بينما يذرف الدموع الكاذبة على نساء وأطفال غزة.. شاهد مجزرة عبدالملك الحوثي بحق نساء تعز    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    عملية تحرير "بانافع": شجاعة رجال الأمن تُعيد الأمل لأهالي شبوة.    الإنذار المبكر في حضرموت يحذر المواطنين في هذه المحافظات من اضطراب مداري وسيول مفاجئة    "الفلكي الجوبي يتنبأ بِحالة الطقس ليوم غدٍ... هل ستكون أمطارًا غزيرة أم حرارة شديدة؟!"    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    مؤتمر برلمانيون لأجل القدس يطالب بدعم جهود محاكمة الاحتلال على جرائم الإبادة بغزة    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    إصابة شخصين برصاص مليشيا الحوثي في محافظة إب    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    غزو اليمن للجنوب.. جرائم لا تسقط من الذاكرة    الحكومة تدين اختطاف مليشيا الحوثي للصحفي العراسي على خلفية تناولاته لفضيحة المبيدات القاتلة    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    استشهاد 5 نساء جراء قصف حوثي استهدف بئر ماء غربي تعز    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    استشاري سعودي يحذر من تناول أطعمة تزيد من احتمال حدوث جلطة القلب ويكشف البديل    مركبة مرسيدس بنز ذاتية القيادة من المستوى 3    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    مقاتلو المغرب على موعد مع التاريخ في "صالات الرياض الخضراء"    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    ضبط المتهمين بقتل الطفل الهمداني في محافظة إب بعد تحول الجريمة إلى قضية رأي عام    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    جماعة الحوثي توجه تحذيرات للبنوك الخاصة بصنعاء من الأقدام على هذه الخطوة !    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    كان يرتدي ملابس الإحرام.. حادث مروري مروع ينهي حياة شاب يمني في مكة خلال ذهابه لأداء العمرة    تعرف على آخر تحديث لأسعار صرف العملات في اليمن    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتحاد الأدباء.. تاريخ عريق وحاضر مشوش
نشر في الجمهورية يوم 27 - 10 - 2014

يعتبر اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين النواة الأولى للوحدة اليمنية المباركة في 22مايو 1990، كما أن الاتحاد هو المكان الأكثر تنوعاً فكرياً وثقافياً و سياسياً أيضاً وكان الاتحاد الجهة العصية على الساسة والسياسيين وظل برغم الانتقادات الكثيرة الموجه لقادته .. الصرح الأدبي والوحدوي الذي لابد أن يبقى شامخاً شموخ جبال شمسان و ردفان.. عندما توجهت بهذا الاستطلاع وطرحت أسئلتي على الأدباء كثير منهم اعتذر وآخرون وعدوا بالتعاون ولم يوفوا بعهدهم وذلك لأنهم يستعدون لخوض انتخابات الأمانة والفروع ولكن من تجاوب معنا تحدث بجرأة وقهر عن واقع يأملون ونأمل أن يتحسن وأن يعاد للاتحاد دوره الرائد للأديب والكاتب اليمني.
اختلالات أضعفت دور الاتحاد
في البداية يقول الشاعر عبد الرقيب الوصابي لقد أنشئ اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في الأصل لتحقيق رؤيةٍ عميقةٍ وخطيرة تتمثل في إنتاج خطاب ثقافي ثوري ضد الاستلاب والنكوص الزماني والمكاني، وقد أدرك الرواد المؤسسون حينها معنى التأسيس لكيانٍ ينضوون تحت لوائه، يجمع شتاتهم، ويرأب الصدع الحاصل بينهم وبين العالم، ناضلوا كثيرا لينتزعوا حقوقهم كاملةً لا نقصان فيها، تحركاتهم كانت أكثر من واعيةٍ، كما أنَّهم ناضلوا لردم الفجوة الزمنية، وتمكنوا من تحقيق قفزةٍ نضاليةٍ تتمثل في الحصول على الاعتراف المحلي والعربي بوجودهم، وعدالة قضيتهم ووجودهم كقوةٍ تهز عروش العابثين، وتقض مضاجع الطامحين لتحقيق مصالحهم الشخصية ولو كان على حساب وطن يخبو توهجه، وتُهدر كرامة أبنائه، ولهذا فقد تتوج نضالهم الصادق وتحصَّلوا على مقرٍ ينطلقون من خلاله، ويحققون رغبتهم في إيصال أصواتهم للعالم، والتعريف بقضيتهم، وحينئذٍ لم يتبق أمامهم سوى البدء في تفعيل ومزاولة نشاطٍ ثقافي مختلف، تكاتفت الجهود بمقصديةٍ لتشكيل وعي جمعي، ترقى بمقام الإنسان اليمني، تكامل الجميع وسعوا لإيصال ذلك الوعي إلى كل شرائح المجتمع، إيماناً عميقاً منهم بأن الثقافة وعي جمعي ينمو كل يومٍ، ونشاط ثقافي متنوع يؤتي ثماره مع كل مباركة صادقة وتوجهٍ مسئول، وهذا ما ضمن بدوره نجاحاً مثيراً، وحضوراً يعوَّل عليه كثيراً، في توفير مناخٍ للتعايش وتحقيق سقف أعلى وفضاء مفتوح للحرية.
وليس بخافٍ على أحدٍ النجاحات التي حققها الاتحاد عبر كلِّ الاتجاهات، وعلى مستوى كافة الأصعدة ابتداءً من حماية الأديب، وصيانة كافة حقوقه، وتأهيله بقصد التكامل مع صوت الثقافة والمثقف عربياً في الكثير من الاحتفاليات والمهرجات الثقافية، وصولاً إلى المشاركة الفاعلة في صياغة النظام الواحد المتمثل في تحقيق الوحدة اليمنية حلم كل اليمانيين، وهو ما نتج عنه اندفاع قوي باتجاه طباعة الأعمال الإبداعية، وتشجيع الأدباء والمبدعين في طول البلاد وعرضها، وتنسيق بعض الفعاليات القلقة هنا وهناك، إلا أنَّ ذلك الاندفاع كان بمثابة استجابةٍ لرغبة عاطفية مضمرةٍ للتغني بالذات، في ظل انعدام الرؤية واختفاء المشروع الوطني المقنَّنِ والمحكوم بمعايير وضوابط منهجية، تضمن استمرارية الاشتغال الثقافي وفق أولويات ومتطلبات كلٍّ من المجتمع والمواطن.
وأضاف : ثُمَّ إن الاتحاد تَرَهلَ أكثر بعد ذلك ولم يتوقف عند هذا الحدِّ من الهشاشة، بل تعدى الحالة، فرأيناه يخرج لاسيما في السنوات العشر الأخيرة على وجه الدقة والتحديد عن مساره، تعثَّرات أدائه واضحةٌ، لا ينكرها إلا مغالطٌ، فالقائمون على تسيير أموره يتخبطون به خبط عشواء، التخبط والعشوائية أبرز ملامح هذه الفترة الزمنية وقد كانت نتيجةً طبيعية لاختلالات كثيرة، واضطراباتٍ شتى، أدَّت في مجموعها إلى فقدان مكانة الأديب المرموقة، وزعزعة صورته في عيون الجماهير المتعطِّشة للفعل الثقافي والتغيير المنشود، ولقد تأتى هذا التراجع والانكسار خاتمةً لهزائم إضافيةٍ جناها المشهد الثقافي جراء المكايدات السياسية التي نمت في أوساط المثقفين، وغذتها مجموعةٌ عوامل تسببت بمجملها في تحويل التحليق الإبداعي من سماوات الثقافة بمعناها الشامل إلى الانضواء والانكفاء تحت مظلة هذا الحزب أو ذاك، والسعي اللاهث وراء تحقيق أهداف الأحزاب الصغيرة وامتلاءاتها، بكل ما يعني هذا التوصيف من ضيق الأفق، و حتمية التمترس غير المحمود العواقب وبما لا يصب إلا في خدمة السياسي، بينما يُقلبُ ظهر المجنِّ للوطن على حدِّ سواء وهو ما أدى بدوره إلى تفشي كثير من الأخطاء الجسيمة كعواقب متوقعة جراء المكايدات السياسية والسير وفق منهج المحاصصة السياسية مؤخراً، الأمر الذي أضعف الهم الثقافي في نفوس المثقفين، لتبدو الأحزاب وكأنها تعني الاختزال الشرعي للوطن والمواطنة..
وأكد الوصابي أنه ليس هذا فحسب، بل قد تعدى الأمر ذلك حتى رأينا المثقف يخرج عن دوره التاريخي والوجودي، باعتباره كائناً مختلفاً ومغايراً، يقف مع خيار الوطن، ينشد التغيير، ويرفض المساومة والانبطاح والتصفيق، لنجده كائناً خاملاً لا يعول عليه، لا يجيد سوى الانتظار الطويل وثرثرة عجائز القرى، يغيب عند أي إحساس حقيقي لإحداث فعلٍ ثقافي، ليحضر مهرجاً في المقاهي والمقايل الأدبية، يتذمر ويشتم، لا يرجى نفعه، أينما توجهه لا يأتي بخير، يرتضي الهبات والمساعدات، وربما يتوصل به الأمر في الأخير لتعاطي ما يُشبه الصدقة متى لزم الأمر.
وأضاف قائلاً : ولعلَّ الحدَّ من مزاولة النشاط الثقافي، وشيوع التناحر الثقافي، واعتماد آلية الإقصاء والإلغاء لاسيما في حق الأجيال الجديدة دونما أي مبرر سوى الحيطة والحذر من نوايا الاستباق والتجييش الذي قد يخطط له هذا الفصيل أو ذاك، أو العمل على إذكاء الاستعدادات المبكرة لحسم نتائج الانتخابات العامة للأمانة العامة لاتحاد الأدباء، قد كرَّس لقطيعة حادةٍ بين الأجيال وبشكل غير متوقع أو مقبول.
وإذا نسيتُ، فإنني لا أنسى هنا تسليط الضوء على أبرز المصائب التي أودت بمواقف اتحاد الأدباء والمتمثلة بتحول مسارات المثقف عن سماوات التثوير والتنوير، والتراجع القاهر صوب أقبية وسراديب الأدب الوظيفة، والوظيفة الأدب، والتي بدورها لا تصب في شيء من جداول السياسة، أو جداول الأدب كما لا يرجى من ورائها نفع يذكر يصب في خدمة الوطن أو مواطنيه، وليس من أحد أراه مستفيداً من وراء ذلك سوى النزر القليل من أجرٍ مالي أو معنوي، يتحصل عليهما المثقف الأجير.
الاتحاد يدور في حلقة مفرغة
من جانبها الشاعرة مليحة الأسعدي تقول :
إن مجرد التذكير باتحاد الأدباء و الكتاب يدفعنا قسراً إلى التفكير بجدية في ضرورة تحريره من عقلية السيطرة والاستحواذ وقبضة المسيطرين على زمامه لإخراجه من دائرة الحصر التي يعاني منها إلى دائرة العموم فاقتصار اتحاد الأدباء والكتاب على شخصيات بعينها منذ سنوات يتكئ على قاعدة من المستفيدين المباشرين مادياً ممن تخلوا عن دورهم التنويري وانحسروا في جزئية المطالبة وملاحقة الحقوق الغائبة أصلاً، يعد من أهم الأسباب التي جعلته يدور في حلقة مفرغة من الأداء الرث.
أما عن بقية الأسباب فيمكن أن أجملها في نقطتين رئيسيتين
اللائحة الهشة التي يتكئ عليها اتحاد الأدباء و الكتاب التي لم تعد صالحة لخلق تنوع ثقافي إبداعي يتناسب مع حاجة هذه البلاد مما يستدعي إقامة ورش عمل تصب في هذا الاتجاه بهدف تجديد روح هذه اللائحة بما يتناسب مع معالجة الأخطاء والتردي الحاصل كضرورة ملحة.
كذلك عدم احترام الصرح الثقافي التنويري الموجود داخل اتحاد الأدباء والكتاب فتحول وسط الاتحاد من بيئة خلاقة إلى بيئة طاردة لكثرة الممارسات غير المقبولة التي تصدر من البعض، كالتجاهل والاستهتار وعدم الشعور بالانتماء للفضاء الإنساني الخلاق مما جعل الفن والإبداع فعلاً فردياً لا جمعياً.
وإضافة أنه و بناءً على ما تقدم فلكم أن تتخيلوا أن عشرات الأدباء والكتاب اليمنيين إن لم يكونوا مئات ممن تميزوا على المستوى المحلي والدولي، بإبداعاتهم وإصداراتهم ونتاجهم الأدبي المائز و حازوا على جوائز دولية لا يزالون يتسولون عضوية اتحاد الأدباء و الكتاب منذ سنوات و السبب ببساطة كما يتأول بعض الأدباء له علاقة بالانتخابات لا أكثر و من ثم فالقيمة المادية هنا تغدو هي المسيطرة على أذهان العاملين في هذا الحقل.
أضف إلى ذلك أن مهمة رعاية الإبداع و المبدعين لخلق مناخ يليق بأهدافه التي كانت تعد في الطليعة على كل المستويات الاجتماعية و السياسية و الثقافية لإدارة دفة المسار التنويري في اليمن منذ تأسيسه في عام 1970م لم تعد مهمته الرئيسية حيث ترجل عنها الاتحاد منذ أن دخل في مساق الاحتكار والكولسة و بالتالي فإن تجديد دماء اتحاد الأدباء و الكتاب و إتاحة الفرصة للوجوه الجديدة من الشباب و المبدعين والمفكرين ستضمن عودته إلى المكانة الريادية التي بدأ عليها مع تمكينهم من المشاركة في إدارة الاتحاد بأي شكل من الأشكال الضامنة للمشاركة الفاعلة من الجميع.
دكان الثقافة الرسمي
القاص حامد الفقيه بدوره يؤكد اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين إن استعرضنا تاريخه فهو مشرق برواده المؤسسين كالجاوي وهيثم ومن كانوا في رحلهم آنذاك... وقد كانوا رسل الوحدة وفعلوا ما لم يفعله السياسي وكانوا طوبة أمل في جسد الحلم... وذلك كله حين كان الثقافي ومشروعه يسير وفق رؤاه ورسالته الإنسانية.
وكان قد أعلن تفعيل الحلم في وحدة الشطرين قبل أن ينقاد إليها السياسي وبروتوكولات الأمم وذلك دليل على فعاليته ونضوج رواده ونجاعة أفكاره.
وبرأيي إن أبرز الاختلالات جاءت من تداخل السياسي بالثقافي وحاول الأخير الالتفاف عليه وفعلاً نجح في ذلك.. فشراء وتوظيف وتجميل هذا ما حدث في الفترة الأخيرة للأسف في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.. فاتحاد الأدباء اليوم جمع بين الموظف والتشاطر أو التقاسم الحزبي والنخبوي المغلوب على أمره كون العصر وتطوراته أفرزا وسائل اتصال وتوعية سلبت من النخبوي برجه العاجي وجعلت تأثيره في مقايل الحشوش ومنتديات الثقافة التي يغيب عنها الجمهور وأنتجت التقنية وثورتها وسائل تواصل وتلق أسرع تجاوباً ومنجزاً.
وقال الفقيه أنا عضو في اتحاد الأدباء والكتاب منذ العام 2010م ولكن ككاتب لم أر للاتحاد أثراً أو إضافة في مسيرتي الإبداعية ، كنظرائه من دكاكين الثقافة الرسمية مع أنه الأحرى باتحاد يحمل هذا المسمى أن يكون أرقى وأغنى للطموح لهذه النخبة الحساسة والمبدعة والمطحونة من اليمنيين... فالتقصير بفعل التجاذب عم حتى مركز الاتحاد المتمثل في الأمانة العامة وبقية فروع الاتحاد في أرجاء البلاد... وأبرز ما قدمه الاتحاد اليوم للكاتب والأديب هو برقيات العزاء وصرخات الاستغاثة للإنقاذ للأسف.
ولاحظنا في الفترة الأخيرة التمزق الحاصل والغياب المخجل لدور الاتحاد الريادي المعهود... وبقي (البرجيون) يصرخون ويعيبون إقصاء الأديب والمثقف لأنهم مازالوا يرتؤون بعين النخبوي المكلّف.
وأضاف : لذا اليوم وأكثر من غيره صرنا أحوج ما نكون كمثقفين وكتاب مطالبين ومعنيين بأن نخرج من قوقعة المثقف التي رسمها له السياسي وأن نعي ما الدور المناط بالأديب خصوصاً والبلد يحتاج لجهود كل الأبناء ناهيك عن دور من هو صاحب الدور أصلاً... وبرأيي أهم خطوة في العلاج فض المركزية المتمثلة في حصرية اتحاد الدباء والكتاب اليمنيين.
لذا أضم صوتي مع أصوات أدباء سبقوني بالقول نحن بحاجة إلى فض احتكار مؤسسات الإبداع والكتاب الرسمية وفتح المجال الجمعي للمؤسسات والاتحادات والهيئات الثقافية بما يضمن صنع حراك ونتاج إبداعي إنساني وما يتماشى مع فكرة الأقاليم التي وصل إليها الفعل التغييري اليمني كحل للمشاكل المركزية... وننشد يوما يترك الفعل الثقافي برمته لهذه الهيئات والمؤسسات الثقافية ويغلق (دكان الثقافة الرسمي).
ندعو إلى بث الحياة في الاتحاد
أما القاصة انتصار السري فتقول لو تحدثنا عن دور الاتحاد في الوقت الراهن فهناك شجون, نريد البوح بها, وجرح يدمي القلوب, الاتحاد في وقتنا الراهن صار عاجزاً عن تقديم أي شيء للأديب اليمني, خاصة نحن الشباب لنا أكثر من ثلاثة أعوام منذ أن قدمنا لعضوية الاتحاد ولم تمنح حتى الآن, وهذا أقل شيء ممكن أن يقدمه الاتحاد للأدباء, هناك مجلة الحكمة التي كنا نفرح بصدورها ونسعى إلى النشر فيها, واقتنائها لقيمة مواضيعها البناءة, فهي الآن توقفت عن الإصدار تماماً, ولا نعرف السبب!! كذلك دور الاتحاد في المساهمة في طبع ونشر إصدارات الكتاب كما كان في عهد الجاوي وهيثم وغيرهم مما قدموا للاتحاد في فتراته السابقة وصار منبراً يلتف حوله الأدباء وظهر من بين جناحيه العديد من الكتّاب والمبدعين.
وزادت بالقول : عندما تسألي عن دور الاتحاد وما قدم انظري بين ما كان عليه وإلى ما وصل إليه من تدهور, هنا في بلادنا يموت العديد من الأدباء والمبدعين وهم على فراش الموت وأعضاء الاتحاد يقفون موقف المتفرج, لا يهمهم إلا صدور بيان النعي فقط, لكن دون أن يخرجوا حتى في دفن زميلهم الكاتب والذي رفد بحياته الأدب, إنهم هنا يتعذرون بالميزانية, حتى إن مبنى الاتحاد مغلق أبوابه ومكتبته صارت مهجورة, تراكمت الأتربة على أغلفة كتبها, وقاعته صارت مظلمة ويسكنها العناكب, هذا هو الاتحاد في وقتنا الحالي.
وتابعت قائلة لا ننكر النشاط الذي يقوم به خلال هذه الفترة فرع اتحاد الأدباء صنعاء على نشاطه المتواضع والذي يحسب له كفرع, والذي يتمثل في إقامة بعض الفعاليات في بيت الثقافة, نحن الأدباء الشباب ندعو إلى بث روح الحياة في الاتحاد وأن يعود كما كان منبراً, وصرحاً ثقافياً وإبداعياً لكل المبدعين وأن لا نبكي على الأطلال.
اختلالات تهدد الاتحاد
من جانبها القاصة أسماء المصري تقول :
منذ نشأة الاتحاد في العام 1970م كتجسيد حقيقي ورغبة صادقة من قبل نخبة من أبناء شمال وجنوب الوطن في تلك الفترة التاريخية الدقيقة، فقد حقق هذا الكيان الوحدة الفكرية والأدبية والثقافية والوجدانية للإنسان اليمني قبل وحدة التراب في العام 1990م، ولعل هذا الإنجاز العظيم يعدّ التاج الذي يزين هامة اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين حتى اليوم ويسعى البعض لتشويهه خلال الفترة الأخيرة التي شابتها اختلالات بلغت حدّ العمل على تمزيق هذه المؤسسة الأدبية والوطنية.
وفي حين أنه من الطبيعي تصنيف اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كالمؤسسة الثقافية الأولى بالوطن، ومن المفترض أن تكون حاضنة لكل الأقلام والعقول الأدبية والإبداعية والفكرية في كافة أرجاء الوطن، فإن هذه الاختلالات قادت إلى نشأة العديد من الكيانات والمؤسسات الأخرى التي تعنى بالمجال الأدبي والثقافي وجاء ظهورها كتعويض عن الفجوة التي خلقها غياب دور الاتحاد، وتغطّي نوعاً ما جوانب النقص والقصور التي نتجت عن حاجة هؤلاء المبدعين لبيئة ثقافية إبداعية حاضنة قريبة منهم، حتى غدا الاتحاد في مشوار بعضهم الأدبي مجرد عضوية وبطاقة انتساب.
مؤكدة أن هناك اختلالات متعددة على المستوى المالي والإداري و هناك ما يهدّد هذه المؤسسة تهديداً أكثر خطورة ويضربها في الصميم بصورة أعمق! وعددت المصري الاختلالات بقولها:
ظهور مشروع تقسيم الاتحاد القائم على إقحام التوجهات السياسية والحزبية في عمله وقراراته.
عدم التفرغ الكامل لإدارة ومتابعة شؤون الاتحاد من قبل القائمين على مسؤولياته في الهيئة الإدارية والتنفيذية.
غياب مبدأ الشفافية المالية والإدارية.
عدم انتظام اجتماعات الأمانة العامة ومتابعة وتقييم أداء الاتحاد.
تأثير الخلافات الشخصية السلبي على عمل الاتحاد.
ضعف التواصل بين الأمانة العامة وأعضاء الاتحاد وتكريس مبدأ الانتقائية.
غياب التخطيط الجيد المراعي لديمومة عمل وأنشطة وفعاليات الاتحاد.
إهمال متابعة مخرجات المؤتمرات والمهرجانات التي نظّمها الاتحاد مسبقاً.
عدم المبادرة في متابعة فروع الاتحاد والنظر في احتياجاتها وخططها.
غياب التنظيم الداخلي لإدارات الهيئة التنفيذية للاتحاد وتعطّل بعضها لفترات.
غياب مبدأ تكافؤ الفرص فيما يتعلق بالمشاركات الثقافية والأدبية الخارجية بين أعضاء الاتحاد.
تعطيل وتأجيل معالجة قضايا الاتحاد الداخلية ومشاكله حتى باتت تتفاقم وتزداد تعقيداً مع مرور الوقت.
وممكن تجاوز هذه الاختلالات في حال صدقت النوايا وبدأت مرحلة جديدة من عمل الاتحاد قائمة على أفكار ورؤى وجهود مخلصة، من خلال:
النأي عن السياسة والتخنّدق وراء الأفكار الحزبية وتغليب مصلحة الاتحاد العامة.
الترفّع عن مستوى الخلافات الشخصية والعمل على حلها باعتماد مبدأ الشراكة والمسؤولية، أو إخراجها من إطار العمل المؤسسي.
عقد مؤتمر عام استثنائي للأمانة العامة للاتحاد وفروعه لمناقشة الوضع العام بشفافية والتحضير لانتخابات عامة جديدة والعودة إلى الالتزام بالأهداف التي من أجلها تأسّس الاتحاد.
انتظام الاجتماعات الدورية للأمانة العامة للاتحاد ولا تكون فقط اجتماعات طارئة.
العمل على تفعيل وإقامة الأنشطة والفعاليات على مستوى محلي وعربي ودولي.
تفعيل دور الدوائر والاختصاصات المختلفة بالأمانة العامة.
تبني معالجات سريعة وجذرية للمشاكل الداخلية للأمانة العامة والفروع بالتعاون مع الجهات المعنية.
المتابعة الدائمة والجادة لفروع الاتحاد والاهتمام بأدائه وتقديم العون لقضايا أعضائه.
توزيع فرص المشاركة والتمثيل الخارجي على الأدباء من الجنسين وزيادة حجم مشاركة الأقلام الشابة.
البحث عن مصادر دعم وتطبيق مبدأ الشفافية المالية.
تبنّي لقاءات وفعاليات عامة مشتركة بين الأمانة العامة والفروع.
تبنّي زيارات وقوافل ثقافية بين فروع الاتحاد بعموم الوطن لما لها من تعزيز إيجابي لمفهوم الوحدة الوطنية وتبادل التجارب الثقافية.
تفعيل الجانب الإداري للاتحاد وتعزيز التواصل بين الأمانة العامة والفروع .
رعاية ودعم الإصدارات الأدبية لأعضاء الاتحاد.
متابعة الوضع العام لمقرات الاتحاد بالأمانة العامة والفروع وقضايا أراضي أعضائه.
التفرغ التام قدر الإمكان من قبل أعضاء الأمانة العامة لمتابعة شؤون الاتحاد .
وأضافت : الحق يقال إن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين عندما كان في أوج عطائه وتماسكه قدم الكثير لأعضائه ومنسبيه.. ولليمن عموماً، نسرد على سبيل الذكر دوره التنويري وأبعاده على شريحة واسعة من أبناء الوطن وتعزيزه الدائم لمبدأ الوحدة والانتماء والعطاء الإنساني والحفاظ على الإرث الثقافي والفكري والتقليدي، ورفده الساحة اليمنية والعربية بالأصوات والقامات الأدبية الشامخة وتعزيز مكانتها المحلية والعربية، كما تبنّى الاتحاد عدداً من الفعاليات النوعية والمهرجانات ذات الأثر الجيد، وكذلك طباعة عدد من الإصدارات لمجموعة من الأدباء، والوقوف إلى جانب أعضائه في قضية توفير درجات وظيفية لغير الموظفين منهم، والعمل على توفير أراضٍ سكنية لهم.. غير أن هذا المنجز الأخير لايزال متعثراً ولم يتم إنجازه بعد بصورة كاملة نتيجة لعدد من الاختلالات السابق ذكرها، لكنّا على الدوام سنظل نأمل أن تعود مؤسسة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين إلى باذخ أوجِها وعطائها ومرتبتها السبّاقة التي لم تضاهها فيه أي مؤسسة أخرى.
اتحاد الأدباء في نسخته الكسيحة
القاص زيد الفقيه يدلي برأيه قائلاً: سوف أتحدت عنه برأيي الشخصي ووجهة نظري وليست ملزمة لأحد أرى أن اتحاد الأدباء والكتاب اليوم بات كسيحاً، ولا يستطيع القيام بأي دور إيجابي، ذلك الكساح إنما انعكس عليه من القائمين عليه، لأن الفرد حين يكون معافى يستطيع أن يقدم شيئاً إيجابياً على الأقل في حده الأدنى، وسبب ذلك الكساح هو انعكاس كساح الأحزاب السياسية التي رأت في اتحاد الأدباء حين تضع مخالبها فيه مكسباً سياسياً يزيد من رصيدها العضوي، بغض النظر عن المهمة التي ينبغي أن يؤديها اتحاد الأدباء، هذا الإفراط في التشبث الحزبي بالاتحاد مرده إلى الدور الذي كان يلعبه إبان تولي الرعيل الأول من قيادته وهم الذين تعملق بهم الاتحاد وصار عملاقاً لا يساويه حزب أو طائفة أو جماعة، والمقارنة اليوم بين ذلك الجيل الذي قاد الاتحاد في فتوَّته واليوم وهو يعاني من شيخوخته مستحيلة، غير واردة، وغير عادلة، أنانية بعض الأفراد في قيادة الاتحاد أدت إلى تجنيده أعضاء من حزبه من أجل يظل في قيادة الاتحاد رغم كساحه، وكان ينتقد الاتحاد قبل أن يصير عضواً في أمانته العامة والاتحاد في أوج عطائه، هؤلاء يريدون أن يقولوا لنا نحن ومن ورائنا الطوفان، ولعل النقطة المضيئة الوحيدة في حياة الاتحاد في نسخته الكسيحة هي المبادرة التي قامت بها الشاعرة هدى أبلان، في استخراج أراض لأعضائه، وهي أيضاً لم تتحقق في صنعاء، وإن تحققت في بعض المحافظات حسب علمي.
مؤكداً أن الاختلالات التي ساورت الاتحاد نجمت عن عدم قدرة أعضاء الأمانة العامة على استيعاب مهام اتحاد الأدباء، هذا جانب، الجانب الآخر أن القيادة تتلقى توجيهاتها من أحزابها وتعمل لصالح الحزب وليس لصالح أعضاء الاتحاد، هذه من وجهة نظري الأسباب والعوامل التي أوصلته إلى ما هو عليه، نتمنى له الشفاء العاجل.
أضحى الاتحاد ميتًا ونحن شاركنا في موته
أما الشاعر فايز البخاري فيقول : اتحاد الأدباء يعاني من الصراعات الحزبية التي طغت بشكل كاسح في دورتيه الأخيرتين؛ وكان لها نتائج وخيمة أثرت في فعالية أدائه الذي أضحى مرتبطاً بالولاء الحزبي والشللية النفعية التي أضحت متسيدة لكل مفاصل الاتحاد وفروعه.
والأدهى والأمر أنّ هؤلاء يظلون رغم أخطائهم على سُدّة الاتحاد بتأثير الأصوات الناخبة التي مُنِحَتْ العضوية في طوال فترات الصراع الحزبي فيما هي لا تمت للأدب والثقافة والكتابة بصلة.
زِدْ على ذلك هو الصمت المشين لأعضاء الاتحاد وعدم بروز أصوات شجاعة وحقيقية تضغط على قيادة الاتحاد لتفعيل دوره أو الاستقالة؛ خاصة وأنّ هذه القيادة لا نشاط لها سوى استلام الرواتب والمخصصات؛ ولم يعد أعضاء الاتحاد يشعرون بالانتماء لهذا الكيان الذي لم يتبنَّ حتى طباعة أعمالهم الإبداعية أو الوقوف مع المعسرين أو المضطهدين وقت الشدة.
وأضاف البخاري قائلاً : للأسف أضحى الاتحادُ ميتاً ونحن شاركنا في موته بسكوتنا عن قيادته التي تستجدي باسمه الحكومة والمنظمات المانحة فيما النتيجة والأثر في الواقع صفر على الشمال!.
وبرأيي إنه لابد من إطلاق دعوة لكل الأعضاء وللأدباء الذين لم يأخذوا العضوية بعد لسحب الثقة من هذه القيادة والدعوة لانتخابات جديدة؛ خاصة وأننا قد تجاوزنا مدتها بكثير.
أتمنى أن تتبني هذه الدعوة وأنا معك.
أصيح مسخرًا لخدمة السياسية
من جانبها تقول القاصة نادية الكوكباني: عندما يتعدى السياسي على الثقافي أو يختلط به يمكننا أن نقول إن الثقافي فسد أو إن السياسي تقدم على حساب الثقافي وهذا ما حدث في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين منذ أعوام، أصبح مسخراً لخدمة السياسية وتناسى أمر المثقفين بل ونسي دوره كحلقة وصل بين اليمن والعالم في كل ما يخص الثقافة ونشرها.
مؤكدة أن كثيراً من الأدباء لم يخدمهم الاتحاد ولو بالتعريف محلياً فما بالك دولياً.
وقالت لقد تحول الاتحاد إلى مركز لمواساة الأدباء لفتات من المال كمساعدات وهبات تحط من قيمة الأديب دون أن يهتم ببناء مؤسسي يضمن حقوق الأديب والمثقف ويمكنه من حياة كريمة دون السؤال للغير.
وأضافت تساقطت قامات أدبية عانت من المرض دون أن يعمل لها الاتحاد أو يمدها بالضروري من العلاج.
تحول الاتحاد وتحديداً من بداية الألفية إلى مزايدات ومكايدات سياسية ومن يومها والأديب اليمني يعاني الأمرين صعوبة العيش وتجاهل الاتحاد.
لا أعرف كيف يمكن أن ننهض به ما لم تكن هناك إرادة حقيقية من الأدباء والمثقفين ممن يرون في ذواتهم قدرة على الثورة على الوضع القائم وأحداث تغيير يتحمل مسئوليته هذه الفئة التي تمر بأصعب مرحلة أن وجدت وكم أتمنى ذلك.
مؤسسة وطنية نموذجية
القاص والروائي وجدي الأهدل له رأي مغاير حيث يقول :
يمكن النظر إلى اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كمؤسسة وطنية نموذجية قدمت الكثير للتوعية بقضايا سياسية مصيرية مثل قضية توحيد الشطرين، وحل الخلافات عن طريق تحكيم العقل.
كما يشكل الاتحاد مدرسة للديمقراطية وتداول القيادة عن طريق الانتخاب، وهو بهذا يشكل قدوة للمجتمع اليمني.
ربما تتدخل السلطة الحاكمة للتأثير على نتائج الانتخابات، ولكن يظل المبدأ نفسه صحيحاً. قدم الاتحاد مساهمات جليلة في قضايا الحقوق والحريات، والدفاع عن حرية الرأي، ووقف بحزم ضد إرهاب الدولة للمبدعين، وانتصر للشعراء والكتاب الذين تعرضوا للاعتقال أو المحاكمات، وأدان المصادرة والرقابة والتعدي على حرية الفكر والخيال والجهر بالحقيقة.
وأضاف : إن التضامن مع الأديب المضطهد هو من صلب مهام الاتحاد، ولولا وجود الاتحاد لتغيرت خارطة الإبداع اليمني كلياً، وأصبحت تقتصر فقط على لون واحد من الأدباء.. العشرات من الأدباء أنقذهم الاتحاد من القتل والاعتقال والأحكام القضائية المُسيسة.. وفي قضية الشاعر (منصور راجح) مثلاً تمكن الاتحاد من إنقاذ حياة هذا المبدع من الإعدام ظلماً.. يومها قابل وفد الاتحاد رئيس الجمهورية “السابق” وقالوا له: “إذا تريدون إعدام هذا الشاعر فأعدموه بتهمة أنه شيوعي، ولكن لا تعدموه بتهمة جنائية مُلفقة”.
وقد تكللت جهود الاتحاد بالنجاح، وتم الإفراج عن منصور راجح الذي منحته النرويج حق اللجوء السياسي، بعد سبعة عشر عاماً من معاناة الاعتقال.
وبالنسبة لي فإن الاتحاد قد أنقذ حياتي في عام 2002 عندما حدثت مشكلة حول رواية “قوارب جبلية”، ووقتها كان رئيس الاتحاد الشاعر أحمد قاسم دماج، والأمين العام الشاعر المرحوم محمد حسين هيثم، وقد قام الاتحاد بمساعدتي على الخروج إلى دولة أخرى، ووفر لي التذاكر ومبلغاً مالياً، وظل الاتحاد يساندني معنوياً ومالياً طوال فترة المنفى. وفي الداخل كنت أحاكم غيابياً، فتكفل الاتحاد بتوكيل محامين للدفاع عني، وهما الأستاذان عبدالعزيز البغدادي ود. محمد المخلافي.
هذا بجانب البيانات التي أصدرها الاتحاد في وقتها وكان لها أثر كبير في الداخل والخارج، ووضع الرأي العام في صورة ما يجري.
بدون هذا الدور الإنساني العظيم للاتحاد لما استطعت ولما استطاع المئات من المبدعين الصمود ومواصلة الكتابة.
وقال الأهدل : لقد استطاعت هذه المؤسسة الصغيرة بحجمها والكبيرة برجالها ونسائها أن تتصدى لغليان التكفير والتخوين والفاسدين المنتفعين من السلطة.
واليوم وبعد عواصف الربيع العربي التي اكتسحت العديد من البلدان، ومنها اليمن، فإن التزام الاتحاد بالدفاع عن المبدعين وحرية الكلمة ينبغي أن يتزايد ويتعاظم، وأن يستعيد دوره النقابي الفعال في المجتمع بوصفه حاملاً لرسالة أخلاقية وإنسانية وفكرية ذات أبعاد كونية، وهي المضامين التي يحتاجها اليمنيون الآن أكثر من أي وقت مضى.
وتابع قائلاً : كان لدى الاتحاد مشروع “كتاب كل أسبوع” أسسه الشاعر محمد حسين هيثم رحمه الله، وصدر عن هذا المشروع أكثر من 220 كتاباً ما بين الشعر والقصة والرواية والنقد. ثم توقف هذا المشروع بسبب مجيء قيادة جديدة للاتحاد.
والمؤسف أن المشاريع الجيدة لا تستمر، وبالتالي لا يحدث التراكم المطلوب للكلام عن مؤسسة ذات تقاليد عريقة.
نأمل أن يستعيد الاتحاد دوره في إصدار الكتب الأدبية، ولو بمعدل كتاب كل شهر.
مؤكد : إنه في فترة سابقة قام الاتحاد بتخصيص مليون ريال سنوياً لشراء الكتب من معرض صنعاء الدولي للكتاب، وكان يتم وضع الكتب في مكتبة الاتحاد العامة، وإتاحتها للأدباء عن طريق الاستعارة.
وكان الهدف هو توفير الروايات والدواوين الشعرية والقصص وكتب النقد وغيرها من الكتب الثقافية للأدباء غير المقتدرين مالياً. وفي السنوات الأخيرة توقف الاتحاد عن شراء الكتب.
واختتم بقوله نأمل أن ندرك جميعاً أن الكتاب هو شيء حيوي جداً للأديب، وأنه عندما يوفر له الاتحاد هذه الكتب عن طريق المكتبة، فإنه يقدم خدمة ثقافية لا تقدر بثمن.. سأقولها مرة ثانية: إن توفير كتاب نفيس لأديب شاب فقير في بداية مشواره الأدبي هو أروع شيء يمكننا أن نقدمه إليه على الإطلاق.
الآمال المعلقة على الاتحاد كبيرة، وبلا شك لنا الحق في أن نطالب بتحقيقها.
ننتظر أن يخرج من أزمة صمته المريب
أما الشاعر عبد الرحمن غيلان فيقول :
- منذ سنواتٍ للأسف ودور اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين محصور في بيانات النعي والتضامن والصراعات الجارية تحت رماد الموات الثقافي.
جئنا وجاء الكثير من المبدعين والمبدعات من القرى والمدن يحدونا الأمل الكبير بهذا الكيان الأدبيّ الذي قرأنا عن رموزه الكبار وعن تأريخه الإبداعي الوطنيّ ما يجعلنا نغذّ السير إلى رحابه راغبين بحظوة الانتماء إليه.. لكننا فوجئنا بمقرّه المغلق وقياداته المتناثرة وشتاته الواضح للعيان وانغماس تفاصيله ودهاليزه بمستنقع السياسة والمماحكات الحزبية والفكرية التي أجهضت الكثير من سيرة نقائه وهدمت السور الكبير بينه وبين السهام الحاقدة على كل إبداعٍ أصيل بهذا الوطن.
وأضاف غيلان كنا وما زلنا ننتظر من اتحاد الأدباء أن يخرج من أزمة صمته المريب.. ويدفع بما تبقّى فيه من أمل لاحتواء المبدعات والمبدعين بأجناسهم المختلفة.. وأن يُغذّي إداراته المختلفة بالدماء الإبداعية الجديدة المتوثّبة للعطاء كما تشهد الساحة الأدبية والثقافية لهم بذلك.
كما أنّ معضلة عضوية الاتحاد التي ينتظرها الكثير من الأدباء والأديبات منذ سنوات.. لابد أن يتم الحسم فيها قبل أي مجازفة أخرى من قيادة الاتحاد تقدم عليها وتنسف الرابط الأخير بينها وبين الشباب المبدع.
وبرأيي ما زال بالإمكان انتشال اتحاد الأدباء من مواته بالعمل الحقيقي على تمكين اسم الاتحاد من البزوغ والتسيّد ثانيةً للمشهد الأدبي والخروج من عنق المحاصصة السياسية والفئوية والتي ستوصل الاتحاد إلى قبره الأخير إن لم يتداركه المعنيون بأمره.
الكل منشغل عن الاتحاد
كما تحدث القاص والروائي محمد الغربي عمران قائلاً:
نعلم جميعنا بأن النقابات والاتحادات وكافة منظمات المجتمع المدني تنجح بقدر مكانة وقدرة الشخصيات التي تتولاها وبالأخص إن أخلصت لها.
ودوماً نقول اتحاد الأدباء كيان وحدوي وكبير وعريق. ولم يتأت ذلك إلا بالشخصيات النشطة والمخلصة التي قادته.
واليوم الكل منشغل عن الاتحاد وكل عضو في المجلس التنفيذي أو الأمانة العامة مشغول برعاية مصالحه وترك الاتحاد رهينة فنحن لم نقم بدورنا ولا تركنا الاتحاد لغيرنا ، خاصة الثلاثة التنفيذيين الذين هم منشغلون بما يخصهم خاصة الأمين العام الذي ينص النظام الأساسي تفرغ الأمين العام في أحد مواده وفي مادة أخرى ينص على أن لا يتولى الأمين العام من له منصب وكيل وزارة أو أعلى أي جاءت هذه المادة لتدعم التفرغ للأمين العام ومداومته في مقر الاتحاد يوميا .
وأضاف الغربي : نحن اليوم نعيش اتحاداً مغلقاً تماماً لا أنشطة لا موارد لا أي اهتمام.
تجربتي رائعة مع زملاء رائعين عرفت أكثر الناس روعة.
الشحاري، الصريمي، هيثم ،الوريث الديلمي، البار وأبلان كثر لا أستطيع ذكرهم كلهم هنا ومثلهم من الإناث تعلمنا منهم .ومن أخلاق السمو التي يتبعونها وهذا لا يمنع النقد فحين أنقد شخصاً لا أنقده لشخصه بل لصلته بالعمل الجمعي.. ولذلك إن ذكرنا الإهمال ومراعاة مصلحة الشخص على مصلحة الاتحاد كما هو حاصل الآن هناك الشللية التي تنخر الاتحاد وهناك المناطقية وهذه قد لا تظهر إلا من عايش الانتخابات فترين أصحاب المناطق المختلفة عند الانتخابيات يتكاتفون لبعضهم حتى مع اختلاف انتماءاتهم الحزبية الكل يدعم ابن منطقته بغض النظر عن مقدراته.. وهذا الأمر خطير.. الأمر الآخر الحزبية وهي الأشد بعد المناطقية ..وتابع الغربي حديثه قائلاً :إذ إن الاتحاد تتصارع عليه السيطرة قوى اليسار وقوى الوسط.. لا يجد يمين “الإسلاميين إلا قلة” وبدلاً من أن يسير المثقف السياسي أضحى السياسي هو المهيمن.. ومن مقار الأحزاب يتم التخطيط للانتخابات.. وهنا بمعنى اجتمعت كل الموبقات والأنانية الشخصية والتبعية في هذه الدورات الأخيرة ما أفقد الاتحاد دوره.. وترين أن هناك أدباء في المحافظات الجنوبية يعملون عكس النظام الأساسي وهذ يعطيك فكرة عن مستوى العقليات التي بدلاً من الاتجاه للسمو والرفعة.. تسعى لرعاية مصالحها، أصبحنا إمعات يسيرنا المغفلون من الساة من داخل اليمن وخارجة.
تجربتي ثرية.. ورائعة.. ولا أعني بنقدي إلا أن أحفز زملائي على التجرد من التبعية.. أن نعمل من أجل الأدب والثقافة التي هي الأبقى.. وأن نكون صادقين نتجرد من الأنانية.. نترك ونفسح المجال لغيرنا من الشباب.
الاختلال الرئيسي هو عدم وجود التخطيط والإدارة
أما القاصة سلمى الخيواني فتقول: بالنسية للاختلالات التي يعاني منها اتحاد الأدباء فهي للأسف كثيرة ومتأصلة لامسناها في فروعنا بالمحافظات.
وقد اتسمت بالمركزية وأحادية الزاوية حيث أغفلت وبشدة مشاركة ودعم أعضاء الاتحاد من المحافظات.
كما أنهم لم يحرصوا على رفد الاتحاد بدماء جديدة فاعلة ونشيطة.. تم استقطاب عدد كبير من كتاب ومبدعي ذمار إلى صنعاء بصفتها مركزاً وحاضرة للفعاليات الأدبية والثقافية ومنابر النشر لكن للأسف لم يحصلوا على أحقية العضوية في الاتحاد وظلوا على الهامش.
وأعتقد أن الاختلال الرئيسي هو في عدم وجود التخطيط والإدارة الجادة والوعي بالقيمة المعنوية للاتحاد بالنسبة للذين شغلوا هذه الأماكن الإدارية لأعوام طويلة.
ماذا عمل الاتحاد للتعريف بالإبداع اليمني؟
وشاركت القاصة إيمان حميد قائلة: اتحاد الآباء اليمنيين لم يعد له دوره الذي كنا نسمع عنه في ردم الهوة بين اليمنيين لم يعد للأدباء دور بناء في مستقبل اليمن، الاتحاد الذي وضع أول لبنة للوحدة اليمنية وعمل عليها والذي كان له دور فاعل في سياسية اليمن أصبح لا شيء على مستوى السياسة وعلى مستوى المشهد الثقافي يمنياً وعربياً، ماذا صنع الاتحاد مثلا ليكون الأديب اليمني معروفاً عربياً، لا مطبوعات تطبع ولا مشاركات خارجية تظهر ما لدينا، ولا مهرجانات نستضيف فيها الآخرون لنعرف ما لديهم .. وتابعت قائلة : أصبحنا نعاني من التشرنق والعزلة والإحباط، هذا ناحية زاد من الوضع سوء إحساس المبدع بأنه مهدر ورخيص لو أصابه مرض لا صندوق لرعاية المبدعين، كثير من المبدعين أسدل عليهم المرض نهاية مأساوية والبقية تتفرج وتخاف أن يحل بها نفس الظرف، لا قيمة للإنسان هذا ما يحسه المبدع، فكيف يهتم لما قدمته يد الإنسان من إبداع، وكيف يستطيع المبدع أن يعطي في هذا الوضع الذي يجعل المبدع في مقابل عجزه وجهاً لوجه لو سقط في هاوية المرض!.
السياسة تفسد العمل النقابي دائماً
من جانبه يقول الشاعر أحمد السلامي : اتحاد الأدباء ليس مؤسسة حكومية. هو كيان نقابي أهلي. أو يفترض أن يكون هكذا.
لكنه في مراحل مختلفة لم يمتلك استقلاليته، وباسم الدعم الذي كانت تقدمه له الحكومة جرى ترويضه وتحويله إلى كيان تابع وهزيل. وطلب منه في مراحل متأخرة بعد الوحدة أن يكون منصة لإطلاق مواقف سياسية هزيلة تبعاً لهيمنة طرف سياسي على قيادة الاتحاد.
ويرى السلامي أن الاختلال الذي عانى ويعاني منه اتحاد الأدباء لا يتعلق بهذا الكيان وحده. مؤكداً أن العمل النقابي بشكل عام في اليمن مخترق ومجير سياسياً ولا يخدم الفئات أو الشرائح التي يفترض أن تستفيد من العمل النقابي.
وأضاف : هناك حقيقة جوهرية لا يعرفها الكثيرون، وهي أن اتحاد الأدباء ليست مهمته أساساً إنتاج الأدب والثقافة ولا تحريك عجلة الإبداع.
الإبداع فردي بالضرورة. ولا يمكن لنقابة أن تبدع أو أن تحرض أعضاءها على الإبداع. كان يكفي اتحاد الأدباء أن يقوم بدوره النقابي فقط، وهو الاهتمام برعاية المبدعين وحماية حقوقهم الفكرية وتوفير الرعاية الصحية لهم. وما سوى ذلك من نشاط ثقافي واحتفالي أعتقد أنه من باب أداء واجب إضافي بعد الواجب الأساسي. الأساسي هو البعد النقابي البحت. رعاية المبدعين صحياً وحقوقيا. ثم النظر بشأن إصدار الكتب والمجلات وإقامة الفعاليات والندوات. وهذه الجزئية لن تكون ناجحة ولا ذات معنى نزيه وخال من المتاجرة بالثقافة وتوظيفها إلا إذا كان الاتحاد قد قام بدوره النقابي الأساسي.
لقد أقحموا الاتحاد منذ نشأته في التصدر لإبداء مواقف سياسية وحولوه إلى منظمة سياسية. مرة كانت تتبع اليسار ومرة تتبع اليمين ومرات تتبع الانتهازيين من الطرفين. وهذا ليس دور الاتحاد على الإطلاق. السياسة تفسد العمل النقابي دائماً.
وفي الحقيقة ما يحجب ازدهار وانتشار الأدب اليمني ليس ضعف دور اتحاد الأدباء ولا غيره من الكيانات. علينا أن نعترف بالحقيقة المرة. دور الاتحاد كما قلت سابقاً هو دور نقابي لا أكثر.
مشكلتنا في أولويات مجتمعنا. هذا بلد فقير وغير مستقر سياسيًا. والإبداع ينتج عن التراكم والاستقرار والتفات المجتمع لاستهلاك الفنون والآداب. وطالما لا يوجد مستهلك محلي مهجوس بالتعاطي مع الفنون والأدب لن يزدهر الإبداع في اليمن.
نحن بحاجة للمزيد من الوقت والاستقرار المجتمعي لتحظى الفنون بأولوية على مستوى الإنتاج والتلقي والانتشار.
وتابع قائلًا : بالنسبة لفشل اتحاد الأدباء. أعتبر المسألة تندرج ضمن الفشل الشامل في ظهور معالم المجتمع المدني بشكل عام في اليمن. ومعالم المجتمع المدني تتمثل في النقابات المهنية والإبداعية والعمالية الحرة والمستقلة.
إن بقاء أي كيان باسم الأدباء تابعاً للأحزاب والحكومات لن يؤسس أي استقلالية لعمل نقابي من هذا النوع الحيوي.
وأختتم بالتأكيد مرة أخرى على أن التعويل على دور إبداعي من كيان نقابي مثل اتحاد الأدباء فيه نوع من الجهل بأمور أساسية في العمل النقابي.
وقال الكيان النقابي وظيفته تنظيم ورعاية أعضائه أما الإبداع فهو شأن فردي.
وبالنسبة لتسويق ونشر الفنون فهذا بات أمراً يقوم على أكتاف القطاع الخاص والمؤسسات المعنية بتحويل الثقافة والفن إلى منتجات.
من مصلحة استقلال وحرية الفن والإبداع أن يتحول إلى منتج بعيداً عن المؤسسات التي تهيمن عليها الحكومة.
ومن مصلحة اتحاد الأدباء أن يتحول إلى كيان نقابي مستقل لا يرتهن لفتات الدعم الحكومي.
رئيس اتحاد الأدباء يؤكد:
الاتحاد لم يتنازل عن تاريخه ومواردنا لا تسمح بالطباعة
الأديب مبارك سالمين رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين يدلي برأيه قائلاً :
بصيغة إجمالية ، للمساهمة في هذا الاستطلاع يمكن القول بأنه قد تم تهميش دور العقل في إدارة هذه البلاد وأقولها بصراحة لقد تم تسييس الجامعات والمراكز البحثية ومنظمات المجتمع المدني بصورة واضحة لا تخفى على أحد , واتحاد الأدباء والكتاب كغيره من المنظمات والمؤسسات المكونة لعقل هذه الأمة جرى تهميشه في مناسبات كثيرة , غير ان هذا الأمر لا يعفينا من اتخاذ مواقف واضحة تجاه مجمل الأحداث في الساحة المحلية لأن الكلمة والرأي مسؤولية وطنية وأخلاقية وإنسانية , وعلى الرغم من أن حال أعضائه في هذه البلاد , كما تعرفون. يحتاج بعضهم لحبة الدواء ويموت دونها , إلا أنه – أي الاتحاد - لم يتنازل عن تاريخه الذي هو في معظمه تاريخ الانتصار للإنسان وقضاياه , ولن يكون في قادم أيامه إلا كذلك. صادحا بالحق منافحا عن حق هذا الشعب في الحياة الكريمة. والبيانات التي يصدرها الاتحاد لتوضيح موقفه من هذه القضية أو تلك تؤكد ارتباطه بأمته وشعبه على الدوام.
أما بالنسبة للتعريف بالأدب اليمني محلياً وعربياً فإن الموارد المالية للاتحاد لم تعد تسمح بالطباعة بعد أن فقد مصدره الرئيس المتمثل في إيجار مبنى عدن الذي تم السطو عليه ونهبه على مرأى ومسمع السلطة وتحول إلى خرابه بعد أن تمت تصفية كل محتوياته وأبوابه ونوافذه وتوقف عن وظيفته كعقار يمكن تأجيره. يعجز الإتحاد الآن عن المشاركة في تسديد اشتراكاته لاتحاد الكتاب العرب وعن توفير كلفة السفر للمشاركة في اجتماعات المكتب الدائم لاتحاد الكتاب العرب ولا حلول في الأفق فالموازنة البائسة التي تتصدق بها الحكومة للاتحاد وفروعه لم يتمكن الاتحاد من الحصول عليها حتى الآن لكي ينهض بدوره في المجال الثقافي ناهيك عن دوره الريادي الذي خفت.
الأمين العام للاتحاد:
أنجزنا الكثير في الأمانة العامة وأزمة الاتحاد نابعة من أزمة الوطن بأسره
من جانبها هدى أبلان الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين تقول: نستطيع تقسيم تاريخ الاتحاد إلى محطات منها الإنجاز و التنظير و التأسيس للوحدة الوطنية و للديموقراطية وللحريات وفي طليعتها حل المشاكل بين الشطرين كما كان هناك شغل على مسألة ترسيخ الهوية و القيم الثقافية الوطنية لأن الرواد كان جزء منهم من الحركة الوطنية ثم في عام 1990 تحققت الوحدة فانطلقوا إلى مسألة الحريات العامة والديموقراطية وهي مرتبطة كلها ببعضها البعض.
نستطيع القول بأن الأمانة العامة للاتحاد في مراحل مختلفة تعددت إنجازاتها فهناك أمانة عامة اشتغلت على البنية التحتية داخل الاتحاد بشراء المقرات أيام إسماعيل الوريث وأمانة عامة اشتغلت على الكتاب والفعل الثقافي أيام محمد حسين هيثم والأمانة الأخيرة 2005 إلى 2010 اشتغلت على المضمون الاجتماعي للأدباء والكتاب وعملت صندوق رعاية اجتماعية واشتغلت على فعل ثقافي تاريخي حيث تم تكريم جميع المؤسسين دون استثناء، إحياء فعالية يوم الأديب والكاتب اليمني، عقد دورات المجلس التنفيذي بانتظام. كما سعت لاستخراج أراض سكنية سلمت في بعض المحافظات و وظائف للأدباء تقريبا 122 وظيفة للعاطلين داخل المشهد الثقافي من الأعضاء وحتى من أبنائهم.
كانت هناك مشاريع اجتماعية نوعية ولكن بدأ الخفوت منذ مطلع عام 2011 حيث مرت البلاد بحالة من الاحتقان والتجاذبات السياسية نستطيع أن نقول إن التنوع الذي داخل الاتحاد انعكس على الموقف أو الأوضاع السياسية القائمة ،وأيضا موقع مقر الاتحاد كان في قلب المعمعة في أماكن التظاهرات تماماً فكان الوصول إليه صعباً في ظل أجواء الحرب والتوتر السياسي فهذا أثر على الاتحاد حيث تًرك مقره ولكن اشتغلنا على الاتحاد من مؤسساتنا الثقافية الأخرى.
أنا شخصيا كنت أشتغل على الاتحاد من المؤسسة العامة للمسرح والسينما و وزارة الثقافة كل ما يتعلق بالأدباء والمثقفين هو عندي وقد لاحظت وجود الكثير من الأدباء بشكل يومي هنا في مكتبي بوزارة الثقافة نعالج كل مشاكلهم.. الآن رجع مقر الاتحاد انتدبت الكثير ممن هم هنا في الوزارة للعمل الإداري فيه.
و الحقيقة الصادمة الآن أن الاتحاد يمر بضائقة مالية - كي أكون واضحة- كان دخل الاتحاد شهرياً يصل إلى 17 ألف دولار من فندق عدن ناهيك عن دعم الدولة ولقد عملنا أشياء كثيرة بإيجار الفندق وبإمكانك أن تطلعي على كشوفات المساعدات ، مساعدات اجتماعية ومساعدات المرضى حتى بعض الذين اعتقلوا أعطيناهم رواتب كذلك اشتغلنا على جزء من الطباعة لم يكن بالشيء الكبير ولكن جزء بسيط ولكنا كنا موجودين في المجال الثقافي فعاليات متنوعة الفروع اشتغلت بشكل ممتاز فرع عدن و فرع المكلا وفرع صنعاء وفرع ذمار وفرع لحج وغيرها من الفروع التي اشتغلت بشكل جميل أيضاً كان للاتحاد موقف داعم للنازحين في أبين كل أعضائنا في أبين دعمناهم بمبالغ مالية.
كما استضفنا دورة المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب و ندوة ابن خلدون.
في عز الأزمة لا يوجد حزب سياسي أو نقابة دعمت أعضاءها كما فعل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وكل الوثائق موجودة؛ أعتقد أنني اشتغلت بعاطفة في الاتحاد وكان عندي الهم الاجتماعي والاقتصادي والصحي للأديب كان له أولوية على المسألة الثقافية وأنا أعترف أنه قد يكون هذا عيباً في مشاعري ولكني أنصفت إلى حد كبير بدليل الأصوات التي حصلت عليها في محافظة عدن، اكتساح غير مسبوق حيث حصلت على 106 أصوات من 116 صوتاً وأنا في غير مدينتي بين اتجاهات سياسية و فكرية و جغرافية مختلفة ومع ذلك هذا استفتاء من الناس وأنا أعتبر أن الضائقة المالية هي التي عرقلت عمل اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين لأننا وجدنا صعوبة في انتظام عمل الأمانة و دورية اجتماعاتها، واجتماعاتها مهمة لأنها ترسم سياسة الاتحاد لشهر والمجلس التنفيذي يرسم سياسة الاتحاد لستة أشهر فعدم انتظام الاجتماعات كان بسبب الضائقة المالية أيضاً.
نحن دخلنا في قضايا مع الضرائب بسبب الضرائب المتراكمة على مقرنا في عدن وحجز المقر من قبل محكمة الضرائب ،دخلنا في قضايا ومتابعات وخسرنا الكثير من الأموال.
الوثائق الخاصة بالقضايا والمرافعات ؛ الاتحاد مر بظروف قاسية على كل المستويات أعتقد أيضاً أنه كان هناك خذلان رسمي للاتحاد لم يتم الالتفات إلى معاناته باعتبار أنه صوت مختلف وليس تابعاً.
الاتحاد ليس معارضة فجة وإنما هو تنوع في اتجاه الاستقلال والحرية والتفرد وبالتالي نحن لا نرضي كل الأطراف السياسية وحتى السياسيين من داخل الاتحاد لا يمكن أن يمثلوا أطرافهم السياسية بعيداً عن قيم الاتحاد.
أنا أتحدث عن نفسي وأصر أنني عملت بقيم الاتحاد ولم أعمل بالتوجيهات السياسة وأستطيع أن أثبت هذه المسألة تماماً و بوضوح لأنني انتصرت لثقافتي وانتصرت لإبداعي لأن ما يبقى هو التاريخ الحقيقي للمثقف، ما يبقى هو سمعة الأديب والمثقف.
بالنسبة لي كنت خارج التوجهات السياسية تماماً. أنا اشتغلت بمحبة عالية لكل عضو في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين لا أسأل عن مدينته أو منطقته أو انتمائه السياسي ولا أسأل عن أي شيء ما يهمني هذا المثقف كإنسان في المقام الأول وكمبدع في المقام الثاني.
الآن مطالبنا أمام الأخ رئيس الجمهورية والأخ رئيس مجلس الوزراء لتمويل المؤتمر العام الحادي عشر وهذا المؤتمر مؤتمر استثنائي مختص بإعادة النظر في وثائق الاتحاد وأنا أعترف بأني أجلت الكثير من هذه الاجتماعات بسبب الظروف السياسية التي خلطت كثيراً من الأوراق وكي لا يحسب على اتحاد الأدباء بأنه بدأ مسيرة التشظي كما بدأ مسيرة الوحدة.
أنا حاولت أن أكون مستقبلية في النظرة وإنه بعد أن تتضح الحالة السياسية سنجتمع و ننظر في وثائق الاتحاد.
الآن نطالب بميزانية لانعقاد المؤتمر العام الحادي عشر وقبلها لا بد من عقد أكثر من دورة للمجلس التنفيذي و أخصك بمعلومة الآن في وزارة المالية في قطاع النفقات الجارية ننتظر الإفراج عنها والاتحاد لأول مرة يعامل مالياً بهذا الشكل من الدولة.
اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام قد تم تأسيسها قبل سنتين ولو ترجعين إلى وثائق التأسيس ستجدين إنه قد تم انتخاب واختيار لجنة تحضيرية من قبل المجلس التنفيذي وبالتالي نحن جادون في مسألة الانتخابات وبمجرد أن نستلم الميزانية سندعو لعقد المؤتمر وإجراء الانتخابات لأنه من الضروري أن نحدد شكل ومستقبل الاتحاد الآن في ظل التطورات السياسية والفكرية القائمة فالاتحاد لا بد أن ينتصر أعضاؤه في إبقائه مثلاً وقيمة ثقافية وأخلاقية عالية وألا يتم المس بكثير من قواعد تأسيسه القائمة على احترام الوحدة الوطنية والتنوع والحريات الإبداعية.
الشباب و فكرة التغيير في الاتحاد
الشاعرة سماح الشغدري
عملت في اتحاد الأدباء قرابة السبع سنوات سكرتيرة في الأمانة العامة أثناء انتخابات الاتحاد في مؤتمره التاسع كنت أشعر بداية بتميز لأن الاتحاد كان مرتبطا بأسماء كبيرة مثل الجاوي الذي كثيراً ما سمعت عن مواقفه الوطنية الكبيرة وحزمه وموضوعيته وأيضاً كبريائه الشامخ أمام السلطة حينذاك.
وكنت أيضاً احسب حساب تطوير شخصيتي الأدبية ونصوصي لأن كثيراً من الأدباء من أجيال مختلفة سيكونون متاحين لي حين استشارتهم أو الاستفادة من خبراتهم.
كنت أجلس مع أحمد قاسم دماج وأسمع منه عن نضالاته ورفاقه من الأدباء أيام حرب السبعين والجبهة وأشعر أن اتحاد الأدباء هو نواة كل قامة وطنية كبيرة وهم الأكثر إتقانا في خدمته.
لكن ومع مرور الأيام شعرت أن معايير هذا المكان تتبدل بتبدل الأشخاص للأسف أتيت في فترة غلبت عليها الحزبية على الإنسانية والشللية والمناطقية على النص والمعايير الثقافية التي لم تعد ذا هم أو شرط في الحصول على مكانة داخل الاتحاد كان المشروع الثقافي مغيباً تماماً على مدار السبع السنوات كان الاتحاد بكل تاريخه وعظمته من مرورك به يتقدم نتيجة القيادات التي انتخبت في العام 2005 والعام2010 التي كانت أسوأ من الأمانة العامة التي سبقتها رغم وجود نفس الأشخاص.
بدأت فكرة التغيير من الشباب داخل الاتحاد حين قرروا وأنا من بينهم والأصدقاء أحمد السلامي ومحمد عبد الوكيل جازم ومحمد عثمان أن نغلب المعايير الثقافية على قيادة الاتحاد وأردنا أن نبدأ بفرع صنعاء الذي كانت مسوغات عضويته مهتمة بأسماء لا علاقة لهم بالأدب والثقافة وتكرر من الأمانة العامة وَبَارك خطواتنا تلك كل من عبد الباري طاهر وسلطان الصريمي واحمد قاسم دماج وفعلا في المرحلة الأولى نجحنا في تصعيد تلك الأسماء نتيجة العمل الميداني القوي والموضوعي.
لكن مشروع الحزبية هو من انتصر في نهاية المطاف بعد أن تم الالتفاف على قيادات الفرع من الدماء الجديدة بتعاون كبير وجاد من الأمانة العامة وفعلاً صعد أشخاص من نفس تيار النظام السابق رغم أنهم لم يحصلوا سوى على اثنى عشر صوتاً في الانتخابات متجاوزين بقية الاحتياطيين والأرقام لأنها لا تخدم مشروع سيطرتهم على الأمور داخل الاتحاد، حينها فقط شعرت أن الاتحاد ومشروعه الأدبي والثقافي قد مات تماماً وأن كل من أتى لاحقا ليس لهم جهود سوى تسول أمجاد غيرهم من الكبار الذي رحلوا للحصول على دورهم أو مناصب تشبع ثقوب نفوسهم وما أكد تماماً ذلك هو موقف الأمانة العامة من ثورة الشباب الشعبية السلمية حيث تم إغلاق الاتحاد تماماً في 15 /3/ 2011
وظل الاتحاد متفرجاً ولم يكن له موقف تجاه كل الأحداث التي حدثت سوى بيانين لم يتجاوزا العشرة أسطر في جمعة الكرامة وحين تم الاعتداء على الناشطات استمر الاتحاد في ولائه لسلطة صالح حتى بعد سقوطه.
فحين كان الترتيب لمؤتمر الحوار وطلب من الاتحاد ترشيح اثنين يفترض أن يكون مستقلين صعد اثنان من المؤتمر الشعبي العام قدمتهم االأمانة العامة فقط لأنهما من المؤتمر.
غير أن المضحك المخجل أن أحدهما ظل يتحدث على أساس أنه عضو مستقل ولم يكن للاتحاد أي دور يذكر من خلال هؤلاء إطلاقاً. والملفت أن الاتحاد أيضاً لم يرشح نساء لمؤتمر الحوار سيما وكثير أن من الأدبيات قد شاركن وبشكل ملفت في ثورة الشباب حينها فقط قررت أن أنشئ مؤسسة تشتغل على الثقافة والإعلام ولو بشكل قليل لتجعل من تلك الأحلام التي سمعتها وتنميتها في الاتحاد وعنه حقيقة إلا لما هو حقيقي.
فروع الاتحاد.. معوقات جمة
ليلى إلهان
رغم كل الظروف إلا أن اتحاد الأدباء مازال يتحمل الكثير من المسئوليات ومنها أنه ذلك الكيان الوطني الكبير الذي يضم أدباء الوطن والجميع تحت مظلته الوارفة.
إن اتحاد الأدباء من المؤسسات الثقافية العظيمة التي لعبت أدوارها في خدمة الثقافة وكان الاتحاد من أوائل مؤسسات المجتمع اليمني المدني التي ناضلت وعملت على تحقيق الوحدة اليمنية ونشر الإبداع والثقافة والدفاع عن الحقوق والحريات على مستوى الساحة اليمنية.
وازدهار الثقافة والإبداع مسئوليات الجميع في هذا الوطن ومنها وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية الأخرى وبالطبع الاتحاد في مقدمتها ولكن الظروف والأحداث التي مرت بها البلاد خلال السنوات الماضية كان لها انعكاسها السلبي على الجميع.. كما حدت من نشاط الاتحاد وأنشطة المؤسسات الثقافية الأخرى, إلى جانب الظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد والاتحاد والتي لها إسهامها الفاعل في تنشيط المناشط الثقافية.
ويجب التفريق بين الأمانة العامة للاتحاد وبين فروع الاتحاد.
إن فروع الاتحاد في المحافظات واجهت صعوبات جمة نتيجة للأوضاع ونتيجة لتوقف ميزانياتها الضئيلة وهناك العديد من الفروع توقفت عن النشاط نتيجة لعدم وجود أبسط الإمكانيات.
وهناك فروع ظلت تقاوم وتعمل رغم الديون التي أثقلت كاهلها.
ومن أبرز الفروع إن لم يكن الوحيد فرع صنعاء الذي كان وما زال الوحيد الذي يعمل ويقوم بالأنشطة الثقافية طوال السنوات الماضية وحتى الآن رغم الظروف السيئة المحيطة به ورغم عدم صرف أبسط الميزانيات التي تتطلبها الأنشطة.. وأنشطة فرع صنعاء جعلته في صدارة الفروع.. وهذه الأنشطة التي يقوم بها الفرع معروفة ومستمرة نتيجة لتكاتف الزملاء بالهيئة الإدارية وعملهم المتفاني من أجل أن يبقى الاتحاد والفرع في حالة حضور رغم خفوت الكثير من المؤسسات الثقافية الخاصة والرسمية.
ونأمل من الأخوة في الأمانة العامة والمجلس التنفيذي العمل على الاهتمام بالفروع وتجاوز كل الصعوبات والعوائق وبذل الجهود من أجل تنشيط الاتحاد وبقية فروعه واستخراج الميزانيات المناسبة من الحكومة وذلك لمواجهات النفقات والمتطلبات التي يحتاج إليها الاتحاد في تسيير نشاطاته المتعددة.
طقطقة إلا ربع
الشاعر أحمد الوافي
(1)
في 2005 كنت أزور مبنى الأمانة العامة للكتاب اليمنيين- الزيارة الأولى وكانت تلك الزيارة ضرورية - كوني ضمن الفائزين بجائزة الثورة الجزائرية التي نظمتها السفارة أو سفارة الجزائر بصنعاء بالتنسيق مع الأمانة العامة يومذاك كنت الفائز في الشعر إلى جانبي سمير عبد الفتاح في القصة و وجدي الأهدل في المسرح يومذاك كانت الزيارة أيضاً وهرانية لأني كنت أتحدث مع أعضاء السفارة الجزائرية عن وهران- هذه المدينة الحلوة كاسمها- حتى وإن كانت على وزن ضبحان باليمنية- لكنها مدينة ضد الضبح يومذاك كانت ابتسامة عبدالله البار تضاعف المبنى وابتسامة هدى تتضاهى قصيدتها وضحكة عبد الفتاح أمام البيبسي تماهي الجائزة.
(2)
أن تزور مكان الأول مرة شيء حلو وأن تزور مكاناً لأول مرة أيضاً شيء مربك، ثمة علاقة بين الثلاثة - أنا والمكان والارتباك! ثمة ارتباط عاطفي بين الجغرافيا وخطوات العابر- ليس أنا بالضرورة ثمة انتباه يرسله المكان- أو يستقبله الكائن من هناك أسأل نفسي كيف تتكون علاقتنا بالأمكنة؟
وكيف يتحول المكان إلى قطعة معرفية أو ميثولوجية أحيانا؟
ومن يضع نفسه في الآخر أنا - أم المكان .
في مبنى الأمانة اكتشفت أن المكان يمكن أن يكون ذاكرة أو عميلاً للذكرى.
تعجبني الأماكن التي تحفزك على الإجهاز عليها كما يفعل ذكر البط أحياناً أو نسر غالباً ولكنه إجهاد شفاف لا يعتبر جريمة أمام القانون في المكان الذي ينقر على رأسك أو قلبك بدفء تكون قد ولدت مرة أخرى وبمزاج حلو جداً في المكان الذي يصادفك فيه أبهى أصدقائك تكون قد ولدت بعدة أصابع وضحكات علي وعلى الآخرين أن نصفق للأمكنة لأنها تقودنا إلى المتحول وإليها
اعتقد لو لم تكن هناك أمكنة لما كان هناك ذكريات .
في حين أن الفن يستطيع أن يكون خارج المكان أحياناً
كلما دخلت مبنى الأمانة تذكرت مكاناً آخر .
يحدث أن تعيش مكانين في مكان واحد
مثلما يحدث للعاشق أن يقبل امرأتين في سرير واحد .
ويمكن أن يكون المكان أنت والكائن هو.
(3)
في 2004 كانت الأمانة العامة تطبع كل أسبوع كتاب ضمن فعاليات صنعاء عاصمة للثقافة العربية - كان ذلك جداً حلو وجدا رائع وليت ذلك المشروع لم يكن مرتبطاً بحدث صنعاء عاصمة ثقافية و تحول إلى مشروع حر مستمر طويل العمر، الجهات التي تتحول إلى مطعم كتب - هي تلك الجهات التي ممكن وبجدارة أن تبقى.
(4)
في عام 2003 فقدتني أمي فاتصلت بمحمد العكبري لتأخذ منه تلفون الأمانة العامة ذلك اليوم كان أول يوم يصل فيه صوت أمي إلى صنعاء وبالتحديد مكتب الأمانة العامة إذاً أشياء كبيرة تربطني بالأمانة العامة - أمي- ذكرى الألف دولار ضحكة السفير الجزائري
انكراع علبة البيبسي- كاميرا محمد عبد الوكيل جازم ، مسبحة أحمد ناجي ، تعليق سائق التاكسي على رائحة البلس التي كانت تدور داخل سيارته.
أر تناكي أيضاً
وابتسامة أخي الذي يقيم الآن في ضحكة أمي!.
(5)
في عام هو الآن تعيش الأمانة وضعاً ثقافياً يمكن وصفه بالباهت على الأقل - يمكن القول إن الوضع الثقافي الآن يعيش مرحلة الكورنة - فيروس كورونا وصل إلى الجسد الثقافي و ربما يقتله!.
(6)
في كل الأزمنة الأماكن تبقى- الأشخاص يتغيرون- الكتابة تشهد وتقول.
دماج: الاتحاد ائتلاف يمني لمختلف المدارس الإبداعية والفكرية
أبلان: الأمانة العامة ترسم سياسات عامة لكن الفروع هي التي تقوم بالنشاط
حملت هموم المثقفين وآراءهم وانتقادهم للوضع الراهن للاتحاد إلى الأمين العام للاتحاد الأستاذة هدى أبلان وبينما كنت بصدد إجراء الحوار في مكتبها الخاص بوزارة الثقافة إذ بالأستاذ الكبير أحمد قاسم دماج أحد المؤسسين للاتحاد يفتح باب المكتب ويدخل في زيارة لنائب وزير الثقافة الأستاذة هدى أبلان فكان هذا الحوار الذي شارك فيه دماج و أبلان :
المحررة: وضع الاتحاد منذ سنوات يثير سخط الأدباء والمثقفين برأيكم لماذا خفت وهجه وتلاشى دوره؟
دماج: كان آخر مؤتمر للاتحاد في 2010 كان أكثر مؤتمر حدة والتزاماً وكان ظاهرة حية ولكن في الأربع السنوات الأخيرة لماذا خفت دوره وما الذي حصل يجب أن تسأليهم.
أبلان: في آخر مؤتمر عام وهو أصعب مؤتمر كان في عدن عام 2010 وكان فيه حكمة المؤسسين وحكمة الرواد كانت موجودة وتجلّت وأنصفوا الناس ومقاماتهم ولكن من نهاية عام 2010 بدأنا ندخل في أحداث الأزمة الناس بدأت تأخذ اتجاهات شتى ولكن طاولة التنوع قائمة منذ أول ما تأسس الاتحاد.
دماج: دعيني أعطك نماذج من المؤسسين محمد سعيد جرادة بجانب عمر الجاوي و أحمد قاسم دماج وكل المؤسسين والاتحاد كان عنصر جذب للمدارس الفكرية والإبداعية في اليمن من كل المشارب، كنا نؤسس أصحاب المهن الأخرى بمعنى إخواننا المهندسين نحن من كنا نتبنى مؤتمرهم أعطيناهم مقراً وكنا نحرص على أن تُشكل نقابات واحدة في ظل الحكومتين ومن كان يستجيب لدعوة النقابة كنا ننفق على نقاباتهم.
كان لدينا عقار نؤجره بمبلغ لا بأس به نستطيع به أن ننفق على الاتحاد وعلى النقابات الأخرى من دخر العقار وعندنا قرار من المؤتمر الرابع ينص على تأمين مصدر دخل وأن ينفق على المؤتمر العام بمعنى أنه كان لدينا تفويض من الأمانة العامة.
في الحياة الثقافية والفكرية والمسألة الوطنية لعب الاتحاد دورا جوهريا وأنا أتفق مع الأمين العام للاتحاد الأستاذة هدى أبلان أنه إلى عام 2010 و الاتحاد يلعب دوراً أساسياً و طليعياً ولكن ربما خفت الضجيج ولكن لم يخفت الاتحاد الحاصل إن ثمة جهات معينة تتنازعه حقيقة الأمر أنها من أطراف السلطة كل طرف من جهته ،هذه الجهات حينما بدأت تتنازع اتحاد الأدباء وتخرجه من كونه إطاراً فكرياً داعماً لكل أبناء اليمن بدأ يخفت دور الاتحاد حتى وطنياً يعني هذه مؤسسة وطنية، قدمت مشاريع للسلطة من أجل تحقيق الوحدة مشاريع مفصلة كاملة وكنا الوسطاء حتى عندما يتحاربون كنا نصلح بينهم و أول ما يتفقون يتجاهلون الاتحاد ومن ثم يختلفون ويأتون إلينا لنصلح بينهم و هكذا.
المحررة: الاتجاهات السياسية لبعض أعضاء الاتحاد ألم يكن له دور في شق صفوف الاتحاد؟
أبلان: لا أعتقد ذلك.. نحن عندنا في الاتحاد آلية عجيبة كل عضو يتخلص من محمولاته السياسية تماماً بمجرد أن يدخل مقر الاتحاد.
دماج: الجو العام إذا قيل لك بأنه فيه عمل ليست السياسة شريكة فيه لا تصدقي كل عمل سياسي ولكن ما مستواه من النضج.
معنا في قيادة الاتحاد عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور سالم بكير حفظه الله ويوسف الشحاري عضو لجنة عامة وهو رئيس الاتحاد ..يقول الأستاذ سالم بكير : عندما أدخل اتحاد الأدباء أنسى بأني عضو في الحزب الاشتراكي أنا عضو في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، الاتحاد ائتلاف يمني لمختلف المدارس الإبداعية والفكرية.
هذا منذ التأسيس من قبل الوحدة وأيضاً بعد الوحدة يوسف الشحاري منتدب وكان عضو لجنة عامة للمؤتمر الشعبي العام نائب رئيس مجلس النواب حينذاك ومع ذلك كانت ثقافته داخل الاتحاد بعيدة عن توجهاته السياسية ولا تنسي أن يوسف الشحاري عضو مؤسس كان من السبعة الذين سافروا إلى عدن لتأسيس الاتحاد.
المحررة: يلاحظ الآن أن أعضاء فرع اتحاد صنعاء مثلا أصبح الكل يعمل على مشروعه الخاص ولم يعد هناك عمل أو حماس لفعاليات الاتحاد وتفعيل دوره.
دماج: صدقيني النشاط كان موجوداً.. الأمانة العامة مجرد ممثل هيئة عليك أن تتابعي أنشطة الفروع من المهرة، عدن، المكلا، لحج، أبين، تعز، إب ..هؤلاء عندهم أنشطة دائمة وبرامج كل ستة أشهر.
أبلان : الأمانة العامة هي ترسم سياسات عامة لكن الفروع هي التي تقوم بالنشاط والفعاليات أما نحن في الأمانة العامة نعمل شيئاً كبيراً كل فترة مثل فعالية من تكريم المؤسسين و ندوة اتحاد الأدباء والكتاب العرب في صنعاء لكن الفروع هي المعنية بالنشاط الأسبوعي والنشاط الشهري و وضع البرامج.
وقفة
الشاعر إسماعيل مخاوي
حين نقرأ واقع اتحاد الأدباء على ضوء ماضيه تهب رياح اليأس والحزن حتى نخشى على شمعة الأمل في بقائه أن تنطفئ.
هذا الجيل الذي آوى إليه سراة الكلمة كيف تخلى رماته عنه؟!
ما الذي حدث حتى أصبحنا نقف على بابه وقوف امرئ القيس على طلله البالي؟
أين اتحاد الأدباء أبو الوحدة جامع شمل المبدعين، ملاذ الأحرار؟ كيف تفرقت بنا السبل إلا إليه؟! ولماذا حطت بنا المقادير كل محط إلا فيه؟ إنه لمن الغبن أن يسكت الجميع في الوقت الذي يتلاشى فيه ألق الاتحاد في دوامة غبار السياسة، هذا المشغول بنا دائماً كيف انشغلنا عنه؟ عجباً لسدنة المعبد يتركونه ليصبح خرابة؟
أين المؤمنون بقداسته ما لهم لا يضيئون أرجاءه، عهداً فاعلاً كاملاً حياً..
أخشى أن يصبح ذكرى تشع في نفوسنا قليلاً ثم تخبو ويردد الصدى كان هنا اتحاد.
أليس هذا نتيجة حتمية؟ أليس هذا ما يقوله شتاتنا لكل الأماكن؟
خاتمة
كان الاتحاد المؤسسة الوحدوية الوحيدة في يمن ما قبل 22 مايو 1990 وظل لسنوات طويلة رائد الحركة التنويرية فكرياً وإبداعياً، ولا شك أنه مر بمراحل مختلفة أسوأها ربما هذه المرحلة حيث يعاني الاتحاد من اختلالات أفقدته دوره الريادي، ولكننا نأمل من خلال هذا الملف وآراء الأدباء و توضيح الأستاذة هدى أبلان الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين أن يسترد الاتحاد دوره النضالي والإبداعي والوطني وأن يسترد عافيته ليتوافق مع الحركة الثقافية والأدبية النشطة التي تشهدها اليمن في الوقت الراهن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.