يتقاسمك الوجع كأحد أولئك المفجوعين بوطنهم، وينتابك الفزع كلما أطلت التأمل في حقيقة ماحدث حتى اليوم. ربما يجدر بأحدنا التوقف عن الإذعان للوهن ، والكف - ما أمكن - من استجداء الجهل رغبةً في النجاة ، والشروع في تخطي المخاوف ومقاومة كل خطوة قد تقودك - صاغراً - إلى الإستسلام لما يُطلق عليه البعض الأمر الواقع ، ولن يعدم أحدنا الطريقة المُثلى لإنجاز خاتمة لائقة برجل ، حافظ على ماتبقى لديه من شرفٍ ، وآثر الموت على أن يعيش عبداً مبتذلاً ورخيصاً . لا تجد ما تمنح الضحية إذْ لم يعد مجدياً البتّة ، الوقوف أمامها بشعور وافر وكامل من الحزن ، والذي يكون عادة مصحوباً بخجلٍ وحياءٍ ، ربما كان يكفي لمقاومة الجلاد بدلاً من مشاركة الضحية وجعها الطارئ ومصابها الجَلَل. كيف لأحدنا - مثلاً - مواجهة الأستاذ أمين الرجوي ، مانحاً إياه عزاءاً لائقاً ، قد يخفف عنه وقْع مصابه العظيم ، وشعوره البائس بوفاة والدته الموجوعة ......؟ لن يكون التضامن الإنساني كافياً لمواساة المناضل البسيط أمين الرجوي ، ولن يكون عجزنا مبرراً إزاء رجلٍ ، لا يعلم حتى اللحظة بأن أمه غادرت الحياة كمداً ، إثر سماعها ما نال من قلبها وأطفأه ، نبأ مقتل ابنها المخطوف فى غارة التحالف بقيادة السعودية. يسقط الحوثيون أخلاقياً ، وتتحول الإنسانية إلى قيمة فائضة في دربهم الشائك والممتلئ بالحماقات والصلف والإستكبار ، وما بين رحيل زوجة الشيخ محمد حسن دماج ، وبين رحيل والدة الأستاذ أمين الرجوي يظهر كمَّ الخديعة التي نالتْ من طيبتنا وسذاجة اعتقادنا ، والمناقض لما رسموه في الذهنية العامة ، والذي يكاد ينحصر في كونهم قطاع طرق وعصابات ، كلُّ ما تتقنه هو العنف والموت ، وإنشاء المقابر على امتداد الجغرافيا اليمنية. ماتت أم عادل محمد حسن دماج ، دون أن تنال لحظة وداع مستحقة من رفيق روحها المختطف الشيخ محمد حسن دماج ، وبالمثل يستكثر الحوثيون على المختطف الأستاذ أمين الرجوي قُبلةَ وداع أخيرة ، كان سيطبعها على خدي والدته المسنة ، ولعله سيهمس في أذنيها بهدوء صاخبٍ قائلاً : ستجدين هناك.... ما ستمنحيني إياه...... وأجدني مجبراً على سرد هذه القصة كما قيلت لي دون أن يتسنى لي التأكد من صحتها. قيل أن الإمام أحمد وجه بهدم منازل بيت أبو لحوم في وراف ، وحين خرجت حملة لهذا الغرض وقفت أم الشيخ سنان ابولحوم في وجه قائد الحملة المكلف ويكنى بالمداني ، لتقول في وجهه ( خرِّبْ يا مداني .. خرِّب..... الغداء عندنا والعشاء عندكم خرِّبْ يا مداني..خرِّب ولا تفجِّعْنَا.... فالشَّرْ احنا نعتاده والخير احنا اوتاده.....) العنوان اجتهاد من المحرر من صفحة الكاتب على الفيسبوك