قدم أحد الوزراء إلى الرئيس الفرنسي " شارل ديغول "مجموعة من التقارير عن الفساد في أجهزة الدولة ، ولم يلتفت الرئيس إلى تلك التقارير ، وانما سأل : " هل وصل الفساد إلى الجامعات الفرنسية ؟ " فأجاب الوزير : : لا يا سيدي ، فقال الرئيس إذن فرنسا بخير " ديغول أطمئن على فرنسا لأن الفساد لم يصل إلى الجامعات ، وكان محقاً في ذلك ، لان وصول الفساد إلى الجامعات وتبني النخبة الاكاديمية للفساد ، من أشد أنواع وصنوف الفساد ، لما له من تأثير عميق على قيم المجتمع وإدارة الدولة ومستقبل البناء العلمي والاكاديمي . مناسبة الحديث عن هذا الموضوع ، كان نتيجة للصدفة التي جمعتني مع أحد الزملاء في جلسة مقيل حضرها بعض أساتذة جامعة صنعاء بينهم رؤساء أقسام عليمة ، وكالمعتاد بدء الحديث عن وضع البلد وما وصلت إليه ، وكيف تغلغل الفساد في مؤسسات الدولة ومنها جامعة صنعاء ، وكان الملفت ما طرحه أحد رؤساء الاقسام في كلية الآداب بالجامعة من حالة فساد حدثت مؤخراً في كلية الاداب ، أذهلت الحاضرين وأستحوذت على حيز كبير من النقاش ، وتتلخص هذه الحالة ما حكاه عن اجتماع مجلس كلية الاداب الاخير ، وكيف دار النقاش والجدل حول تعيين مدرس في قسم الآثار بالكلية ، على الدرجة الوحيدة التي خضعت للتنافس بين واحد من خريجين قسم الاثار ، والاخر خريج كلية العلوم ليس له علاقة بكلية الاداب وعمل الاثار والترميم الاثاري ، ومحاولة رئيس قسم الاثار المستميتة يعاونه أحد أساتذة القسم الذي يرأس اللجنة الاكاديمية بالكلية ، في أقناع مجلس الكلية بتمرير التعين لخريج كلية العلوم بعد تمريره في مجلس القسم رغم رفض العديد من أساتذة القسم بينهم نائب عميد الكلية ، غير ان أعضاء مجلس الكلية وجدوا فيه مخالفة كبيرة وواضحة لقانون الجامعات ولائحته التنفيذية ، ولا علاقة لتخصص المذكور بالتخصص الذي يدرس في القسم ، ناهيك عن ان تقديره ( جيد ) ويشترط في قانون التعيين الاكاديمي ان يكون التقدير في الدراسة الاولية الجامعية ان يكون ( جيد جداً) بالمقابل المنافس الاخر هو متخصص وخريج قسم الاثار وتقديره ( جيد جداً) والاول على دفعته ، وينطبق عليه شروط التعين الاكاديمي ، لكن لم يجدي نفع كل المناقشة والجدل التي عمت مجلس الكلية ، والى هنا والامر عادي ، الى ان فجر نائب عميد الكلية مفاجئة أذهلت أعضاء المجلس ، حين قام بمخاطبة رئيس اللجنة الاكاديمية وكلاهما من قسم الاثار المختص بتعين المدرس وقال له : " أستحلفك بالله يا دكتور هل التعيين هذا طبقت فيه المفاضلة القانونية ومن تم اختياره للتعين تنطبق عليه الشروط القانونية وأنت كنت عضوا في اللجنة " وهنا كانت المفاجئة حين أجاب بانه – مخالف - ؟؟!!! ، وبعد استكمال النقاش والجدل في هذا الموضوع ، أقر المجلس بايقاف هذه المخالفة وإعادة الموضوع الى قسم الاثار ، وتحجج رئيس القسم بان اعلان المنافسة لهذه الدرجة تم تغييره في ادارة الجامعة . وبدلاً من احالة رئيس اللجنة الاكاديمة بالكلية ورئيس قسم الاثار الى التحقيق وعزلهم من منصابهم لتجاوزهم وخيانتهم لامانتهم العلمية والعملية ، ولعدم قيامهم بالمفاضلة القانونية وفقا للمعايير والشروط المحدده في القانون ، تم الاكتفاء باعادة الموضوع الى القسم ، والسؤال هنا لو لم يكن نائب العميد أستاذ بقسم الاثار وعلى اطلاع بالموضوع وقام بكشف هذه المخالفة والمغالطة لتم تمرير الموضوع واعتماده في مجلس الكلية وكأنه مطابق للقانون دون ان يكشف . أي درجة من الفساد وصل إليه بعض الصفوه والنخبة الاكاديمية وكيف نأمن على مستقبلنا ومستقبل ابنائنا على يد هؤلاء .هذا الموضوع مطروح على معالي وزير التعليم العالي الدكتور محمد مطهر ورئيس جامعة صنعاء للاطلاع والتوجيه بايقاف ووضع حد لمثل هذه المهازل والفساد الذي يتبناه بعض الاكاديميين في الجامعات .