في كل الازمات الاخيرة والانسدادات وغياب الحل التشاركي المقنع والحاسم , كانت الانظار كلها تتوجه الى الحزب الاشتراكي منتظرة منه موقف تقاربي وعقلاني يخلص الاطراف من حالة الحدية والصدام المتراكم الحائل دون تقاربها . ليست الصدف وحدها وانما ايضا تركيبة الحزب الايديلوجية والاجتماعية , هي التي وضعته بعيدا عن الصراع التقليدي بين القوى المتنازعة اليوم . هذا اذا افترضنا بقاء العلمية او المادية ( وبالتالي الموضوعية ) كاحدى المبادئ العامة للاحزاب الاشتراكية عموما . اما الحزب الاشتراكي اليمني فكان دائما وفي كل هذه المنعطفات الخطيرة , يخيب الامال , يخيب امال انصاره وقواعده قبل الاخرين ,فمرة بارتهانه لاحدى الاطراف والتماهي في توجهها والسكوت عنها , واما بالخمول وفقدان الديناميكية المواكبة لتطورات المشهد وتعقيداته , والمقدرة على الاسناد برؤية مغايرة ولكن جامعة . لا ازال اتذكر حجم الثقة التي كانت توليها كل الاطراف بدون استثناء للدكتور ياسين سعيد نعمان في الاحداث السابقة لاستقالته من الحزب , وكيف كان قادرا على قلب الموازين والتقسيمات واحراج الاطراف وتصدر المشهد ولن ابالغ لو قلت : و صناعة تاريخ يمني جديد , ولكن اين هو اليوم , ولماذا !؟ لماذا الحزب الاشتراكي اليمني , هو الحزب الذي وضعته الضروف موضع الوسطية , ولكنه يرفضها ليختار بدلا عنها اما ( التبعية او الخمول ) . الاحداث الاخيرة ايضا فرضت موقعا وسطيا للحزب شاء ام ابى , على مستوى الخطاب بات واضحا ان التصارع قد جر بفعل عوامل مسيسة الى ان يصبح خطابا طائفيا , وقد عملت السعودية ومن لف لفها الى تجسيد هذا البعد الطائفي كاداة وعامل اساسي من عوامل الصراع ( رغم عدم حقيقة وجود هذا العامل لدى كل الاطراف ورغم فشلها اخر المطاف ) . ولكن هذا ايضا جعل الحزب على مسافة كبيرة من هذا النوع من التصارع بحكم خلو ادبياته الفكرية من مظاهر الجدال الروحي او التاريخي التابع له . كما ومثل خطابا خاصا بالحزب امام المجتمع الدولي الذي يريد هو الاخر اضفاء هذا البعد الطائفي عنوة على المشهد اليمني . الحزب عالق في المضيق : معضلة حقيقية ان ينكسر هذا الحزب العريق , لا ننتمي اليه , ولكننا نشجع على بقاءه حيا وقادرا على ابقاء حالة التوازن قائمة في المشهد السياسي اليمني , كان قادرا على جر البقية الى تبني مشاريع علمية وتنموية واقتصادية تخص المجتمع , من خلال خروجه عن الخطاب السياسي القائم على اساس المناكفة او التصارع الاعمى . وتقديمة هو لهكذا مشاريع , لان الناس اولا ستلتف حول من يقدر على تأمين مشاريع متكاملة من هذا النوع , وبالتالي يدفع بالبقية الى التنافس في هذه المساحات النفعية دون سواها . معضلة اخرى , ان ينحصر الحزب على اساس مناطقي او فئوي , فيعزل الكادحين والعمال والفلاحين ويميز بينهم على اعتبارات ضيقة عصبوية ! الكادحين متساوون في تعبهم وتضحياتهم , وسيخرج الحزب تماما عن فكرة الاشتراكية اذا ما اصبح حزبا فئويا او عصبويا , او ان ينخرط كوادره وقواعده في نزاعات ضيقة تخص الاخرين ولا تخصهم هم ككيان استثنائي ومستقل . النخب الاشتراكيه التثقيفية , ايضا ماتت , وانقرضت .