شهران ، انصرما ، ثقالاً أو خفافاً ، لا أدري ، ولكنهما مرا على زميلنا الأديب والإعلامي المبدع عبد الله باكداده ثقالاً ، وهذا مؤكد وفي علم اليقين . فالرجل ، منذ الحادث المؤلم والمفاجئ الذي وقع عليه وعلى أسرته الصغيرة ، لم يجد هناء العيش ؛ فهو في منزل مؤقت ، تكرم به عليه أحد الأصدقاء الكرام ، ونعم الأصدقاء ، ونعم الصداقة. أما اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في صنعاء وفرعه بعدن ، الذي ينتمي إلى عضويته الأستاذ باكداده ، فلا أذن له تسمع ولا عين تبصر ولا فم يتكلم ولا ضمير يشعر ويحس. رُفعت مناشدة إلى اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين الموقر ، لمساعدة أحد أعضائه ، ليس بالمال ، فهو أرفع من هذا وأعني باكداده ولكن لتوفير سكن له ولأسرته التي فقدت كل شيء ، بعد الحريق الذي التهم شقتها وأتت على كل ما فيها ، ولولا عناية ورحمة المولى ، لكانت فاضت أرواح أفراد الأسرة بكاملها، إلا أن تلك المناشدة لم تجد سوى الجحود وعدم الاكتراث. يا ألله ! أبهذه الصورة تنتهك حق الإنسان المبدع في منحه الدعم من قبل منظمته التي ينتمي إليها ؟ وأضعف الإيمان السؤال عنه في محنته .. حتى هذا لم يجده زميلنا باكداده ، وهو الذي كان مديراً لمكتب الثقافة في عدن ، ومديراً لمكتبة الفقيد عبد الله باذيب الوطنية ، وقبل ذلك مديراً للتوزيع في مؤسسة 14 أكتوبر للاستيراد وتوزيع المطبوعات . وهو الذي أمتعنا ببرامجه الحوارية الممتعة ، الأدبية والثقافية والفنية والسياسية ، في تليفزيون عدن .. وهو الذي أمتعتنا كتاباته النثرية وصوره الشعرية منذ مطلع الثمانينيات ، وقد فاز بالجائزة الثانية في المسابقة الشعرية التي نظمتها جمعية الأدباء الشباب ، أيام كانت النشاطات الفكرية والثقافية في أوجها في مدينته الحالمة عدن . هل جزاء المبدع في بلادنا بمثل هذا الجحود ؟ وبغض النظر عما يمر به الوطن من مآسٍ وأحداث مفاجئة وطارئة ، إلا أن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ليس بجهة حكومية ، فهو كيان مدني ينضوي تحت قبته زملاء للمبدعين اليمنيين وهو لسان حالهم .. جمعتهم وتجمعهم حلاوة ومرارة الأيام السالفة .. وأحلام راودتهم في ريعان الشباب ورافقتهم حتى خريف العمر .. فكيف يختفي كل ذلك في غياهب النسيان ؟ فهل ما قاله شاعرنا المبدع باكداده في يوم بعيد ، تنبؤاً بيومه هذا ؟ إذ قال : لا ذلّ يسحق هامتي والموت مسكنه معي لا حزن يقتلني سوى ذاك الذي يحوي الطفولة والبراءة والكلام وإذا أويت فكيف لي لو خاطب الحزن الطفولة - أن أنام لا أعتقد أن مبدعاً ك باكداده يستحق هذا الجحود من زملائه وأصدقائه .. وحتى إن كانت هناك اختلافات في وجهات النظر ، في أي شأن من شئون حياتنا ، فلا يجب أن تُفسد للود قضية .. وبغض النظر عن هذا أو ذاك ، فإن الزميل باكدادة عضو في اتحد الأدباء والكتاب اليمنيين (وهو أعرق منظمات المجتمع المدني التي كانت تسمى ، فيما مضى ، منظمات جماهيرية)، ومن حقه أن يحصل على الدعم والمواساة والتعامل الإنساني ، وكذلك بقية المبدعين ، وإلا ما فائدة العضوية ؟ خاصة في منظمة تضم مبدعين وظيفتهم مخاطبة المشاعر الإنسانية! إنها لمفارقة غريبة وعجيبة..