لم يعد الشمال شمال كما كان ولا الجنوب جنوب ولن يعود ايا منهما الى سابق عهده ...! هذه هي الحقيقة التي يجب على الجميع الاقرار بها والوقوف عليها بل والعمل وفقا لها . فحالة الانحسار والتراجع في المشروع الوطني الكبير وصلت الى أخطر مستوياتها وانحسرت أدواته حتى ضاق كل جزء من هذا الوطن بابنائه واضمحلت فكرة الوطن الجامع وضعفت لغة التعبير عنها و لم يعد لها مكانها الموضوعي في أدبيات وممارسات مختلف الاطراف والتكوينات الوطنية للاسف خاصة السياسية منهاوالاجتماعية ، حالة التردي هذة ونزعات التذمر والانقسام وغيرها من المطالب والرغبات المشروعة المنطقية منها وغير المنطقية نجمت بالأساس عن سلسلة اخطاء فادحة ارتكبها جلاوزة نظام صالح وبشكل خاص ماكان بعد حرب اربعه وتسعين ، ونشبت كل تلك المطالَب كردات فعل طبيعية في مواجهة نهج التهميش والاقصاء والاستئثار التي جسدها طغاة النظام واركانه وتجاهلهم لكافة الأصوات و الفعاليات الشعبية المنادية بالشراكة الوطنية والتغيير وتجاوزها لكل النصائح والمشورات بعدم الهروب من تلبية ذلك ،الامر الذي كان له بالغ الأثر في التحول والتصعيد الشعبي الذي تجاوز ما ابُتدِء به من مطالب الشراكة والاصلاح وتسوية اوضاع المتقاعدين ليعلو سقفها اتساعا نحو الانفصال و فك الارتباط وتغيير النظام وربما كان السائد عند الجميع حينها ان هذا المنحى التصاعدي لن يكون الا للتهديد ولو من باب( فجعه بالموت يرضى بالحمى ) لكن سرعان ما تغيرت الامورحتى ذهبت أبعد مما كان متوقعا فقد تحولت تلك المطالَب الى قضية رئيسية مثلت هما حقيقيا لحراك شعبي تأجج بقوة في جنوباليمن وامتد لسنوات عديدة تداعى له الشمال وبحراك ذي طابع سياسي حتى كانت لحظة التقاطع المفصلية التي جمعت بين تيارات الحراك الشعبي والسياسي في اليمن شمالا وجنوبا ودفعت بها للالتحام بموجة الربيع العربي ليعم الحراك الشعبي معظم ارجاء الوطن ويعلو صوته بهدير الثورة الأكيدة التي التحقت بها مختلف المكونات والشخصيات السياسية والمدنية والاجتماعية وكما هي العادة في مثل هذة الاحداث والمناسبات يكون للانتهازية برموزها مكانها المُغتٓصب حيث انبرت العديد من رموز النفوذ القديمة والحديثة والمكونات منذ انطلاق فعاليات الحراك حتى انطلاق الثورة الشعبية لاستعراض مشاركاتها لركوب الموجة من اجل توظيف تواجدها سياسيا لاعتبارات شخصية وجعل استعراضات نشاطها وسيلة ابتزاز رخيصة بطرق انتهازية لتمرير طلبات وطموحات بعضعها متعلق بحسابات انية وبعضها الاخر عائد للزمن البائد بغية استرجاع مظاهر رجعية كان قد تم القضاء عليها بفضل ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، كما عمد نظام صالح بالتوازي مع كل خطوة من خطوات التحرك الشعبي والسياسي الى الدفع بادوات تابعة له وتوظيف غيرها وإدارتها بطرق مباشرة وغير مباشرة للمشاركة في كل أنماط الحراك الاجتماعي بهدف التشتيت والتمزيق اضافة الى خلق وتفريخ مكونات مضادة من اجل تأجيج حالة الاضطراب والانقسام داخل الحراك الشعبي خاصة في جنوب الوطن وتوجيهه بعيدا عن استهداف حكمه و لنا مماسبق ان نتفهم كيف وقع الجميع من حيث يعلم ومن حيث لا يعلم في النيل من كينونة المشروع الوطني وتهديم بنيته الفكرية والسياسية وتعميق الشرخ الاجتماعي في نفوس الناس وعقولهم دون ان يكون هناك أفق مدروس بسقف منطقي من قبل الجميع لتفادي الاثار الماحقة لذلك ، حيث ظهرت الكثير من الارتدادات السلبية تجاه طرح كل طرف من الاطراف الفاعلة والتي اثرت سلبا على التركيبة الداخلية لكل مكون منها وعلى علاقته بالمكونات الاخرى الامر الذي زاد من حدة الانحسار والتراجع ليصل الى مستويات أشد ضيقا باتت ملامحه ظاهرة بجلاء من خلال مظاهر الانكماش الاجتماعي وحالة التمزق والشتات التي شملت كل المكونات خاصة منها المكونات السياسية التي تعد اكبر الأوعية الجامعة لأوسع عدد من شرائح المجتمع وعجز الجميع عن مواكبة الاحداث الجديدة ومتطلبات حلها بالذات ما جاء منها جراء اعمال الانقلاب والحرب لتحالف مليشيات صالح والحوثي ودخول المصالح الدولية على خط الصراع في اليمن وبروز العديد من التجمعات والاشكال الجديدة القائم بعضها على اسس ذات ابعاد مناطقية وطائفية و أضحت كل محافظة لا تقبل بغيرها من المحافظات الاخرى فحضرموت لم تعد تقبل بالضالع وأبين وشبوة ، ومحافظات المهرة وسقطرى لم تعد تقبل بحضرموت، وكذا الحال مع تعز وأب التي لم تعد تقبل بصنعاء ، وباتت مأرب والجوف لا تقبل بعمران ، والبيضاء لا تقبل بذمار وهاكذا . وبقدر ما ينم هذا وبشكل قطعي عن عدم امكانية بقاء الوحدة بطابعها الاندماجي الدي كان فإن المؤكد منه ايضا استحالة المضي نحو استعادة اشكال التقسيم الذي كان سائدا قبلها وصعوبة ان ينعم اي جزء منها بحالة من الاستقرار الداخلي حتى ولو توفرت امكانية قيام اي مظهر من مظاهر الانسلاخ بنطاق أضيق من فكرة الدولتين الامر الذي يستدعي استدراك الوقت والوقوف الجاد لتناول المسارات الجديدة لمظاهر التشعب والانقسام في اليمن والمألات المُحتملة لها وتقييم ذلك بشكل موضوعي ومسؤل والاعتبار من التبعات غير المقدور عليها والتي نعاني منه اليوم بسبب ما نشهده من حرب وانتهاج السبل المناسبة لتجنب المخاطر الإضافية والأعباء الكارثية والتي يمكن ان تحل علينا تباعا بفعل تراكمات الاحداث قديمها وحديثها وتفادي التحول صوب انماط جديدة للصراع نظرا لحالة التغير الحاصلة في خارطته والتي تدفع شمال الوطن ليكون بؤرة للصراع الطائفي وتضع جنوبه كمحور للصراع المناطقي في ظل تنافس دولي محموم حاضربقوة له أدواته وممثليه وموالييه من الاطراف الإقليمية والوطنية ، وفي هذا السياق ايضا لابد من القول ان الوقت لم يعد بالمناسب مطلقا للسكوت تجاه ذلك اوتجنب الحديث عنه والتجمد عند وضعيات المجارة للمزاج العام اومسايرة الاطراف المسؤلةعن ادارته نحو الخطاء المحتوم و هو نداء نتوجه بِه لكل الاطراف بدون استثناء وعلى وجه الخصوص العناصر والقوى المتوارية لاسباب متعلقة الحسبة والتأمل لاخذ مكانها والمشاركة بالقول والفعل والتي يتواجد بينها الكثير ممن يمتلك القدرة لعمل الكثير دفاعا عن تاريخه وحماية لمستقبل من يعول ، ومثلما لن يكون بالمنطقي التعامل تجاه هاكذا حال بشيء من المقامرة والمكابرة فان من غير المنطقي ايضا الاستسلام عند نقطة ان جميع الاطراف الوطنية باتت دون المقدرة على تقديم او فرض اي من صور الحل المعقولة والمقبولة داخليا وخارجيا اذ ينبغي ان يتم العمل للخروج من حالة العجز المطبق وانتهاز لحظة الوئام لدى اطراف المجتمع الدولي ومؤسساته تجاه دعم الشرعية في اليمن بدلا من الارتهان المطلق لحالة الاتكال للخارج وانتظار كامل الحل والدعم منه فحالة الانسجام البادية بين أطرافه تجاه مصالحها في اليمن لن تدوم وايلة للتغير في اي لحظة ما يعني ان على الجميع ان يضطلع بمسؤلياته نحو اعادة رسم مسار الامور وخلق اطار مناسب للشعب لحسم أمره بارادته وتحديد خياره تجاه المستقبل بالطريقة التي تكون مصلحة عامته هي الغالبة على مصالح قوى ومراكز النفوذ التقليدية والحديثة بصورة تؤمن مستقبله وتحافظ على امن وسلامة المجتمعات المحلية وعلى سلامة كامل أراضي الوطن وسيادته وهويته الجامعة والموائمة بين المصالح الوطنية والدولية بطريقة تضمن حق اليمن في الاستقرار والتنمية والاستفادة من خيرات ثرواته وبما يحفظ الأمن والسلم الدوليين . والله والوطن والشعب من وراء القصد . لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet