من منتصف القرن الثامن عشر حتى عام 1870 وما بعده فقد حدث تحول حاد فى فكرة الدولة المتجانسة الموحدة واخذت تتبلور المفاهيم الخاصة بالعلاقات الدولية وبالافراد باعتبارهم مواطنين لهم اوضاع مقننة فى الدولة ونشأ مفهوم اكثر تحديدا وزادت الى حد كبير الاتفاقيات الدولية ونشأت المؤسسات المتعلقة الخاصة بتنظيم العلاقات والاتصالات بين الدول وبدأت مشكلة قبول المجتمعات غير الاوربية فى المجتمع الدولى وبدأ الاهتمام بموضوع القومية والعالمية .
3- مرحلة الانطلاق
والتى استمرت من عام 1870 وما بعده حتى العشرينات من القرن العشرين وظهرت مفاهيم كونية مثل خط التطور الصحيح والمجتمع القومى المقبول وظهرت مفاهين تتعلق بالهويات القومية والفردية وتم ادماج عدد من المجتمعات غير الاوربية فى المجتمع الدولى وبدأت عملية الصياغة الدولية للافكار الخاصة بالانسانية ومحاولة تطبيقها وحدث تطور هائل فى عدد وسرعة الاشكال الكونية للاتصال .
وتمت بالفعل النافسات الكونية والتى منها على سبيل المثال " الالعاب الاولمبية وجوائز نوبل وتم من خلالها تطبيق فكرة الزمن العالمى والتبنى شبه الكونى للتقويم الغريغورى .
4- الصراع من اجل الهيمنة
استمرت هذه الحرب من العشرينيات حتى منتصف الستينيات وبدأت الخلافات والحروب الفكرية حول المصطلحات الناشئة الخاصة بعملية العولمة والتى بدأت فى مرحلة الانطلاق ونشات صراعات كونية حول صور الحياة واشكالها المختلفة وقد تم التركيز على الموضوعات الانسانية بحكم حوادث الهولوكوست والقاء القنبلة الذرية على اليابان وبروز دور الامم المتحدة .
5- مرحلة اليقين
بدأت منذ الستينيات وأدت الى اتجاهات وازمات فى التسعينيات وتم ادماج العالم الثالث فى المجتمع العالمى وتصاعد الوعى الكونى فى الستينيات وشهدت تلك المرحلة نهاية الحرب الباردة وشيوع الاسلحة الذرية وزادت الى حد كبير المؤسسات الكونية والحركات العالمية وتواجد المجتمعات الانسانية اليوم ومشكلة تعدد الثقافات وتعدد السلالات داخل المجتمع نفسه واصبحت المفاهيم الخاصة بالافراد اكثر تعقيدا من خلال الاعتبارات الخاصة بالجنس والسلالة ، وظهرت حركة الحقوق المدنية واصبح النظام الدولى اكثر سيولة وانتهى النظام الثنائى القومية وزاد الاهتام فى هذه المرحلة بالمجتمع المدنى العالمى والمواطنة العالمية وتدعيم نظام الاعلام الكونى.
ولعلنا نخرج من هذه المقدمة الطويلة الى ابراز تطور تاريخ العولمة ومرورها من مرحلة الظهور الى اليقين التى على اساسها تحولت معها تحولات كثيرة كونية وسياسية واقتصادية واجتماعية ، وتأتى على رأسها التحولات الثقافية التى نشهدها حاليا من تخبطات وتشوهات .....
اشكالية الثقافة فى المجتمعات العربية
ففي الماضى القريب كانت الأقطار العربية كافة مجتمعة تحت ثقافة سياسية واجتماعية ترتقى الى مرحلة التوحد فى الفكر والاهداف والانماط ولكننا بعد ذلك شهدنا تلك الثقافة تتخبط الى حد الاختلاف والتناقض
فكان هناك إجماع في الشارع العربي وفي الذهن الثقافي والسياسي والاجتماعي على وحدة الأمة العربية حيث كلنا نتجمع تحت لواء واحد ومنطقة عربية واحدة ويجمعنا تاريخ وأمال واحدة ونتفق على مبدا واحد وهو الوحدة والقومية العربية فهدفنا واحد كذلك عدونا مشترك وهو "العدو الصهيوني والاستعمار " وقد نجحنا فى ذلك على الرغم من اتفاقية "سايكس بيكو " التى نجحت في تفكيك الجغرافيا لكنها فشلت فى تفكيك الوحدة والهوية العربية والاجماع على وحدة الامة.
الوطنية والقومية
برزت فى السنوات الاخيرة اشكالية فى التفريق بين القومية بمعناها الواسع والوطنية بمعناها الخاص وبرزت , برزت في التنشئة السياسية " الثقافة قطرية " التى تعنى بقومية القطر العربى الذى لابد من كل العرب الاحتماء تحت مظلته ولكنه قام بعض المشككين من دعاتها بمحاولة فصل الثقافية القطرية عن الثقافة العربية الإطار الحاضن للأمة , وبدأ نوع من التشكيك بالعروبة والقومية واصبح هناك لبس بين معنى " الوطن " دون تحديد لمضمونه الجغرافي المحدود بأرض الدولة, وبين «الوطن القومي» المحدود بجغرافيا " جامعة الدول العربية" وعلى هذا الارتباك فقد حدث خلل فى المدلول خصوصاً مع عدم وجود تعاريف وتحديدات مستمرة لهذا المفهوم, وهو ما يجعله في كثير من الأحيان مستعصياً على الفهم, وعلى هذا وفى ظل هذه الاوضاع المتردية على الثقافة العربية فأصبحت مهددة بالفسوخ والانشقاق والانزلاق الى دائرة الغرب اولا وعدم الفهم او التفرقة بين ما هو قومى وبين ما هو وطنى ، فالانسان عادة ما ينتمى بشكل مركب من انتماء ادنى وانتماء اعلى وبالطبع ياتى الانتماء الاعلى للوطن الام ولكنه ايضا تتحكم فيه بعض الانتماءات الاخرى الاخص من ذلك فمثلا الانتماء القبلى وكذلك الانتماء الدينى الذى يتجاوز الوطنى وهكذا ... عندما تتعرض منظومة الانتماء للتآكل فى اى من المجتمعات , فإن التآكل يبدأ في الطبقات العليا ثم نزولا الى اقل الانتماءات , وهذا يعنى ان الانتماء يبدا بالاكبر ثم ينتهى عند الاصغر وليس العكس, وكل خسارة لانتماء كبير تعني نزولاً للانتماء الأدنى, فعلى سبيل المثال فإن الانفجار الطائفي الذي نشهده اليوم بات يشكل ظاهرة معلنة ومسوقة في كثير من وسائل الإعلام , ويقوم عليها مثقفون كان بعضهم ذات يوم تحت مظلات قومية ويسارية وسلفية يمكن تفسيره باعتباره حصيلة تآكل انتماءات كبرى.‏
لايمكننا ان ننكر ان قيم ثقافة العولمة اصبحت قوة لا يستهان بها والدعوة الى مقاومتها تبدو غير مجدية وفى بعض الاحيان غير مفيدة لانه اصبحت قوة الجذب فيها اكثر واقوى من قوة رفضها فى فرض سيطرة ولكن من نوع اخر ليس قوة عسكرية وانما حربا تكنولوجيا بقوة العلم والمعرفة ، ومع هذا تنتفى هنا علة المقاومة والرفض لهذه الثقافات ولا تجد امامها طريقا الا وان تتكيف معها وتتماشى مع ما تقدمه من قيم واعراف
فالمؤسسات الثقافية فى العالم العربى تعانى من ضعف فى التوجه نحو الثقافة القومية او الثقافة العروبية وراحت وسائل الاعلام العربية الناطقة بالعربية والتى معها قامت العديد من المراكز البحثية فى الغرب فى التركيز حول هذا الفسوخ وتبنى عليه اسباب تفكك وتخلف بعض الدول العربية لاغراض خدمة الملف الصهيونى الامريكى ، ففى الغرب نجد مئات مراكز البحوث المهتمة بالواقع العربى والثقافة العربية فنجد فى الصين مثلا وكوريا الجنوبية وهما الدولتان الاقل اهتماما بوضع العالم العربى بين الدول الصاعدة نجد لديها أكثر من أربعين معهدا لهذا الغرض لبحث مشكلات الثقافة العربية واسباب فسوخها , فكم لدينا نحن العرب من هذه المراكز البحثية في العالم العربي التي تعنى بترسيخ الثقافة العربية وتحويلها إلى مشروع مواجهة وصمود في وجه المشاريع الغربية ?‏
مشروع التفكيك
ايلى خدورى كاتب يهودى عراقى خرج علينا بمقالا فى عام 1920 تحدث فيه عن الطوائف والاعراق والمذاهب فى العراق ودعا الى تفكيك العراق نظرا لما بها من خلط فى الثقافات والمذاهب والاعرا ق كذلك تفكيك فى الانتماءات وقد قام بعدها مركز الابحاث الامريكى " انتر امبرايز " وهو المعهد الرئيسى الذى يعتمد عليه المحافظون الجدد بدراسة هذا المقال ورسم منطلقاته من قبل القادة الصهاينة ثم تحول هذا المشروع الذى تبناه الرئيس الاسبق للولايات المتحدة جورج بوش وهو ما نراه بالفعل اليوم قائما فى العراق وغيرها من الدول
فاالادارة الامريكة تدرك اهمية وخطورة الثقافة ومدى ارتباطها بالخصوصية لكل شعب عربى من الشعوب فتبنى خطتها على ضرب هذه الثقافة واغتصابها واقتلاعها من جذورها وهذا ما تفعلة الولايات المتحدة الامريكية والمشروع الصهيونى فى احتلال وغزو الاارضى العربية وطمس ومحو هويتها العربية وهذا ما تفعله من تغيير لاسماء المناطق واطلاق عليها اسماء مغايره لاسمائها العربية وفرض لغات بين العرب للتحدث بها وهذا شأ ن اى دولة احتلال ان تهتم بتغيير الثقافات واللغات وتطبيع المنطقة بتقافتها وهويتها ، وهذا شكل من اشكال الحرب الثقافية بالقوة العسكرية ولكن هنا شكل اخر اكثر خطورة وقوة ثقافة تفرض نفسها من خلال اطار محبب وملون تاتى عليك بالجديد والممتع فلا تستطيع ان ترده او تغلقه وهذا هو فعل العولمة االمسبوقة بالتطور التكنولوجى عبر السموات المفتوحة ..
اسباب الغزو الثقافى للثقافة العربية
واقعنا المتخلف وانتماؤنا إلى قائمة المتخلفين من قبل التقسيم العالمى الغربى ولص بنا تلك الصفة على اعتبار انها أمر مسلم به وان كان لنا ايضا دور فى هذا نظرا لسلبيتنا فى الدفاع عن الهوية وعن الثفاقة العربية وابراز مكانتها واهميتها بين ثقافات وحضارات العالم .
2- كذلك الغزة الاعلامى والاعلانى الغربى لنا نحن دول الشرق عبر الوسائل السمعية والبصرية والتى تهدد القيم والاخلاق تاركين لها الحبل على الغارب تغزو عقول شبابنا وبناتنا وتفرض عليهم قيم واخلاقيات منافيه لاخلاقنا وثقافتنا العربية .
3- قصور العرب فى تبنى مفهوم الحداثة والمعاصرة ادى الى قصور فى جميع مجالات التخطيط العربى السياسية والاقتصادية والثقافية
تحكم الغرب فى البوابة الاعلامية وبث اخبارها المتدفقة من الشمال الى الجنوب وعدم بث اى اخبار ايجابية عن العرب ودول الجنوب عامة واذا قانت بنقل اخبارنا تقوم ببث فقط المسيئ لنا كعرب من انقاسمات داخلية واعمال عنف وشغب وهذا ما يوسع من الفجوة بيننا وبين الغرب لنكون دائما تابعين متلقين غير مرسلين وهذه هى اولى واهم خطوات الغزو الثقافى والاعلامى وتشوية وطمس الثقافة العربية .
أهداف الهيمنة الثقافية
ضرب الثقافات المحليو والقومية ونشر ثقافة المهيمن وسيادة نموذج واحد للتفكير ونشر قيم انسانية مغايرة للمجتمع العربى وهذا هو الهدف الظاهر للهيمنة الثقافية لكن هناك هدف اعمق من ذلك هو فى الحقيقة تعميق نقطة الضعف عن العرب فى فقدهم حاسة الابداع والابتكار والمناقشة والحوار واجباره على التلقى والحفظ والتلقين لشعارات ومسميات حتى وان كا يجهلها فى محاولة لتعطيل العقول.
وقد تناول باحث امريكى تلك القضية وقد حلل مكونات الثقافات الامريكية المهيمنة على جل الثقافات
فى انها تقوم على خمس افتراضات هى :-
الافتراض الأول:
وهو الفردية التي ترمي إلى إلغاء الطبقة والأمة كإطار اجتماعى
الافتراض الثاني:
وهو الخيار الشخصي الذي يكرس نوعاً من السلوك الأناني ويلغي مبدا التعاون
الافتراض الثالث:
وهو الحياد، بمعنى أن الفرد يعيش محايداً والآخرين المحيطين
به كذلك، مما يؤدي إلى انعدام التزامه بأي قضية جماعية وطنية أو قومية أو
أخلاقية.
الافتراض الرابع:
وهو الاعتقاد بأن الطبيعة البشرية لا تتغير، فيها الغنى
والفقير والأبيض والأسود والقوي والضعيف، وهي أمور طبيعية كالليل والنهار.
الافتراض الخامس:
غياب الصراع الاجتماعي كأداة للتغيير يؤدي إلى الاستسلام
للشركات المستغلة، وأقليات متسلطة، وغياب التغير المبني على الصراع الاجتماعى وعلى ذلك نلخص مما سسبق من فروض ان الفردية والغاء مبدأ التعاون والتفرقة فى الطبيعة البشرية وانعدام الالتزام باى قضية وطنية او قومية هما الدعائم الاساسية التى تبنى عليها الثقافة الغربية قواعد غزوها للثقافة العربية وطمس هويتها وتاتى عليها السلبية التى تغذى ذلك الاتجاه وتعمل على نموه .
من يتحكم فى البحر المتوسط يتحكم فى العالم
وهكذا لابد وان نفيق من الخطر المحاولات الامريكية الصهيوينة التى تسعى الى تدمير المنطقة العربية والتى تعمل عليها من خلال مفهومين اساسين هما ان الثقافة هى التى تشكل جدارا قويا فى مواجهة المشروع الامريكى الصهيونى الذى يتسهدف الارض والنفط والثانى ان من يملك الشرق فانه بذلم يستطيع ادارة العالم من مكانه وهذا بالطبع لن يجدى الا اذا حدث تخريب ثقافى فى عقول العرب وفصلهم عن التاريخ وفصل التاريخ عن العروبة وهذا الرأى بالفعل نادى به مؤتمر كامبل ترومان عام 1907 والذي تضمن خبراء من كافة انحاء العالم والذين اجمعوا على ان من يتحكم فى البحر المتوسط الشرقى فانه يستطيع التحكم فى العالم .
وعلى هذا فهو الخطر الدامى والاعصار المدمر والطوفان الذى سوف ياخذ على الاخضر واليابس اذا لم نستطيع ملاحقه تياراته العاتية التى تقصف بالعروبة وتهدد بزوال الهوية والثقافة العربية وهذا بفعل العولمة السلبية التى نحتاج الى الكثير لفهمها بدقة وحذر. ولكن ما علينا ان تفعله ان نتمسك بعروبتنا وبثقافتنا العربية وننادى بقوميتنا المشتركة كحائط صد أمام الغزو الغربى المقنع .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.