من بوابة الملف الأمني.. إخوان اليمن يحاولون إعادة الصراع إلى شبوة    النعي المهيب..    الذهب يهبط إلى أدنى مستوى في 4 أسابيع    الشيخ الزنداني يروي قصة أول تنظيم إسلامي بعد ثورة 26سبتمبر وجهوده العجيبة، وكيف تم حظره بقرار روسي؟!    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    متهم بجريمة قتل يسلم نفسه للأجهزة الأمنية جنوبي اليمن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    رسالة تهديد حوثية صريحة للسعودية .. وتلويح بفشل المفاوضات    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    توحيد إدارة البنك المركزي في صنعاء وعدن.. خبير مصرفي يكشف عن حل مناسب لإنهاء الأزمة النقدية في اليمن    الذكرى 51 لجريمة قتل الدبلوماسيين الجنوبيين بتفجير طائرتهم في حضرموت    زيود الهضبة يعملون على التوطين في مأرب وسط ويحابون كوادرها المحلية    برفقة حفيد أسطورة الملاكمة "محمد علي كلاي".. "لورين ماك" يعتنق الإسلام ويؤدي مناسك العمرة ويطلق دوري الرابطة في السعودية    وزير الدفاع يؤكد رفع مستوى التنسيق والتعاون بين مختلف الوحدات والتشكيلات العسكرية لهزيمة الحوثيين    جماعة الحوثي تفاجأ سكان صنعاء بهذا القرار الغير مسبوق والصادم !    التعادل يحسم قمة البايرن ضد الريال فى دورى أبطال أوروبا    حزامٌ ذهبيٌّ يُثيرُ جنونَ لصٍّ: شرطةُ سيئون تُلقي القبضَ عليهِ بتهمةِ السرقةِ!    نجل الزنداني يوجه رسالة شكر لهؤلاء عقب أيام من وفاة والده    روما يسعى لتمديد إعارة لوكاكو    الحوثيون يتلقون ضربة موجعة بعد رسالة قوية من الحكومة اليمنية والقضاء    السفير السعودي يبحث مع بعثة الاتحاد الأوروبي "خارطة الطريق" ومستجدات الأزمة اليمنية    "لا تلبي تطلعات الشعب الجنوبي"...قيادي بالانتقالي يعلق على رفض مخرجات لقاء الأحزاب    شاهد...عمار العزكي يُبهر جمهوره بأغنية "العدني المليح"    انقلاب مفاجئ.. الانتقالي يوجه ضربة قوية للشرعية ويهدد بالحرب بعد يوم تاريخي في عدن.. ماذا يحدث؟    أول تحرك يقوم به أبو زرعة في عدن بعد وصول العليمي مأرب    كأس خادم الحرمين الشريفين ... الهلال المنقوص يتخطى الاتحاد في معركة نارية    دوري ابطال اوروبا: الريال يتجاوز جحيم الاليانز ارينا ويفرض التعادل امام البايرن    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    بيان الرياض يدعو الى اتخاذ خطوات ملموسة لحل الدولتين وإيقاف فوري لإطلاق النار في غزة    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    بنوك هائل سعيد والكريمي والتجاري يرفضون الانتقال من صنعاء إلى عدن    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البربرية والهمجية والتحضر والحضارة
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 02 - 2012


البربرية والهمجية والتحضر والحضارة
احمد صالح الفقيه
تمهيد
التخلف والتقدم موضوع نال اهتمام الكثير من المفكرين والكتاب، سعيا إلى اكتشاف الأسباب والقوانين المؤدية إلى ديمومة التخلف أو الانعتاق منه، وسلوك طريق التقدم. وغالبا ما يجري تشخيص أسباب التخلف في أسباب خارجية وأسباب داخلية تتعلق بهيمنة القوى الاستعمارية أو الصراعات الداخلية وعدم الاستقرار على التوالي.
من المعلوم ان لفظتي التحضر والحضارة مشتقتان من الحضر الذي يعني المدينة والتي اشتقت كلمة المدنية منها، والحاضِرةٌ، خلاف البادية، وهي المدن والقرى والريف. والبادية خلاف ذلك. يقال: فلانٌ من أهل الحاضِرَةِ وفلان من أهل البادية، وفلان حَضَريٌّ وفلان بدويٌّ. والحاضِرُ: الحيُّ العظيم. واما كلمة حضارة الاجنبية Culture فهي مأخوذة من اللاتينية Cultura من فعل Colere بمعنى حرث أو نمى، وقد كانت دلالتها اللاتينية في العصور الماضية مقتصرة على تنمية الأرض ومحصولاتها وفي القرن الثامن عشر أخذ فولتير الفرنسي وبعض الكتاب الفرنسيين يطلقون هذه اللفظة دون إضافتها إلى شيء معين وغدت كلمة Culatura بهذا المعنى المطلق تدل على تنمية العقل والذوق. وقد انتقلت هذه اللفظة إلى الألمانية من الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر بشكل Culture ثم Kultur وبقي معناها الأخير أي الإنماء العقلي والأدبي.
في اللغة العربية كلمة الحضارة مشتقة من الفعل حضر، ويقال الحضارة هي القرى والأرياف والمنازل المسكونة، فهي خلاف البدو والبداوة والبادية ، وتستخدم اللفظة في الدلالة على المجتمع المعقد الذي يعيش أكثر أفراده في المدن على خلاف المجتمعات البدوية ذات البنية القبلية التي تتنقل بطبيعتها وتعيش على وفق أساليب لا تربطها ببقعة جغرافية محددة ، مثل: الصيد، ويعتبر المجتمع الصناعي الحديث شكلاً من أشكال الحضارة. بمعنى آخر تعني الاستقرار.
اما البربرية فمشتقة من التبربر التي تعني عدم الافصاح وانعدام الفصاحة كدليل على التخلف العقلي والبعد عن التحضر؛ واعتاد المؤرخون أن يشرحوا معنى كلمة بربر فقالوا أنها مشتقة من كلمة Barbarus أي الشخص الثائر المتصف بصفات الهمجية. والهمجية مأخوذة من همج وهو ذُبابٌ صَغيرٌ كالبَعوض يَسقُط على وُجوهِ الغَنَم والحَميرِ " وأَعيُنِها . وقيل الهَمَجُ : كلُّ دُودٍ يَنْفَقِئُ عن ذُبابٍ أَو بَعوضٍ؛ هكذا في الأَساس. الهَمَج: " الغَنَمُ المَزولةُ . واحدتُه بهاءٍ . و الهَمَجُ : "الحَمَقْى" من الناس رَجلٌ هَمَجٌ وهَمَجَةٌ: أَحمقٌ. وجمْع الهَمَج أَهْمَاجٌ. وأصل الاستخدام هو التصرف الغبي الفوضوي غير الهادف والذي لا يجني نتيجة تماما كهجوم الذباب على الحيوانات الأخرى.
ولاشك ان كل صنعاني شهد اجتياح القبائل لصنعاء ونهب دورها واغتصاب نسائها عند انتصار الامام احمد على الثوار عام 1948 يدرك معنى البربرية والهمجية، وكذلك الحال مع كل من شهد اجتياح مدينة عدن من القبائل الذين جاءت بهم الجبهة القومية عقب الحرب الاهلية عام 1967 بين الجبهة القومية وجبهة التحرير، والذين نهبوا البيوت حولوا شرفات عمائر المعلا الى زرائب للغنم.
وسأحاول هنا تقديم مقاربة مختلفة تتناول البربرية والتحضر أو الهمجية والحضارة كأسس ومسببات للتخلف والتقدم. والبربرية والتحضر نسبيان كالتقدم والتخلف سواء بسواء. ولكن للحضارة كما للهمجية في تمظهراتهما في المجتمعات المختلفة، بصرف النظر عن المستوى، عوامل مشتركة هي موضوع بحثنا هذا، ويمكن اختزال هذه العوامل في حالة التحضر والحضارة بالسلوك الاجتماعي الراقي والاهتمامات الراقية، واختزالها في في حالة الهمجية بالسلوك البدائي الحيواني والاهتمامات البدائية الحيوانية.
لقد ارتقى الإنسان من حال الهمجية التي تشبه الحالة الحيوانية عبر قرون متطاولة من الجهد والإبداع الإنساني والقيادة الرشيدة. ولما كان الجهد والإبداع الإنساني أمران ميسران لكل البشر يحكم تساويهم في الخلق والإمكانيات الذهنية والبدنية مع فروق طفيفة، فإن القيادة الرشيدة هي في رأيي أهم أسباب التقدم كما أن القيادة غير الرشيدة أهم أسباب ديمومة التخلف.
والرشد حالة ثقافية تتعلق بمستوى التحضر الذي بلغته البيئة التي ينتمي إليها الفرد الرشيد، ونوعية ومستوى التربية الذي منحته هذه البيئة للفرد. والهمجية والتحضر حالتان تكتسبان بالتربية والقدوة، ومن دواعي الأمل أنها ليست مسألة جينية بل مسألة تربية لابد من اكتسابها منذ عمر مبكر، أي منذ سن الطفولة الأولى، حتى يتعزز السلوك المتحضر ويقمع السلوك الهمجي. إذ أنه إذا شب المرء في أسرة ومجتمع يعيشان حالة الهمجية، فإن اكتسابه للسلوك المتحضر يصبح أمرا مشكوكا فيه.
ولذلك فإن مجتمعات كثيرة توفرت لها قيادات متحضرة رشيدة تمكنت من مغادرة عالم التخلف إلى فضاء التقدم والرقي في زمن وجيز.
(1)
الهمجية والحضارة
الهمجية حالة حيوانية أو قريبة من الحيوانية، يعيشها الأفراد، وتعيشها المجتمعات، وتتميز بالبساطة والعفوية، والخضوع التام للغرائز الطبيعية البدائية للنفس البشرية فتطبع سلوك الهمجي بطابعها في كل ما يفعل ويدع.
وبالمقابل الحضارة حالة من التقدم والرقي يعيشها الأفراد وتعيشها المجتمعات وهي كحالة متقدمة في المسيرة البشرية تتميز بالتعقيد فتطبع سلوك الشخص المتحضر بتقاليد وأساليب تصرف تتميز بضبط الغرائز، وترقية السلوك، ورقي الاهتمامات، والسمو بالنوازع الغرائزية وتصريف طاقاتها في أنماط من السلوك أكثر رقيا وتهذيبا.
وكمثال على ذلك فإن ملاحظة المدن وسلوك أهل المدن والأرياف وسلوك أهل الأرياف في المجتمع اليمني يمكن أن توضح الفكرة.
وعندما أقول أهل المدن، فاني اعني بهم أولئك الذين قطعوا علاقتهم بالأرياف، وعصبيتها العشائرية، وأنماط عيش أهلها منذ أجيال فأصبحوا مدينيين تماما، إذ أن هناك في المدن قبائل وعشائر وريفيون وثيقي الصلة بمجتمعاتهم الأصلية، وعاداتها وتقاليدها، وأساليب تفكيرها وسلوكها، وهؤلاء ليسوا من أهل المدن بطبيعة الحال وان عاشوا فيها. وهذا المقال ليس في ذم البدو وأهل الأرياف والقبائل، وإنما هو توصيف للواقع سيختلف معه الكثيرون، إما تعصبا، وإما بتأثير النزعة الرومانسية التي بالغت في مدح الهمجي والهمجية (روسو)، أو بالغت في مدح مجتمعات الفلاحين (تولستوي) الخ.. ومن ثم بتأثير من تأثر بالرومانسية من الكاتبين بالعربية.
ومن نافلة القول ان في كلا البيئتين المدينة والريف حالات فردية تخالف التوصيف العام إلا أن هذا من الاستثناء الذي يؤكد القاعدة ولا ينفيها، فما أصفه هنا يتناول الغالب الأعم.
(2)
لو أنك أخذت سكينا ضخمة وقطعت قطاعا في منتصف شارع في المدينة كما تفعل مع قالب (الكيك) فانك سترى آثار الحضارة متمثلة في منجزات الهندسة من أسفلت، وما تحته من طبقات من الحصى وغيره، وسترى في الأسفل كابلات الكهرباء، وأنابيب المياه والمجاري، وعلى السطح سترى فنونا من الأعمال الهندسية في المباني، ثم الرصيف وما عليه من أعمده كهرباء وإعلان وأشجار، والشارع المسفلت وما فيه من خطوط وإشارات وفتحات مغطاة للمجاري والمياه والكهرباء، وسترى فنونا من العمارة المخصصة لأغراض متنوعة إلخ.
وبالمقابل إذا فعلت الشيء نفسه في القرية سترى حالها طبيعية لا أثر فيها للجهد والإبداع البشريين.
(3)
والحضارة مرتبطة بالجهد المنظم والإبداع الذي يخدم هذا الجهد ويجعله مفيدا، فالمدني الذي يهتم بالتعليم هو صانع الحضارة فكرا و تخطيطا وتصميما، وتجد هذا الإبداع ظاهرا في مختلف جوانب حياته فهو يهتم بالآداب والفنون، والعلوم العملية من هندسة وطب وغيرها. بينما يعيش الريفي حالة طبيعية حيث يحصر همه في تحصيل المال من أي سبيل، وتنمية القوة الهمجية للسيطرة على الآخرين وعلى ممتلكاتهم ضمن تكوينه الاجتماعي العشائري القبلي، الذي يعتبر كل من هو خارج العشيرة والقبيلة غنيمة مباحة، فيمكن له قتله ونهبه. وهي ثقافة كان لها أكبر الأثر في الصراع المستمر بين الريف والمدينة، وهو صراع شهد حوادث مروعه من النهب والسلب والاغتصاب الذي مارسه الريفيون ضد المدن وأهلها في صفحات دامية ومخجلة في التاريخ القريب والبعبد.
(4)
فالصنعاني أو التعزي أو الحديدي أو العدني المديني العريق يعيش حالة تختلف عن الريفي المجاور، فالمدني يسكن في منزل يتميز بالنظافة، بغض النظر عن الفقر والغنى، بينما يعيش الريفي مع حيواناته في نفس المنزل في أغلب الأحيان، وبينما يهتم المدني برائحة المنزل واستخدام العطور والبخور، يستمتع الريفي بروائح أرواث وأبوال الحيوانات التي تعيش معه.
ويهتم المدني بنظافته الشخصية، بعكس الريفي الذي لا يهتم كثيرا بهذا الأمر من حيث الملبس على الأقل.
وتجد طعام المدني متنوعا ومعقد الإعداد إلى درجة التفنن، بينما يفضل الريفي اللحوم المسلوقة أو المشوية، والخبز غير المخمر.
وفي تناول الطعام تجد المدني متأنقا فلا يكرع ولا يتحشأ، ويظهر ضبطا للنفس فلا يظهر جوعه خلال تناول الطعام، ويراعي آداب المائدة، بعكس الريفي.
ويتناسب الرقي في السلوك طرديا مع الوضع الاجتماعي للمدني، حيث تكون الطبقات المتعلمة أكثر رقيا في سلوكها من فئات التجار والصناع والعمال الأقل تعليما.
(5)
وفي السلوك تجد لدى المديني أصولا للحديث والتصرف مع الآخرين يعتبر من يخرج عنها قليل الأدب حتى إذا تعرض للاستفزاز، بينما يقوم الريفي بقول كل ما يخطر على باله، ولا تردعه إلا فوارق القوة التي قد ترد عليه تصرفه بأذى مباشر في التو واللحظة، وهو ميال باستمرار لحل خلافه مع الآخر بالقوة العارية والصوت العالي والشتائم.
وفي تربية الأطفال تكثر الموانع والحدود لدى أهل المدن. فيكثر قول لا، ولا يجوز، وعيب، بينما يترك أهل الأرياف أطفالهم ينمون ويتصرفون على سجية غرائزهم ونوازعهم الحيوانية البدائية.
وفي الغايات والأهداف يركز المدني على التعلم واكتساب المعرفة، بينما يهتم الريفي بالمال والسلاح كمظهر للقوة والرقي الاجتماعيين، ووسيلة لتحسين ظروفه ومستواه الاجتماعي، ويستخدمهما دون تردد ضد الآخرين، ولا يمنعه عن ذلك وازع ديني أو أخلاقي.
(6)
ومن الواضح أنه كلما ازداد المجتمع رقيا وحضارة كان التفاوت في السلوك بين أهل مدنه وأهل مدن المجتمع المتخلف كبيرا. ومع ذلك فإن الحضارة ذات طابع مادي أي أنها تتقدم وتنتكس نتيجة للظروف التي تطرأ على المجتمعات البشرية. ولكن الذين اكتسبوا قدرا من التحضر ينقلون ذلك إلي الأجيال اللاحقة.
فنجد مجتمعات أفريقية وأسيوية فقيرة يتميز أهلها بقدر كبير من الرقي والتعقيد في أوجه سلوكهم. حتى لو حول تغبر الأحوال مجتمعاتهم إلى أرياف.
وقد نجد مجتمعات مدينية غنية الآن، بفعل صدفة نفطية مثلا، يعيش أهل مدنها الهمجية بأوضح مظاهرها، على الرغم ما يحيط بهم من أسباب الترف، وذلك لأن الرقى في السلوك يتطلب أزمانا من التعليم والتحضر، ولكن عندما تنزع هذه المجتمعات إلى الانعزال وعدم الاختلاط بالأمم المتحضرة لأسباب أيديولوجية أو عنصرية، فإن عملية الانتقال من الهمجية إلى التحضر تطول وتتأخر.
(7)
أنتجت مجتمعات البداوة في الجزيرة العربية أيديولوجيات دينية ترى الحالة المثلى في العودة بأحوال المجتمع والناس وأساليب عيشهم إلى ما كانت عليه في القرن السابع الميلادي ،الأول الهجري. وقد كانت مكة والمدينة بيئات أكثر تطورا من البيئة التي أنتجت الأيديولوجية السلفية الوهابية، التي أصبحت تمثل خطرا داهما على المجتمع اليمني، تسعى لحكمه وفقا لصيغة طالبان الأفغانية الموغلة في الهمجية والتطرف.
ولم يكن من الممكن للدولة الإسلامية أن تنتج حضارة ذات بال لو كان حكامها من هذا الصنف البدوي، من المؤكد أن حصر الخلافة في قريش، وهم سكان أهم حاضرة في الجزيرة العربية، وأكثرها تحضرا قد ساعد على سلوك الدولة مدارج الرقي والتقدم، ومكنها من وضع أسس بناء الحضارة الإسلامية، التي قامت على أكتاف أبناء الحضارات العريقة المجاورة المفتوحة.
(8)
انطبعت هذه الايدولوجيا السلفية الوهابية بالحالة الهمجية لمنتجيها وحامليها، فعملت الأسرة الحاكمة السعودية بالتعاون مع البريطانيين بين عامي 1926 و 1928 على كسر شوكة الحركة العسكرية، بالقضاء على من كانوا يسمون الإخوان المجاهدين وقياداتهم، الأمر الذي أتاح للأسرة الحاكمة للدولة السعودية إمكانية العمل على تطوير البلاد إلى حد ما، وبما يسمح باستخراج النفط الضروري للمصالح الدولية التي ترعاها.
وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001 ، أدركت العائلة الحاكمة السعودية مدى خطر حتى النسخة المدجنة لديها من السلفية الوهابية، فشرعت في سحب البساط الشعبي من تحتها عن طريق نشر شبكة واسعة من القنوات التلفزيونية الفضائية التي تروج لقيم الغرب، وتبث أفلاما أمريكية على مدار ساعات اليوم مجانا، وهو أمر ليس له مثيل. إضافة إلى قنوات كثيرة، بالمئات وليس العشرات، متخصصة في الغناء والرقص الذي تعتبره السلفية رجسا من عمل الشيطان. ولكن مشكلتنا تتمحور حول اندياح الايدويولوجية الوهابية السلفية إلينا عبر الحدود، حيث وجدت بيئة متخلفة تناسب انتشارها، فكثر لدينا الاغبياء الانتحاريون والجهلة المجاهدون، الذين لاعلاقة لسلوكهم بالاسلام وحضارته العظيمة، ولكنهم يلبسون اخلاقهم الهمجية ونوازعهم الهمجية ثوب الاسلام؛ فيقتلون الابرياء، ويبترون الاعضاء، ويختطفون الآمنين والمستأمنين ويتاجرون بهم لقاء فدية، وينهبون المؤسسات، ويدمرون مظاهر الحضارة وكأنهم مصممون على بقاء البلاد بيئة تناسب همجيتهم وتخلفهم وبربريتهم.
(9)
علاقة الهمجي بالمرأة علاقة ملكية بالأساس، فالريفي والبدوي يعتبر الدفاع عما يعتبره ملكه أساس رجولته ومحور كرامته، في الوقت الذي يعتبر فيه أيضا قدرته على التعدي على أملاك الغير دليلا على القوة والرجولة. تماما كما في مجتمعات القرود. ولهذا فإن الريفي والبدوي، ومن هذا المنطلق، لا يعترف للمرأة بأي حق في الملكية كالميراث على سبيل المثال. وعلى الرغم من كونه حقا يفرضه الدين، فهو يضرب بهذا الحق عرض الحائط ويرفض توريث المرأة . وإذا اضطر إلى ذلك فإنه يفرز لها أقل وأردأ ما يمكن من العقارات والمنقولات. حتى أن الأسر في الأرياف بينها اتفاق ضمني على عدم المطالبة بمواريث النساء، حيث يعتبر من يطالب بحقوق زوجته شخصا غير سوي وناقص الرجولة، وهذا بعكس المدني الذي يعتبر إعطاء المرأة حقوقها مفخرة له، ويعتبر حرمانها من حقها منقصة ومساسا باعتباره كشخص سوي.
علاقة الملكية التي يفرضها الهمجي على المرأة يجعلها عرضة للعنف الشديد من قبل الرجل إلى درجة القتل عند أول اشتباه حول علاقة عاطفية خارج الزواج بشخص ما سواء كانت ابنة أو أختا أو زوجة، وغالبا ما تمر هذه الجرائم دون عقاب، حيث يتواطأ المجتمع الريفي على الجريمة، ويحرص على عدم تعرض المجرم للعقاب. بل أنني اعرف شخصيا عن حالات في قريتي قام فيها الزوج بقتل زوجته لأسباب عاطفية، فيعتبره أهلها بطلا، ويقومون بتزويجه بأختها تعويضا ومكافأة. ويعتبر الزوج ممتلكات زوجته إذا كان لها أملاك ملكا له، فيفك أزماته المالية بالتصرف بأملاكها، مبقيا أملاكه دون مساس.
(10)
صحيح أن الريفي والبدوي يتمتع بخصال إيجابية كالنجدة والتعاون مع نظرائه عند الملمات، ولكن هذه الصفات إنما هي نتيجة واقعة الاجتماعي العشائري والقبلي، الذي يفرض أنواعا من التكافل الاجتماعي لا بد له من القيام بها كثمن للحصول على رضا الجماعة والقبول به من قبلها وتقديرها له.
وعلى الرغم من أن الفوارق الكبيرة في السلوك والاهتمامات بين المدني والهمجي راجعة إلى عوامل سياسية واجتماعية جعلت المدنية مركزا للحكم تصب فيه الخيرات التي ينتجها المجتمع، ويستولي فيها قادة المجتمع المدينيون على نصيب كبير من هذا الناتج، الأمر الذي يتيح لهم التعلم والتأمل والبناء والإبداع، إلا انه تظهر دائما في المجتمع البشري إيديولوجيات تمييزية تؤكد على الامتياز السلالي والعرقي كمبرر للاستحواذ على الثروة والقوة الخ.. وهذا مشاهد في كل المجتمعات حول العالم، ولكن ذلك لا ينفي حقيقة وجود تميز حضاري للمدينة على الريف، وللمديني على الريفي والبدوي، يظهر في كل نواحي السلوك وأساليب العيش وطبيعة العلاقات مع الآخرين. وهذا التميز يرجع إلى التربية والثقافة وأحوال الاجتماع في المجتمع الإنساني، ولا يمكن أبدأ إرجاعه إلى نزعات التميز الأيديولوجية. ذلك أن ما هو واقع تاريخي واجتماعي لا يمكن القول أنه مجرد ظاهرة أيديولوجية. فالمقولات الأيديولوجية التي تشرع التميز الاجتماعي على أساس من العرق، واللون، والسلالة، والدين والمذهب، يراد بها أن تخدم إغراضا سياسية، ولكن الفوارق بين الهمجية والتحضر قائمة على الرغم من كل ذلك ولا يمكن إحالتها إلى مقولات أيديولوجية، بل هي قائمة على التربية والثقافة وتغير الواقع الاجتماعي المتحضر الذي لا يثبت إلا غير فترات متطاولة من الرقي المستمر.
(11)
على طريق التمدن ينتقل أهل الأرياف إلى المدن في ظاهرة اجتماعية متنامية في العالم كله. ولكن ما يحدث في بلادنا على وجه الخصوص، وفي العالم العربي بشكل عام، يشير إلى عملية عكسية يتم من خلالها ترييف المدن بدلا من تحضير الأرياف. وقد أدى تمكن الريفيين من السيطرة على مراكز القيادة العليا في المجتمع إلى استبعاد العناصر المدنية المتحضرة لصالح العناصر الهمجية، التي ستعمل على طبع المدينة بطابعها أولا، ومن ثم المجتمع كله، لتقوده إلى طريق خطر من التمزق السياسي والعنصري والمناطقي والقبلي العشائري.
وتشاهد في العالم العربي عملية هجرة أو تهجير منظمة للعناصر المتحضرة من المجتمع، والتي لا تستطيع التلاؤم مع همجية الريفيين المسيطرين على مفاصل القوة والثروة في المجتمع. فيبدأ المجتمع بخسارة أكثر عناصره قدرة وتحضرا وعلما وتقع كل خطط التطوير والتحديث والتنمية، حتى تلك التي يدفع إليها المجتمع الدولي، في الفشل نتيجة لطبيعة الممسكين بالسلطة.
فالريفي يتعامل مع ثروة المجتمع وممتلكات الدولة بنفس الطريقة التي يتعامل بها مع ممتلكات العشيرة أو القبيلة الأخرى ، أي أنها تكون في نظره صالحة للنهب والاستباحة.
ويصبح التعذيب والقتل واستخدام القوة العسكرية هي السبل المفضلة لمعالجة المشكلات والتباينات الاجتماعية، وتصبح السيطرة الشخصية والعائلية على مؤسسات القوة الأمنية والعسكرية وأجهزتها المختلفة هدفا رئيسيا لدى القادة الريفيين الذي يحملون ثقافة حل المشكلات مع الآخر بالعنف.
وعلى سبيل المثال فإنه في فترة ما قبل الثورة 23 يوليو لم تعرف مصر التعذيب في السجون على الرغم من محاولات إلصاق ذلك بالأنظمة من قبل كتاب وأدباء من أنصار الانقلاب، كقصة العسكري الأسود ليوسف إدريس على سبيل المثال، بل أن مذكرات السياسيين الشيوعيين والقوميين والاسلاميين المعارضين للسلطة الملكية وحكوماتها المختلفة، نصف مواقع الاعتقال وتصور معاملة انسانية راقية في هذه المواقع. ولم يسمع الناس بحالات التعذيب الوحشية كالتي جرت في السجن الحربي والمعتقلات إلا في فترة ما بعد الثورة.
وقد ارتكب العسكريون العراقيون والحزبيون القادمون من الأرياف، والذين استولوا على السلطة في العراق مجازر فظيعة في البلاد، وادخلوها في دوامة من العنف والتمزق والمغامرات أوصلتها إلى الوقوع تحت الاحتلال الأمريكي في نهاية المطاف.
وكذلك كان الحال في سوريا التي استولى عسكريوها وحزبيوها الريفيون على السلطة فأوصلوها إلى واقع يملؤه الاغتيال والعنف.
ولا يكاد يخلو بلد عربي من ظاهرة سيطرة الريفيين على السلطة وما أحدثه ذلك من تمزقات وعنف، كانا من أسباب إدامة تخلف العالم العربي.
(12)
في الأنظمة التي تسنم الريفيون فيها مراكز القيادة على أساس من أيديولوجيات تقدمية، نجد أنهم سرعان ما انتكسوا إلى مستويات متدنية من الصراعات القبلية والعشائرية التي نقلوها من بيئتهم المتختلفة إلى بيئة الدولة، التي يفترض أنها حديثة، ولم ينج من هذا المصير القوميون أو الاشتراكيون على اختلاف تجاربهم.
إن قيادة نخبه متحضرة لبلدانها عامل رئيس في انعتاق البلد من التخلف، والسير في طريق التحضر والرقي. لقد لجأت حكومة سنغافورة إلى تجريم البصاق في الشوارع، وإلقاء العلكة وأعقاب السجائر، واتبعت معايير صارمة في مراقبة السلوك العام للفرد، بغرض مساعدته على التخلص من همجيته، ونقله في مدارج التقدم والرقي، حتى أنها وضعت خططا وتنظيمات لمنع استمرار تزاوج القطاعات المتخلفة والهمجية ببعضها، وعملت على تشجيع الزيجات التي تجمع المتحضر بالهمجي لتعديل سلوكه وقيمه.
وهكذا فإنه لا يمكن أن تتوقع من همجي بعيد عن التحضر أن يقود أي مجتمع إلى الرقي والتحضر، بل إنه على العكس من ذلك يتكفل بالقضاء على بؤر التحضر في المجتمع ويعيده إلى الخلف أشواطا بعيدة في اتجاه الهمجية.
(13)
عندما يتولى الريفي مسؤولية أي موقع رسمي، فإنه يسارع إلى التصرف من وحي ثقافته العشائرية، ويسعى إلى ملء المرفق أو الوزارة التي يرأسها بأفراد عشيرته وأقربائه، وفي سبيل ذلك يشرع بمحاربه الكفاءات التي يعتقد أنها تقف عقبة أمام مطامعه الخاصة، وتبدأ سياسات التهميش (والتطفيش) تمارس بكل قوة، لتفرغ المرفق أو الوزارة من الكفاءات والقوى المتحضرة لصالح المزيد والمزيد من سيطرة التخلف والهمجية.
وحتى الريفي الذي يحمل درجة الدكتوراه، تجد أن علمه ليس إلا قشرة سرعان ما ينسلخ منها عند ما يصل الأمر إلى المنافسة والسيطرة، حيث يعود إلى ممارساته الثقافية المتأصلة ذات الطابع الهمجي، والتي كما قلنا يتطلب الانسلاخ منها آمادا متطاولة، وقطيعة مع الواقع الاجتماعي المنتج لها، وهو ما لا يحدث لهذا الدكتور الريفي المحاط بقرابته وعشيرته الهمجية المتخلفة، والذي يطمع إلى الوصول إلى موقع التميز والقيادة فيها، ويتطلع إلى اعترافها بمواهبه طبقا لمفاهيمها الهمجية، وليس وفقا لمعايير الحضارة والتطور التي اكتسبها.
(14)
وفي الميدانين الإعلامي والثقافي يلاحظ المراقب أن الريفيين الذي يعملون في مجال الإعلام يسارعون في الانضمام إلى الأنظمة التي يقودها الريفيون ويروجون لمعاييرها الهمجية ويحملون صورتها بكل ما أوتو من قوة.
ومن جهة أخرى تجدهم يسارعون إلى الدفاع عن قبيلتهم أو منطقتهم وفقا لمعايير التعصب العشائري، ذلك أن الثقافة التي اكتسبوها ليست إلا قشرة لم تتجذر ولم تثبت، فسرعان ما تتقشر ليبدو من ورائها الطبع الهمجي المتخلف لثقافة الشخص الذي لا يستطيع الانسلاخ من ثقافته تلك، أو الالتزام بالقطيعة معها.
وهناك قصص شائعة بين المثقفين اليمنيين عن متشاعرين وادباء (حداثيين) لا يضيعون فرصة (للهبر) من أي مؤسسة ثقافية، بعد أن يبذلوا الجهود المضنية للامساك بشؤون ماليتها، وأمثالهم كثر. بل إن المراقب يلاحظ تكون حلقات طائفية ومناطقية وقبلية بين المثقفين، وهم يمارسون تحزباتهم الهمجية في دوائرهم بصورة صارخة.
(15)
وكما قلنا أولا، فان المجتمعات المتحضرة مجتمعات معقدة تفرض معايير وقيما صارمة للسلوك على أفرادها،وعلى رأس هذه القيم والمعايير احترام القانون والخضوع له دون قيد أو شرط، فينطبع المجتمع بهذه القيم. وعلى سبيل المثال عندما ذهب الشيخ الوهابي عايض القرني منذ عام إلى فرنسا، عاد ليكتب مقالة عن مدى الرقي في التعامل لدى الفرنسيين والتزامهم بأخلاق اجتماعية راقية إزاء الغريب في ديارهم،على الرغم من دأب الوهابيين على الحديث عن انحلال الغرب وسقوطه الأخلاقي. نفس الدهشة أصابت أعلام العرب من الرعيل الأول في بدايات النهضة، لما شاهدوه من فرق في السلوك والتعامل بين مجتمعاتهم والمجتمعات الغربية التي زاروها. ومن نافلة القول أن هذا الفرق يتجلى في أسالب الحياة والعيش في أوجهها المختلفة، من اللباس، والطعام، والسكن، والاهتمامات الشخصية، وأسلوب الحديث، وطريقة التعامل مع المال العام، وفي الالتزام بالأنظمة والقوانين المختلفة، إلى آخر ذلك من أوجه العيش والسلوك. وهي حالة تختلف عن الحالة الهمجية اختلافا صارخا لا يمكن الخطأ بشأنه، لأنها تتعلق بالفرق بين انفلات وانضباط الغرائز، وبين الهمجية والحضارة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.