هناك أكثر من دليل. ألم أخبرك مسبقاً أن بعد هذا النبأ علينا أن نحترس ونبتعد عن المدينةِ أكثر. وبعد قليل من النبأ أيضاً علينا أن نحمد الله كوننا أحياء وأسماؤنا سقطت سهواً من نشرة الوفيات. أنا ياصديقتي من "المدينة الحالمة" قبل أن يُصبح الشارع شارعين نصفه لدى "مسلحي الصيف" والنصف اﻵخر لجند قالوا بانهم "جُندُ اللّه"، اللّه الذي أؤمن بأنه لن يرسل الينا جُند بهذا القُبح. أنتِ ياصديقتي تريدين أن تَعرفي بدقة الأقمار أين أسكن اﻵن. سأخبرك أني قد غادرت المدينة الى "السدرة" بعد وابل من القذائف والشظايا. قبل قليل كنت في "صنعاء" أخط على الجدران عبارة "لن يمرُّوا" لكنّهم مرُّوا وزيادة. وقبل وقت ما كنت في "عدن" أُحملِق في البحر قبل ان تبتلعني النار عنوة. وقبل حروب ستة كنت طفلًا في "صعدة" لكن السيد أمر بتغيير مهنتي الى جندي. وكنت أنام ولم أعد أنام منذ داست الدبابة مرقدي في "عمران". وكنت شاعراً بدوي في "مارب" لكن "الخليفة" يعدني بالجواري وامارة خاوية على عروشها. لا أخفيكم سراً بأني أحبُّ الحياة واستمع دوماً لأغنيةِ "الحياة حلوة" ويزعجني خطاب "الزعيم" الأخير الذي يدعونا لحمل السلاح وبأكفّنا رؤوسنا. فلا تَطلُبي مني بعد الأن أن أفتح التلفاز عند توفر التيار قبل الفجر؛ فأنا عاجزٌ عن نقل رأسي سالماً بين شارعين.