يحب الاستماع لتلاوات إبراهيم الأخضر والسديس والشريم ومحمد أيوب.. ومقصر جدًّا في ختم القرآن في رمضان، فيختمه مرة واحدة طوال الشهر.. ولا يعارض التجول بين المساجد في صلاة التراويح بحثاً عن الصوت الحسن والجميل.. ويتمنى أن يعتكف ولكن الدروس واللقاءات والأهل وزيارة الوالدين تحول بينه وبين الاعتكاف.. ويتذكر شقيقه "محمد" الذي مات وعمره 19سنة.. ويكره الذهاب إلى الأسواق، وجميع أغراضه الخاصة يشتريها له ابنه أو صديقه . "بعض" اعترافات الشيخ الداعية المعروف عايض القرني، في حواره مع "سبق" ضمن سلسلة لقاءات "ما قبل الإفطار"، مع كوكبة من العلماء وطلاب العلم والمشايخ والإعلاميين والشعراء والمثقفين، وفيما يأتي نص الحوار مع الشيخ القرني: * هل تذكر أول مرة صمتَ فيها شهر رمضان؟ وكم كان عمرك؟ وهل كان ذلك توجيهاً أم تقليداً؟ - أظن أنه كان كالحلم، لا أدري في السادسة أو السابعة، أذكر أنني عندما صمت ذلك العام بتوجيه من والدي، وطبعاً لم أنضبط، حيث كنت أصوم بعض الأيام وأفطر بعض الأيام، وربما صمت مجاملة في الصغر، ومن اللطائف أن الوالدة أحضرت لنا علبة من الحلاوة الطحينية، فذهبت للغرفة الخاصة وأخذت منها ما تيسر وغسلت وجلست كأنني صائم، فهذه من الفتوحات الربانية .
* متى تستيقظ في الصباح؟ وهل لك برنامج محدد في الشهر الكريم؟ وهل هناك ما تحرص على فعله غير العبادات؟ - برنامجي معروف ومتكرر.. أصلي الفجر في جماعة والحمد لله، وبعدها الأذكار الصباحية وشيء من التلاوة، ثم أنام وأنا قليل النوم في الغالب، ومجموع نومي خفيف، وأقوم التاسعة والنصف صباحاً، وأستأنف اليوم بما فيه من ركعتي الضحى، وأرشد إخواني بالاهتمام بركعتي الضحى، خاصة في الصيام، وأقرأ ما تيسر من القرآن، وأدعو إخواني للتركيز في قراءة القرآن خاصة في شهر رمضان، وأقوم بالتحضير لحلقات خاصة، إذا كان عندي برنامج مباشر، ثم صلاة العصر، وبعدها قيلولة ساعة، ثم إذا لم يكن عندي برنامج، إما أكون في المسجد حتى الغروب أو في مكتبتي، وأحرص قبل الغروب على الجلوس مع أسرتي، وأدعو إخواني وأقول لهم ألذ وأمتع وقت الجلوس مع أسرتك في الإفطار، وأدعوهم لعدم الإكثار من العزائم خارج المنزل .
* هل أنت ممن يحب كثرة الدعوات على الفطور أم تفضل الأسرة والعائلة؟ - أنا أعتذر عن الدعوات حتى إنني أفطر منذ ثلاث سنين أفضل الإفطار مع العائلة .
* مَنْ قارئ القرآن الذي تحب أن تسمعه في شهر رمضان؟ - كثير.. لكني أسمع في غالب الوقت للشيخ إبراهيم الأخضر، والشيخ محمد أيوب، أما في رمضان أسمع للشيخ عبد الرحمن السديس والشيخ سعود الشريم .
* كيف ترى مَنْ يقلبون نهارهم ليلاً وليلهم نهاراً في رمضان؛ فينامون طوال اليوم، ويصحون طوال الليل؟ - أنا أرى إنهم ارتكبوا خطأ حتى اجتماعياً؛ لأن الوقت للعبادة ولم يعودا يحسون برمضان، ويقضون الوقت في أمور لا تحمد من مسلسلات وغيرها نسأل الله لهم الهداية من الضياع واللهو، وتجد الكثير منهم لا يحرص على قراءة القرآن ولا يحس بالظمأ والجوع، الذي هو مقصود للصيام .
* ماذا تفضل في رمضان.. التلفاز أم النت أم البلاك بيري؟ - أفضل التلفاز؛ لأنه أفضل للصورة، ولا أحرص كثيراً على المشاهدة إلا للأخبار، أو أن هناك برنامج مفيد أحرص على الاستفادة منه .
* التمر والسمبوسة الثنائي الذي لا بد منه في الإفطار على المائدة السعودية، لماذا؟ هل هما من العادات التي توارثناها؟ - التمر من عهد الصحابة، وإلى الآن هو الزاد العربي الأجمل، وهو أجمل زاد عندنا كما في الحديث "بيت لا تمر فيه جياع أهله"، وأما السمبوسة فهي إضافة؛ فنحن جمعنا بين طريقة السلف والخلف، وأنا من هواة التمر والشوربة .
* مَنْ تحب دعوته على الإفطار وتأنس به وتحب الجلوس إليه؟ وأي حديث تشتاق إلى سماعه في أثناء الإفطار؟ - في الغالب أحب الجلوس مع أبنائي وبناتي وأتحدث ويتحدثون براحتهم، خاصة عندما يسألون كم قرؤوا من القرآن الكريم، وفي العادة عندما أجلس معهم أوزع الوقت حتى إنهم يطلبون مني قصصاً طريفة، وأحياناً أسئلة تفيدهم؛ فهذا ما أستأنس به، وبقية الأيام أكون مشغولاً في سفريات؛ فأجد رمضان فرصة لتجديد اللقاء .
* ما رأيك فيمَنْ يتجولون بين المساجد في صلاة التراويح بحثاً عن الصوت الجميل في التلاوة؟ وهل تُصلِّي في مسجد معين؟ - لا حرج من ذلك، وبعض السلف كان يفعل ذلك، الإنسان طالما عنده الوسيلة والمساجد متسعة وكثيرة والحمد لله، فيبحث عما يريح قلبه، وفي الرياض 3 مشايخ هم الشيخ خالد الجليل، والشيخ عادل الكلباني، والشيخ الحبيب ياسر الدوسري .
* هل لديك شهرٌ من شهور رمضان لن تنساه، حيث يُذكِّرك بأشياء كثيرة ومهمة جدًّا؟ - وأنا صغير شدني شهر من أشهر رمضان وحادثة مقاتلة إسرائيل في شهر رمضان عام 1973م، في ذلك الوقت كنا جميعاً نعيش هذا الحدث والأخبار، وكان هذا له حدث عندي ليس بالسهل، وكنا نتابعه بالراديو وسمعنا انتصارات المسلمين والعرب .
* من الشخص الذي غاب عنك وتتذكره في هذا الشهر الكريم؟ - في حياتي أصبت عسى الله أن يأجرني وكل مسلم بمصيبة عبرت عنها شعراً ونثراً؛ فقد فقدت أخي الشقيق "محمد" غفر الله له ولجميع موتى المسلمين فقد توفي وهو في كلية أصول الدين وعمره تسعة عشر عاماً، وكان يحفظ كتاب الله وتوفي بمرض، وكنت معه وسافر معي وسكنا كثيراً، وكان الأخ الذي معي دائماً؛ فكنت كل مناسبة أتذكره، أسأل الله أن يجمعني به في الفردوس الأعلى .
* ما أحب الأماكن التي تريد الذهاب إليها في رمضان؟ - مكة بلا شك والحرم، هي أسعد وأجمل، خصوصاً في رمضان وهي للعبودية والربانية .
* هناك من يشغلون أنفسهم بمتابعة البرامج الرمضانية والمسلسلات، فهل تتابع وتحرص على برنامج تلفزيوني محدد؟ - ليس لي برنامج محدد أحرص عليه، ولكن في رمضان أحرص على الإعداد للبرامج التي أقدمها، وهذه السنة في ال "إم بي سي"، أقدم برنامج "نبض الكلام"، وعندي مشروع أيضاً وهو تدبر وتلاوة القرآن التي أدعو الناس إليها، فليس لي برنامج أوقت له، ولا أتواجد أمام التلفاز في رمضان .
* ما الساعة التي تعدُّها ضائعة في نهار رمضان وتلك الضائعة في ليله؟ - صراحة ألوم كثيراً من الناس الذين يضيعون الوقت بين صلاة العصر والمغرب؛ فقد أعذرهم بعد الظهر أو قبل الظهر، ولكن بعد العصر حتى المغرب من رأيي ألا يقوم الإنسان بأي عمل رياضي ولا باتصال ولا زيارة، بل القيام بمصحفه في البيت أو المسجد، والقرآن حتى الغروب والذكر حتى يفطر.
* هل تُفضِّل ارتياد الأسواق مع أهلك في ليالي رمضان؟ ولماذا؟ - أنا لم أذهب مع أهلي للأسواق في الجاهلية ولا في الإسلام.. ولا في أي عصر من العصور التي تقدمت، ولم يسبق في التاريخ ولم تذكر كتب التاريخ عني أنني ذهبت مع الأسرة للأسواق في يوم من الأيام؛ لأنني قليل النزول للسوق، وأنا لا أعرف شراء الحاجات وأتورط كثيراً؛ فأحياناً أشتري الغرض الذي بأربعين أشتريه بمئة .
* متى تُفضِّل شراء احتياجات العيد، قبيل العشر الأواخر أم في آخر ليلتَيْن؟ - لا أعرف.. لكن في الغالب أبنائي يقومون مع أهلهم بشراء احتياجات العيد.. طبعاً عندي اثنان من الأبناء مع أهلهما، وقبل العشر الأواخر يذهبون للسوق، أما أنا فإذا احتجت فعندي ابني.. وأحد أصدقائي الذين يعملون معي هو من يقوم بشراء أغراضي الخاصة .
* لماذا يتضاعف إنفاق الأُسَر السعودية بشكل كبير جداً في هذا الشهر الفضيل؟ - أنا أعرف أن عند الناس فهماً خاطئاً في استقبال رمضان؛ فهم إذا جاعوا وسمعوا عن رمضان ينظرون بعيون جائعة؛ فيشترون جميع ما في السوق ويظنون أنهم سوف يأكلونها فيدخرونها فيتلفونها ويسرفون، وأنا من رأيي كما يقول الغزالي، ألا يتغير رمضان عن غيره، وأنا أدعو من صحيفتكم ألا نغير في هذا الشهر عن بقية الشهور؛ فأهل الصومال الآن يحتاجون إلى كسرة خبز وهؤلاء يبذرون !!
* التبذير صفة ملازمة للأفراد والأُسَر في الشهر الفضيل، فكيف يمكننا تجاوز ذلك؟ - أرى أن الوالد والوالدة في البيت يعدون المائدة بأنفسهم، وأرى أن يقتصر الأمر على مائدة محددة، أما الفوضى في الشراء فهي مضرة للمال وللأسرة من حيث التعب ومضرة للصحة، فكلها أخطاء تتكرر عندنا.
* ثلث الأطعمة المعدَّة للإفطار والسحور يتم تناولها، والباقي يذهب لصناديق القمامة، كيف نستفيد منها؟ وهل فكَّرت يوماً في كيفية القضاء على الإسراف؟ - الحل أن يكون الحزم عن طريق الأسرة، وأن يكون عن طريق الوالد والوالدة، أما أن يكون لكل واحد في الأسرة يجوز له الشراء الكبار والصغار والأبناء والبنات فيصبحوا حراج بن قاسم.. "فوضى" .
* التسول ظاهرة تنشط بكثرة في رمضان، هل تزيده بالصدقات العشوائية أم تحاصره؟ وكيف؟ - أرى أننا نتصدق، ومسألة الظاهرة فهي شأن حكومي، أما نحن فنتصدق ونكثر من الصدقات .
* هل تمارس الرياضة في هذا الشهر المبارك؟ - رياضتي في رمضان وغير رمضان، التي اكتشفت أنها نافعة هي المشي، وإذا فاتني المشي في الطريق أعوضه في صالة عندي في المشي أو الجري لمدة ساعة .
* هل لديك وِرْد قرآني في رمضان؟ وأي الساعات التي تقرأ فيها، عصراً أم صباحاً أم مساءً؟ - أحرص على الأقل على قراءة جزء بتدبر. وأنا من المقصرين وأحرص على القراءة بالليل؛ ولأنك تعرف أن النهار فيه كسل وبرنامج.. "... وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً".
* بصراحة، هل تختم القرآن في رمضان؟ - بصراحة نعم والحمد لله. وأنا من المقصرين وأختم بسهولة، وهناك خير مني يختمون 5 مرات، بل أعرف أحد الإخوة من العباد، وهو في الحرم من الدعاة والأساتذة الكبار يختم كل 3 أيام.
* يعتقد البعض أن الدوام طويلٌ ومملٌّ في شهرنا المبارك، فما رأيك؟ - صراحة أحمد الله على أن إجازة المدارس في رمضان، وأرى أن يبقى طيلة الدهر رمضان عطلة، والموظفون أرى أن يخفف عليهم في رمضان. وأقترح أن يكون دوام الموظفين بالليل .
* ماذا عن برنامجك في العشر الأواخر؟ وهل جرَّبت الاعتكاف؟ - أنا مقصر لأنني انشغل بالدروس واللقاءات أحياناً، وأحياناً مع الأسرة وأذهب للوالدين، ولكن أعتقد إذا المسلم، اعتكف قلبه في محراب العبودية وسجد قلبه لله سجدة، لا يرفع رأسه منها، فكأنه معتكف عند الحجر الأسود، على أن الاعتكاف الشرعي مقدم ومحبب وفاضل .
* متى تُفضِّل أداء عمرتك؟ - أحرص على أن تكون في العشر الوسطى في رمضان، وحجزت للذهاب لمكة في هذا الوقت .
* ما أكثر شيء يزعجك؟ وما أكثر ما يعجبك؟ - يزعجني الإسراف عند الناس والسهر وإقبال الإعلام على القنوات التلفزيونية والمسلسلات اللاهية الملهية، وإشغال الناس بالسخف والتفاهات، ويعجبني كثرة المصلين في المساجد وقيام الليل، ويعجبني إفطار الصائمين في المساجد، ويعجبني الحرم وهو يدوي بصوت السديس والذكر وبكاء الساجدين .
* ما أجمل رسالة وصلتك للتهنئة في رمضان؟ وممن كانت؟ - بدأت أشك في الرسائل؛ لأني كنت من قبل لا أعرف نظام الجوال.. كان يكتب لي أحدهم أنت قريب من قلوبنا والمقصود أنا، فإذا هو يرسلها بتحديد للكل؛ فاكتشف فيما بعد أنني وقعت في ورطة؛ فكنت أرد على صاحب الرسالة وأقول إنني أشاركك.. حتى أخبرني أحد الإخوة أن الرسالة للجميع .
وأنا أريد أن تكثر عندنا المجاملات الاجتماعية.. ومن عشر سنوات لا يتصل عليك وبعدها يرسل لك رسالة تقول: أنت في قلبي.. وينك من عشر سنوات لا تتصل وترسل تقول أنت في قلبي؟
