لم اجد صورة مؤلمة ابلغ من صورة هذا الطفل الذي حرمته ألغام ميليشيا الانقلاب من ساقه وهو سعيد لأنه اصبح يمتلك قدما صناعية بديلة ... هذه الحرب شوهت حاضرنا ومستقبلنا ... فعشرات الالاف من الألغام ان لم تكن وصلت مئات الالاف مزروعة اليوم في الكثير من المناطق المختلفة التي مرت بها ميليشيات الموت والدمار في طول البلاد وعرضها مخلفة الدمار وقصص من الآلام لاتنتهي .. ضحاياها الأولى اطفال ونساء ورعاة ومدنيون لاذنب لهم إلا انهم خلقوا على ارض وطن مليء بالنكبات .... في كل يوم تشهد مناطق جديدة زراعة ألغام مختلفة فيها من المفترض ان تكون اليمن قد تخلصت منها للأبد .. ولليمنيين مأساة تاريخية مع الألغام تمتد منذ سبعينيات وثمانينات القرن الماضي خصوصا في المناطق الوسطى حيث بلغ عدد ضحايا الألغام حينها نحو (50) ألف ضحية 96% منهم من الأطفال. ومازالت هناك ألغام في تلك المناطق مزروعة حتى اليوم ... ولعل هذه الإشكالية كانت أحد أهم أسباب هجرة ونزوح الآلاف من أبناء المناطق الوسطى للخارج ومناطق أخرى في الداخل هربا من جحيم تلك الألغام التي زرعها النظام حينها في ماسمي بحرب الجبهة والتي امتلأت بها الجبال والوديان والمزارع لتصبح أكبر حقل ألغام عرفته منطقة الشرق الأوسط حتى اليوم. ورغم استخراج العديد منها إلا أنه ماتزال هناك ألغام نسمع عن انفجارها في أحد الرعاة او الحطابة او حتى المواشي بين فترة واخرى ... ورغم ايضا مصادقة اليمن على اتفاقية حظر واستخدام وتخزين وإنتاج ونقل الألغام في العام 1997 وكانت من أوائل الدول التي وقعت على هذه الاتفاقية، واعلنت في العام 2002 انها تخلصت نهائيا من مخزون الألغام لديها.. الا ان الحقيقة كانت غير ذلك فحروب صعدة الستة وحرب المليشيا وصالح الانقلابية في 2014 وحتى اليوم كشفت عن زيف تلك الادعاءات وأن اليمن لازالت تحتفظ بمخزون استراتيجي من الألغام المحظورة والمتواجدة منذ ذلك الحين ولم يتم التخلص منها جميعا وانما تم التخلص من عدد منها لذر الرماد على الاممالمتحدة بعد الضغوط القوية التي مارستها على النظام حينها للتخلص من تلك الألغام ... وكشفت تلك الحروب وهذه الحرب عن وجود مصانع وخبراء عدة لصناعة الألغام .. في الوقت الذي تعاني منه البلد من شحة في الخبراء والاجهزة الخاصة بالكشف عنها وبارتفاع سهر الاطراف الصناعية التي باتت حلم كثير من هؤلاء الاطفال والنساء وغيرهم من المدنيين الذين قد لايملكون قوت يومهم ... فهل تكفي صورة هذا الولد وغيره من ضحايا الألغام لتهز مرة اخرى وبقوة كرسي ضحايا الالغام الموجود امام مقر مجلس حقوق الانسان؟؟!، وتلفت انتباه المجلس والاممالمتحدة لتنهض من سباتها وتقوم بعملية ضغط حقيقية لوقف هذه الجريمة البشعة في حق اليمنيين ، والتخلص من الكم الهائل من ادوات الموت تلك ؟؟؟ وتمنع وقوع المزيد من الضحايا وتدعم بشكل حقيقي اليمن في هذا الجانب ؟!... والا فإن المجتمع الدولي سيستيقظ فجأة على كارثة ان اليمن تمثل اكبر حقل ألغام عرفته البشرية على وجه التاريخ .. وان الاحتفال بيوم الرابع مو أبريل كيوم دولي للتوعية بالألغام والمساعدة في الأعمال المتعلقة بها ماهو إلا كذبة تسوقها وتجني منها الأرباح الطائلة دون تحقيق شيء حقيقي وملموس او نزع لغم واحد وانقاذ حياة فرد في هذا البلد المنكوب بأبشع أمراء حرب وميليشيات على وجه الارض منذ اكثر من 35 عاما.