هرموا في انتظار هذه اللحظة التاريخية لكنهم أبَوا إلا أن يشاركوا الشباب في صنعها ولسان حالهم يقول: لن ننتظر الحدث ولكنا سنشارك في صناعته وسنغرس فسيلة النخل وإن لم نذق جناها فحلاوة الغرس خير من مرارة العجز، نجد هنا في ساحة التغيير ثوارا مسنين لكنهم ذو عزائم شابة لا تعرف الشيخوخة ذاقوا من الظلم ما لم يذقه الشباب وأوشك خريف العمر على الانتهاء دون أن ينتهي الظلمة عن ظلمهم. يؤكدون بمشاركتهم الفاعلة أن هذه الثورة هي ثورة شعب وأن الحرية ليس لها سن معين. الصحوة نت التقت عددا منهم واستطلعت آراءهم وسبب مشاركتهم في هذه الثورة. العقيد قناف الصرفي .. يتردد على الساحة باستمرار رغم مرضه الضابط المتقاعد في الحرس الجمهوري الذي التحق بالجيش قبل ثورة 26 سبتمبر بثلاث سنوات العقيد قناف حزام الصَّرفي من مديرية بني حُشيش كان يطل على الساحة وهو متكئ على عصاه شارد الذهن كأنه يريد أن يقول ياليتني فيها جَذَع، إذن لنصرتكم نصرا مؤزرا ويطل من عينيه إعجاب شديد بالمشهد أمامه فبمجرد أن بدأت الحديث معه هتف بحماس لا يتناسب وحالته الصحية التي لا تبدو على ما يرام: لم أر توحدا يشمل كل فئات الشعب كما أراه اليوم أين الزيدي والشافعي والحاشدي والبكيلي والشمالي والجنوبي هؤلاء شباب رائعون مزجوا كل الأطياف في هدف واحد ومطلب واحد. العقيد الذي جاوز السبعين بسنوات برَّر تأخر قيام الثورة مع وجود الظلم طيلة فترة حكم الرئيس الطويلة بأن الظلم المتراكم كان يستكمل أسباب القلع للنظام مستشهدا بالآية الكريمة (وتلك القرى أهلكناهم لمَّا ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) وقال لولا مرضي لما غادرت الساحة ولكني آتي باستمرار على الرغم من صعوبة ذلك بالنسبة لسني وصحتي وينصح الشباب بالثبات والاستمرار مؤكدا أن زوال النظام الحالي أصبح قريبا جدا.
الشيخ هادي المرهبي ..يكفيني من الثورة أن يعم خيرها الشعب اليمني الشيخ هادي بن صالح صبر المرهبي أحد مشائخ نهم وجدته في الساحة وهو يمشي بخطوات تشبه الوثب تقرأ منها حماسه الشديد على الرغم من عقود عمره السبعة يقول عن سبب مشاركته في الثورة برغم تقدمه في السن: الثورة ليست مغنما شخصيا يكفيني من الثورة أن يعم خيرها الشعب اليمني وأنا لست إلا واحدا من هذا الشعب، وعن وصول عمر الظلم لثلاثة وثلاثين عاما والشعب صابر على ذلك قال: كان الظلم موجودا والوعي كان غائبا واليوم تشكَّل الوعي فرُفض الظلم، وذكر الشيخ هادي أن روعة الثورة في أنها سلمية حضارية وأن هذا الأسلوب جديد على المجتمع اليمني وربما يحتاج لوقت أطول لكنه أروع لأن ضريبته أقل والتفاعل معه أوسع بينما الثورات السابقة ثورات مسلحة.
الحاج داود المختاري .. يشارك في الثورة من أجل أبنائه الحاج داود المختاري القادم من محافظة ريمة كان يحفز الشباب ويشاركهم نقاشهم قائلا: لم نكن نجد هذا الحماس الجماعي وهذه الرغبة في التغيير وإلا لكنا قمنا به منذ زمن فالناس كانوا يعانون الظلم لكنهم لا يفكرون في الخروج الجماعي بهذا الشكل الذي أدهش الجميع، وحين سألناه ماذا ستستفيد من الثورة وقد اقتربت من الثمانين قال: أنا لم أعد أشارك في الثورة من أجل نفسي ولكن من أجل أبنائي ليعيشوا أوضاعا أفضل من التي عشتها أنا ولكي لا يحتاجون للصبر على الظلم نفس المُدة التي صبرت عليه أنا.
الحاج محمد عكروت .. أسرته كلها في الميدان في ركن من الساحة كان الحاج محمد صالح عكروت من منطقة الحدا بمحافظة ذمار يرفع يديه بعد صلاة الظهر وهو مستغرق في الابتهال والدعاء بالنصر القريب. الحاج محمد الذي يخطو نحو الخامسة والسبعين من عمره لم يكن يكتفي أن يحضر يوميا من منطقة الروضة إلى ساحة التغيير بصنعاء بمفرده بل يحضر وبرفقته زوجته التي تتجه إلى المكان المخصص للنساء ويظلا معظم يومهما في الساحة ويقول الحاج محمد أن عدم قيامهم بهذه الثورة منذ زمن طويل هو أن قادة الرأي في المجتمع وخصوصا العلماء لم يوجهوهم نحو الخروج للتغيير وذكر أن طول بقاء علي عبد الله صالح في الحكم كان بسبب اتكاءه على التزوير وسفك الدماء ولكن هذه الآلية لم تعد تجدي. وأضاف: لدي أربعة أبناء كلهم يشاركون في الثورة ولو استشهدوا جميعا فلن أندم على مشاركتهم لأنهم في سبيل الله.
أم يحيى الخضمي .. ثائرة وتتمنى استشهاد أبنائها الثمانية ولأن الثورة هي ثورة كل الشعب فلن تخلوا من ثائرات مسنَّات ومنهن الحاجة أم يحيى الخضمي التي تدهش السامع بتحمسها وإلمامها بالمستجدات المحلية والخارجية فقد قالت: أنا لا أستطيع النوم إلى الصباح وأنا أتابع الأخبار لعلي أسمع ما يقر عيني بسقوط الطاغية. وحول مشاركتها في الثورة قالت: لم يعد سني ولا صحتي تسمح بالخروج باستمرار ولو استطعت لخرجت حتى في المسيرات ولكني أذهب إلى الساحة أحيانا و أقضي معظم وقتي في الدعاء للثورة وللثوار، ولديَّ ثمانية أبناء لو لم تنجح الثورة إلا باستشهادهم جميعا فسوف أكون فخورة بهم ولن يؤثر ذلك على حماسي للثورة وللتغيير فنحن لا نريد من الأجيال الجديدة أن تعيش ما عشناه من المعاناة. وعن انطباعها عن مشاركة النساء في الثورة قالت: هناك من النساء من هنّ أشجع وأقوى من أولئك الذين لا همَّ لهم إلا الانتقاص من المعتصمات والسب للمشاركات في الثورة.