لقد كنت عزمت الأمر على أن لا أكتب أي مقال لأعيش في واقع المجتمع اليمني كما يعيش غالبه من البسطاء – أموات لكنهم يمشون – ولكن وجدت نفسي وكأنني أخرج عن المألوف لأي إنسان طبيعي يتأثر ويؤثر في محيطه الحياتي، وقد يؤدي عدم إحساسي بما يحدث إلى حالة من الجنون أو الجلطة فأحاول بالكتابة أن أخرج بعض مكنوناتي للتخفيف عن ما ينتابني من صراعات نفسية وذهنية قد لا تؤثر عليّ وحسب، بل وقد تمتد إلى اختلال في العلاقة مع كل من حولي.. ولعل هذه آخر كتاباتي للرئيس هادي التي لا أرتجي منها سوى تصوير بعض الواقع بصدق وأمانة المواطنة المتساوية لكل أبناء الشعب اليمني، كي نعيش في وطننا فعلاً أحراراً ليس فيه رقيق يمني.. ونحن حينما نوجه أي نقد في كتاباتنا ليس لأي شخص حتى شخص الرئيس لأن ليس بيننا وبين من ننقده أي عداء أو ضغينة، وإنما ننقد السلوك المنحرف عن مسار الطبيعة وإملاءات المنطق الإنساني المتوازن والوسطي، ولذا كانت إساءات سلوكيات وقرارات الغالب من المسؤولين تصب في قهر المواطن وسحق أحقيته في العيش الكريم في موطن الإيمان، فكان تنفيذ قرار رفع سعر المشتقات النفطية أثناء إجازة عيد الفطر بنسبة بلغت 60 % تقريباً، بحجة انقاذ الوضع الاقتصادي الوطني من الانهيار..!!! وقبل أن أتوجه بأسئلتي للأخ الرئيس / عبد ربّه هادي ليسمح لي أن أسير معه برحلة بسيطة عن حجج الحكومات السابقة بما فيها حكومته لإنقاذ هذا الاقتصاد الوطني الذي لا يُلقى حِمل إنقاذه إلا على كاهل المواطن المسكين لا المسؤولين، والرحلة هي: منذ أن كان سعر الدبّة البنزين (20 لتر) بمبلغ 61 ريال، فقط واحد وستون ريالاً، توالت الجرعات لرفع سعر المشتقات النفطية بحجة إنقاذ الاقتصاد الوطني من الانهيار، حتى أن تسلمتم أخي الرئيس رئاسة الجمهورية عام 2012م، وتأملت الأغلبية من أبناء هذا الوطن فيكم كل الخير وكان سعر الدبّة البنزين (1500 ريال)، وقدّرت الأغلبية اتخاذ قرار حكومتكم رفع سعر الدبّة ما نسبته 66 % بحجة إنقاذ الاقتصاد الوطني من الإفلاس لما كانت عليه الأمور آنذاك، ولم تقم بأي رد فعل يؤثر على سيركم نحو الإصلاح الوطني، وها أنتم الآن تنفذون جرعة سعرية قاهرة على كل مواطن بسيط وخصوصاً ذوي الدخل المحدود والمزارعين بلغت نسبتها (60 %) بعد أن عانى أولئك المواطنون الأمرين من عدم توافر المشتقات النفطية عدا بشركات النفط، ومن ارتفاع الأسعار للمطالب الأساسية ما نسبته (100 %) دون أن تتخذ الحكومة أي معالجات تذكر.. وأسئلتي لك أخي الرئيس هي: لماذا يتحمل المواطن المنهك هو أخطاء سياسات المسؤولين عنه ولا يتحمل كل مسؤول خطؤه برباطة جأش مع أن حلولهم تلك لا تزيد إلا شظف المواطن ورفاهة المسؤول؟ لماذا لم يتم استرداد الأموال التي نهبت من قِبل كل مسؤول إلى خزينة الدولة بموجب إقرار الذمّة المالية؟ فمعروف ما كان يمتلكه كل مسؤول قبل توليه أي منصب وما زاد عن ذلك فهو من حق الإقتصاد الوطني التي قدّرت بالمليارات، وهو فعلاً ما قد يحقق نتائج إيجابية للنهوض بالاقتصاد الوطني لا ما يُفرض على المواطن لينهبه المسؤول..! لماذا لم توضع المعالجات لذوي الدخل المحدود والمزارعين كما طرح البنك الدولي على مسؤوليك؟ إنها قسمة وطنية ضيزا لا تمت بأي صلة للاصطفاف الوطني، ولكن قد تكون بحق اصطفاف المسؤولين المنتفعين ضد المواطنين والوطن.. فهل بعد ذلك كله وغيره الكثير أخي الرئيس تصدق كل ما يقال لك من حجج مسؤوليك الذي لا خير فيهم، أو نصف ما تبصره كما يصوروه لك؟ فها هم يتنصلون في أول رد فعل على تنفيذ الجرعة السعرية وهم من وافقوك عليها لتدفع أنت الثمن بمفردك.. واعلم أن منظومة الحل الوطني الصحيح والسليم لا بد أن يؤخذ كمنظومة كاملة وشاملة ترتبط فيها كل مكونات وطن، أمّا الحلول الجزئية غير ناجعة ولا تزيد الوضع إلا أكثر بؤس وسوء كما أثبتته التجارب الجزئية السابقة حتى أوصلتنا إلى هذا الواقع البائس.. وأكاد أجزم أن رفع سعر المشتقات النفطية لم ولن تكون الحل لإنقاذ الاقتصاد الوطني، فالمواطن كريم وإن شعر بصدق أن الاقتصاد الوطني سينهض بالجرعة السعرية فتأكد أنه مستعد لدفع ليس (66 %) فقط، ولكنه مستعد لدفع ما نسبته (200 %)، ولكن حينما يركب المسؤول سيارة صغيرة وقليلة التكلفة، مثلاً كسيارة دايو ماطورها ثلاثة بستون شرط أثناء تواجده في العمل وخارج العمل يستخدم مركبته الخاصة بدلاً من مركبة ماطورها ثمانية بستون تبلغ قيمتها ملايين الريالات أضف إلى ذلك ما تستهلكه من بنزين وقطع غيار قد تفوق سعرها، ولا نرى إلا أطفالهم أمام المقود يسيرون بها بسرعة صباح مساء.. وكذلك أن يعيد المسؤول كل ما امتلكه من أملاك هي من حق المواطن والوطن.. حينها تكون قد حكمت فعدلت فأمنت ونُمت.. أمّا الآن فاعتقد أنك بلا عيد ولا مسؤوليك.. فإذا كانت الأقلية قد أجبرت الأقلية أن تكون بلا عيد أخي الرئيس، فتأكد أن ضياع مسطرة العدالة من قبل حكم مسؤوليك قد أجبرت الأغلبية لا أبطالاً أن يكونا الطرفان سواسية بلا عيد.. [email protected]