الهدف من الصيام تهذيب النفوس عبر تعريضها لرياضة قاسية هي الامتناع عن الأكل والشرب فترة طويلة. لهذا لا ينجح اغلب الناس في الإيفاء بمتطلبات هذه الرياضة الروحية والجسدية القاسية. وبدلا من تهذيب النفوس يؤدي الصيام ، خاصة في المجتمعات المتخلفة حضاريا، الى اطلاق كل طاقات الغضب والعنف والعدائية بدلا من كبتها وتهذيبها. الحقيقة ان الصيام، في مجتمعاتنا، يكشف الشخصيات الحقيقية للناس ويساعد على رفع حاجز التصنع والمجاملات الاجتماعية. لهذا تظهر الشخصيات الحقيقية لمجتمعاتنا في رمضان بعد العصر. يسقط حاجز المجاملة الخفيف ويظهر التدين البدائي في اشكال العراك والحوادث المرورية والشتائم وحوادث الطعن واطلاق الرصاص وكسر خطوط السير واغلاق الشوارع. ولا شك ان شكل صيامنا سيكون مختلفا لو كانت مجتمعاتنا افضل تعليما واكثر عقلانية و ارقى اخلاقا. ان التدين بشكل عام يتشكل حول ثقافة المجتمع ومستوى تطوره. فالمجتمع البدوي يصبح تدينه بدويا والمجتمع المتخلف يصبح تدينه متخلفا، والجتمع المتحضر يتدين بشكل متحضر. ان الأديان لا تؤدي الى تحضر بالمجتمعات، بل المجتمعات نفسها هي التي تساعد على تطور الدين وتطوير اشكال التدين كلما ارتقى مستواها الحضاري والاخلاقي. ورمضان كريم...