في عام 1994 شهد البلدان اليمنوراوندا حرباً أهلية كانت نتيجة الحرب في اليمن مقتل قرابة عشرة الآف شخص بفعل الصراع على السلطة بين جناحي الحكم في اليمن المؤتمر الشعبي والحزب الاشتراكي اليمني ، انتهت الحرب لكن تداعياتها ضلت قائمة إلى يومنا هذا خلفت وراءها كراهية شديدة وتنامت النزعات المناطقية ووصلت الهويات الفرعية إلى أشد حالات الخطورة التي تهدد الكيان اليمني برمته ، وكانت المحصلة تنامي الفكر الديني وسبطرته على المشهد السياسي وعلى مراكز القرار في البلاد واعتباراً من عام 2011 بدأت عملية ممنهجة لهدم الدولة بلغت مداها في سيطرة الحركة الحوثية ، على مقاليد الأمور في صنعاء وقيام حرب مدمرة في اليمن وعلى اليمن أكلت الأخضر واليابس ، واعادت اليمن إلى عهود ماقبل الدولة وحتى اللحظة بلغ عدد القتلى في الحرب في اليمن وعلى اليمن أكثر من 400'000 الف قتيل وثلاثة ملايين مشرد . وتدمير شبه كامل للبنية التحتية حيث تحتاج اليمن إلى قرابة ال 100 مليار دولار لإعادة الاعمار ، ناهيك عن الأمراض والأوبئة التي فتكت بملايين اليمنيين ،. في الحالة الراوندية أخذ الصراع آبعاداً عرقية بين قبيلتي الهوتو والتوتسي وصل عدد القتلى إلى مليون ونصف المليون قتيل داخل الاراضي الراوندية والذين قتلوا في اراضي اخرى مثل الكونغو يماثل العدد ذاته لقتلى الداخل ، بعد ربع قرن على الحرب في راوندا وحرب 1994 في اليمن اختلف الوضع اليمن بلد مدمر ويكاد يمحى من الخارطة السياسية والاحقاد متأججه أكثر من أي مرحلة من مراحل التاريخ ، بينما تحول بلد مثل راوندا إلى أكثر البلدان تطوراً في العالم والعاصمة كيغالي هي انظف مدينة في افريقيا وتم تصنيف الاقتصاد الراوندي على أنه الاقتصاد رقم 22عالمياً والدولة رقم 7 عالمياً في استقطاب الاستثمارات ،وباتت دولة مثل راوندا تعمل على التماهي مع أكبر البلدان تطوراً يكفي أن نعلم أنها اطلقت العام الماضي قمراً صناعياً خاصاً بتطوير التعليم بتكلفة مالية تقدر ب 2 مليار دولار ، كما يكفي أن نعلم أن عدد الوافدين للعمل في راوندا وصل إلى 15 مليون وافد ، راوندا لديها مشروع لمكافحة الفقر بدأ منذ عدة سنوات يهدف إلى إنهاء الفقر بمعدل تحويل مليون مواطن راوندي إلى مافوق الطبقة المتوسطة كل عام وتم تحديد عام 2020 ليكون عام نهاية الفقر في البلاد ، وحاليا دخل المواطن الراوندي يعد الأعلى في افريقيا ، قيمة المشاريع التي يتم تنفيذها في راوندا كمشاريع سكنية واستثمار عقاري وصناعي في مختلف المجالات تزيد على ال 200 مليار دولار هذه المعجزة التي يقودها الرئيس الراوندي بول كوجامي تعتبر إحدى معجزات العصر الحديث فقد نجح بتحويل هذا المجتمع الرعوي الزراعي الذي عانى اشد حروب الإبادة الجماعية في التاريخ الإنساني نتيجة الصراع القبلي إلى واحدة من أعظم اقتصاديات العالم ، السر يكمن في التسامح ، لا تستغرب عندما ترى رجل من التوتسي يتحدث إلى جانب احد ضحاياه امرأة من الهوتو يقول لقد احتجزت هذه المرأة لعدة أيام وقمت باغتصابها وتعذيبها وقمت بقطع أطرافها وطلبت من زوجها أن يدفع لي 50$ حتى اقوم بقتلها دون ان استكمل باقي العملية في تقطيع الأطراف ، وبدورها تقول نعم فعل ذلك وكان في لحظة غضب شديدة لكنني سامحته من أجل أن نضمن مستقبلاً سعيداً لأجيالنا ، هكذا تنهض الأمم بالتسامح هكذا تنهض الشعوب الحرة ، ماحدث في اليمن صراع حزبي ولم يكن صراعاً قبلياً أو مناطقياً أو مذهبياً رحل البيض ورحل صالح وسقط الاشتراكي وسقط المؤتمر وانتقل الصراع بين الناس وفي اوساط الشعب الواحد ، المقارنة بين الحالتين اليمنية والراوندية تعد بمثابة فضيحة كبرى للنخب اليمنية ، لا علي عبدالله صالح ولا علي سالم البيض ولا عبدربه منصور هادي يمكن مقارنتهم بالرجل العظيم المعجزة ، الرئيس بول كوجامي الذي ينتمي إلى قبيلة التوتسي وعندما سألوه عن انتماءه القبلي قال هوتسي ، السؤال كيف لبلد لاتتوفر لها اي مقدرات او ثروات او حتى موانئ بحرية أن تصل إلى ما وصلت إليه من تطور ونماء وازدهار ورفاهية باتت تنافس دولا. مثل ماليزيا وسنغافورة ، ايضاً كيف لبلد مثل اليمن تمتلك مقومات النهوض من موقع لثروات وموانئ تتحول إلى بلد غير صالح للحياة والتعايش ؟؟ !! رئيس المركز الدولي للإعلام