في غالبية الصحف العربية توضع في الصفحة الأخيرة صورة لفنانة عالمية أو عارضة أزياء.. مع خبر مقتضب من سطرين يعلن عن وصولها لمدينة ما لافتتاح معرض أو فيلم أو إحياء حفلة.. وعادة ما تكون الصورة للنجمة المشهورة في مكان بارز وبالألوان.. الصحف العالمية هي التي ابتدعت هذه الفكرة منذ سنوات طويلة.. وبحسب المفهوم الغربي فإن عرض صورة لنجمة جميلة متألقة بأحلى الثياب والإكسسوارات التي تزيدها جمالاً وفتنة تعطي تأثيراً نفسياً مريحاً للقارئ فتخفف عنه هموم أخبار السياسة اللعينة والإجرام والقتل.. وكلما كانت صورة النجمة جميلة ورائعة زاد عدد قراء الصحيفة.. فتزداد انتشاراً.. وحينها تستقطب إعلانات أكثر من المعلنين فيزداد مدخولها مما يساعدها على التطور والابتكار، ومن ثم التربع على القمة بين منافساتها.. ولكن هل هذه الفكرة تخدم صحفنا؟ أم ان لها مردوداً عكسياً؟ قبل ان نفكر في الجواب أود ان أقول إن الملاحظ على صحفنا كما قلت هو تمسكهم بهذه الفكرة من سنين عدة.. ولكن النظرة الى صور النساء في مجتمعاتنا أصبحت مستهجنة وغير مقبولة.. فالفكر الديني أصبح مهيمناً الى حد كبير وأقوى تأثيراً مما كان عليه منذ أربعين عاماً مثلاً.. وهذا ولد شعوراً نفسياً لدى الكثير من أبناء المجتمع مؤداه ان النظر الى صور الفنانات وخصوصاً إذا كن سافرات ما هو إلا تصرف معيب.. وبل وحتى نشرها يعتبر شائنا.. ولكن هناك جانباً من الحرية في قانون الصحافة.. لم يستطع حتى الآن المتمسكون بتطبيق شريعة الدين تعطيله.. ولكنهم نجحوا الى حد بعيد ان يفرضوا على الصحف عن طريق بعض التعديلات في القانون بأن تكون هذه الصور محتشمة على الأقل إذا لم يحجبوها بالمطلق.. ونتيجة لذلك بدأت كثير من الصحف نشر الصور مع تلوين الأكتاف والزنود والركب لتغطيتها إذا كانت ظاهرة.. وكان يتم ذلك بطريقة ساذجة وقبيحة مستخدمين اللون الأسود في التلوين. مما جعلها تعطي الإحساس بالكآبة والغم.. ويكون وقعها على الناظر إليها أسوأ من أخبار القتل والاغتصاب.. ثم بدأت بعض الصحف باستخدام ألوان مقاربة لألوان ثياب الشخصية المعروضة.. ولكنها أفسدت الذوق في فن تصميم الملابس مما أزعج المهتمين بأخبار الموضة.. جزى الله خيراً من يريد تجنيب أبنائنا الشر.. ولكن أليس الاهتمام بثقافة الإنسان الدينية وتقويتها بكفيل ان يرفعه ويعففه عما يشين ويعيب.. خصوصاً ونحن في عصر لا تستطيع أي قوة في العالم ان تمنع ما تريد وتبيح ما تريد بمفهوم المنظور الديني.. فالأقمار الصناعية تغطي العالم من أقصاه الى أقصاه.. إن عرض صور الرجال شبه عراة بالمجلات أو عرض المصارعين في التلفزيون وهم يرتدون لباساً اصغر أحياناً من المايوه مسموح.. وكأن الرجل ليس لديه عورة.. لنعد للسؤال المطروح وهو.. هل نشر صور الجميلات في الصفحة الأخيرة مشوهة بالألوان الكئيبة يخدم الصحف؟ من المؤكد أن الجواب عند أصحابها.