للإنصاف فإن الاسطورة ابراهيم الحمدي هو الحسنة الوحيدة للقبيلة، لكن الحقيقة أيضا أن القبيلة -حاشد تحديدا- هي من قتل الحمدي وأجهزت على مشروعه المدني العملاق، ثم أن الحمدي نفسه من اعتبر أن حاشد هي العائق الحضاري لتقدم اليمن، فانطلق يبني مداميك الدولة المدنية من خارج أسوار هيمنتها التاريخية ، فترك جماعة الاخوان التابعة للشيخ الأحمر، واستثنى حزب البعث المملوك للشيخ "مجاهد ابو شوارب"، واختار القوة السياسية الوحيدة التي لا تخضع لحاشد وهي الناصريين لتكون الرافعة السياسية لمشروعه التصحيحي، وجعل من معقلها -تعز- الحاضنة الأمينة له... حاشد هي القبيلة الحاكمة في اليمن منذ 1130 سنة عدا ونقدا، وهي مستعدة للتضحية بثلاث أرباع أبنائها، لقتل كل من سواهم من اليمنيين إن لزم الامر لتظل تحكم إلى ما شاء الله، وﻷجل ذلك فهي جاهزة لانتاج الكيانات السياسية الهلامية ولو بعدد صوالين الحلاقة في تعز، لاتقان لعبة تبادل الأدوار بينها، فكلما عصفت الأحداث بأحدها سلم الدور للتالي، المهم أن تضمن القبيلة الحاكمة بقاءها على الكرسي، وتحصر الصراع عليه بين مكوناتها، والمثير للعجب أن حاشد تنجح دائما في الهيمنة، وتتلاعب ببلد قد يبلغ فيه حملة الدكتوراة وحدهم أضعاف تعداد حاشد، فحزب المؤتمر هو عفاش، وعفاش هو قبيلي من حاشد، وأنصار الله هم آل الحوثي، وآل الحوثي هم سادة حاشد، وحزب الاصلاح هم بيت الأحمر، وبيت الأحمر هم شيوخ حاشد. وحاشد تساير العصر بطريقتها، فطالما أن الثورة صنعت قبيلة جديدة تنافسها، وهي الجيش، فلابد أن يكون من أبناء القبائل وتحت إمرة حاشد، أو حتى بيد قبيلي من أوساطها ، كمنتج غير وطني. وعندما اضطرت للتعامل مع نظام ديمقراطي تعددي، اتتجت حاشد أشكالا عدة ترضي أذواق الجمهور المختلفة، لتلبي -ولو شكليا- مختلف الرغبات، فمثلا (حزب الاصلاح للشوافع، حزب الحق للزيود وهو أصل الحوثية وتم استبداله بمسمى أنصار الله، وحزب المؤتمر اطارا سياسيا لقوى المركز المقدس واستهبال المحافظات الاخرى...إلخ)، وأينما رست سفن الأحداث فإن الكرسي يظل تحت مؤخرة أحد أبناء حاشد، لدرجة أني لا أستبعد أن تطور عزلة بني ضبيان من المهنة التي تحترفها فتترك تخصصها الشهير باختطاف السواح لتفكر بانشاء جماعة ما لاختطاف البلد بأكمله، تماما كما فعل الحوثيون . إنها مهزلة التاريخ اليمني ،ومأساة شعب أصيب بالدوار بفعل دوامة حاشد التي تعيد إنتاج أدواتها البدائية للحكم تحت مسميات شتى، وكأنها معمل إعادة تدوير المخلفات، فإما إمامة وحكم ملكي وهذا اختصاص هاشميي حاشد، واما جمهورية تديرها شيوخ حاشد أو رعاياها، وليس على اليمنيين إلا أن يقولوا سلام الله على السلف -الحاشدي- كلما انتقل الحكم للخلف -الحاشدي الأكثر سوءا ....