حسناً.. يجب عليّ أن أضع كل شيء يتعلق بالسياسة جانباً، أفكاري..قناعاتي..، لأضع كل هذا جانباً وأتحدث عن جرائم لا تسقط بالتقادم تنتهكها المدارس ضد أبنائنا، تحت شعار التربية قبل التعليم، وحيث إنه لا تعليم في مدارسنا، بل تأسيس للغباء والفشل والأمية، ومصادرة أي شيء يتعلق بالعقل أو يدخل ضمن مكوناته، حيث إن التأسيس لجيل غير مؤهل يعد كارثة بالغة الخطورة. أن يخطىء ابنك أو ابنتك وهو في سن المدرسة فهذا ليس عيباً فيهم، هذا عيب تتقاسمه المدرسة والأسرة، ويجب أن تعاقبا عليه عقاباً شديداً، ولكن مايحدث في واقعنا هو أن يعاقب الطفل وبالطبع ليس أي عقاب، بل عقاب يدمر مستقبله عشرين أو ثلاثين سنة قادمة، لدينا خطط مدروسة بعناية، لكيفية بناء جيل محطم تماماً. في إحدى مدارس البنات في أمانة العاصمة مخابرات المدرسة اكتشفت جريمة هي في نظر المدرسة والتربويين اليمنيين توجب دمار المستقبل وخلق عناصر معقدة تبحث عن الانتقام من المجتمع، هي جريمة في نظر التربويين أكبر وأخطر من جريمة سرقة مشروع,نهب معسكر مثلاً.. مثلاً. في إحدى مدارس الأمانة تم إلقاء القبض على خلية بنات بتهمة المراهقة، مع العلم أن أعمارهن لا تتجاوز الخامسة عشرة، وتتوزع التهم بين«إحضار فساتين وأدوات مكياج إلى الحرم المدرسي، حمل التلفون السيار والتواصل مع شباب، والبحث عن علاقات غرامية» لا أقلل من شأن هذه المشكلة والأخطاء المكتشفة في المدرسة ولكني لا أعتبرها جريمة توجب القصف العشوائي على مستقبل الفتيات، بل هي مشاكل تحتاج إلى حلول متزنة وجلسات نفسية للتعرف على أسباب جنوح هؤلاء الفتيات « الطفلات» في اتجاه هذه الأخطاء. هناك مشاكل نفسية تقف إلى جانب خطورة سن المراهقة المتزامن مع ثورة تكنولوجية تستخدم في واقعنا اليمني لاستكشاف مثل هذه المشاكل الخطيرة والدخيلة، في ظل غياب دور الأسرة الرقابي، ودور المدرسة التربوي والتعليمي، في ظل غياب الاحتواء الذي يجب أن يكون، ويحتاجه الطفل في مراحل عمره الأولى حتى يتجاوز سن المراهقة بسلام، في مجتمعات أخرى ترى في الإنسان ثروة، تعلن الأسر بل والدولة حالة الطوارئ فيما يتعلق بسن المراهقة، أما في مجتمعنا فيبدأ الجميع في مراقبة تحركات المراهق ورصد أخطائه ليس لحلها بل لتدمير مستقبله، مشروع انتقام من جيل جديد تعد المراهقة نقطة تحول في حياته. في مدرسة البنات في أمانة العاصمة تم التعامل مع الطالبات ليس بالجلوس معهن واستدعاء أولياء الأمور لمعرفة الخلفية النفسية لهؤلاء الفتيات،كل ماحدث إجراءات بسرعة البرق في اتجاة فصل الطالبات من المدرسة، تزامن هذا الإجراء مع توظيف مجموعة من المعلمات والطالبات الجواسيس للمرور على الفصول ونشر تفاصيل الجرائم التي ارتكبتها الطالبات المراهقات، وبالتالي تتولى الطالبات نشر التفاصيل معمدة بأسماء زميلاتهن للعالم الخارجي، وبذلك تكون مهمة المدرسة في تدمير سمعة ومستقبل الفتيات قد تمت على أكمل وجه...!! وفي حال معرفة وزارة التربية بالمشكلة، كان يجب عليها فوراً القيام بواجبها وتحويل كل الكادر في المدرسة إلى التحقيق ومعاقبتهم عقاباً يوجبه القانون.. هل فعلاً قامت المدرسة بواجبها حين تم فصل الطالبات وتولت نشر خبر أخطائهن؟؟ هل قامت المدرسة بإيجاد حل لهذه المشكلة، كل ما فعلته أنها قامت بتعقيد المشكلة، وخلق الإحساس بالمظلومية والرغبة في الانتقام لدى الطالبات، لن تتحول هؤلاء الفتيات إلى راهبات ولا إلى فتيات صالحات، لقد تم دفعهن إلى عالم الانحراف والانتقام ..فهنيئاً للمدرسة ولوزارة التربية والتعليم هذا التقدم وهذا البناء..!! "الجمهورية"