أدى إعلان أحزاب اللقاء المشترك المعارضة في اليمن عن بدء حوار فعلي مع عدد من فصائل الحراك الجنوبي إلى تراشق الاتهامات بينها وبين حزب المؤتمر الشعبي الحاكم. فقد اعتبر الحزب الحاكم هذه الخطوة خيانة وطنية وجرما جنائيا يضع اللقاء المشترك في مربع المساءلة القانونية، في حين أكدت أحزاب اللقاء أن الحوار السلمي مع جميع القوى السياسية هو الطريق الأوحد لحل مشاكل اليمن. في هذا السياق، اتهم رئيس الهيئة التنفيذية لأحزاب اللقاء المشترك وناطقها الرسمي محمد النعيمي حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم بالمتاجرة بدماء اليمنيين والعيش على اختلاق الأزمات المفتعلة. وعزا في حديث للجزيرة نت تهرب المؤتمر الشعبي من الحوار الشامل إلى الخوف على مصالحه الآنية، ووصفه بالنظام الفاسد نافيا اتهامات السلطة للقاء المشترك بالخيانة والتهرب من الحوار. كما فند مزاعم الحزب الحاكم بالقول إنه لم يسبق أن سجل على اللقاء المشترك تراجعه عن الاتفاقيات المبرمة بشأن الحوار، خلافا لحزب المؤتمر الذي تهرب من الاتفاق على آلية تنفيذ اتفاق فبراير/ شباط وتراجعه في آخر لحظة، على حد قوله. مصداقية الطرح أما رئيس اللجنة السياسية والدستورية باللجنة التحضيرية للحوار الوطني صالح السنباني فقد أوضح أن أحزاب اللقاء المشترك حينما أكدت في وثيقة الإنقاذ الوطني على فتح الحوار مع مختلف أطراف العمل السياسي في الداخل والخارج بمن فيهم قوى الحراك الجنوبي والحوثيون، لقيت ترحابا من قبل هذه القوى إيمانا منها بمصداقية الطرح والتوجه الذي تقدمه أحزاب اللقاء المشترك للخروج من الأزمة الداخلية المتفاقمة. وفي حديث للجزيرة نت، أشار السنباني إلى أن اللجنة التحضيرية اشترطت أن يكون الحوار تحت مظلة الوحدة، وأن فصائل الحراك الجنوبي وافقت على هذا المطلب شريطة أن يكون بعيدا عن السلطة لقناعتها بعدم جدية الحزب الحاكم في حل قضايا ومظالم أبناء الجنوب. وكان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ياسين سعيد نعمان قد كشف لأول مرة في محاضرة له الثلاثاء الماضي عن بدء اللقاء المشترك حواراً فعليا مع عدد من فصائل الحركة الاحتجاجية الجنوبية. واتهم نعمان الحزب الحاكم بتقديم ثلاثة أشياء للجنوب اليمني "سلطة فاسدة ونهب أراضي وممتلكات الناس وخطاب يكرس الهزيمة" منتقدا امتناع الحكومة عن تقديم قطاع الطرق للمحاكمة، ومحاكمة السياسيين عوضا عنهم. تهديد النظام بيد أن عبد الحفيظ النهاري نائب رئيس الدائرة الإعلامية بحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم استهجن إقدام أحزاب اللقاء المشترك على فتح باب الحوار مع عناصر وصفها بالخارجة على الدستور والقانون. وقال للجزيرة نت إن إصرار اللقاء المشترك على التماهي مع "ثلاثي التطرف والعنف والإرهاب" -يقصد الحوثيين والعناصر الانفصالية وعناصر القاعدة الذين يستهدفون بحسب قوله النظام الجمهوري والوحدة الوطنية والديمقراطية وتقويض الدولة الحديثة- يجعله في مربع المساءلة الجنائية والقانونية، ويضر بشرعيته الديمقراطية. وأضاف أن ما تقوم به أحزاب اللقاء المشترك من تغطية سياسية وإعلامية للجماعات "الخارجة على القانون" يجعلها مطالبة بتسليم المطلوبين جنائيا ممن ارتكبوا جرائم القتل والتخريب وقطع الطرقات والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وأفراد القوات المسلحة والأمن وتهديد المواطن بالهوية المناطقية وتعكير صفو الأمن والسلم الأهلي. واعتبر النهاري أن هذه التصرفات تعد خروجا عن قواعد الممارسة الديمقراطية والمرجعيات الدستورية والقانونية، وتهدف إلى إثارة الفوضى وتوظيف أطراف العنف لخدمة الأهداف السياسية المباشرة هروبا من الاستحقاقات الديمقراطية وعلى رأسها الاحتكام إلى صناديق الاقتراع في تعبير عن الإفلاس الجماهيري. وفيما يتصل باتهام حزب المؤتمر بالتهرب من الحوار، قال النهاري إن اللقاء المشترك تهرب من الحوار إلى التحالف مع التطرف والعنف موضحا أن هذا المسلك يعد منحنى خطيرا يعبر عن أزمة ديمقراطية داخل هذه الأحزاب التي سارعت إلى الانتحار السياسي وافتقدت الرؤية التي تساهم في البناء والتنمية وتكريس السلم الاجتماعي.