كل المؤشرات تقول ان المعركة القادمة ستكون في مدينة عدن، فمنذ ازمة انتقال الرئيس هادي الى المدينة وتالياً وزير دفاعه محمود الصبيحي، في عمليتي هروب تبدوان جبارتين قياسا الى كيفية حصار الاول واطمئنانهم لولاء الثاني، وصولاً الى ازمة القرار غير المنفذ لإقالة قائد قوات الامن الخاصة بعدن العميد عبد الحافظ السقاف، وتداعيات كل هذه العوامل شكل احتقانا قوياً ( بين الرئيس ولجانه الشعبية ومواليه العسكريين من جهة، وقوات الامن الخاصة بمسنودات المركز من جهة اخرى) ولا يمكن لهذا الاحتقان ان ينتهي الا بعملية ما . لان باب الصفقات السياسية بين الطرفين يبدوا موصدا بمزلاج قوي حتى الان . معركة لا يراد لها ان تكون مستدامة وطويلة من كلا الطرفين، لان كلفتها لن تكون بسيطة وتبعاتها لن تكون عابرة على كليهما والمنطقة !! لكن السؤال لماذا يُراد نقل المعركة الى عدن، او بمعنى ادق لماذا تريد قوى (الانقلاب الطائفي) ان تنقل المعركة الى حاضرة المدن، وايقونة الجنوب ورمزه ؟! ولماذا تساعدها بعض اطراف الازمة في صنعاء على هذه المغامرة !؟ اسباب كثيرة تحفز هذا الطرف على اقتراف مثل هذا الفعل الاهوج، وعلى راسها خلق نوع من التنفيس عن المركز الذي يبدو معزولا ومحاصراً ،بعد خروج السفارات واقفال ابوابها، والازمات الطاحنة التي تعانيها مؤسسات الدولة جراء الفراغ وشحة الموارد الناتج عن وقف المساعدات الدولية (تعليق البنك الدولي اعماله في اليمن) وتراجع عائدات النفط ،والاهم منعاً لتحول عدن الى مركز استقطاب ومحفز لإنتاج (جيوبوليتيكية ) ليمن اخر، لا يخضع سياسياً للمركز المقدس بفكرته الطائفية، خصوصا وان دول اقليمية (الخليج وحلفاؤه) يشتغلون على هذه الخارطة !! وان أي تقدم خطوة في هذا الاتجاه في حسابات المركز، سيحسب ضدا على تحالف الانقلاب، الذي سيحمَل في النهاية المسئولية التاريخية في تفتيت البلاد!! ستبرر المعركة من قبل تحالف صنعاء بانها حفاظاً على الوحدة، وهو ما بدأه الرئيس السابق علي عبد الله صالح في كلمته الاستعراضية امام مناصرين قيل انهم من تعز، وذلك بتهديده المهرولين الى عدن والذين شبههم ب (انفصاليي) حرب 94 ،وقال ان الذي ينتظرهم هو ذات مصير اسلافهم وسيسلكون ذات مسلك الهروب عن طريق دولة (جيبوتي). وستُبرر ايضاً بالقضاء على (الدواعش والتكفيريين) ،الذي بدأ اعلام التحالف يقول ان المكون الفاعل في اللجان الشعبية ل (هادي) هم من العناصر المتشددة، التي تسربت الى اللجان اما عن طريق الانشقاق عن التنظيم الام ، او بالعمل في هذه المساحة من منطلقات سياسية ومناطقية فمن المطلق الاول يُتهم حزب الاصلاح باستخدام حلفائه المتشددين في هذه المواجهة، كما قال ذلك صراحة عبد الملك الحوثي في اخر خطاباته مساء الثلاثاء الفائت، وفي المنطلق الثاني الاشتغال على المحفز الجنوبي في تكوين هؤلاء المقاتلين ،حتى ان هذا الاعلام يذهب الى اتهام الرئيس هادي بشكل واضح انه يستخدم امثال هؤلاء في افعال المقاومة التي يبديها او يلوح بها !! غير ان الذي سيشجعهم على مثل هذه المغامرة، شعورهم المضاعف ان قوتهم على الارض ستساعدهم على خوض حرب سريعة للقضاء على هادي المسنود خارجياً وداخلياً ، لكنه ضعيف وعار من القوة التي تمكنه من خوض حرب يكسر بها موازين المعادلة على الارض كون القوات العسكرية التي تحوط عدن بتركيبتها المناطقية وولائها المطلق للرئيس السابق و(المركز المقدس) ستخوض مثل هذه الحرب تحت اللافتتين الرئيستين ( الحفاظ على الوحدة ومحاربة التكفيريين) . تسرب مجاميع مسلحة كبيرة محسوبة على قوى تحالف صنعاء (الصالحوثي) الى المدينة خلال الفترة الماضية وتركزها في مناطق حساسة فيها، ستشكل عامل اسنادي مهم لإرباك الطرف الاخر في حال اشتعال المواجهات. الذي سيساعد التحالف على خوض المعركة في عدن هو تفكك فصائل الحراك الجنوبي و انقسامه، والذي لم يزل أي الحراك يرى في المعركة الوشيكة انها معركة اطراف الازمة في المركز وليست معركته !! اما لماذا سيخوضون المعركة في عدن دون بقية الجنوب ؟! لان حسم معركة عدن، ستجعلهم يفرضون على بقية جغرافية الجنوب، واقعا سياسياً جديدا عوضاً عن كلفة الاجتياح والاخضاع المسلح ، ولان عدن اخر جدار يستند عليه (الرئيس الغامض بسلامته). لكن ما الذي سيترتب على معركة لا اخلاقية مثل هذه !؟ والى اين ستقود البلاد!؟ لننتظر ونرى.