أصيبت المحافظات الجنوبية في اليمن بانهيار امني غير مسبوق عجز معه رجال الأمن من حماية أنفسهم ناهيك عن حماية الأمن العام في تلك المناطق، اغتيل على إثرها العديد من القيادات الأمنية في محافظة أبينولحج وأصيب عدد آخر خلال الفترة القليلة الماضية. وتكررت مؤخرا حوادث الاغتيالات لقيادات ورجال الأجهزة الأمنية في محافظتي أبينولحج وامتد لمحافظات جنوبية أخرى، حيث اغتال مسلحون مجهولون ليل الاثنين الثلاثاء ضابطاً في جهاز الأمن السياسي (المخابرات) في محافظة أبين الجنوبية، وهو قاسم علي عبدالكريم الضالعي'بعد يوم واحد فقط من اغتيال مدير الأمن السياسي (المخابرات) بمديرية تبن بمحافظة لحج الجنوبية العقيد علي عبد الكريم البان. وعلمت 'القدس العربي' من مصادر محلية في أبين أن مسلحين اثنين مجهولي الهوية قاما ليل الاثنين الثلاثاء باطلاق النار من مسدس شخصي على الضابط قاسم علي عبدالكريم الضالعي حتى أردوه قتيلا حين كان يمضغ القات في ساحة مجاورة لمنزله بمديرية خنفر في أبين، وأنهما كانا يستقلان دراجة نارية حين أطلقا النار عليه، ثم لاذا بالفرار. ولم تعلن أي جهة حتى مساء أمس مسؤوليتها عن حادثة الاغتيال لضابط المخابرات الضالعي، في حين كان تنظيم القاعدة يتبنى العديد من حالات الاغتيال لقيادات وجنود الأجهزة الأمنية في المحافظات الجنوبية وهو ما تسبب في خلط الأوراق حيال الجهات التي تقف وراء هذه الحوادث، بين تنظيم القاعدة الذي هو على خصومة مع الأجهزة الأمنية، وبين أتباع تيارات الحراك الجنوبي الذين يصعدون عملياتهم ضد الأجهزة الحكومية تعبيرا عن الغضب الجنوبي من السلطة ومحاولة لرفع صوتهم المنادي ب(فك الارتباط) عن الشمال، أي بإنهاء الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب، التي تحققت بينهما في العام 1990. وتعرض مدير أمن مديرية شقرة بأبين ونائب مدير المرور بمحافظة أبين إلى محاولة اغتيال أمس غير أنهما نجا من هذه المحاولة، إثر تمكنهما من الفرار من نيران المهاجمين المجهولين في منطقة جعار بأبين. وذكرت المصادر أن حادثة اغتيال الضالعي هي الثالثة من نوعها خلال أقل من اسبوع في المحافظات الجنوبية، حيث اغتيل قبله ضابطان أمنيان يومي الخميس والجمعة في محافظتي أبينولحج الجنوبيتين، اذ عثر الجمعة على جثة ضابط بعد اغتياله قرب مبنى أمن مديرية المحفد بمحافظة أبين الجنوبية، بعد أقل من 24 ساعة من اغتيال ضابط أمني كبير في محافظة لحج الجنوبية وهو الضابط في الأمن السياسي هناك العقيد علي عبدالكريم فضل البان.' وأوضحت أن مواطنين عثروا بعد صلاة الجمعة الماضية على جثة رئيس غرفة عمليات أمن مديرية المحفد المساعد أول سلطان عبدالكريم الشرعبي، عقب إطلاق وابل من الرصاص عليه من قبل مجهولين، حيث استقرت ثلاث طلقات نارية في عنقه أردته قتيلا على الفور. وكان ضابطان آخران اغتيلا بمحافظة أبين في تموز (يوليو) الماضي، هما المقدم في الأمن السياسي (المخابرات) صالح أمذيب، والمسؤول الأمني في مديرية خنفر العقيد عبدالله المطري. ولم تقتصر عمليات الاغتيال للمسؤولين الأمنيين في المحافظات الجنوبية اليمنية على المسؤولين المتحدرين من المحافظات الشمالية بل طالت مسؤولين أمنيين متحدرين أيضا من محافظات جنوبية كما يبدو من أسمائهم وأسمائهم العائلية، كما أن عمليات الاغتيال السالفة الذكر كانت على ما يبدو موجهة ومقصودة ضد مسؤولين محددين، بينما كانت هناك العديد من العمليات الأخرى التي استهدفت بشكل عشوائي أفرادا وجنودا من الأجهزة الأمنية وسقط خلالها الكثير من القتلى والجرحى خلال الأسابيع الماضية. وبدا على الأجهزة الأمنية تخبطا واضحا حيال تعاملها مع الوضع الأمني في المحافظات الجنوبية، حيث قامت بإقالة العديد من مسؤولي الأجهزة الأمنية في المناطق التي وقعت فيها حوادث اغتيال متكررة، وكانت تتخبط عند توجيه أصابع الاتهام للجهات التي تقف وراء هذه العمليات، ففي حين كانت تتهم عناصر الحراك الجنوبي التي تصفها ب(العناصر الانفصالية) بالوقوف وراء عملية الاغتيال، كانت في أوقات اخرى توجه اصابع الاتهام نحو عناصر القاعدة الذين تصفهم ب(الخطرين) وتعلن بين الحين والآخر إلقاء القبض على بعض عناصر القاعدة المطلوبين للأجهزة الأمنية.