قرأت المقال الذي كتبه الاستاذ محمد الجميح ..تحت عنوان الاسلام هو المشكلة ردا على مقدم البرنامج الامريكي (الاسلام هو المشكلة ) بل ماهر .. كان الاخ الجميح موفقا في رده من الوجهة التاريخية التي تثبت ان الاسلام ليس هو مشكلة كما يروج له في الغرب . لكن قبل ان نرد على هؤلاء علينا ان نسأل انفسنا كمفكرين وكتاب لماذا اصبح الاخرون ينظرون الى الاسلام على انه مشكله ؟؟.. بينما قادة هذه المجتمعات ومفكريها يعترفون ان الاسلام هو دين السلام وانه لا يوجد دين سماوي يدعوا لما يقوم به البعض من ابناء الاسلام من قتل بطريقة بشعه شوهت الاسلام كدين للسلام والعدالة والمحبة والمساواة .. علينا ان نعترف ان هناك شيء خطاء فينا كمسلمين حول صورة الاسلام الى هذه الصورة . اقول هنا ان الاسلام السياسي القائم على فكرة ان الاسلام دين ودولة هو المشكلة التي حولت الاسلام الى مشكلة في نظر الاخرين وفي نظر بعض ابناء الامة الاسلامية الذين ينظرون الى هذه الجرائم التي يرتكبها اناس مسلمين بدعوى انهم يسعون لإقامة الدولة الاسلامية وانهم يمثلون الاسلام كدين و الدولة . الاسلام دين ودولة هي الفكرة التي حولت بعض ابناء المسلمين الى وحوش يرتكبون ابشع الجرائم باسم الاسلام .. هذه الفكرة ادت الى ظهور ما يسمى بالإسلام السياسي الذي يدعو الى اقامة الدولة الاسلامية وفقا لهذه الفكرة ، هذه الفكرة ادت الى ظهور حركات سياسية اسلامية كل حركة تدعو الى اقامة الدولة الاسلامية وفقا للعباءة الاسلامية التي تمتطيها كمظلة لحركتها السياسية وكل حركة تدعي انها هي التي تحمل الفكرة الصحيحة لفكرة ان الاسلام دين ودولة وفكر ة الدولة الاسلامية التي تحملها هي فكرة الدولة الاسلامية التي يحب ان تكون وفقا لفكرة الدين كدولة وغيرها هم كافرون لا يحكمون بما انزل الله. هل الاسلام هو دين ودولة كما تدعي هذه الحركات السياسية الطائفية ..؟؟ ان هذه الفكرة تتناقض مع الحقائق التاريخية للإسلام .. ومع فطرة الله التي خلق بها هذا العالم وقسمه الى شعوب وقبائل ، ومع ان هذا الدين الخاتم هو دين ارسل للعالمين للبشر جميعا بمختلف تقسيماتهم كشعوب وقبائل . إن الدول الاسلامية التي قامت خلال 1400عام وضمت تحت مظلتها شعوب اسلامية اعتنقت الاسلام كدين بكامل حريتها وارادتها لم ترضى بان تكون جزء من هذه الدول الاسلامية ، الا بحكم هيمنة وسيادة القوة .. وعندما ضعفت هذه القوة ، عادة تلك الشعوب وكونت لها دول بملاء ارادتها وحريتها وفقا لعوامل تشكيل الدولة التي تقوم لكل شعب وفقا لقواسم مشتركة بين ابناء الشعب تتمثل في اللغة والجغرافيا والجذور التاريخية المشتركة التي عبر عنها الاسلام في قوله تعالى (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير } . [ ص: 133) إن فكرة ان الاسلام دين ودولة تتعارض مع ان هذا الدين هو دين ارسل للعالم اجمع ومن هنا فلا يمكن ان تقام دولة اسلامية تظم كافة شعوب العالم ان هي اعتنقت الاسلام لأنها ستتعارض مع فطرة الله في خلق هذا العالم وتقسيمه الى شعوب وقبائل التي اشرنا اليها .. وان الامر الطبعي هو اقامة نوع من العلاقة بين دول الشعوب الاسلامية نظرا لتوافر عامل مشترك بنهم يجعل من تقاربهم امر سهل ووفقا لما ورد في الاسلام لقوله تعالى (( لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ). من هنا نجزم ان هذه الفكرة التي تقول ان الاسلام دين ودولة هي فكرة قزمت الاسلام كدين ارسل للعالمين وشوهته ، وان الفكرة الصحيحة هي ان الاسلام دين ودنيا ( دين وحياة ) وهذه الفكرة يتطلب طرحها موضوع مستقل لا يتسع المجال هنا للتطرق لها. التساؤل الاخر .. لماذا الاسلام السياسي هو مشكلتنا كمسلمين ؟؟، ولماذا ادى الى اظهار الاسلام كمشكلة امام الاخرين ؟؟ الاسلام السياسي الذي يدعي ان الاسلام دين ودولة .. ظهر علينا بعباءات اسلامية مختلفة ومتنافرة طائفيا ( مذهبياً) وكل فكر سياسي اسلامي يدعي انه هو من يمثل فكرة الدولة الاسلامية كما يجب ان تكون وفقا لما نص عليها الاسلام .. وانه هو من سيحكم الدولة الاسلامية التي يسعى لأنشائها وفقا .. لقوله تعالى (: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[المائدة:44 ) وان جميع المسلمين يجب ان يخضعوا لفكرتهم مالم فهم كافرون مرتدون يجب قتالهم ، الاسلام السياسي جاء الى الامة العربية التي تحمل الهوية العربية الواحدة سواء كنا مسلمين او مسحيين كنا شيعة أو سنة نؤمن ونناضل بان نكون جميعاً في اطار دولة واحدة بكامل ارادتنا وحريتنا ، وان الذي مزقنا الى دول هو الاستعمار ومخلفاته من الانظمة التي اصبح حافظها على مصالحها وبقائها يرتبط بمنع اقامة الدولة العربية الواحدة وفقا لإرادة هذا الشعب العربي ، جاء وهو يحمل تحت عباءته عوامل تمزيق هذه الامة كشعب واحد وعوامل التمزيق تتمثل في : • جاء وهو يحمل أن ليس هناك هوية عربية وفق فكرة الاسلام دين ودولة وانما هناك هوية اسلامية .. وان المواطن العربي الذي يعتز بعروبته ويدافع عنها ولكنه يعتنق ديانة غير اسلامية لم يعد له اخوة ومواطنون عرب لا يعتنقون ديانته لان هويته اصبحت هوية مسيحية أو يهودية ..الخ... وبدلا من ان الهوية العربية كانت هي جامعة لكل ابناء الامة بمختلف مذاهبهم الاسلامية .. اصبح لكل حركة اسلامية هوية خاصة بها تنمحنها كهوية اسلامية للذين يؤمنون بفكرها فاصبح لدينا مواطنون يحملون هوية اسلامية وفق فكر الاخوان المسلمون للدولة الاسلامية ، وهوية اسلامية وفق فكر الاسلام السلفي ونظرته لدولة الاسلام وهوية اسلامية وفق فكر الاسلام الشيعي وفكرته للإسلام كدولة وهلم جَره . • كل فكر سياسي يحمل عباءة الاسلام وفكرة ان الاسلام دين ودولة يعتقد انه وحده من يحمل فكر الاسلام كدولة ، وفقا لما انزل الله وان غيره هو كافر لأنه لن يحكم بما انزل الله وفق رأيه .. وكل فسر اية " ومن لم يحكم بما انزل الله " وفقا لهواه السياسي .. وما يحصل الان في الوطن العربي من صراعات مسلحة بشعه بين ابناء الامة ، الذين جميعهم مسلمين انما هو نتيجة مفهوم كل طرف للإسلام كدولة وللحكم بما انزل الله.. وغيره كافر يجب قتاله لان فكرته للإسلام كدولة خاطئة .. ومن هنا فهو كافر ،هذا الصراع هو الذي عكس ان الاسلام هو المشكلة لدى غير المسلمين. [email protected]