أعلن الرئيس التونسي المؤقت محمد الغنوشي أنه سيجري اليوم السبت مشاورات لتشكيل حكومة انتقالية، لكن أوساطا معارضة استبقت هذا الإعلان بالتشكيك في شرعية الرئيس المؤقت، واتهامه بمحاولة الالتفاف على الحركة الاحتجاجية, بينما بدأ الشارع منذ الليلة الماضية التحرك، مطالبا برحيله مع مسؤولين آخرين من نظام بن علي. وبعد ساعات من إعلانه تولي الرئاسة المؤقتة بمقتضى ما قال إنه "تفويض" من الرئيس زين العابدين بن علي, ذكر الغنوشي أنه سيجتمع اليوم مع ممثلين للأحزاب السياسية لتشكيل حكومة, ووجه نداءً للقوى السياسية لبدء محادثات عاجلة. وأضاف في تصريحات صحفية أن اليوم السبت سيكون "حاسما", وأبدى أمله في أن تفي الحكومة "الائتلافية" المحتملة بما هو متوقع منها. وجاءت تصريحات محمد الغنوشي ساعات فقط بعدما ولى نفسه رئيسا مؤقتا عقب مغادرة بن علي البلاد تحت ضغط انتفاضة شعبية عارمة بدأت قبل نحو شهر. وفي الكلمة الموجزة -التي توجه بها إلى التونسيين, وأعلن فيها تولية نفسه- وعد الغنوشي باحترام الدستور, وتنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي سبق لبن علي أن أطلقها في خطابه الثالث والأخير منذ بدء الاحتجاجات, وذلك من خلال التشاور مع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، بما فيها الاتحاد العام التونسي للشغل. بيد أن الرئيس المؤقت -الذي ينظر إلى بقائه باعتباره استمرارا لنظام بن علي- بدأ يواجه أول اختبار مع خروج أولى المظاهرات الرافضة لتوليه المنصب. ونظم محامون وناشطون الليلة الماضية مظاهرات ضد استمرار رموز نظام بن علي في السلطة، وبينهم الغنوشي، وشملت المظاهرات مدن القصرين وسليانة (وسط/غرب) وقابس (جنوب) شرق. وفي الوقت نفسه, لوح النقابي يوسف الصالحي -من مدينة الرقاب التابعة لولاية سيدي بوزيد (وسط/غرب)- بالتوجه نحو عصيان مدني لحمل السلطة المؤقتة الحالية على الرحيل, وهو ما لوح به نقابيون في مناطق أخرى. ومن المرجح أن تنظم اليوم مظاهرات في عدد من المدن مع انتهاء فترة حظر التجول الليلي في السابعة صباحا. وبالتزامن مع تلويح قياديين في أحزاب معارضة ونقابيين باستمرار الاحتجاجات, واجه الرئيس المؤقت اتهامات بالسعي إلى الالتفاف على ما حققته الحركة الاحتجاجية، خاصة حمل بن علي على مغادرة البلاد. وقال مراسل الجزيرة في تونس لطفي حجي إن هناك تخوفا من أن يكون تولي الغنوشي استمرارا للسلطة السابقة، مما يعني تبدد ما حققته الانتفاضة الشعبية. لكنه أشار في المقابل إلى أن هناك من يرى أن الغنوشي -الذي التقى قبيل توليه منصبه الجديد رموز أحزاب معارضة مثل الحزب الديمقراطي التقدمي- أفضل من بن علي، خاصة أنه محسوب على "التكنوقراط". محمد الغنوشي في سطور سياسي ورجل اقتصاد تونسي تولى الوزارة الأولى (رئاسة الوزراء) في 1999، ثم انتقلت إليه "مؤقتا" مقاليد رئاسة تونس في 14 يناير/كانون الثاني 2011، بعد مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي البلاد تحت وطأة المظاهرات الشعبية المطالبة برحيله. المولد والنشأة: ولد محمد الغنوشي في 18 أغسطس/آب 1941 بمدينة سوسة الساحلية جنوبي العاصمة تونس. الدراسة والتكوين: تابع الغنوشي دراسته الثانوية بمدينة سوسة، ثم واصل دراسته في العلوم الاقتصادية بالعاصمة تونس، ليحصل عام 1966 على شهادة في هذا الاختصاص. الوظائف والمسؤوليات: تولى الغنوشي مسؤولية المدير العام للتخطيط في 1975, ثم دخل الحكومة التونسية في عام 1987 في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ككاتب دولة لدى وزير التخطيط. وفي عام 1990 أصبح وزيرا للاقتصاد، ثم وزيرا للمالية، ثم وزيرا للتعاون الدولي والاستثمار الخارجي، وظل في هذا المنصب حتى تسميته وزيرا أولا في 1999. وعرف الغنوشي على الصعيد الدولي بقيادته مفاوضات مع المؤسسات المالية الدولية، لا سيما صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي. تولي الرئاسة: أعلن في 14 يناير/كانون الثاني 2011 عن توليه مقاليد رئاسة الجمهورية التونسية، استنادا إلى الفصل 56 من الدستور التونسي، بعد مغادرة الرئيس زين العابدين بن علي البلاد تحت وطأة المظاهرات الشعبية المطالبة برحيله. وقد اعتبر الحقوقيون أن هذه العملية "غير دستورية"، حيث ينص الدستور التونسي في الفصل 57 على نقل سلطات الرئيس في حالة الشغور إلى رئيس مجلس النواب لفترة انتقالية.