ليس للحرية ثمن، الثمن قرين البضاعة والحرية ليست بضاعة، الحرية مضمون حياة! ان أخطر كلمة لحقت بكلمة الحرية هي الثمن! او ذلك القول الذي أصبح متداولا الى درجة الابتذال: للحرية ثمن او الحرية غالية! تماما بمثل ما نقول الحياة غالية: وكأن الحياة (والحرية، مثلها مثل الحب، جوهر من جواهرها) مجرد سلعة متداولة او معروضة في الأسواق! لا، الحياة ليست سوقا ولا الحرية او الحب سلع او بضائع. الحياة ليست غالية ولا هي رخيصة! الحياة هي الحياة، الحياة فحسب، بسيطة وسهلة،وكل تعقيد في الحياة يدل على علّةٍ او يؤشر اليها!الحياة تفتح وردة، ازهار نبتة، اثمار شجرة، زقزقة عصفور لو حتى زئير اسد، الحياة ضحكة طفل،السؤال هو: من هو، وكيف جعل من الحياة كل هذا التعقيد والعُقد، ولماذا! بل من هو الحارس الأمين على كل هذه الصعوبة وكل ذلك التعقيد في حياة الإنسان.كيف تحول القوت والمأوى، كيف تحول المَشرب الى تحديات صعبة ان لم تكن مستحيلة بالنسبة للناس! ومن هو الذي لوث الهواء، حتى الهواء، بل ومن الذي يعمل على ان يحوله الى بضاعة بحيث سوف يصبح مادة قابلة للتعليب وللبيع غدا او بعد غد ان لم يكن قد أصبح كذلك.لابد من العودة الى سؤال الكينونة المركزي، والانطلاق منه لمعرفة المستوى المزرى الذي صارت اليه حياة الناس، بل ولمعرفة من وقف وراء كل ذلك، ولا يزال واقفا كال ….كالقَدَرِ وعودة الى مسألة الحرية يحضرني الآن بيت شعرٍ لأحمد شوقي: وللحرية الحمراء بابٌ بكل يدٍ مضرجة يُدقُ هذه هي الحرية: مسألة حياة او الحياة، لنقل بانها، مثلها مثل الحب، مسألة الحياة المركزية (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا) الاستعباد هوالمسالة، لا الحرية. والحرية تكون بالعمل عليها، العمل على ان نكون احرار، نكون أحرارا او لن نكون. الحرية: كر يا عنتر، كر وانت حر! الحرية شغل الحر بيده لا بيد غيره، ومن داخله وهي ليست مرهونة لأي شرط خارجي بله ثمن. الحر يكون حرا في ذاته أولا، لو انه حتى في الاصفاد، او لن يكون... الحرية ليست مادة بيع وشراء وليس لها ثمن. الحرية تؤخذ كما اخذها عنترة بن شداد، عنترة صاحب (هل غادرا الشعراء من متردم!) ممارسة على النقيض من العبودية وفي مواجهة الاستعباد، ممارسة ليست ابدا مفارقة للحب بوصفهما (الحرية والحب) وجها الحياة او جوهراها حذوك النعل بالنعل او كوجهين لعملة واحدة (هي عملة الحياة) لو سوف نستعير مفردة من مفردات السوق! لنقل وجها قيمة واحدة هي تلك الكامنة في جوهر الحياة، قيمة الحياة بحد ذاتها. الحرية:كِرْ وانت حريا عنتر، عنترة القائل)ولقَدْ شَفَى نَفْسي وَأَذهَبَ سُقْمَهَا قِيْلُ الفَوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْدِمِ) مُتمثلا قول جده في الصعلكة، الحب والحرية، كبيره الخارج على نواميس القبيلة والقطيع! المُتمردُامرؤ القيس حين قال(مكر مفر مقبل مدبر معا،كجلمودِ صخرٍ حطه السيل من علي) وكأنه كان على ثقة بان يوم ما سيكونبوعادلالقائل(والليل مهما طال مده مع جزرة لا بد له من صبح ابيض من البلور) كما لو انه كان انا لحظة قلت (مهما انزع سيف البلاطة في الجسد، جنابي الهمج لو عربدت حتى النخاع،لن ينحني هام البطل) لأنهام البطل لا ينحي إلا للتراب! للأبدية، للحرية متحولا الى نسيجها، فيها، متحولا اليها خلودا، متسائلا مع عنترة (هل غادر الشعراء من متردمِ) وعيناه مصوبتانعلى عبلة (الحب او جذوة الحرية) وهو يرقع التَرَدمِ او يردد الترنم(ام هل عرفتي الدار بعد توهمي) يدوس الدارس بجبروته الحرية، حريته، بالأحرى التحرر بالحب والفروسية الباقيتان ابدا، لكنه لا يتوقف عندهما طويلاإذا سرعان ما يقول (عمي صباحا واسلمي) الرجل اريحيا على أية حال! وقد كان عليه ان يخاطبها(يا دار عبلة بالجواء تكملي) لولا انها لم تعد سوى اطلالا، لقد ذهبت الديار والعبوديةوبقي هو (واقفا فيها ناقتهوكأنها فَدَنٌ ليقْضِي حَاجَةَ الُمَتَلِّومِ) مترفعا كما ينبغي لبطل ان يترفع وهو الامر الذي ما كان ليتحقق له لولا شدته في الطّعان من اجل حريته (ما زلت ارميهم بثغرة نحره، ولِبانِهِ حتى تسربل بالدم فازوَرَّ من وقع القنا بِلِبانِهِ، وشكا إلىَّ بعبرة وتحمحم لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى ولكانَ لو عَلِمَ الكلام مُكَلِّمِي) وبذا كان عنترة حرا، لم ينل حيرته بان اشتراها جاهزة، بل انه لم يكون حرا إلا من خلال ما عمله كي يكون حرا بعد ان اكتشفالحرية فيه بالقوة وبالحب الكامن فيه محولا إياهما الى حرية (وحبٍ) بالفعل عبر مسيرة حياته الظافرة المظفرة. تماما بمثل ما قيل في رواية ما عن الكنز بانه، الكنز، في الرحلة بحد ذاتها! لكن هذا سوف يكون موضوعا لتناول اخر الحرية: دق القاع دقه لا تمشي دلا لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet