عندما تطوف بعض مناطق اليمن ستلاحظ وجود علامات مختلفة الأشكال والألوان على وجهة بعض جبالها وبالتحديد الجهة الشمالية "القبلية" , تتمثل في ظهور طبقات إسمنتية على وجهات الجبال كدليل على وجود ما يسمى بال"مجنات" وعلى براعة اليمنيين. تنتشر المجنات في كثير من مناطق اليمن وخاصة في محافظتي إب وتعز. يتم حفر الجبال يدوياً وباستخدام بعض الأدوات مثل المطارق والفراصات بطريقة فنية وباتجاهات محددة . وبعد تحديد المكان يبدأ العمل بنجر "نقر" فتحة في الجبل لا تتجاوز 50/50سم وبعد تعميق الحفرة بمقدار 30سم تتسع الحفرة فيصل ارتفاعها أكثر من 130سم وعرضها مترين ويتباين عمقها في باطن الجبل مابين مترين إلى ستة أمتار . يستخدم اليمنيون من المجنات قبوراً لدفن موتاهم حيث يتم إدخال جثامين الموتى في بطون الجبال "المجنة" وسد فتحتها بإحكام بوضع حجر يختار بعناية وإضافة طبقة من الإسمنت على الفتحة لسد التشققات الصغيرة تفادياً وصول المياه إلى رفات الموتى ولمنع تسرب الروائح الكريهة أثناء تحلل الجثث. تختلف أحجام المجنات فتستوعب الصغيرة مابين 3- 4جثث والمتوسطة تستوعب مابين 8- 12جثة وبعضها تتسع 24 جثة , كما أن البعض منها تتكون من عدد من الغرف والصالات الداخلية والممرآت يتم رص الجثامين جوار بعض وتفصل بينهم علامة صغيرة تسمى ساقية واخر جثة يتم وضعها في الصالة الأخيرة والتي تعد او مدخل للمجنة. تعتبر المجنات من أفضل أنواع القبور فهي تحفظ رفات الموتى لمئات السنيين دون ان ينالها العبث عكس القبور التي تتعرض العبث نتيجة اختفاء علاماتها ويعاد استغلالها مرة أخرى في الزراعة او البناء او تجرفها السيول. هناك أسباب أخرى جعلت اليمنيين يدفنون موتاهم في بطون الجبال حيث تلعب الطبيعة الجغرافية دوراً رئيسياً في وجود المجنات منها , ضعف التربة فالتربة الموجودة غير متماسكة وهي تشبه "النيس" وهذا النوع من التربة لا يمنع وصول الماء إلى رفات الموتى لأنها غير متماسك , وكذلك عدم وجود مساحات كبيرة من طبقات التربة بسبب الكم الهائل من الجبال والصخور في تلك المناطق فيتم استغلال التربة في الزراعة. في هذه المجنات تسكن رفات آبائنا وأجدادنا وتنام فيها أرواحهم بسلام فل ندعو لهم بالرحمة والمغفرة.